الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
23 - الوقف
- الوقف: هو تحبيس الأصل، وتسبيل المنفعة؛ طلباً للثواب من الله عز وجل.
- حكمة مشروعية الوقف:
يَرْغب مَنْ وَسَّع الله عليهم من ذوي الغنى واليسار أن يتزودوا من الطاعات، ويكثروا من القربات، فيجعلوا شيئاً من أموالهم العينية مما يبقى أصله وتستمر منفعته وقفاً؛ خشية أن يؤول بعد الموت إلى من لا يحفظه ولا يصونه، لذا شرع الله الوقف.
- حكم الوقف:
الوقف مستحب، وهو من أفضل الصدقات التي حث الله تعالى عليها، وأجلّ أعمال القُرَب والبر والإحسان وأعمّها وأكثرها فائدة، وهو من الأعمال التي لا تنقطع بعد الموت، ويصح بكل قول أو فعل يدل عليه.
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إذَا مَاتَ الإنْسَانُ انْقَطَعَ عَنْهُ عَمَلُهُ إلَّا مِنْ ثَلاثَةٍ إلَّا مِنْ صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ، أَوْ عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ، أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَهُ» . أخرجه مسلم (1).
- شروط صحة الوقف:
يشترط لصحة الوقف ما يلي:
1 -
أن يكون في عين معلومة يُنتَفع بها مع بقاء عينها.
2 -
أن يكون على بر كالمساجد، والقناطر، والأقارب، والفقراء.
3 -
أن يقف على معين من جهة كمسجد كذا، أو شخص كزيد مثلا، أو صنف كالفقراء.
4 -
أن يكون الوقف مؤبداً، مُنَجَّزاً غير مؤقت ولا معلَّق إلا إذا علَّقه بموته.
(1) أخرجه مسلم برقم (1631).
5 -
أن يكون الواقف ممن يصح تصرفه.
- ما ينعقد به الوقف:
ينعقد الوقف بالقول كأن يقول: وَقَّفت، وحَبَّست، وسَبَّلت ونحوها.
ويصح بالفعل كمن بنى مسجداً وأَذِنَ للناس بالصلاة فيه، أو مقبرة وأَذِنَ للناس بالدفن فيها.
- صفة التصرف في الوقف:
يجب العمل بشرط الواقف في جمع، وتقديم، وترتيب ونحوها ما لم يخالف الشرع، فإن أطلق ولم يشترط عُمِل بالعادة والعرف ما لم يخالف الشرع، وإلا فهم سواء في الاستحقاق.
- ما يشترط في العين الموقوفة:
يشترط في العين الموقوفة المنفعة دائماً من عقار، وحيوان، وبستان، وسلاح، وأثاث ونحوها، وأن تكون مباحة النفع.
ويستحب أن يكون الوقف من أطيب المال وأحسنه.
- كيف يُكتَب الوقف:
عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: أصاب عمر بخيبر أرضاً، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: أَصَبْتُ أَرْضاً لَمْ أُصِبْ مَالاً قَطُّ أَنْفَسَ مِنْهُ فَكَيْفَ تَأْمُرُنِي بِهِ؟ قَالَ: «إنْ شِئْتَ حَبَّسْتَ أَصْلَهَا وَتَصَدَّقْتَ بِهَا» فَتَصَدَّقَ عُمَرُ أَنَّهُ لا يُبَاعُ أَصْلُهَا وَلا يُوْهَبُ وَلا يُوْرَثُ، فِي الفُقَرَاءِ وَالقُرْبَى وَالرِّقَابِ وَفِي سَبِيلِ الله وَالضَّيْفِ وَابْنِ السَّبِيلِ، لا جُنَاحَ عَلَى مَنْ وَلِيَهَا أَنْ يَأْكُلَ مِنْهَا بِالمَعْرُوفِ أَوْ يُطْعِمَ صَدِيقاً غَيْرَ مُتَمَوِّلٍ فِيهِ. متفق عليه (1).
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (2772) واللفظ له، ومسلم برقم (1632).
