الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
25 - الوصية
- الوصية: هي الأمر بالتصرف بعد الموت، أو التبرع بالمال بعد الموت.
- حكمة مشروعية الوصية:
شرع الله عز وجل على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم الوصية لطفاً بعباده، ورحمة بهم، حينما جعل للمسلم نصيباً من ماله يفرضه قبل وفاته في أعمال البر التي تعود على الفقراء، والمحتاجين بالخير والفضل، ويعود على الموصي بالثواب والأجر في وقتٍ حيل بينه وبين العمل.
قال الله تعالى: {كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ (180)} [البقرة/180].
- حكم الوصية:
1 -
الوصية مستحبة لمن له مال كثير، ووارثه غير محتاج، فيوصي بشيء من ماله لا يتجاوز الثلث، يُصرف في وجوه البر والإحسان؛ ليصل إليه ثوابه بعد موته.
2 -
وتجب الوصية على من في ذمته دين للهِ تعالى، أو لآدمي، أو عنده أمانة لغيره فيكتبها ويبينها؛ لئلا تضيع الحقوق، أو ترك مالاً كثيراً فيلزمه أن يوصي لأقاربه غير الوارثين بما لا يزيد على الثلث.
3 -
الوصية المحرمة كأن يوصي لأحد الورثة كابنه الأكبر، أو زوجته، بمال من بين سائر الورثة.
- مقدار المال الموصى به:
تسن الوصية لمن له وارث بالخمس، أو الربع، إن ترك خيراً -وهو المال الكثير عرفاً-، والخمس أفضل.
وتجوز الوصية بالثلث لغير وارث، وتكره وصية فقير ورثته محتاجون، وتجوز الوصية بالكل لمن لا وارث له.
ولا تجوز الوصية لأجنبي لمن له وارث بأكثر من الثلث، ولا تجوز الوصية لوارث.
وإن أوصى لأمه وأبيه وأخيه ونحوهم بحجة أو أضحية وهم أحياء جاز؛ لأن هذا من باب البر والإحسان إليهم بالثواب لا من باب الوصية التي يقصد بها التمليك.
- شروط الوصي في التصرف:
يشترط في الموصَى إليه بالتصرف أن يكون مسلماً، عاقلاً، مميزاً، حسن التصرف فيما أوصي إليه فيه، رجلاً كان أو امرأة.
- من تصح وصيته:
تصح الوصية من البالغ الرشيد، ومن الصبي العاقل، والسفيه بالمال ونحوهم، ذكراً كان أو أنثى.
- الفرق بين الوصية والهبة:
الوصية: تمليك مضاف إلى ما بعد الموت بطريق التبرع.
والهبة: تمليك المال لغيره في الحال، وكلاهما يصح من مسلم وكافر.
والأفضل تعجيل الوصية لجهات البر في الحياة؛ لأن الصدقة والهبة في حال الحياة أفضل من الوصية.
- صفة الوصية:
تصح الوصية بلفظ مسموع من الموصِي، أو خطه، ويستحب أن يكتب وصيته، وَيُشهد عليها؛ قطعاً للنزاع.
عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «مَا حَقُّ امْرِئٍ مُسْلِمٍ لَهُ شَيْءٌ يُوْصِي فِيه ِ، يَبِيتُ لَيْلَتَيْنِ إلَّا وَوَصِيَّتُهُ مَكْتُوبَةٌ عِنْدَهُ» . متفق عليه (1).
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (2738) واللفظ له، ومسلم برقم (1627).
- يجوز الرجوع في الوصية ونقصها وزيادتها، فإذا مات استقرت.
- من تصح له الوصية:
تصح الوصية لمن يصح تملكه من مسلم، وكافر معيَّن، بكل شيء فيه نفع مباح، وتصح للمساجد، والقناطر، ودور العلم ونحو ذلك.
- وجوه الوصية:
1 -
الوصية تكون بالتصرف المعلوم بعد الموت كأن يزوج بناته وينظر لصغاره، أو يفرق ثلثه، وهي مندوب إليها، وقربة يثاب عليها من قدر عليها.
2 -
وتكون الوصية بالتبرع بالمال كأن يوصي بخُمُس ماله للفقراء، أو أهل العلم أو المجاهدين في سبيل الله، أو لبناء مسجد، أو حفر بئر ماء للشرب ونحو ذلك من وجوه البر والخير.
- تستحب الوصية للوالدين اللذين لا يرثان، وللأقارب الفقراء الذين لا يرثون؛ لأنها عليهم صدقة وصلة.
