الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ابن أحمد
من أهل بريدة وكانوا قبل ذلك في القويع ومنهم أناس في المريدسية.
منهم محمد بن أحمد مات عام 1357 هـ.
ومنهم عبد الله بن محمد آل أحمد من رجال عقيل المشهورين توفي عام 1403 هـ.
ومنهم إبراهيم بن محمد الأحمد، كان قريبًا من الأمير عبد الله بن فيصل الفرحان للقيام بما يكلفه به من أعمال.
ولقب أسرتهم (الأحمد) هو من الألقاب القليلة في منطقتنا التي تلقب الأسرة باسم من الأسماء الشائعة، وقد تعجبت من ذلك، وقلت في نفسي: إنه لابد أن يكون لهذه الأسرة لقب من الألقاب المميزة مثل غيرها.
وبعد البحث والتنقيب وجدت أن لقبهم كان (العمران).
ولم أسمع ذلك منهم فالذين سألتهم منهم عن هذا الأمر لم يعرفوا منه شيئًا إلى أن وجدت ورقة مهمة فيها تلقيبهم بلقب (العمران) وهي رسمية لأن قاضي القصيم في وقته الشيخ محمد بن عبد الله بن سليم رحمه الله أثبتها، بل سجل تصديقًا عليها.
وقد أحضرها إليَّ الأخ الكريم محمد بن عبد الله بن علي الأحمد من هذه الأسرة وذكر أنها الوثيقة الوحيدة التي استطاع الحصول عليها من الوثائق المتعلقة بأسرة الأحمد.
وهي تتضمن توكيلًا أي تفويضًا من قاضي القصيم لمحمد بن عبد الله بن أحمد آل عمران على أرض مريم المحيسن وعمه عبد الله العمران، يؤجرها
ويقبض ريعها ويصرفه في مصارفه، وذلك في 6 ربيع ثاني سنة 1316 هـ ونحتها ختم الشيخ محمد بن عبد الله بن سليم المعروف.
وتحتها عقد إيجار طويل الأمد، لأنه لمدة مائة سنة تبدأ من عام 1317 هـ وآخرها يعلم من ذلك.
والمستأجر منه بل المستأجرة هي هيلة بنت عبد العزيز الخريِّف التويجري والأرض في (المريدسية) لأن الجيران المذكورين فيها هم من أهل المريدسية مثل حمد الرميحي، ومثل الشاهدين وهما سليمان المزيد من المزيد الذين تفرعت منهم أسرة الخطيب أهل المريدسية ومحمد الرميخان، ونعرفهم بصيغة النسبة (الرميخاني).
أما الكاتب فإنه معروف لنا حق المعرفة وهو عبد الله آل حسين الصالح من أسرة أبا الخيل، وسبق ذكره قريبًا.
وهذه صورة الوثيقة:
لقد كنت تعبت كثيرًا في البحث عن (آل عمران) فهم أسرة من أهل الشماس القدماء الذين هجروا الشماس رغمًا عنهم تحت ضغط الأمير حجيلان بن حمد أمير بريدة والقصيم إذ أجلاهم عنه في عام 1196 هـ.
وقد تقدم ذكر ذلك في الكلام على إمارة حجيلان بن حمد (آل أبو عليان)، والعمران عريقوا الوجود في المنطقة، وتنسب إليهم الجرية التي تقع بجانب (خب الحمر) في آخر خبوب بريدة جهة الشمال تسمى (جرية العمران) كما أن لهم وثائق تدل على أن بعضهم من أهل (القويع) مثل الأحمد هؤلاء.
وعجبت من اختفاء آثارهم واستبعدت فكرة انقراضهم، لأن منطقتنا ولله الحمد منطقة خصبة غذائيًا وتناسليًا، وانقراض الأسر فيها موجود، ولكنه ليس على نطاق واسع.