- أحكام الوقف:
1 -
إذا وقف على جماعة يمكن حصرهم وجب تعميمهم، والتساوي بينهم، فإن لم يمكن جاز التفضيل والاقتصار على بعضهم.
2 -
إذا وقف على أولاده، ثم على المساكين، فهو لأولاده الذكور والإناث وأولادهم وإن نزلوا للذكر مثل حظ الأنثيين، فإن كان لبعضهم عيال، أو به حاجة، أو عاجزاً عن الكسب، أو خص ذا الدين والصلاح بالوقف فلا بأس.
3 -
إذا قال: هذا الوقف وقف على أبنائي أو بني فلان اختص بالذكور دون الإناث إلا أن يكون الموقوف عليهم قبيلة كبني هاشم ونحوها فيدخل النساء مع الرجال.
- الحكم إذا تعطلت منافع الوقف:
الوقف عقد لازم لا يجوز فسخه، ولا يباع، ولا يوهب، ولا يورث، ولا يرهن، فإن تَعَطَّلت منافعه بخراب أو غيره، وجب بيعه، ويصرف ثمنه في مثله كالمسجد تتعطل منافعه يباع وينقل لمسجد آخر؛ حفظاً لمصلحة الوقف، ما لم يترتب على ذلك مفسدة، أو مضرة لأحد.
- حكم تغيير صورة الوقف:
يستحب تغيير صورة الوقف إذا تعطلت بعض منافعه للمصلحة كجعل الدور حوانيت، والبساتين دوراً، ونفقة الوقف من غلته ما لم يشترط من غيرها، وتجوز مخالفة نص الواقف إلى ما هو أصلح وأنفع وأحب إلى الله تعالى.
- ناظر الوقف:
إذا لم يعين الواقف ناظراً للوقف، فالنظر يكون للموقوف عليه إن كان معيناً، وإن كان على جهة كالمساجد، أو مَنْ لا يمكن حصرهم كالمساكين، فالنظر على الوقف للحاكم.
- أفضل أبواب الوقف:
أفضل أبواب الوقف ما عمَّت منفعته المسلمين في كل زمان ومكان.
كالوقف على المساجد .. ودور العلم الشرعي .. وطلبة العلم .. والمجاهدين في سبيل الله عز وجل .. والأقارب .. وفقراء المسلمين وضعفائهم .. والأيتام والأرامل .. والعيون وآبار الماء .. والمزارع والبساتين ونحو ذلك.
- الوقف أصل ثابت يجوز دفعه إلى آخر يقوم بتعميره من ماله بنسبة معينة من الرَّيع.
- حكم زكاة الوقف:
الوقف له حالتان:
الأولى: أن يكون الوقف على جهة تستحق الزكاة كالفقراء، والمساكين، فهذا لا زكاة فيه.
الثانية: أن يكون الوقف على جهة لا تستحق الزكاة، فهذا بمجرد صرف الأموال لكل واحد من الموقوف عليهم يستقبل به الحول، ثم يزكيه إذا حال عليه الحول، وبلغ النصاب.
- حكم وقف الكافر:
الوقف قربة يتقرب بها العبد إلى الله عز وجل.
ويصح الوقف المشروع من الكافر، لكن يثاب على صدقاته في الدنيا، ولا حظ له من الثواب في الآخرة؛ لكفره المانع من قبول عمله.
عن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ مُؤْمِنًا حَسَنَةً يُعْطَى بِهَا فِي الدُّنْيَا وَيُجْزَى بِهَا فِي الْآخِرَةِ وَأَمَّا الْكَافِرُ فَيُطْعَمُ بِحَسَنَاتِ مَا عَمِلَ بِهَا لِلَّهِ فِي الدُّنْيَا حَتَّى إِذَا أَفْضَى إِلَى الْآخِرَةِ لَمْ تَكُنْ لَهُ حَسَنَةٌ يُجْزَى بِهَا.»
أخرجه مسلم (1).
(1) أخرجه مسلم برقم (2808).