الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
3 -
كتاب الجنائز
1 - الموت وأحكامه
- أحوال الإنسان:
الإنسان يركب طبقاً بعد طبق، ويتحول من حال إلى حال، سواء كان في الزمان .. أو المكان .. أو الأبدان .. أو القلوب.
1 -
فأحوال الزمان تتقلب على الإنسان من أمن إلى خوف، ومن صحة إلى سقم، ومن سلم إلى حرب، ومن خصب إلى جدب، ومن فرح إلى حزن ونحو ذلك من التقلبات.
2 -
وأحوال المكان ينتقل الإنسان فيها كل يوم من منزل إلى منزل، ومن مكان إلى مكان، ومن بطن الأم إلى الدنيا، ومن الدنيا إلى القبر، ومن القبر إلى الحشر، إلى أن تنتهي به المنازل في دار القرار في الجنة أو النار.
3 -
وأحوال الأبدان يَرْكب الإنسان فيها طبقاً عن طبق، فيكون نطفة، ثم علقة، ثم مضغة، ثم طفلاً، ثم شاباً، ثم هرماً، ثم يموت.
4 -
وأحوال القلوب عجيبة، فتارة تتعلق بالله، وتارة تتعلق بالدنيا، وتارة تتعلق بالأموال، وتارة تتعلق بالنساء، والقصور ونحو ذلك وأعظم تعلقات القلب أن يكون معلقاً بالله عز وجل، فيستخدم الدنيا من أجل تحقيق العبودية لله تعالى.
وهذه أعظم الأحوال الأربعة، فعلى الإنسان أن يتفقد قلبه؛ ليحفظه من التعلق بغير الله، ويزكيه ويشغله بذكر الله وطاعته وعبادته.
- أجل الموت:
الموت: هو مفارقة الحياة بخروج الروح من البدن.
والبقاء لله وحده، وقد كتب الله الموت والفناء على كل مخلوق.
فالإنسان مهما طال أجله فلا بد أن يموت، وينتقل من دار العمل إلى دار الجزاء، والقبر أول منازل الآخرة.
1 -
قال الله تعالى: {قُلْ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلَاقِيكُمْ ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (8)} [الجمعة/ 8].
2 -
[آل عمران/185].
3 -
وقال الله تعالى: {كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ (26) وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ (27)} [الرحمن/26 - 27].
4 -
وقال الله تعالى: {أَيْنَمَا تَكُونُوا يُدْرِكْكُمُ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنْتُمْ فِي بُرُوجٍ مُشَيَّدَةٍ} [النساء/78].
- ما يجب على المريض:
يجب على المريض أن يؤمن بقضاء الله، ويصبر على قدره، ويحسن الظن بربه، ولا يتمنى الموت، وأن يؤدي حقوق الله تعالى، وحقوق الناس، وأن يكتب وصيته، ويسن أن يوصي لأقاربه الذين لا يرثونه بالثلث فأقل وهو الأفضل، وأن يتداوى بمباح، ويطلب الشفاء من الله.
وتسن عيادة المريض، وتذكيره التوبة والوصية، ويتداوى عند طبيب مسلم لا كافر، إلا إذا احتاج إليه، وأمن مكره.
والسنة أن يشكو المريض حاله إلى ربه، وله أن يصف حاله لغيره على وجه الإخبار، لا على وجه التسخط.
- ما يقوله من أيس من حياته:
عن عائشة رضي الله عنها أنها سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول قبل أن يموت، وهو مسند إلى صدرها، وأصغت إليه وهو يقول:«اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي وَارْحَمْنِي وَأَلْحِقْنِي بِالرَّفِيقِ.» . متفق عليه (1).
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (4440)، ومسلم برقم (2444)، واللفظ له.
- حكم تمني الموت:
عن أنس رضي الله عنه قال: قال رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: «لا يَتَمَنَّيَنَّ أحَدٌ مِنْكُمُ المَوْتَ لِضُرٍّ نَزَلَ بِهِ، فَإنْ كَانَ لا بُدَّ مُتَمَنِّياً لِلْمَوْتِ فَلْيَقُلِ: اللَّهُمَّ أحْيِنِي مَا كَانَتِ الحَيَاةُ خَيْراً لِي، وَتَوَفَّنِي إذَا كَانَتِ الوَفَاةُ خَيْراً لِي» . متفق عليه (1).
- صفة الاستعداد للموت:
يجب على المسلم أن يستعد للموت ويكثر من ذكره، والاستعداد للموت يكون بالتوبة من المعاصي، وإيثار الآخرة، والخروج من المظالم، والإقبال على الله بالطاعات، واجتناب المحرمات.
- حكم تلقين الميت:
من حق المسلم على المسلم أن يعوده إذا مرض، ويتبع جنازته إذا مات.
ويسن لمن شهد مَنْ حضرته الوفاة أن يُلقنه الشهادة، فَيذكِّره بقول:«لا إله إلا الله» ، وأن يدعو له، ولا يقول في حضوره إلا خيراً.
ولا بأس أن يحضر المسلم وفاة الكافر ليعرض عليه الإسلام، ويقول له:«قل لا إله إلا الله» .
- علامات حسن الخاتمة:
1 -
نطق الميت بالشهادة عند الموت.
2 -
موت المؤمن بعرق الجبين.
3 -
الاستشهاد أو الموت في سبيل الله.
4 -
الموت مرابطاً في سبيل الله.
5 -
الموت دفاعاً عن نفسه، أو ماله، أو أهله.
6 -
الموت بذات الجنب، أو بداء السل.
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (6351)، واللفظ له، ومسلم برقم (2680).
7 -
الموت بالطاعون، أو بداء البطن، أو الغرق، أو الحرق، أو الهدم.
