الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
6 -
كتاب الحج والعمرة
1 - معنى الحج وحكمه وفضله
- الحج: هو التعبد لله عز وجل بقصد مكة في وقت محدد لأداء مناسك الحج.
- مكانة البيت الحرام:
جعل الله عز وجل البيت الحرام معظَّماً، وجعل المسجد الحرام فناءً له، وجعل مكة فناء للمسجد الحرام، وجعل الحرم فناء لمكة، وجعل المواقيت فناء للحرم، وجعل جزيرة العرب فناء للمواقيت، كل ذلك تعظيماً وتشريفاً وتكريماً لبيته الحرام.
…
[آل عمران/ 96 - 97].
- محاسن وأسرار الحج:
1 -
الحج مظهر عملي للأخوة الإسلامية، ووحدة الأمة الإسلامية، حيث تذوب في الحج فوارق الأجناس والألوان واللغات والأوطان والطبقات، وتبرز حقيقة العبودية والأخوة، فالجميع بلباس واحد، يتجهون لقبلة واحدة، ويعبدون إلهاً واحدا.
2 -
والحج مدرسة يتعود فيها المسلم على الصبر، ويتذكر فيها اليوم الآخر وأهواله، ويستشعر فيه لذة العبودية لله، ويعرف عظمة ربه، وافتقار الخلائق كلها إليه.
3 -
والحج موسم كبير لكسب الأجور، وتكفير السيئات، يقف فيه العبد بين يدي ربه مقراً بتوحيده، معترفاً بذنبه وعجزه عن القيام بحق ربه، فيرجع من الحج نقياً من الذنوب كيوم ولدته أمه.
4 -
وفي الحج تذكير بأحوال الأنبياء والرسل عليهم الصلاة والسلام وعبادتهم، ودعوتهم وجهادهم، وأخلاقهم، وتوطين النفس على فراق الأهل والولد.
5 -
والحج ميزان يعرف به المسلمون أحوال بعضهم، وما هم عليه من علم، أو جهل، أو غنى، أو فقر، أو استقامة، أو انحراف.
- حكم الحج:
الحج هو الركن الخامس من أركان الإسلام، وهو واجب على كل مسلم، حر، بالغ، عاقل، قادر، في عمره مرة على الفور.
وقد فُرض الحج في السنة التاسعة من الهجرة، وحج النبي صلى الله عليه وسلم حجة واحدة هي حجة الوداع.
1 -
قال الله تعالى: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ (97)} [آل عمران /97].
2 -
وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ الإِسْلَامَ بُنِيَ عَلَى خَمْسٍ: شَهَادَةِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَإِقَامِ الصَّلَاةِ، وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ، وَصِيَامِ رَمَضَانَ، وَحَجِّ البَيْتِ» . متفق عليه (1).
- القادر على الحج:
هو من كان صحيح البدن، قادراً على السفر، ووجد زاداً وراحلة يتمكن بهما من أداء الحج ويرجع، بعد قضاء الواجبات كالديون الحالَّة، والنفقات الشرعية له ولعياله، وأن يكون ما عنده زائداً على حوائجه الأصلية.
- من يجب عليه الحج:
من كان قادراً على الحج بماله وبدنه لزمه الحج بنفسه، ومن كان قادراً بماله عاجزاً ببدنه وجب عليه أن ينيب من يحج عنه، ومن كان قادراً ببدنه عاجزاً بماله لم يجب عليه الحج، ومن كان عاجزاً عن الحج بماله وبدنه سقط عنه الحج.
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (8)، ومسلم برقم (16) واللفظ له.
- يجوز لمن ليس لديه مال أن يأخذ من الزكاة مالاً يحج به، فالحج من سبيل الله تعالى.
- فضل الحج والعمرة:
1 -
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: سُئل رسول الله صلى الله عليه وسلم أي الأعمال أفضل؟ قال: «إيمَانٌ بِالله وَرَسُولِهِ» قيل: ثم ماذا؟ قال: «جِهَادٌ فِي سَبِيلِ الله» قيل: ثم ماذا؟ قال: «حَجٌّ مَبْرُورٌ» . متفق عليه (1).