والمحير في الأمر أنه توجد أسرة أخرى اسمها (العمران) يتوهم المرء أول الأمر أنهم هم (العمران) الدواسر هؤلاء وهكذا ظننت حتى ظهر لي أنهم ليسوا (العمران) الدواسر، وإنما هم عمران آخرون يرجع نسبهم إلى الغيهب من بني زيد وأنهم جاءوا إلى بريدة من بلدة (جلاجل) في أول القرن الثالث عشر على وجه التقريب.
ولذا تساءلت: أين العمران الدواسر الذين خرجوا من الشماس إلى خبوب بريدة؟
وكان مما أشكل عليَّ أن (الأحمد) هؤلاء لم يذكر لي أحد من المهتمين منهم بأمر نسبهم، القبيلة التي تفرعوا منها، ولو ذكروا أنهم من الدواسر الوداعين لعرفنا أنهم من أهل الشماس، وربما توصلنا إلى كونهم (العمران) القدماء.
وهذا شاهد على كون جماعتنا في منطقة بريدة وما حولها قوم عمليون لا يهتمون إلَّا بالعمل وبمقومات الشخص ومؤهلاته، ولا يعولون على ذكر أصل أسرته في الأغلب وإن كان هذا لا يمكن تعميمه على جميعهم.
وسيأتي ذكر (العمران) الذين هم أصل (الأحمد) هؤلاء في حرف العين إن شاء الله تعالى.
أكبرهم سنًّا الآن ناصر بن محمد بن عبد الله بن أحمد، وأحمد هو الذي ورد ذكره والدًا لعبد الله في الوثيقة التي سجل عليها الشيخ محمد بن عبد الله السلي وأسمتهم (العمران).
عمره الآن 90 سنة تقريبًا في هذا العام - 1426 هـ -.
ومنهم الدكتور عبد العزيز بن عبد الله الأحمد متخرج من جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية كلية العلوم الاجتماعية والعربية ومُدِّرس الآن في كلية العلوم العربية والاجتماعية في جامعة القصيم - 1426 هـ، وله شعر فصيح.
ومنهم الأستاذ فهد بن عبد العزيز الأحمد مساعد المدير العام لإدارة التعليم في القصيم - 1426 هـ -.
ومنهم مدير بلدية بريدة صالح بن أحمد بن عبد الله الأحمد - 1426 هـ.
ومنهم الشاعر العامي المجيد أحمد بن ناصر الأحمد من شعره الذي يصح أن يسمى بالشعر التراثي، وإن كان جاء به على طريق الفكاهة والتندر في قصيدة فريدة مهمة، ورغم كثرة ما أورد في قصيدته من الألفاظ العامية الغريبة التي قصد إيرادها قصدا ليوضح أنها قد تركت، ونسيها الناس فإنني ذكرت جميع تلك الألفاظ في الكتب التي ألفتها في اللغة، وبينها معاجم أكبرها (معجم الألفاظ العامية) الذي يقع في 22 مجلدًا.
