الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وهذا النهي لأسباب كشف الطب عنها في مقدمتها منع العدوى.
أخرج مسلم في صحيحه من طريق عبيد الله بن عبد الله بن عتبة، عن أبي سعيد الخدري أنه قال:«نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن اختناث الأسقية: أن يشرب من أفواهها (2)» .
وقد ذكر النووي من أسباب النهي فقال: " لأنه يقذره على غيره " وقيل: " أنه ينتنه، أو لأنه مستقذر"(3).
(1) أخرجه مسلم في كتاب الأشربة، باب آداب الطعام والشراب وأحكامها 3/ 1600.
(2)
اختناث الأسقية: خنث السقاء إذا ثنيت فمه إلى الخارج وشرب منه، النهاية في غريب الحديث 2/ 82. (1)
(3)
صحيح مسلم بشرح النووي 13/ 164.
المبحث الثاني: وقاية الطعام من التلوث
.
المتأمل في نصوص القرآن والأحاديث النبوية يجد أن تحريم أكل الدم، والميتة، والجلالة، والخنزير، والموقوذة، والمتردية، والنطيحة، وما أكل السبع وغيرها، يدل على حرص الإسلام على سلامة صحة الإنسان، حيث بين الطب الحديث أضرار تلك المحرمات وخطرها على الصحة، وهذا بيانها:
أولا: تحريم أكل الميتة:
تطلق الميتة على كل حيوان فارق الحياة بغير ذكاة شرعية، وهذا مخصوص بالحيوان الذي يجوز أكله، فإذا فارق الحياة من غير
ذكاة حرم في الإسلام تناوله إلا للمضطر، قال تعالى:{إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} (1).
وبالذكاة يتخلص الجسم من الدم الحامل للميكروبات والجراثيم، ولهذا جاءت السنة النبوية مبينة كيفية الذبح بقطع أوداج الذبيحة بأداة حادة، ثم يترك الحيوان يدفق دمه حتى يتخلص منه بالكامل، فيقطع بعد ذلك نخاعه ويكون بهذا قد تخلص الحيوان من الدم الحامل للفيروسات الممرضة.
ويؤكد الطب الحديث الأضرار الناجمة عن أكل الميتة بسبب التغيرات التي تحدث بعد موت الحيوان من ترسب الدم في جسمه بما يسمى في الطب بـ " الزرقة الجيفية " وتكون أحماض بعدها تتكون الجراثيم الهوائية واللاهوائية التي تؤدي إلى تعفن الحيوان وتكون روائح كريهة وآثار سامة أضف إلى ذلك أحيانا أن موت الحيوان يكون بسبب مرض عانى منه الحيوان. هذه الأضرار التي أكدها الطب الحديث كفيلة ببيان حكم تحريم الميتة، كما جاءت الآيات الكريمة بتحريم أنواع أخرى جاءت في سياق قولة سبحانه:{حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ} (2).
(1) سورة البقرة الآية 173
(2)
سورة المائدة الآية 3
فتحريم المنخنقة لانحباس الدم بها مما ينتج عنه تعفن وحدوث مركبات ضارة بالصحة، وكذلك الموقوذة، والمتردية (1) والنطيحة (2) وذلك لأجل الرضوخ التي تتسبب في انتشار الدم تحت الجلد وفي الأنسجة، مما يزيد من خطر ترسب الدم، وتكون مركبات سامة تضر بصحة الإنسان.
وأما ما أكل السبع فذلك خشية التلوث الناتج عن أكل السبع للميتة، بالإضافة إلى ما تخلفه من ترسب الدم فينتج عنه مركبات سامة كما سبق بيانها، والله أعلم (3).
كما أن ذكاة الحيوان المأكول سبب في التخلص من دمه، فقطع أوداجه ثم الانتظار حتى يدفق دمه، ثم إكمال قطع النخاع سبب رئيسي لتخلص الحيوان من الدم الذي لو بقي لكان سببا في العديد من الأمراض، كما أن طبخ اللحم سبب في القضاء على ما تبقى من الفيروسات الممرضة المتبقية في اللحم.
(1) والمتردية: وهي التي تتردي في ركية أو من جبل. معاني القرآن للنحاس 2/ 257.
(2)
والنطيحة: المنطوحة. معاني القرآن للنحاس 2/ 257.
(3)
الطب الوقائي في الإسلام عادل بربور وآخرون ص 92.