2 -
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: «مَنْ حَجَّ للهِ، فَلَمْ يَرْفُثْ وَلَمْ يَفْسُقْ، رَجَعَ كَيَومِ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ» . متفق عليه (2).
3 -
وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «العُمْرَةُ إلَى العُمْرَةِ كَفَّارَةٌ لِمَا بَيْنَهُمَا، وَالحَجُّ المَبْرُورُ لَيْسَ لَهُ جَزَاءٌ إلَّا الجَنَّةُ» . متفق عليه (3).
- إذا مات من لزمه الحج ولم يحج أُخرج من تركته مال يُحَج به عنه.
- حكم حج المرأة وعمرتها بلا مَحْرم:
1 -
يشترط لوجوب الحج على المرأة وجود مَحْرم لها من زوج، أو من يَحْرم عليه نكاحها أبداً كأب، أو أخ، أو ابن، أو نحوهم، فإن أبى المَحْرم أن يحج بها فإنه لا يجب عليها الحج، فإن حجت بلا مَحْرم فهي آثمة، وحجها صحيح.
2 -
لا يجوز للمرأة أن تسافر للحج أو غيره إلا ومعها مَحْرم سواء كانت شابة، أم عجوزاً، وسواء كان معها نساء أم لا، وسواء كان السفر طويلاً أم قصيراً؛ لعموم قوله عليه الصلاة والسلام:«لا تُسَافِرِ المَرْأَةُ إلا مَعَ ذِي مَحْرَمٍ» .
متفق عليه (4).
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (1519) واللفظ له، ومسلم برقم (83).
(2)
متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (1521) واللفظ له، ومسلم برقم (1350).
(3)
متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (1773)، ومسلم برقم (1349).
(4)
متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (1862)، ومسلم برقم (1341).
- حكم الحج عن الغير:
من حج عن غيره لكبر سن، أو مرض لا يرجى برؤه، أو عن ميِّت، أحرم من أي المواقيت شاء، ولا يلزم أن ينشئ السفر مِنْ بلد مَنْ يحج عنه، ولا يحج المسلم عن غيره قبل أن يحج عن نفسه، ولا يلزم الموكِّل الإمساك عن محظورات الإحرام وقت النسك.
عن بريدة رضي الله عنه قال: بينما أنا جالس عند رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ أتته امرأة فقالت: إني تصدقت على أمي بجارية وإنها ماتت، قال: فقال: «وَجَبَ أَجْرُكِ وَرَدَّهَا عَلَيْكِ الْميرَاثُ» ، قالت: يا رسول الله! إنه كان عليها صوم شهر أفأصوم عنها؟ قال: «صُومِي عَنْهَا» قالت: إنها لم تحج قط أفأحج عنها؟ قال «حُجِّي عَنْهَا» . أخرجه مسلم (1).
- يصح أن يستنيب غير القادر بدنياً غيره في نفل حج، أو عمرة، بأجرة، وبدونها.
- من مات وهو حاج فلا يُقضى عنه ما بقي من أعمال الحج؛ لأنه يبعث يوم القيامة ملبياً، ومن مات وهو لا يصلي أبداً فلا يجوز أن يُحج أو يُتصدق عنه؛ لأنه مرتد.
- صفة إحرام الحائض والنفساء:
يجوز للحائض والنفساء الاغتسال والإحرام بالحج أو العمرة، وتبقى على إحرامها، وتؤدي نسك الحج، لكن لا تطوف بالبيت حتى تطهر ثم تغتسل وتكمل نسكها ثم تحل، أما إن أحرمت بالعمرة فتبقى حتى تطهر ثم تغتسل ثم تؤدي نسك العمرة ثم تحل.