قال أحمد بن ناصر الأحمد العمران يخاطب أخته:
نسيتي المزح بالقبه
…
ونسيتي لعبنا الطبه
نسيتي كشختي دايم
…
بثوب دوبلين خبخبه
نسيتي غترة الململ
…
تغطيني تقل جبه
نسيت الركض بالطايه
…
لي صار بدارنا شبه
لي جابوا فضلة القرصان
…
نتسابق ودنا نلبه
نسيتي إزعاجنا لامك .. وهي بالحوش منكبه
نسيتي معلف أم العوف
…
تظفينه وأنا أكبه
نسيتي ثوبك التنتر
…
وغيظك لي انقطع حبه
لي جابت أملك الوازلين
…
نهج للحوش ما نحبه
تبي تدهن قوايمنا
…
وحنا نهوش ما نحبه
نسيتي بسطة عزيز
…
الي جا العصر بالقبه
نسيتي خرطه الماصل
…
يجيب الحكي من عبّه
نسيتي القربة الشنه
…
وماها البارد نقبه
نسيتي قولك معصقل
…
وانا أعيرك يا الدبه
نسيتي نعالنا التليك
…
هي الموتر ونلعب به
نسيتي من كثر ركضك
…
أنا مسميك يا الذبه
نستيت موعد الحنَّا
…
إلى جا صابكم خبه
نسيتي طيحتك بالليل
…
وهي ظلما وأنا السبه
نسيتي أكلنا الهبَّود
…
نتناقر والسبب حبه
وأمك لي تهاوشنا
…
تحط بعيوننا شبه
نسيتي ثوبك الكرته
…
ننكت فيه ونسبه
نسيتي كحة المذن
…
قبل ما يذن ينبه
نسيتي تريكنا المصنق
…
نغسله قبل ما نشبه
وندعي الله يا كود العنز
…
تجيب وليد نلعب به
نسيتي كيف أوصف لك
…
زمان يعلمه ربه
حلو رغم الفقر بالحيل
…
زمان راح ونحبه
نسيتي ليه ما أدري
…
دخلتي الوقت من جنبه
لك الفيديو .. لك التلفاز
…
لك المكياج ما أحبه
لك الدنيا وزخارفها
…
وعطيني حظار مع قربه
ومعهن مسفع بالي
…
وثوب السلاس والطبه
ولإيضاح ما جاء في الأبيات الثلاثة الأولى أقول: إن (القبة) التي ذكرها في البيت الأول هي في بيوتنا القديمة تشبه ما يسمى بصالة التوزيع في البيوت الحديثة، إذ تفتح إليها غرف البيت، وذلك جيد جدًّا في الشتاء، فلا تفتح غرف النوم إلى العراء، أما في الصيف فإنها تكون باردة نسبيًا لبعدها عن أشعة الشمس المباشرة.
وأما (الطبة) فإنها لعبة للبنيات الصغيرات يجمعن خرزًا من الخرز الثقيل في اليد ثم تقذفها البنت من يدها إلى أعلى مجتمعة فتقع على كفها مبسوطة فمن حصل في يدها منه أكثر فازت.
وقد نثرتها على الأرض.
البيت الثاني قوله: كشختي: اسم من قولهم فلان (كشخ) بالثوب الجديد أي البسه، وأراه الناس عليه من باب الفرح به وإظهار ذلك للناس.
و (الدوبلين): نوع من القماش كان موجودًا عندهم وخبخبة من (خبَّ الثوب) على لابسه: صار طويلًا عليه يقولون: فلان يخبخب بالثوب الفلاني أي يجر أذياله الطويلة.
البيت الثالث: الغترة معروفة وهي غطاء الرأس إذا كان أبيض. وأما (الململ) فإنه قماش خفيف بل أخف أنواع القماش كانوا يلبسونه في الصيف فغترته بيضاء خفيفة لأنها من قماش الململ، وهكذا.
ومن شعر أحمد بن ناصر الأحمد أيضًا:
زان القصيد
زان القصيد وقيمة الشعر لي زان
…
انك على اللي يعشقونه تذيعه
يقوله اللي عارف كل الأوزان
…
نظم الشعر عنده من الله طبيعة
جال النظر والفكر في كل الأوطان
…
والله ما يوجد بكل الوسيعة
دوله، سحابة خير وشجارها امان
…
دوحة رخاء في ظل حكم الشريعة
أعني (السعودية) لها المجد عنوان
…
معروفة .. في منزلتها الرفيعة
نظراتها فيها التعقل والامعان
…
وخطواتها للمجد .. دايم سريعة
