الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والله أسأل التوفيق والسداد لي ولكل من أعانني في بحثي هذا، وأن يغفر لي زللي وتقصيري، وأن ينصر الإسلام والمسلمين، ويعلي راية الدين. إنه سميع مجيب. آمين.
أولا: معنى السجود:
السجود في اللغة: التذلل والخضوع والتطامن.
قال ابن فارس رحمه الله: السين والجيم والدال أصل واحد مطرد يدل على تطامن وذل. يقال سجد إذا تطامن. وكل ما ذل فقد سجد (1).
وقال السمين الحلبي رحمه الله: وفرق بعضهم بين سجد وأسجد، فسجد: وضع جبهته، وأسجد: أمال رأسه وطأطأها (2).
والسجود في الشرع: التذلل لله عز وجل وعبادته بالصفة المعروفة بوضع الجبهة على الأرض.
والسجود عام فيمن يعقل وسجوده باختياره، وفيمن لا يعقل وسجوده بالتسخير (3). والسجود ركن من أركان الصلاة في
(1) معجم مقاييس اللغة 3/ 133.
(2)
الدر المصون في علوم الكتاب المكنون 1/ 275.
(3)
انظر: نزهة الأعين 1/ 230، مفردات ألفاظ القرآن 396، وبصائر ذوي التمييز 3/ 188.
الإسلام (1).
وقد عرف السجود منذ أقدم العصور في تاريخ الأمم والأنبياء، فقبل نزول آدم عليه السلام إلى الأرض كان سجود الملائكة له، قال تعالى:{وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا} (2)(3).
ولخليل الرحمن إبراهيم وابنه إسماعيل عليهما السلام قال لهما الله عز وجل: {أَنْ طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ} (4).
وفي قصة يوسف عليه السلام قال تعالى: {وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ وَخَرُّوا لَهُ سُجَّدًا} (5)(6).
وفي قصة موسى عليه السلام مع السحرة قال الله عز وجل: {وَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سَاجِدِينَ} (7){قَالُوا آمَنَّا بِرَبِّ الْعَالَمِينَ} (8).
وفي قصة سبأ قال الله عز وجل: {وَجَدْتُهَا وَقَوْمَهَا يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ مِنْ دُونِ اللَّهِ} (9).
(1) تفسير التحرير والتنوير 1/ 322.
(2)
سورة البقرة الآية 34
(3)
سورة البقرة، الآية [34]. وانظر في تأويل سجود الملائكة لآدم، المحرر الوجيز لابن عطية 1/ 177.
(4)
سورة البقرة الآية 125
(5)
سورة يوسف الآية 100
(6)
سورة يوسف: الآية [100]. وانظر في تأويل هذا السجود، تفسير القران العظيم لابن كثير 4/ 335.
(7)
سورة الأعراف الآية 120
(8)
سورة الأعراف الآية 121
(9)
سورة النمل الآية 24
وقال تعالى عمن أنعم عليهم من النبيين وممن هدى الله واجتبى {إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُ الرَّحْمَنِ خَرُّوا سُجَّدًا وَبُكِيًّا} (1).
وفي مريم عليها السلام قال الله عز وجل: {يَا مَرْيَمُ اقْنُتِي لِرَبِّكِ وَاسْجُدِي وَارْكَعِي مَعَ الرَّاكِعِينَ} (2).
وفي يوم الجزاء والحساب يقول الله عز وجل: {يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ فَلَا يَسْتَطِيعُونَ} (3).
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمة الله: ولفظ السجود يراد به مطلق الخضوع والاستكانة. . . إلى أن قال: وأما أن يكون سجود الإنسان لا يراد به إلا خضوع ليس فيه سجود الوجه، فهذا لا يعرف (4).
فالسجود لله جل جلاله من أعظم دلائل الإجلال، وتمريغ الوجه في التراب أقصى علامات التذلل لذي الجلال والسلطان. فهو أقصى درجات العبودية، وأجل مظاهر التذلل، وأصدق دلائل الإذعان، وأعذب مناظر الخشوع، وأفضل أثواب الافتقار.
(1) سورة مريم الآية 58
(2)
سورة آل عمران الآية 43
(3)
سورة القلم الآية 42
(4)
مجموع فتاوى ابن تيمية 23/ 152.