- فضل المتابعة بين الحج والعمرة:
عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «تَابِعُوا بَيْنَ الحَجِّ وَالعُمْرَةِ،
(1) أخرجه مسلم برقم (1149).
فَإنَّهُمَا يَنْفِيَانِ الفَقْرَ وَالذُّنُوبَ كَمَا يَنْفِي الكِيرُ خَبَثَ الحَدِيدِ وَالذَّهَبِ وَالفِضَّةِ، وَلَيْسَ لِلْحَجَّةِ المَبْرُورَةِ ثَوَابٌ إلا الجَنَّةُ». أخرجه أحمد والترمذي (1).
- حكم خروج القادم من مكة لأداء العمرة:
يكره للقادم إلى مكة إذا حج أو اعتمر الخروج من مكة لعمرة تطوع، وذلك بدعة لم يفعله النبي صلى الله عليه وسلم، ولا أصحابه رضي الله عنهم، لا في رمضان ولا في غيره، ولم يأمر عائشة رضي الله عنها بها، بل أذن لها بعد المراجعة تطييباً لقلبها، والطواف بالبيت أفضل من الخروج إليها.
وعمرة عائشة من التنعيم خاصة بالحائض التي لم تتمكن من إتمام عمرة الحج كعائشة، فلا تشرع لغيرها من النساء الطاهرات فضلاً عن الرجال.
- حكم حج الصغير وعمرته:
1 -
إذا أحرم الصبي بالحج صح نفلاً، فإن كان مميزاً فعل كما يفعل البالغ من الرجال والنساء، وإن كان صغيراً عَقد عنه الإحرام وليه، ويطوف ويسعى به، ويرمي عنه الجمرات، والأفضل أن يؤدي ما قدر عليه من مناسك الحج أو العمرة، وإذا بلغ فيما بعد لزمه أن يحج حجة الإسلام.
2 -
إذا حج الصغير أو المملوك، ثم بلغ الصغير وعتق المملوك فعلى كل واحد منهما حجة أخرى.
3 -
يسن الحج بالصبي، ومن حج به فهو مأجور.
عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: رفعت امرأةٌ صبياً لها فقالت: يا رسول الله ألهذا حج؟ قال: «نَعَمْ وَلَكِ أَجْرٌ» . أخرجه مسلم (2).
- حكم دخول المشرك المسجد:
لا يجوز للمشرك دخول المسجد الحرام، ويجوز دخوله بقية المساجد لمصلحة شرعية.
(1) حسن/أخرجه أحمد برقم (3669)، وأخرجه الترمذي برقم (810)، وهذا لفظه.
(2)
أخرجه مسلم برقم (1336).
1 -
قال الله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلَا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ إِنْ شَاءَ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (28)} [التوبة/28].
2 -
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: بعث النبي صلى الله عليه وسلم خيلاً قِبَلَ نجد، فجاءت برجل من بني حنيفة، يقال له ثُمامة بن أُثال، فربطوه بسارية من سواري المسجد، فخرج إليه النبي صلى الله عليه وسلم فقال:«أَطْلِقُوا ثُمَامَةَ» فانطلق إلى نخل قريب من المسجد فاغتسل، ثم دخل المسجد فقال: أشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله. متفق عليه (1).
- خصائص الحرم:
لحرم مكة خصائص أهمها:
مضاعفة أجر الصلاة فيه، وتعظيم إثم السيئات فيه، وأنه يحرم على المشرك دخوله، ويحرم البدء بالقتال فيه، ويحرم قطع شجره وحشيشه إلا الإذخر، ويحرم التقاط لقطته إلا لمنشد، ويحرم قتل أو تنفير صيده، وفيه أول بيت وضع للناس.
قال الله تعالى: {إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِلْعَالَمِينَ (96) فِيهِ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ مَقَامُ إِبْرَاهِيمَ وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ (97)} [آل عمران/ 96 - 97].
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (462) واللفظ له، ومسلم برقم (1764).