قامت على التوحيد تفخر بالايمان
…
الأوامر الرحمن
…
دايم مطيعة
وشادت على نهج الهدى خير بنيان
…
وصارت بفضل الله قلعة منيعة
على العدا سم ونار وبركان
…
ومع الصديق اللي يسالم وديعه
ومع الأشقاء حافظة عهد الاخوان
…
تشقى إلى صاب الأشقاء قطيعة
مواقفه يشهد لها كل ميدان
…
له ثقلها لي جت مواقف مريعة
دعواتها نبذ التناحر والأضغان
…
وكل من ينادي للهدف ذا تطيعه
شفنا جهوده يوم ويلات لبنان
…
وحالت جهوده دون أشيا فظيعة
ومدت ايدينه ومسحت ليل الأحزان
…
ما هي عن الواجب تدوِّر ذريعة
منهاجها واضح على طول الأزمان
…
قاموسها ما فيه كلمة خديعة
طريقها معروف ينبع من إيمان
…
مكتملة بالحسن لوحة بديعة
الشعب والقادة يعلون الأركان
…
كل الوفاء بأرض الجزيرة جميعه
سياسته تعلن على شعبها إعلان
…
ومنهاجها للشعب دايم تذيعه
بين الأمم للأمن والخير عنوان
…
تشري صديقه ما تحاول تبيعه
الدين والدنيا بها خير صنوان
…
روضة سلام ما تعرف الهزيعة
الشعر يعجز والقصايد والألحان
…
والوصف والتصوير
…
لو هي ربيعه
غادة جماله فوق تفكير الإنسان
…
لو جيت أحاول وصفها
…
ما استطيعه
إن جيت للداخل والي الشعب فرحان
…
وإن رحت برا شفتها بالطليعة
ونبغ منهم شعراء من المتأخرين سواء في الشعر العامي أو الفصيح.
وقد أنشأ أحد شعرائهم بالفصيح قصيدة في بلده وبلد آبائه (القويع)، وهو: سليمان بن أحمد الأحمد، ولد في عام 1379 هـ، في بلدة القويع غرب بريدة قال: واشتغلت منذ الطفولة بالزراعة، درست المرحلة الابتدائية في بلدتي "القويع"، ثم التحقت بالمعهد العلمي ببريدة، ثم جامعة الإمام بالقصيم - قسم اللغة العربية -، وتخرجت منها عام 1405 هـ، وأعمل حاليا مدرسا في ثانوية اليرموك ببريدة.
وقال: أحب الشعر الفصيح، وأحفظه، ولي قصائد في أغراض متعددة منها:
القُوَيْعُ
قالوا (القويع)، فقلت نعم المسكن
…
سأجيد في وصف له وأطيل
مهما تطاول ما يقال بحقه
…
لكن ذاك تناقض مشلول
فهو الطويل إذا عرضنا طوله
…
والعرض إن قصرته فطويل
وهو المنقي للهواء باثله
…
وبرمله يتنشط المعقول
وإذا جلست بحيه أحببته
…
ومكان غير (قويعنا) مملول
فإذا نظرت لغيره في صيفه
…
تجد الحرارة، والشتاء صقيل
وإذا نظرت لشمسه فهدئية
…
وإذا نظرت لظله فظليل
إن جاء برد قارس فبدورنا
…
أو جاء صيف صائف فنخيل
إن (القويع) أقولها بصراحة
…
لا يستطيع لوصفه مفلول
إن هب ريح أصبحت أغصانه
…
كالراقصات يميلها فتميل
وإذا الرياح تخللت أشجاره
…
حياك من بين الغصون عليل
أهل (القويع) جماعة محبوبة
…
وبذاك للمستخبرين دليل
مهما تباين بعضنا عن بعضنا
…
في النائبات سينتهي ويزول
فالجار مسئول هنا عن جاره
…
وجميعنا عن غيره مسئول
ومن قصائده الفصيحة:
وقفة عند ساعة الاحتضار (1)
شارات طرفك تبدي كل ما تجد
…
وصوت حزنك لا يصغي له أحد
والدمع يرسم حزنا في تحدره
…
والصدر من وطأة الأنفاس مرتعد
عهدت جسمك غضا في نضارته
…
ما باله اليوم مما فيه يتقد
(1) المناسبة: بعد زيارة لأحد الشباب في المستشفى وكان قد حصل له حادث فأصيب بغيبوبة دامت تسعة أشهر انتقل بعدها إلى الدار الآخرة، وكان لا يملك من حواسه إلَّا البصر فقط، ولا يملك من التعبير إلَّا العبرات.
حار الطبيب وحار الطب إذ عجزت
…
عنه الأكف فما امتدت إليه يد
وضاق عنك الذي ترجوه من مدد
…
إلَّا من الله نعم الرفد والمدد
قد طال عيشك بين الأهل في رغد
…
واليوم أمسيت لا مال ولا ولد
وودع الناس في حزن وقد يئسوا
…
حتى المحبون راحوا عنك وابتعدوا
وضجت الدار والأولاد قد فزعوا
…
عند الوداع وكل ناله كمد
بكى الصغار فرووا أمهم حزنًا
…
وفتشوا عنك في عزم فما وجدوا
بالأمس باتوا رقودًا في منازلهم
…
واليوم هم من عظيم الهول ما رقدوا
لمثل هذا فجدوا في تزودكم
…
إن التقى خير زاد، والتقى رشد
لا مال ينجيك بعد الموت تسلمه
…
كلا ولا منصب يغني ولا عدد
كم من قتيل تخطى الموت هامته
…
فشيعوه وهم للموت قد وردوا
هي القلوب عليها غلفة ختمت
…
وحولها شدت الأطناب والعقد
وحينذا كل ما تبديه من ندم
…
وتستفيق، ولكن قد مضى الأمد
وسوف تصحو إذا ما حشرجت علنا
…
فكالأباطيل لا متن ولا سند
ومن شعر سليمان بن أحمد الأحمد هذه القصيدة بعنوان: (يا إمام القصيد):
يا إمام القصيد طب يا إمام
…
لك منا قبل النشيد السلام
قل فما زلت للحقيقة رمزًا
…
أنت للشعر حلية بل وسام
غرد الشعر في سما الحق يثني
…
ومع الحق يُستطاب الكلام
عندنا الشعر تائه حين يُلقى
…
وإذا قلت في يديك الزمام
راية الشعر يدعيها أناس
…
وإذا أنشدوا تولوا وهاموا
أي شعر عن البحور تخلى
…
أي فن فيه يشاع الحرام
فقد الصدق في المحافل فنٌ
…
جاور الصافنات فيه النعام
فتراهم يلوون كل قصيد
…
حَسْب ما كان يقتضيه المقام
حين يثني الفتى يصير إمامًا
…
وإذا الحق قيل يُنسى الإمام
جعلوا الشعر للنفاق صديقًا
…
فمشوا فيهما فبئس الوئام
أين كعب وأين حسان منّا
…
طعنتهم من فن قومي سهام
يا إمام القصيد أفصح فقومي
…
ودعوا القول حين شد اللحام
أيقظ الناس من سبات عميق
…
طاب للراقدين فيه المنام
أقم القاعدين، هذا زمان
…
عز فيه على النشيط القيام
سدد السهم في مسامع قوم
…
سمعوا الحق ثم صموا وناموا
رب معني من بيت شعر فصيح
…
قص عِطفًا يكل عنها الحسام
عالمُ اليوم لا يحيد قليلًا
…
بل له في الضلال باع وهام
ينبذ الدين في زوايا أمان
…
وإذا الخوف جاء صلوا وصاموا
ينزف الجرح في طريق حماتي
…
وببحر الإعلام ماج الغرام
آه من أمة لها كل يوم
…
نكبة وانتكاسة وانهزام
سراييفو تئن تحت وثاق
…
شدهُ الصرب والجموع اللئام
ربَّ طفل في حضن أم حنون
…
صار ضرب الحسام فيه الفطام
وقتيل بغير ذنب تراه
…
بين أشلائه تلوح العظام
وفلسطين حرة وسط قيد
…
ما لها في الخنا يد أو مرام
ويموت الصومال ظلمًا وجوعًا
…
وبأسواقنا يُمل الطعام
ونداء من الجزائر يدمي
…
يا دعاة السلام أين السلام؟
يذبح المسلمون في كل فج
…
وصروح من المآسي تقام
أين مليارنا وأين عهود؟
