الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
4 - عقد الذمة
- عقد الذمة: هو إقرار الكفار على كفرهم بشرط بذل الجزية، والتزام أحكام الملة، ويعقده الإمام أو نائبه.
- أهل الذمة: هم: أهل الكتاب، وهم اليهود والنصارى، والمجوس يعاملون معاملة أهل الكتاب في شيء، ويبقون على الأصل في شيء آخر، فتؤخذ منهم الجزية، ولا تنكح نساؤهم، ولا تؤكل ذبائحهم.
وأما المشركون فإنه لا ذمة لهم عند الله ولا عند رسوله ولا عند المؤمنين، فالمشرك يُعْرَض عليه الإسلام فإما أن يسلم، وإما أن يُقتل؛ لأن الإسلام لا يقر الشرك ولا الوثنية.
أما أهل الكتاب فيخيرون بين ثلاثة أمور: الإسلام، أو الجزية، أو القتال.
- مقدار الجزية:
يفرضها الإمام أو نائبه، حسب العسر واليسر، من الذهب أوالفضة أو النقود، وغيرها من الأشياء المباحة كالثياب والحديد والمواشي ونحوها، ولا جزية على صبي، ولا امرأة، ولا عبد، ولا فقير، ولا مجنون، ولا أعمى، ولا راهب.
- إذا بذل أهل الذمة ما عليهم من الجزية، أو الخراج، أو الدية، أو الدَّين، أو غير ذلك، من ثمن ما نعتقد تحريمه ولا يعتقدون تحريمه كالخمر والخنزير جاز قبوله منهم.
- أحكام أهل الذمة:
إذا أدى أهل الذمة الجزية لنا وَجب قبولها، وحَرم قتالهم، وإن أسلم منهم أحد سقطت عنه، ونُظهر لهم عند استلام الجزية القوة، ونستلمها من أيديهم وهم صاغرون.
وتجوز عيادتهم وتعزيتهم والإحسان إليهم؛ تأليفاً لقلوبهم، وطمعاً في إسلامهم.
1 -
قال الله تعالى: {قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلَا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ (29)} [التوبة/29].
2 -
وقال الله تعالى: {لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ (8)} [الممتحنة/8].
- فضل مَنْ أسلم من أهل الكتاب:
عن أبي موسى رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ثَلاثَةٌ لَهُمْ أَجْرَانِ: رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الكِتَابِ آمَنَ بِنَبِيِّهِ وَآمَنَ بِمُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم، وَالعَبْدُ المَمْلُوكُ إذَا أَدَّى حَقَّ الله تَعَالَى، وَحَقَّ مَوَالِيهِ، وَرَجُلٌ كَانَتْ عِنْدَهُ أمَةٌ فَأَدَّبَهَا فَأَحْسَنَ تَأْدِيبَهَا، وَعَلَّمَهَا فَأَحْسَنَ تَعْلِيمَهَا، ثُمَّ أَعْتَقَهَا فَتَزَوَّجَهَا فَلَهُ أَجْرَانِ» . متفق عليه (1).
- حكم أهل الذمة بالإسلام:
يجب على الإمام أخذ أهل الذمة بحكم الإسلام في النفس، والمال، والعرض، وإقامة الحدود عليهم فيما يعتقدون تحريمه كالزنى، لا فيما يعتقدون حله كالخمر والخنزير فلا يعاقبون عليه، لكن يُمنعون من إظهاره.
- حكم تميز أهل الذمة عن المسلمين:
يلزم أهل الذمة التميز عن المسلمين في الحياة وفي الممات؛ لئلا يغتر بهم الناس، فيلبسون ويركبون الأدنى ليتميزوا، ويجوز دخولهم المسجد إن رُجي إسلامهم إلا المسجد الحرام فلا يدخله مشرك.
- صفة معاملة أهل الذمة:
لا يجوز تصدير أهل الذمة في المجالس، ولا القيام لهم، ولا بُداءتهم بالسلام، فإن سلَّموا وجب الرد عليهم بقولنا (وعليكم).
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (97)، واللفظ له، ومسلم برقم (154).
