الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
2 -
ما قضاه الله وقدره من الأفعال التي يقدر عليها الإنسان ويفعلها بما وهبه الله من العقل، والقدرة، والاختيار كالإيمان والكفر .. والطاعات والمعاصي .. والإحسان والإساءة.
فهذه وأمثالها: يحاسب عليها الإنسان، وبحسبها يكون الثواب والعقاب؛ لأن الله أرسل الرسل، وأنزل الكتب، وبيَّن الحق من الباطل، ورَغَّب في الإيمان والطاعات، وحَذَّر من الكفر والمعاصي، وزوَّد الإنسان بالعقل، وأعطاه القدرة على الاختيار، فيسلك ما شاء بمحض اختياره، وأي الطريقين اختار فهو داخل تحت مشيئة الله وقدرته، إذ لا يقع في ملك الله شيء بدون علمه ومشيئته.
1 -
قال الله تعالى: {وَقُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ} [الكهف/ 29].
2 -
وقال الله تعالى: {مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ (46)} [فصلت/46].
3 -
وقال الله تعالى: {مَنْ كَفَرَ فَعَلَيْهِ كُفْرُهُ وَمَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِأَنْفُسِهِمْ يَمْهَدُونَ (44)} [الروم/44].
4 -
وقال الله تعالى: {إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ (27) لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ (28) وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ (29)} [التكوير/27 - 29].
-
متى يجوز الاحتجاج بالقدر:
1 -
يجوز أن يحتج الإنسان بالقدر على المصائب كما في القسم الأول، فإذا مرض الإنسان، أو مات، أو ابتلي بمصائب بغير اختياره فله أن يحتج بقدر الله فيقول: قَدَّرَ الله وما شاء فعل، وعليه أن يصبر، ويرضى إن استطاع؛ لينال الثواب كما قال سبحانه:{وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ (155) الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ (156) أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ (157)} [البقرة/155 - 157].
2 -
لا يجوز أن يحتج الإنسان بالقدر على المعاصي فيترك الواجبات، أو يفعل المحرمات؛ لأن الله أمر بفعل الطاعات، واجتناب المعاصي، وأمر بالعمل، ونهى عن الاتكال على القدر.
ولو كان القدر حجة لأحد لم يعذب الله المكذبين للرسل كقوم نوح وعاد وثمود ونحوهم، ولم يأمر بإقامة الحدود على المعتدين.
ومن رأى القدر حجة لأهل المعاصي يرفع عنهم الذم والعقاب فعليه ألّا يذم أحداً ولا يعاقبه إذا اعتدى عليه، ولا يفرِّق بين من يفعل معه خيراً أو شراً، وهذا باطل.
- حكم فعل الأسباب:
ما قدَّره الله للعبد من خير أو شر قدَّره مربوطاً بأسبابه، فللخير أسبابه وهي الإيمان والطاعات، وللشر أسبابه وهي الكفر والمعاصي.
والإنسان يعمل بمحض الإرادة التي قدرها الله له، والاختيار الذي منحه الله له، ولا يصل العبد إلى ما كتب الله عليه وقدره له من سعادة أو شقاء إلا بواسطة تلك الأسباب التي يفعلها باختياره الذي منحه الله إياه، فلدخول الجنة أسباب يجب فعلها، ولدخول النار أسباب يجب تركها.
1 -
2 -
وقال الله تعالى: {وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (132)} [آل عمران/132].
3 -
وعن علي رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «مَا مِنْكُمْ مِنْ نَفْسٍ إلَّا وَقَدْ عُلِمَ مَنْزِلُهَا مِنَ الجَنَّةِ وَالنَّارِ» قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ فَلِمَ نَعْمَلُ؟ أَفَلا نَتَّكِلُ؟ قَالَ: «لَا، اعْمَلُوا فَكُلٌّ مُيَسَّرٌ لِمَا خُلِقَ لَهُ» ثم قرأ: {فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى (5) وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى (6)
فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى (7) وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى (8) وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى (9) فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى (10)} متفق عليه (1).
- يشرع دفع القدر بالقدر فيما يأتي:
1 -
دفع القدر الذي قد انعقدت أسبابه ولَمّا يقع بأسباب أخرى من القدر تقابله، كدفع العدو بقتاله، ودفع الحر والبرد ونحو ذلك.
2 -
دفع القدر الذي قد وقع واستقر بقدر آخر يرفعه ويزيله، كدفع قدر المرض بقدر التداوي، ودفع قدر الذنب بقدر التوبة، ودفع قدر الإساءة بقدر الإحسان، وهكذا.
- مشيئة الله عامة لكل شيء:
فعل الخير والشر من العبد لا ينافي نسبتهما إلى الله خلقاً وإيجاداً، فالله خالق كل شيء، ومن ذلك خلق الإنسان وأفعاله، ولكن ليست مشيئة الله عز وجل دليلاً على رضاه.
فالكفر والمعاصي والفساد كائنة بمشيئة الله ولكن الله لا يحبها، ولا يرضاها، ولا يأمر بها، بل يبغضها وينهى عنها، وكون الشيء مبغوضاً مكروهاً لا يخرجه عن مشيئة الله المتضمنة لخلق كل شيء، فلكل شيء خلقه الله حكمة مقصودة واقعة على أساس تدبيره لملكه وخلقه سبحانه.
- أفضل الناس:
أكمل الناس وأفضلهم الذين يحبون ما أحبه الله ورسوله، ويبغضون ما أبغض الله ورسوله، وليس عندهم حب ولا بغض لغير ذلك، فيأمرون بما أمر الله ورسوله به، ولا يأمرون بغير ذلك وهكذا.
فالمسلم في الدنيا يتقلب بين خمسة أمور:
أمر من أوامر الله يمتثله، ونهي يجتنبه، وقدر يرضى به، ونعم يشكر ربه عليها، وذنوب يستغفر ربه منها.
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (4945)، ومسلم برقم (2647)، واللفظ له.