الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مقدمة معجم أسر القصيم:
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسوله محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد:
فهذا كتاب يتضمن الحديث عن الأسر التي تسكن في منطقة القصيم في هذا العهد.
كانت الفكرة الأولى لتأليفه قد انبعثت من تأليف كتابي: (معجم بلاد القصيم) الذي طبع في ستة مجلدات.
فكنت قد أزمعت أن أتكلم على كبار الأسر التي تقطن في البلد الذي أتكلم عليه من بلدان القصيم في المعجم غير أن معجم بلدان القصيم قد بلغ حجمًا جعله لا يقبل الزيادة، إذ ما عسى أن يكون حجم كتاب في ستة مجلدات، إذا أضيف إليه كتاب في مثل حجمه، أو فيما يقارب ذلك؟
إضافة إلى أن الحديث عن الأسر وأنسابها وأصولها وفروعها، وتراجم الشخصيات التي تستحق الترجمة منها، مما يقتضي تحقيقه والتحقق من ذلك وقتًا طويلًا قد يؤخر إصدار معجم بلاد القصيم.
لذلك رأيت تجريد معجم البلدان من هذا الموضوع وتخصيص كتاب آخر لما يتعلق بالأسر وهو هذا، وأسميته:(معجم أسر أهل القصيم).
قد يقول قائل، أو يتساءل متسائل: ماذا يستطيع مؤلف أن يقدمه في هذا الموضوع الذي لا يوجد فيه مرجع مكتوب لا من كتاب مخطوط ولا مطبوع إلَّا نتفًا هي إلى الإخلال والغموض أقرب منها إلى الاستيعاب والوضوح؟
لاسيما في منطقة مثل منطقتنا كان أكثر العلماء فيها يرون الاشتغال بالتاريخ والشعر والأدب الذي لا يتصل بسبب وثيق بأمور الدين حسب تقديرهم من لغو القول، بل من حشوه الذي يشغل عن العلم الصحيح علم أصول الدين وفروعه، وبعضهم يكره الكلام فيه لأنه يتصل بالحديث عن أحوال الناس التي يفهم منها هو أنها من أعراضهم المنهي عن الكلام فيها.
ثم إنَّ هناك شيئًا مهما آخر وهو أن أكثر الناس من العامة إذا طلب المرء منهم أن يحدثوه عما يتصل بأسرهم أو أخبارهم نظروا إليه شزرًا، وربما ظن بعضهم به شرًّا، إذ يسأل الواحد منهم نفسه عما يكون وراء ذلك السؤال، فإذا لم يرد سائله بصريح المقال فإنه قد يقول له بلسان الحال: مالك ولهذه الأمور التي هي من شأننا وحدنا؟ ونحن مثلما أننا لا نهتم بأمور الناس فإن الناس لا يهتمون بأمورنا.
وقد يقول قولًا آخر: وهو ماذا يستفيد الناس من هذا الأمر؟ وما الذي يفيدنا نحن منه؟ وقد يقول ما هو أبعد من ذلك: ماذا عسى أن يكون مراد هذا السائل؟ ألا يخشى أن يتخذ ما يعرفه من أمورنا سلمًا للقدح فينا؟
وتلك قولة قالها أو قال أختًا لها أخ له من قبل، عندما أقدمت على البدء في تأليف كتاب "معجم بلاد القصيم" فكان جوابي عليه في ذلك الحين: إننا إذا كتبنا شيئًا من لا شيء كان ذلك خيرًا من أن نضيف لا شيء إلى لا شيء، إذا كان السلب يصح أن يكون إضافة.
أما بعد أن خرج كتاب (معجم بلاد القصيم) إلى حيز الوجود، فإنني لا أحتاج إلى أن أجيبه بغير أن أقدم له نسخة منه وأدعه يحكم عليه بنفسه.
واليوم أجدني في مقام أنا أحوج فيه إلى أن أمرر ذلك على مسامعه أو مسامع أخيه في القول فأقول: إننا إذا كتبنا شيئًا في معجم الأسر فإنه خير من
لا شيء، أما إذا وفقنا إلى أن نكتب شيئا له قيمته، فإن ذلك هو ما نصبو إليه، وأما بلوغ الغاية في التأليف، فإنني لا أصبو إليه في مبدأ التأليف، وخاصة إذا كان الموضوع غير مطروق والكتاب بكرًا في بابه.
فلبنة أو لبنات تضعها أنت تكون صالحة لأن يأتي بعدك غيرك فيضع فوقها لبنات أخرى، ويأتي آخر فيضيف إلى تلك اللبنات غيرها مثلها، حتى يكتمل بناء الصرح المطلوب من المعلومات، تعتبر إسهامًا منك في بناء هذا الصرح
هذا هو ما حفزني على الإقدام على التأليف في هذا الموضوع لاسيما بعد أن ذكرت ذلك لقراء "معجم بلاد القصيم"، فأصبح بمثابة الوعد اللازم الإنجاز أو الدَّين الواجب الوفاء.
وحتى لو لم يكن ذلك كذلك فإنه لمن ضريبة الكتابة على من يجدون في أنفسهم الأهلية للكتابة أن يسهموا بأقلامهم في حفظ معلومات على وشك أن تضيع، بل هو في الحقيقة إنقاذ لها من التلاشي، وذلك بأن جيلنا الذي عاصر عهدًا مضى، ولحق بعهد حاضر ورأى الفرق بين العهدين يكاد يكون في بعض الميادين الفرق بين النقيضين لهو جدير بأن يكون تسجيله لها أدق، ورأيه في الفرق بينهما أصوب.
وقد حرصت على تسجيل الآثار الشعرية للمترجمين في هذا الكتاب، وإن كان بعضها ليس من الجودة بالمكان الذي أراه.
ذلك بأنني هنا مسجل ولست منتقيًا، فتسجيل الأشعار هنا مثل تسجيل الأخبار، التي قد يوافق المرء على ما سجله منها، وربما لا يوافق، ولكنه يسجلها من باب العلم بها، والإطلاع على مدلولاتها، وبغية أن يجد من يأتي بعده يريد أن يبحث فيها وفي دلالاتها بعض ما يبغي ويريد.
وذلك على أية حال ربما يوضح العقلية التي كانت سائدة عندنا في تلك الأخبار أو من يقبلونها ويروجونها.
ونظرًا إلى أن الأمية كانت فاشية خلال أكثر العصور التي نسجل فيها حيوات أهل القصيم أو بعض تلك العصور فإن من الطبيعي أن تكون الأشعار العامية أغلب عند أهلها من الأشعار الفصيحة، وذلك لأن الشعر فيض الشعور واللغة أداة التعبير عنه، واللغة العامية هي التي لا يحسن أكثرهم غيرها، ولا يملكون من زمام القول وتصريفه إلَّا ما كان منها.
أما اللغة الفصحى فهم لا يفهمونها حق الفهم، أو لا يعلمون مجازاتها ومناحي القول فيها حق العلم، ولو علموا ذلك وأتقنوه لما استطاعوا أن يتيقنوا أنهم إذا قالوا ما كانوا يريدون أن يقولوه باللغة الفصحى يكون مفهومًا للعامة حق الفهم، ومعلومًا لديهم كل العلم.
فلا يكون أمامهم - والحالة هذه - سواء أكان ذلك عن روية وتفكير أو عفو الخاطر من دون تدبير أو تقدير، إلَّا نظم الشعر باللغة العامية.
والشعر كما هو ديوان العرب في الفصحى يسجلون فيه مفاخرهم ومثالب أعدائهم ومخالفيهم، فإن الشعر العامي مثل ذلك تمامًا عند من يفهمه حق الفهم، ويهضمه فكره كل الهضم.
وهو أدل على ما ذكرناه وعلى غيره مما يدل عليه الشعر بأية لغة من اللغات من الشعر الفصيح الذي لا يأتي عفو الخاطر، ولا يولد ابنًا للسليقة، وإنما يتعلمه ناطقه تعلمًا، وقد ينظمه تكلفًا.
لذلك كان تسجيل الشعر العامي وهو الشعر الوحيد لدى أكثرهم أمرًا لازمًا لمن يريد أن يسجل الحركة العقلية لدى الذين يترجم لهم من العوام وأشباه العوام.
على أن هذا لا يمنع من أنني أسجل الشعر الفصيح إذا وجد، حتى وإن لم يكن على المستوى الذي أعتقد أنه يجب أن يكون الشعر الجيد عليه.
فلو لم يكن في تسجيل مثل هذه الأشعار إلَّا بيان حالة الشعر في تلك الفترة على ألسنة أولئك القوم الذين أترجم لهم لكان ذلك مبررًا كافيًا.
على أن الذي أبعدت نفسي عنه، وأرجو أن أبرأها لدى القارئ منه هو أنني لا أستمع إلى القول فأتبع أسوأه، فلا أترك الجيد وأختار الردئ بل العكس هو الصحيح إلَّا عندما يكون شعر شاعر كله من النوع الذي أعتبره رديئًا فإنني أختار الرد على الأردأ مضطرًا.
أما ترتيب الأسر المتماثلة الأسماء فإنني لا اتبع فيه طريقة معينة، فليس التقديم بالأفضلية بالنسب أي لمجرد كون الأسرة محفوظة النسب إلى قبيلة عربية يثبت لها في حد ذاته وبدون أية مزية أخرى التقديم على غيرها في الذكر.
فإذا ذكرت - مثلًا - أسرة وتكلمت عليها ثم ذكرت بعدها أسرة أخرى تماثلها في التسمية - وقلت عنها: أسرة أخرى فإنه ليس معنى هذا أنها أقل قدرًا من الأولى عندي أو عند من نقلت عنه خبرها، وإنما ذلك يكون لأحد أمرين هما: كوني بدأت بكتابة الأسرة الأولى قبل كتابة الأسرة الثانية والثالثة، إن وجدت، أو لكون الأسرة الأولى أكبر شهرة، أو أكثر عددًا في الأفراد، وإنما قولي عن التي تليها أسرة أخرى فهو لبيان التمييز بين الأسرتين من ناحية، ولكي استغني عن ضبط هذا الاسم المماثل وتكرر شرح اشتقاقه من ناحية أخرى.
وكذلك ما يتعلق بالأسر الأخرى التي تكون من بلدين أو أكثر من بلدين ويجمع بينها اسم واحد، فإذا كانت هناك أسرة تسمى مثلًا (الغانم) في بلد أو قرية، وأخرى تسمى بالاسم نفسه في بريدة - مثلًا - وثالثة في قرية أخرى .. الخ، فإنني لا ألتزم بذكر التي من بريدة أولًا على اعتبار أن بريدة أكبر من
غيرها في الوقت الحاضر أو لكونها قاعدة منطقة القصيم.
وذلك لأنني لا أقول بفضل أهل مدينة، أو قرية على أخرى في هذا الأمر، أو بأحقية قرية بالتقديم قبل القرى الأخرى، وإنما التقديم عندي يكون إما بالشهرة وكثرة الأفراد، أو محض مصادفة مبنية على كوني كتبت عن أسرة قبل أخرى بسب توفر المعلومات عنها عندي أكثر من التي تليها.
وهذا النوع من التأليف غير معروف في بلادنا.
ولذلك يمكن القول بأن هذا الكتاب هو الأول من نوعه في نجد، إن لم نقل في جزيرة العرب.
وحتى في البلدان العربية الأخرى خارج الجزيرة العربية، لم أقف على مثله في الطريقة والأسلوب وشموله لكافة الأسر التي تسكن في المنطقة.
وإنما كان المألوف هو التأليف في كتب الأنساب لذلك كان عدد من الناس يسألونني عنه قائلين:
ما فعل كتاب الأنساب؟
فأصحح كلامهم قائلًا لهم:
إنه ليس كتاب أنساب، وإنما هو كتاب في بيان الأسر القصيمية، وتسجيل الطائفة من المعلومات المتعلقة بها.
وما فيه من ذكر الأنساب إنما هو جزء من تلك المعلومات سبيله في الذكر سبيل المعلومات الأخرى.
وآخرون وبخاصة من طلبة العلم يسألونني على سبيل الرثاء والشفقة قائلين:
كيف تفعل بالأسر التي ليس لها أنساب عربية محفوظة؟
وكيف خلاصك من ذكر أسَر أنسابها ضائعة؟
وماذا تفعل لبني فلان الذي ينتسبون إلى بني فلان ويعرف ذوو النظر أن نسبتهم تلك غير صحيحة؟
حتى بالنسبة إلى الأسر المحفوظة الأنساب والتي لم يتكلم متكلم في أنسابها ولكن الأخبار المؤكدة والتفصيلات التي تبين أنسابهم غير معروفة لأنهم لم يكونوا يهتمون بذلك، لغلبة الأمية عليهم، أو لعدم وجود مؤرخ في منطقتهم وهو أمر كان هو الأصل الغالب في هذه المنطقة.
وبعضهم يسأل أسئلة كثيرة من هذا القبيل، أو ما كان قريبًا منه.
فأجيبهم: بأن هذا الكتاب ليس كتاب أنساب يركز بحثه على أنساب الناس وبخاصة من كانوا ذوي أنساب عربية محفوظة.
وإنما هو كتاب في أحوال الأسر القصيمية وذكر الأنساب فيها على اعتبار أنها من المعلومات عن تلك الأسر.
لذلك تجدني لا أجد صعوبة حينما أمر بذكر أسرة ليس لها نسب محفوظ إلى قبيلة عربية أو بذكر أسرة لها نسب معروف لغير العرب، أو بذكر أسرة تزعم لنفسها نسبًا في القبائل العربية والعارفون بالأمر لا يقرونها على ذلك.
فالأمر في هذا الموضوع مثل الأمور الأخرى المتعلقة بأحوال الأسر، ما وصل إليَّ منها أثبته، وما لم أعرفه ضربت صفحًا عنه.
إلَّا ما كان من قبيل المثالب والعيوب فإنني لا أتبعه ولو بلغني، فكتب المثالب والمعائب كانت موجودة في القديم، ونقل عنها المؤرخون والكاتبون في التراجم إبان ازدهار الحضارة العربية في العصر العباسي، ولكن لو كان لنا من الأمر شيء من تلك الأمور في سالف العصور لما تركناهم يكتبون مثل ذلك، لأنه تبين من الدراسة أن بعض المعائب والمثالب إنما هي تشنيع وتجريح ليس منه شيء صحيح، وحتى لو كان صحيحًا، فإن ذكر الصحيح من المزايا والمناقب يكفي عنه، وهو أصلح إلى أن يكون بديلًا منه.
وآخرون قالوا لي، ومنهم أناس من ذوي الأنساب المعروفة: لماذا تذكر الأنساب؟
وهل لها قيمة في هذا الزمان الذي يبتعد فيه الناس في بلادنا عن حياة البداوة إلى حياة التمدن؟ وقد أخذ التعليم ينتشر في الناس حتى في أوساط النساء.
فصار الأثر والأهمية فيه هو لجهود المرء الشخصية، وصارت المكانة في الوظائف والأعمال مبنية على الأهلية، وصار النسب - تبعًا لذلك - لا قيمة له، وأنت ترى الأنساب في مدن الحضارة الكبيرة لا أهمية لها، وقد تناساها الناس حتى نسوها.
فأجيبهم بأن ما ذكرتموه وحاولتم أن تجعلوه مانعًا لي من ذكر الأنساب في هذا الكتاب هو في الحقيقة مقتض وليس مانعًا، فلولا ما ذكرتموه من استهانة الناس بالأنساب في الوقت الحاضر؟ ومن أن الأنساب قد أصبحت ليست لها أهمية عند كثير منهم لما حرصت على ذكرها.
ذلك بأنها الآن تمر بمرحلة بين مرحلتين هما مرحلة الاهتمام بها لما لها من أثر على حياة الشخص ونسله، لأن أهل نجد وربما أهل البدو أو الحضر القريبين من البدو في العادات والأعراف كانوا إذا ضيم أحد منهم استنجد بجماعته ففزعوا له وفرجوا عنه كربته وأبعدوا عنه ضيمه.
وكان بعضهم إذا ركبه دين، أو تحمل حَمالة وجد في أبناء قبيلته من يشاركه ذلك الحمل.
والمرحلة الثانية التي لم يحن بعد وقتها آتية بدون شك ما لم تحدث أمور غير متوقعة قد تعود بالجزيرة العربية إلى سابق عهدها من شظف العيش والعزلة عن العالم الخارجي.
وتلك المرحلة هي مرحلة إهمال الأنساب بل الهزء والسخرية ممن يتمسك بها، إذ سيكون المجهود الشخصي وعلاقات الصداقة الفردية هي التي
تحكم العلاقات بين الأشخاص.
وطبيعي أن هذا الكلام لا يعني إلغاء علاقة القربى وصلة الرحم، وإنما المراد منه أن العصبية القبلية وفائدة الصلة بالنسب ستنقطع.
وحينذاك تضيع تلك المعلومات المتعلقة بالأنساب وتنسى كما نسي جزء كبير من تراثنا الشعبي، ومعارفنا في الجزيرة العربية التي طمرها الجهل خلال قرون طويلة.
حتى أصبحنا مثلًا لا ندري شيئًا عن اللغة التي كان يتكلم بها أسلافنا في القرن السابع الهجري، وقد قيل لنا إنها عامية لأن العربية الفصحى قد دخلها اللحن منذ أواخر القرن الأول الهجري.
فإذا سلمنا بذلك فإننا نسأل عن اللغة العامية التي كان يتكلم بها سكان الجزيرة العربية في عدة قرون منها القرن السابع: أهي عاميتنا هذه؟ أم هي الفصيحة دخلها اللحن فقط، وأبقى الزمن على الطابع الفصيح فيها في متون الكلمات والتعبيرات اللغوية، وفي صياغة الجمل الكلامية؟
هذا مع الإشارة إلى أنه ثبت لنا من كلام بعض العلماء الثقات من اللغويين مثل أبي منصور الأزهري أن طائفة من الأعراب من بين تميم وغيرهم كانوا يتكلمون بالفصحى حسبما سمعهم ورآهم في أواخر القرن الثالث الهجري.
على أية حال فإن هذا استطراد ينبغي أن لا يشغلنا عن القول بأن الهدف من تأليف هذا الكتاب وما فيه من الأنساب والأشعار والحكايات إنما هو في المقام الأول حفظ طائفة من المعلومات المهمة من أدبنا وتاريخنا من الضياع، والقصد من وراء ذلك هو العلم والعلم وحده، وليس هو مدح قوم دون قوم، أو ذم قوم آخرين.
وليس هو أيضًا طلبًا لأي مغنم دنيوي أو دعوى للمؤلف، لأن المؤلف كتب هذا الكتاب بعد أن أتم ما طبع له من الكتب زيادة على مائة وخمسة وخمسين مجلدًا، ومنها شيء يتعلق بالقصيم نفسه، وهو (معجم بلاد القصيم).
بقيت كلمة في هذا الموضوع يحسن الهمس بها في آذان بعض إخواننا من بني جماعتنا أهل القصيم، وإن لم يكن الهمس بها فليكن الجهر والإعلان، وهي أن بعضهم ربما يصاب بخيبة أمل عندما يقرأ اسم أسرته أو الخبر عن آبائه وأجداده، فيجد ذلك مختصرًا مقتصرًا على ذكر الاسم واللقب، وشيء معهمًا لا يخرج عن ذلك كثيرًا، وكان يتوقع أن يسمع عن ذلك ما لم يكن سمع به هو ولا أقاربه الأدنون الذين يعرفهم ويستطيع أن يتحدث إليهم.
فيصم صاحب الكتاب بالقصور أو التقصير إن لم يتهمه بالتجني والقصد غير النزيه في عدم التبسط والتوسع في ذلك.
وإنني أقول له: مهلا يا صاحبي وينبغي أن تضع في ذهنك أن صاحب هذا الكتاب كالقانص الذي إذا دخل أرضًا ووجد فيها صيدا فإنه ينصب حبالته أو يرسل سهامه، أو لنقل بندقه - إن شئت - يحاول أن يصطاد وهو إذ يفعل ذلك قد يكون ذا حظ عظيم فيجد كثيرًا ويصطاد منه كثيرًا.
وقد يكون سيئ الحظ فلا يجد صيدًا أبدًا، وقد يكون الأمر بخلاف ذلك إذ يجد الصيد ولكنه لا يستطيع أن يصطاد منه.
والصيد هنا هو الأخبار المهمة عن الأسرة، وذكر رجالاتها، وبيان وفياتهم، فضلًا عن الكلام على حيواتهم، وما قالوه أو خلفوه من شعر أو نثر أو حتى طرفة أو حكاية.
ونضرب له مثلًا من نفسك، فأنت إذا كنت لا تعرف أنت ولا أقاربك الأدنون عن أسرتك وبني عمومتك، وربما بنوا آبائك شيئًا يشفي عليلك أو يروي غليلك من أخبار أهلك كيف تطلب من الكاتب أو من غيره أن يجد من ذلك ما تريده أنت؟ وقد تكون أنت تريد منه شططًا ولا تكتفي منه بما يكتفي به غيرك.