ولا يجوز تهنئتهم بأعيادهم، ويُمنعون من بناء الكنائس والبِيَع والمعابد، ومن إظهار خمر وخنزير وناقوس، وجهر بكتابهم، ومن تعلية بنيان على مسلم ونحو ذلك.
ويحسن إكرامهم والإحسان إليهم بالقول والفعل رجاء إسلامهم.
قال الله تعالى: {لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ (8)} [الممتحنة/ 8].
- حكم القيام للقادم:
يجوز القيام للمسلم القادم إجلالاً له وإكراماً، أو إعانة.
ويجوز القيام إليه بالمشي خطوات إجلالاً وإكراماً له.
أما القيام على الشخص وهو جالس فلا يجوز إلا إذا كان في ذلك حماية له، وإغاظة للمشركين كما فعل المغيرة بن شعبة رضي الله عنه حين قام على رسول الله صلى الله عليه وسلم وقريش تراسله في صلح الحديبية.
- متى ينتقض عهد الذمي:
1 -
ينتقض عهد الذمي ويحل دمه وماله إذا أبى دفع الجزية، أو لم يلتزم أحكام الإسلام، أو تعدى على مسلم بقتل، أو زنى، أو قطع طريق، أو تجسس على المسلمين، أو ذكر الله أو ذكر رسوله أو كتابه أو شريعته بسوء.
2 -
إذا انتقض عهد الذمي بما سبق صار حربياً، يُخير فيه الإمام بين القتل، أو الاسترقاق، أو المنّ بدون شيء، أو الفداء حسب المصلحة.
- عقد الأمان:
يجوز تأمين الكافر لمدة محدودة حتى يبيع تجارته، أو يسمع كلام الله ويرجع ونحو ذلك من كل مسلم، بالغ، عاقل، مختار، ما لم يُخش ضرره، ويصح من الإمام لجميع المشركين.
فإذا أُعطي الكافر العهد حَرُم قتله، وأسره، وأذيته.
قال الله تعالى: {وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَعْلَمُونَ (6)} [التوبة/6].
- حكم بقاء الكفار في جزيرة العرب:
لا يجوز إقرار اليهود والنصارى وسائر الكفار في جزيرة العرب للسكنى، أما على وجه العمل فيجوز للضرورة بشرط أن نأمن شرهم، ولا يوجد غيرهم.
1 -
عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أَخْرِجُوا الْمُشْرِكِينَ مِنْ جَزِيرَةِ الْعَرَبِ» . متفق عليه (1).
2 -
وعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
أخرجه مسلم (2).
- حكم دخول الكافر المسجد:
1 -
لا يجوز للكفار دخول حرم مكة؛ لقول الله عز وجل: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلَا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ إِنْ شَاءَ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (28)} [التوبة/28].
2 -
لا يجوز للكفار دخول مساجد الحل إلا بإذن مسلم لحاجة، أو مصلحة.
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (3053)، ومسلم برقم (1637).
(2)
أخرجه مسلم برقم (1767).
- إثم من قتل معاهداً بغير جرم:
عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «مَنْ قَتَلَ مُعَاهَداً لَمْ يَرَحْ رَائِحَةَ الجَنَّةِ، وَإنَّ رِيحَهَا يُوْجَدُ مِنْ مَسِيرَةِ أَرْبَعِينَ عَامَاً» .
أخرجه البخاري (1).
- حكم بناء الكنائس والبِيَع:
المساجد بيوت الإيمان، والكنائس والبِيَع بيوت الشرك والكفر، والأرض للهِ عز وجل.
وقد أمر الله ببناء المساجد وإقامة العبادة فيها للهِ، ونهى عن كل ما يُعبد فيه غير الله.
لهذا يحرم بناء معابد الكفر والشرك؛ لما في بنائها من إقرار الباطل، واظهار شعائر الكفر، والتعاون على الإثم والعدوان، وغش الخلق.
1 -
قال الله تعالى: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ (2)} [المائدة/2].
2 -
وقال الله تعالى: {وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ (85)} [آل عمران/85].
(1) أخرجه البخاري برقم (3166).