- حكم تبديل الوصية:
يجب أن تكون الوصية بالمعروف، فإن قصد الموصِي مضارَّة الوارث حَرُمَ عليه ذلك وهو آثم.
ويحرم على الموصَى إليه وغيره تبديل الوصية العادلة، ويسن لمن علم أن في الوصية جنفاً أو إثماً أن ينصح الموصِي بالأحسن والأعدل، وينهاه عن الجور والظلم، فإن لم يستجب أصلح بين الموصى إليهم؛ ليحصل العدل والتراضي، وبراءة ذمة الميت.
قال الله تعالى: {فَمَنْ بَدَّلَهُ بَعْدَ مَا سَمِعَهُ فَإِنَّمَا إِثْمُهُ عَلَى الَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (181) فَمَنْ خَافَ مِنْ مُوصٍ جَنَفًا أَوْ إِثْمًا فَأَصْلَحَ بَيْنَهُمْ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (182)} [البقرة/181 - 182].
- حكم الوصية لجهات المعاصي:
لا تصح الوصية ولا تجوز على جهة معصية، كالوصية لبناء الكنائس، وأماكن اللهو واللعب، ومحلات البغاء والغناء، وعمارة الأضرحة، سواء كان الموصِي مسلماً أو كافراً، ومن أوصى بذلك فهو آثم، وعليه إثم من ضل أو فسد بسببه.
- وقت اعتبار الوصية:
الاعتبار بصحة الوصية وعدم صحتها بحال الموت.
فلو أوصى لوارث فصار عند الموت غير وارث، كأخ حُجب بابن تجدد صحَّت الوصية، ولو أوصى لغير وارث فصار عند الموت وارثاً، كما لو أوصى لأخيه مع وجود ابنه حال الوصية ثم مات ابنه فإنها تبطل الوصية إن لم تجزها الورثة.
- إذا مات الإنسان يُخرج من تركته الدين، ثم الوصية، ثم الميراث.
- حكم تصرف الأوصياء:
يجوز أن يكون الموصَى إليه واحداً أو أكثر، فإذا تعدد الأوصياء، وحُدد لكل واحد اختصاصه صح فيما خصه به، وإن أوصى إلى وصيين في شيء واحد كالنظر في أمر أولاده، أو أمواله فليس لأحدهما التصرف منفرداً.
- وقت قبول الوصية:
يصح قبول الموصَى إليه الوصية في حياة الموصي، وبعد موته، فإن امتنع عنها قبل الموت أو بعده سقط حقه؛ لعدم قبوله.
- إذا أوصى الموصي بأن قال: أوصيت لفلان بمثل نصيب ابني، أو أيَّ وارث، فله مثل نصيبه مضموماً إلى المسألة، وإن أوصى بجزءٍ، أو حظ، أعطاه الورثة ما شاؤا.
- إذا مات الإنسان بموضع لا حاكم فيه، ولا وصي كالمفاوز والقفار، جاز لمن حوله من المسلمين حَوْز تركته، والتصرف فيها بما يحقق المصلحة.
- نص الوصية:
يكتب في صدر الوصية - إن شاء - ما ثبت عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: كانوا يكتبون في صدور وصاياهم:
هذا ما أوصى به فلان ابن فلان، أوصى أنه يشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمداً عبده ورسوله، وأن الساعة آتية لا ريب فيها، وأن الله يبعث مَنْ في القبور، وأوصَى مَنْ ترك بعده من أهله أن يتقوا الله حق تقاته، وأن يصلحوا ذات بينهم، ويطيعوا الله ورسوله إن كانوا مؤمنين، وأوصاهم بما وصى به إبراهيم بنيه ويعقوب:{يَابَنِيَّ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ (132)} . أخرجه البيهقي والدارقطني (1).
ثم يذكر ما يريد أن يوصي به.
- مبطلات الوصية:
تبطل الوصية بما يلي:
1 -
إذا جُنَّ الموصَى له بالتصرف.
2 -
إذا تلف الموصَى به.
3 -
إذا رجع الموصِي عن الوصية.
4 -
إذا ردها الموصَى له.
5 -
إذا مات الموصَى له قبل موت الموصِي.
6 -
إذا قتل الموصَى له الموصِي.
7 -
إذا انتهت مدة الوصية، أو انتهى العمل الذي عُهد إلى الوصي القيام به.
(1) صحيح/أخرجه البيهقي برقم (12463)، وأخرجه الدارقطني (4/ 154)، انظر إرواء الغليل رقم (1647).