الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
2 -
والربا أكل لأموال الناس بالباطل، وفيه تعطيل للمكاسب والتجارة والصناعات التي يحتاجها الناس، فالمرابي يزيد ماله بدون تعب، فيترك التجارة والمصالح التي ينتفع بها الناس، وما أحد أكثر من الربا إلا كان عاقبة أمره إلى قلة.
-
عقوبة الربا:
الربا من أعظم الذنوب، وقد أعلن الله عز وجل الحرب على آكل الربا ومُوكِله من بين سائر الذنوب:
1 -
قال الله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (278) فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لَا تَظْلِمُونَ وَلَا تُظْلَمُونَ (279)} [البقرة/278 - 279].
2 -
وعن جابر رضي الله عنه قال: لَعَنَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم آكِلَ الرِّبَا، وَمُوْكِلَهُ وَكَاتِبَهُ، وَشَاهِدَيْهِ، وَقَالَ: هُمْ سَوَاءٌ. أخرجه مسلم (1).
3 -
وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «اجْتَنِبُوا السَّبْعَ المُوبِقَاتِ» قَالُوا: يَا رَسُولَ الله، وَمَا هُنَّ؟ قَالَ:«الشِّرْكُ بِالله، وَالسِّحْرُ، وَقَتْلُ النَّفْسِ الَّتِي حَرَّمَ الله إلَّا بِالحَقِّ، وأكلُ الرِّبَا، وأكلُ مَالِ اليَتِيمِ، وَالتَّوَلِّي يَوْمَ الزَّحْفِ، وَقَذْفُ المُحْصَنَاتِ المُؤْمِنَاتِ الغَافِلاتِ» . متفق عليه (2).
-
أقسام الربا:
1 -
ربا النسيئة: وهو الزيادة التي يأخذها البائع من المشتري مقابل التأجيل كأن يعطيه ألفاً نقداً على أن يرده عليه بعد سنة ألفاً ومائة مثلا.
- ومنه قلب الدين على المعسر، بأن يكون له مال مؤجل على رجل، فإذا حَلّ الأجل قال له: أتَقضي أم تُرْبِي، فإن وفّاه وإلا زاد هذا في الأجل، وزاد هذا في المال، فيتضاعف المال في ذمة المدين.
(1) أخرجه مسلم برقم (1598).
(2)
متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (2766) واللفظ له، ومسلم برقم (89).
وهذا هو أصل الربا في الجاهلية، فحرمه الله عز وجل، وأوجب إنظار المعسر، وهو أخطر أنواع الربا، لعظيم ضرره.
وقد اجتمع فيه الربا بأنواعه: ربا النسيئة، وربا الفضل، وربا القرض.
1 -
قال الله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا الرِّبَا أَضْعَافًا مُضَاعَفَةً وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (130)} [آل عمران/130].
2 -
وقال الله تعالى: {وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ وَأَنْ تَصَدَّقُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (280)} [البقرة/280].
- ومنه ما كان في بيع كل جنسين اتفقا في علة ربا الفضل، مع تأخير قبضهما، أو قبض أحدهما، كبيع الذهب بالذهب، والبر بالبر ونحوهما، وكذا بيع جنس بآخر من هذه الأجناس مؤجلا.
2 -
ربا الفضل: وهو بيع النقود بالنقود أو الطعام بالطعام مع الزيادة، وهو محرم، وقد نص الشرع على تحريمه في ستة أشياء.
عن عبادة بن الصامت قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الذَّهَبُ بِالذَّهَبِ، وَالفِضَّةُ بِالفِضَّةِ، وَالبُرُّ بِالبُرِّ، وَالشَّعِيرُ بِالشَّعِيرِ، وَالتَّمْرُ بِالتَّمْرِ، وَالمِلْحُ بِالمِلْحِ، مِثْلاً بِمِثْلٍ، سَوَاءً بِسَوَاءٍ، يَداً بِيَدٍ، فَإذَا اخْتَلَفَتْ هَذِهِ الأَصْنَافُ فَبِيعُوا كَيْفَ شِئْتُمْ إذَا كَانَ يَداً بِيَدٍ» . أخرجه مسلم (1).
- ما يُلحق بربا الفضل:
يقاس على هذه الأصناف الستة كل ما وافقها في العلة: في الذهب والفضة (الثَّمَنِيَّة)، وفي الأربعة الباقية (الكيل والطعم) أو (الوزن والطعم).
