الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
1 -
كتاب القصاص
1 - الجنايات
1 - الجناية على النفس
- الجناية: هي التعدي على البدن خاصة بما يوجب قصاصاً، أو مالاً، أو كفارة.
- حكمة مشروعية القصاص:
خلق الله آدم بيده، ونفخ فيه من روحه، وكرَّمه على سائر المخلوقات، وجعله خليفة في الأرض لأمر عظيم، وهو أن يقوم بعبادة ربه وحده لا شريك له، وجعل البشرية كلها من نسله، وأرسل الله إليهم الرسل عليهم الصلاة والسلام، وأنزل عليهم الكتب، ليقوم الناس بعبادة الله وحده، ووعد مَنْ آمن وامتثل ما أمر الله به بالجنة، وتوعد من كفر بالله وفعل ما نهى الله عنه بالنار.
وفي الناس مَنْ لا يستجيب لداعي الإيمان لضعف عقيدته، أو يستهين بالحاكم لضعف في عقله، فيقوى عنده داعي ارتكاب المحظورات، فيحصل منه تعد على الآخرين في أنفسهم، أو أعراضهم، أو أموالهم.
فشرعت العقوبة في الدنيا لتمنع الناس من اقتراف هذه الجرائم؛ لأن مجرد الأمر والنهي لا يكفي عند بعض الناس على الوقوف عند حدود الله، ولولا هذه العقوبات لاجترأ كثير من الناس على ارتكاب الجرائم والمحرمات، والتساهل في المأمورات.
وفي إقامة الحدود حفظ حياة ومصلحة البشرية، وزجر النفوس الباغية، وردع القلوب القاسية الخالية من الرحمة والشفقة.
وإن في تنفيذ القصاص كفاً للقتل، وزجراً عن العدوان، وصيانة للمجتمع، وحياة للأمة، وحقناً للدماء، وشفاءً لما في صدور أولياء المقتول، وتحقيقاً للعدل والأمن، وحفظاً للأمة من وحشي يقتل الأبرياء، ويبث الرعب في البلد،
ويتسبب في ترميل النساء، وتيتيم الأطفال.
قال الله تعالى: {وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَاأُولِي الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (179)} [البقرة/179].
- حفظ الضروريات الخمس:
اعتنى الإسلام بحفظ الضروريات الخمس التي اتفقت الشرائع الإلهية على حفظها، وهي: حفظ الدين .. والنفس .. والعقل .. والعرض .. والمال، واعتبر التعدي عليها جناية وجريمة تستلزم عقاباً مناسباً، يحقق الأمن، ويمنع الفساد والعدوان والظلم، وبحفظ هذه الضروريات يسعد المجتمع، ويطمئن كل فرد فيه.
- أقسام الحقوق:
الحقوق قسمان:
1 -
حقوق بين العبد وربه، وأعظمها بعد التوحيد والإيمان الصلاة.
2 -
حقوق بين العبد وغيره من الخلق، وأعظمها الدماء.
فأول ما يحاسب عليه العبد يوم القيامة صلاته، وأول ما يُقضى بين الناس يوم القيامة في الدماء.
1 -
وعن أنس بن مالك رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «أَكْبَرُ الكَبَائِرِ: الإشْرَاكُ بِالله، وَقَتْلُ النَّفْسِ، وَعُقُوقُ الوَالِدَيْنِ، وَقَوْلُ الزُّورِ، أَوْ قَالَ: وَشَهَادَةُ الزُّورِ» . متفق عليه (1).
2 -
وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا يَحِلُّ دَمُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ، يَشْهَدُ أَنْ لا إلَهَ إلا الله، وَأَنِّي رَسُولُ الله، إلا بِإحْدَى ثَلاثٍ: الثَّيِّبُ الزَّانِي، وَالنَّفْسُ بِالنَّفْسِ، وَالتَّارِكُ لِدِينِه، المفَارِقُ لِلْجَمَاعَةِ» . متفق عليه (2).
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (6871) واللفظ له، ومسلم برقم (88).
(2)
متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (6878)، ومسلم برقم (1676) واللفظ له.
- المساواة بين الناس:
المؤمنون تتكافأ دماؤهم، فهم متساوون في الدية والقصاص، فليس أحد أفضل من أحد، لا في النسب، ولا في اللون، ولا في الجنس.
قال الله تعالى: {يَاأَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ (13)} [الحجرات/13].
- حكم القصاص:
القصاص: أن يُفعل بالجاني كما فَعل.
وقد رخص الله لهذه الأمة ثلاث مراتب:
القصاص .. أو أخذ الدية .. أو العفو
والأفضل ما يحقق المصلحة، ويدرأ المفسدة، فإن كانت المصلحة تقتضي القصاص فالقصاص أفضل، وإن كانت المصلحة تقتضي أخذ الدية فأخذ الدية أفضل، وإن كانت المصلحة تقتضي العفو فالعفو أفضل.
فلكل حالةٍ حكم يحقق المصلحة العامة والخاصة، ويدفع الشر.
وليس العفو أفضل مطلقاً، بل الأفضل ما يحقق المصلحة، ولسنا بأحق بالعفو من الله الذي أوجب القصاص والحدود لقمع الشر.
1 -
قال الله تعالى: {أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ (50)} [المائد/50].
2 -
3 -
وقال الله تعالى: {وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ (40)} [الشورى/40].