8 -
موت المرأة في نفاسها بسبب الولادة ونحو ذلك.
9 -
الموت على عمل صالح.
وكل ذلك ثابت في الأحاديث النبوية الصحيحة.
- فقه الموت:
يجب على المسلم أن يتذكر دائماً الموت لا على أنه فراق للأهل والأحباب ولذات الدنيا، فهذه نظرة قاصرة، بل على أن الموت فيه فراق للعمل والحرث للآخرة، وبهذا يستعد ويزيد في عمل الآخرة، والإقبال على الله تعالى، أما النظرة الأولى فتزيده حسرة وندماً، وإذا أراد الله قبض عبد بأرض جعل له فيها حاجة.
- ويجب على المسلم أن يحسن الظن بالله تعالى عند الموت، لقوله عليه الصلاة والسلام:«لا يَمُوتَنَّ أَحَدُكُمْ إلا وَهُوَ يُحْسِنُ الظَّنَّ بِالله عز وجل» .
أخرجه مسلم (1).
- علامات الموت:
يُعرف موت الإنسان بانخساف صدغيه، وميل أنفه، وانفصال كفيه، واسترخاء رجليه، وشخوص بصره، وبرودته، وانقطاع نَفَسِهِ.
- ما يفعل بالمسلم إذا مات:
1 -
إذا مات المسلم سُن تغميضُ عينيه، ويدعو عند تغميضه بقوله:«اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِفُلانٍ، وَارْفَعْ دَرَجَتَهُ فِي المَهْدِيِّينَ، وَافْسَحْ لَهُ فِي قَبْرِهِ، وَنَوِّرْ لَهُ فِيهِ، وَاخْلُفْهُ فِي عَقِبِهِ فِي الغَابِرِينَ، وَاغْفِرْ لَنَا وَلَهُ يَا رَبَّ العَالَمِينَ» . أخرجه مسلم (2).
(1) أخرجه مسلم برقم (2877).
(2)
أخرجه مسلم برقم (920).
ثم يشد لحييه بعصابة، ويلين مفاصله برفق، ويرفعه من الأرض، ويخلع ثيابه، ويستره بثوب يستر جميع بدنه، ثم يغسله.
2 -
وتسن المبادرة بقضاء دَيْنه، وتَنفيذ وصيته، وإسراع تجهيزه، والصلاة عليه، ودفنه في البلد الذي مات فيه، ويجوز لمن حضره ولغيرهم كشف وجه الميت، وتقبيله، والبكاء عليه.
- يجب قضاء حقوق الله تعالى عن الميت إن كانت كالزكاة والنذر والكفارة، وحجة الإسلام، وتُقدَّم على حقوق الورثة في التركة، وعلى الديون، فالله أحق بالوفاء، ونفس المؤمن معلقة بدينه حتى يقضى عنه.
- يجب على الزوجة أن تُحِدَّ على زوجها إذا مات أربعة أشهر وعشراً، ويجوز للمرأة أن تُحِدَّ على وفاة ولدها أو غيره ثلاثة أيام.
قال الله تعالى: {
…
وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا} [البقرة/ 234].
- يحرم على أقارب الميت وغيرهم النياحة على الميت، وهي أمر زائد على البكاء، والميِّت يُعذب في قبره بما نِيح عليه، ويحرم عند المصيبة لطم الخدود، وشق الجيوب، وحلق ونشر الشعر.
- حكم إعلام الناس بمن مات:
يسن إعلام الناس بموته ليشهدوا جنازته والصلاة عليه ودفنه.
ويحرم النعي: وهو الإعلام بوفاة الميت على وجه التفاخر والتباهي ونحوهما.
- ما يقوله ويفعله المصاب عند المصيبة:
يجب على أقارب الميت وغيرهم إذا علموا بموته الصبر، ويسن لهم الرضا بالقدر، والاحتساب، والاسترجاع.
1 -
عن أم سلمة رضي الله عنها زوج النبي صلى الله عليه وسلم قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «مَا مِنْ عَبْدٍ تُصِيْبُهُ مُصِيْبَةٌ فَيَقُولُ: إنَّا للهِ وَإنَّا إلَيْهِ رَاجِعُونَ، اللَّهُمَّ أَجُرْنِي فِي
مُصِيْبَتِي، وَأَخْلِفْ لِي خَيْراً مِنْهَا إلَّا أَجَرَهُ الله فِي مُصِيْبَتِهِ، وَأَخْلَفَ لَهُ خَيْراً مِنْهَا». أخرجه مسلم (1).
2 -
وعن أنس رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: «مَا مِنَ النَّاسِ مِنْ مُسْلِمٍ يُتَوَفَّى لَهُ ثَلاثةٌ لَمْ يَبْلُغُوا الحِنْثَ إلَّا أَدْخَلَهُ الله الجَنَّةَ بِفَضْلِ رَحْمَتِهِ إيَّاهُمْ» .
أخرجه البخاري (2).
- الصبر هو حبس النفس عن الجزع، واللسان عن التشكي، والجوارح عن المحرم كلطم الخد وشق الثوب ونحوهما.
- حكم تشريح جثة الميت:
يجوز تشريح جثة المسلم إن كان الغرض منه التحقق من دعوى جنائية، أو التحقق عن أمراض وبائية؛ لما في ذلك من المصالح التي تعود على الأمن والعدل، ووقاية الأمة من الأمراض الخطيرة المعدية، وإن كان التشريح لغرض التعلم والتعليم فالمسلم له كرامته حياً وميتاً، فيُكتفى بتشريح جثث غير المسلمين إلا عند الضرورة بشروطها.
(1) أخرجه مسلم برقم (918).
(2)
أخرجه البخاري برقم (1248).