- المكيال مكيال المدينة، والميزان ميزان أهل مكة، وما لم يوجد فيهما يرجع فيه إلى العرف، وكل شيء حَرُم فيه ربا الفضل حَرُم فيه ربا النسيئة.
3 -
ربا القرض: وصفته أن يُقرض الإنسان أحداً شيئاً ويشترط عليه أن يرد أفضل
(1) أخرجه مسلم برقم (1587).
منه، أو يشترط عليه نفعاً ما، نحو أن يسكنه داره شهراً مثلا، وهو حرام، فإن لم يشترط وبذل المقترض النفع أو الزيادة بنفسه جاز وأُجر.
- أحكام ربا الفضل:
1 -
إذا كان البيع في جنس واحد ربوي حرم فيه التفاضل والنَّسَأ كأن يبيع أحد ذهباً بذهب، أو براً ببر ونحوهما، فيشترط لصحة هذا البيع التساوي في الكمية، والقبض في الحال؛ لاتفاق البدلين في الجنس والعلة.
2 -
إذا كان البيع في جنسين اتفقا في علة ربا الفضل، واختلفا في الجنس حرم النَّسَأ وجاز التفاضل كأن يبيع ذهباً بفضة، أو براً بشعير ونحوهما، فيجوز البيع مع التفاضل إذا كان القبض في الحال يداً بيد؛ لأنهما اختلفا في الجنس، واتحدا في العلة.
3 -
إذا كان البيع بين جنسين ربويين لم يتفقا في العلة جاز الفضل والنَّسَاء كأن يبيع طعاماً بفضة، أو طعاماً بذهب ونحوهما، فيجوز التفاضل والتأجيل؛ لاختلاف البدلين في الجنس والعلة.
4 -
إذا كان البيع بين جنسين ليسا ربويين جاز الفضل والنسيئة كأن يبيع بعيراً ببعيرين، أو ثوباً بثوبين ونحوهما فيجوز التفاضل والتأجيل.
- لا يجوز بيع أحد نوعي جنس بالآخر إلا أن يكونا في مستوى واحد في الصفة، فلا يباع الرطب بالتمر؛ لأن الرطب ينقص إذا جف، فيحصل التفاضل المحرم.
- حكم بيع الذهب المصوغ:
لا يجوز بيع المصوغ من الذهب أو الفضة بجنسه متفاضلاً؛ لأجل الصنعة في أحد العوضين، لكن يبيع ما معه بالدراهم ثم يشتري المصوغ.
- حكم الفوائد التي تأخذها البنوك:
الفوائد التي تأخذها البنوك اليوم على القروض من الربا المحرم، والفوائد التي
تدفعها البنوك مقابل الإيداع رباً لايحل لأحد أن ينتفع به بل يتخلص منه.
- حكم الإيداع في البنوك الربوية:
1 -
يجب على المسلمين إذا احتاجوا الإيداع والتحويل بواسطة البنوك الإسلامية، فإن لم توجد جاز للضرورة الإيداع في غيرها لكن بدون فائدة، والتحويل من غيرها ما لم يخالف الشرع.
2 -
يحرم على المسلمين العمل في أي بنك أو مؤسسة تأخذ أو تعطي الربا، والمال الذي يأخذه العامل فيه سحت يحاسب عليه.
- حكم أخذ الربا:
إذا أودع المسلم أمواله في بنوك ربوية، ثم أعطوه فوائد ربوية على ماله، فلا يجوز له أخذها؛ لأنها سحت، ولا يجوز له التصرف بها؛ لأنها كسب خبيث، والله طيب لا يقبل إلا طيباً.
والحَلّ: أن يتركه ولا يأخذه منهم، وإن صرفوه في محرم، أو في حرب المسلمين، فأنت لم تأمرهم بذلك، ولم تعطهم إياه؛ لأنك لم تملكه.
فأكل الربا من كبائر الذنوب، وقد أعلن الله الحرب على من أخذه، فيحرم الربا عطاءً وأخذاً، سواء كان قليلاً أو كثيراً، وعاقبته أبداً المحق والحرب من الله ورسوله كما حصل ويحصل.
قال الله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (278) فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لَا تَظْلِمُونَ وَلَا تُظْلَمُونَ (279)} [البقرة/278 - 279].
- كيف يتخلص من الأموال الربوية:
الربا من أعظم الذنوب، وإذا منّ الله على المرابي، وتاب إلى الله عز وجل، وله وعنده أموال مجتمعة من الربا، ويريد التخلص منها فلا يخلو من حالين: