الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الأمير عبد الله بن عبد العزيز بن عبدوان:
وعبد الله بن عبد العزيز بن عبدوان كان حقه أن يذكر قبل هذا لأن الإمام فيصل بن تركي رحمه الله كان عينه أميرًا في بريدة عندما غضب على الأمير عبد العزيز بن محمد في عام 1275 هـ.
وظهر من تعيينه أن الإمام فيصلًا قد أيس من أن يجد شخصًا من آل حسن الذين هم أصحاب سابقة في الصدق وضبط الأمور مثل عبد الله بن حسن وحجيلان بن حمد فاتجه إلى الفرع الثاني من آل أبو عليان الذين هم ينازعون فرع الحسن على الإمارة وآخر أمرائهم هو الأمير القوي الصلب راشد بن حمود الدريبي
وحق عبد الله بن عبدوان أن يذكر قبل هذا لأن ولايته كانت في عام 1275 هـ. ولكنها كانت في أثناء حياة الأمير عبد العزيز بن محمد الذي أعاده الإمام فيصل إلى الإمارة بعد ذلك وبقي فيها حتى سنة 1277 هـ حيث قتل وبعض أبنائه في الشقيقة كما مر ذكر ذلك قريبًا.
وربما لم يكن الإمام فيصل يدرك قوة فرع الحسن وكونهم لن يصبروا على أن يتولى الإمارة أمير من فرع الدريبي خصومهم على الإمارة من سالف الزمان.
لذلك لم تطل مدة إمارة عبد الله بن عبد العزيز بن عبدوان على بريدة، بل قتله أبناء عمه من الفريق الثاني فريق آل حسن.
وبهذا اتضح ما سبق أن قلناه من كون أمراء القصيم كان لهم استقلال ذاتي داخلي كامل، إذ لم نعرف أن الإمام فيصل استدعى قتلة ابن عبدوان واقتص منهم أو عاقبهم على قتله، وإنما كان ذلك بموجب خصومة من ورثة عبد الله بن عبدوان على الذين قتلوه يطالبونهم بديته، وقد نجحوا في ذلك، كما
سيأتي ذكره في حرف العين عند ذكر (العدوان) بإذن الله.
وكل الذي سمعناه في هذا الصدد أنه بعد أن أعاد الإمام فيصل (عبد العزيز بن محمد) إلى الإمارة بعد مقتل عبد الله بن عبدوان أن أخذ على عبد العزيز بن محمد أنه قرب قتلة ابن عبدوان مع أنه هو الذي كان عينه على الإمارة.
لقد كان (عبد الله بن عبدوان) بشهادة الذين أدركوه رجلًا جديرًا بالإمارة لأنه عاقل منصف قوي الشخصية بعيد عن الجور والحيف، ولكن كل تلك الصفات لم تمنع أبناء الفريق الثاني من آل حسن من أن يقتلوه حذرًا من أن ينجح في الإمارة فتخرج عن فرعهم.
وقد نجحوا هم في مسعاهم ذلك، إذ أعاد الإمام فيصل تعيين الأمير عبد العزيز بن محمد أميرًا على بريدة بعد مقتل عبد الله بن عبدوان.
وبذلك عادت الإمارة إلى فرع (آل حسن).
وكان عبد الله بن عبدوان مثل سائر الذين خرجت منهم الإمارة أو لم يكونوا قريبين ممن تولاها يعمل في الفلاحة مثلما يعمل غيره من الناس، إلا أن آل أبو عليان كانت لآبائهم أملاك محدودة الغلة وكانت لهم أوقاف ينتفعون بها.
ومن ذلك ما نقل لنا عنه أن التغيرة، التي عمرها في عصر الخمسين من القرن الماضي إبراهيم بن محمد البلهيبي وصالح الطويان كانت للأمير عبد الله بن عبدوان، وكانت أرضها صخرية مما يستدعي أن يستجلب حديد قوي لحفر البئر فيها حسب ما هو معروف في هذا الصدد.
وكان يعتزم أن يشتري حديدًا قويًّا من البحرين لهذا الغرض فكان يقول بعدما تولى إمارة بريدة: الله لا يبارك بها الإمارة اللي ردتني عن تعمير التغيرة، من أول أبي أجيب لها حديد من البحرين ولكن لم أستطع.
هذا وقد طالب ورثة عبد الله بن عبد العزيز بن عبدوان قتلته بدفع ديته ورفعوا أمرهم إلى القاضي فحكم بالدية عليهم وأن تتحملها عاقلة الأقوام التي اشترك أفراد منهم في قتله.
ودفع المتهمون بقتله تلك الدية كاملة، وسوف يأتي تفصيل ذلك في ترجمة عبد الله بن عبدوان عندما أذكر أسرته (العدوان) في حرف العين بإذن الله.
وقد أدركت ابنه عبد العزيز شيخًا كبيرًا كان صديقًا حميمًا لوالدي رحمهما الله، وذكرت زيارة والدي له وأنا طفل معه في كتاب (رحلات في البيت).
إن قتل الأمير عبد الله بن عبدوان قد تم غيلة، إذ هجم عليه القتلة وهو في قهوة صديقه الضبيعي، فقتلوه.
وقد أوضح المؤرخون مقتله وأنه في عام 1267 أي في السنة التي تلت السنة التي تولى فيها الإمارة، وذكروا أسماء الذين اشتركوا في قتله تفصيلًا.
قال الشيخ إبراهيم بن عيسى رحمه الله (1):
وفي رجب من هذه السنة أعني سنة خمس وسبعين ومائتين وألف، كتب الإمام فيصل إلى عبد العزيز المحمد أمير بريدة أن يقدم عليه، فركب عبد العزيز المذكور وقدم على الإمام فيصل ومعه ولداه عبد الله وعلى وثلاثة من خدامه، فلما جلس عبد العزيز بين يدي الإمام انتهره، وأغلظ عليه في الكلام، وجعل الإمام يعدد عليه أفعاله القبيحة، وما حصل منه من الشقاق فقال: كل ما تقوله حق، وأنا أطلب العفو والمسامحة، فأنزله الإمام في بيت هو ومن معه، وأجرى عليهم من النفقة ما يكفيهم، وأمرهم بالمقام عنده في الرياض، وأمر في بريدة عبد الله بن عبد العزيز بن عدوان، وهو من آل عليان عشيرة عبد العزيز آل محمد المذكور (2).
(1) عقد الدرر، ص 19.
(2)
عقد الدرر، ص 18.
وقال أيضًا:
(ثم دخلت سنة ست وسبعين ومائتين وألف).
وفيها في صفر قتل عبد الله بن عبد العزيز بن عبدوان أمير بلد بريدة قتله رجال من عشيرته آل ابن عليان، وهم عبد الله الغانم وأخوه محمد، وحسن آل عبد المحسن المحمد، وأخوه عبد الله وعبد الله بن عرفج، وكان الإمام فيصل قد جعله في بريدة أميرًا، لما عزل عبد العزيز المحمد عنها وأمره بالمقام عنده في بلد الرياض، كما تقدم في السنة التي قبل هذه - وآل ابن عليان من العناقر من بني سعد بن زيد مناة بن تميم - ولما جاء الخبر إلى الإمام فيصل غضب على عبد العزيز المحمد، وأمر بحبسه، وجعل محمد الغانم أميرًا في بريدة مكان ابن عدوان، وكثر القيل والقال، وجعل عبد العزيز المحمد وهو في الحبس يكتب إلى الإمام فيصل، ويحلف له إيمانًا مغلظة أنه ليس له علم بذلك الأمر، ولا رضي به، ولو أذنت لي بالمسير إلى بريدة لأصلحت ذلك الأمر، وأمسكت الرجال الذين قتلوا ابن عبدوان، وأرسلتهم إليك مقيدين بالحديد، أو نفيتهم عن البلاد، فأمر الإمام فيصل رحمه الله تعالى بإطلاقه من الحبس، وأحضره بين يديه، وجعل يحلف للإمام ويتعلق، فأخذ الإمام عليه العهود والمواثيق على ذلك، وأذن له الإمام بالرجوع إلى بريدة، واستعمله أميرًا عليها، وعزل محمد الغانم عن الإمارة، وأمر الإمام فيصل على عبد الله بن عبد العزيز المحمد بالمقام عنده في الرياض، ولما وصل عبد العزيز المحمد المذكور إلى بريدة، قرب الذين قتلوا ابن عبدوان، وأدناهم، وكان وصوله إلى بريدة في جمادى الأولى من السنة المذكورة وجعل يكتب للإمام فيصل بأشياء مكرًا وكذبًا، فحاق به مكره، وحصل عليه ما سيأتي في السنة التي بعدها إن شاء الله تعالى (1).
(1) عقد الدرر، ص 19 - 20.