…
واحتجاج وخطة ونظام
وقوله:
هدية الفتاة
أيتها الفتاة إني ناصح
…
ولست ممن شأنه الفضائح
كل الجمال جاء في العفاف
…
قاعدة تروى بلا خلاف
والبنت إن حسنها عفافها
…
جميلة لو قصرت أطرافها
ثم الحياء سيد الأخلاق
…
يحمي الفتاة من أذى الفساق
يزينه الستر مع الحجاب
…
ما أجمل المرأة بالجلباب
وكونها في بيتها أولى لها
…
قد بين الشرع لها أحوالها
والعلم نور فانهلي من عذبه
…
ولا تملي أبدا من شربه
وخير ما في العلم ما يوضح
…
لك الأمور كلها ويشرح
والعلم يأتي نفعه مع العمل
…
فإن عملت، فضله قد اكتمل
فانتبهي للشر واتقيه
…
واستمسكي بالخير واعرفيه
إن العدو بالحجاب يسخر
…
وشره بالمسلمات ينخر
واستعمل الموضة باللباس
…
ليجعل المرأة بانتكاس
والفن والمرأة والرياضة
…
حياضه فاجتنبي حياضه
فاقتبسي نور الهدى والتزمي
…
وحطمي كيد العدا واحتشمي
ومن شعره أيضًا بعنوان:
الفلاح والنحلة
دنيا تحار لفهمها الأفكار
…
وتفيض من أعماقها الأسرار
يبقى جمال الشعر في إنشاده
…
لا وقع إن لم تنشد الأشعار
عتبوا علي نرى قصيدك موغلًا
…
في الوعظ أين الوَرْدُ والأزهار
أين الجمال، وأين ومضة عاشق
…
أين النسيم يهب والأسحار
هلا شممت العطر في نفحاته
…
أم هل سقتك من المنى أنهار
هلا سمعت بلابلًا صداحة
…
تشدو على الأغصان ما تختار
فرفعت كفي طائعًا ودعوتهم
…
أصغوا فعندي بعد ذا أخبار
إني وأدت قصيدتي فتبسمت
…
عند الوغى يتبسم الأحرار
ومضيت نحو الزهر ألثم وجهه
…
وتظلني من تحته الأشجار
وشذى نسيم الصبح خفف محنتي
…
فتولدت في خاطري أفكار
ما لي أرى الفلاح يطرد نحلة
…
لما اشتكى من لسعها الزنبار
عجبًا أليس يرى نضارة جيدها
…
وطوافها بين الزهور شعار
ماذا جئت هل كلفتك طعامها
…
هل أتلفت غصنا فرحت تغار
فهي الرحيمة والرفيقة إن علت
…
غصنا وأنت الضارب الجبار
هذا كتاب الله يذكر نعتها
…
للشهد بين عطوفها آثار
فحياتها عمل ونعم حياتها
…
زرها فبيت العاملين بزار
العيد
عيدنا عيد سعيد
…
للمسرات يعيد
من أتى بالخير فيه
…
فاز في يوم الوعيد
كبروا فاليوم عيد
…
كبروا فاليوم عيد
فيه يأتي كل صحبي
…
من قريب أو بعيد
والتقينا في صفاء
…
يشهد الوجه السعيد
كبروا فاليوم عيد
…
كبروا فاليوم عيد
ديننا أقوم دين
…
عزمنا عزم شديد
إن نصرنا الله حقًّا
…
نصرنا وعد أكيد
كبروا فاليوم عيد
…
كبروا فاليوم عيد
أخوتي قولوا جميعًا
…
في اعتقاد لا يحيد
كل يوم ليس يعصى الله
…
فيه فهو عيد
كبروا فاليوم عيد
…
كبروا فاليوم عيد
وله قصيدة بعنوان:
حينما تعود الغربة
قلبي من الإشفاق دومًا يخفق
…
والعين مني جفنها لا يطبق
وبدا النحيب بأضلعي فكتمته
…
فتلهب الصدر الضعيف المرهق
فتحولت زفراته دمعًا على
…
صفحات وجه قصيدتي يتدفق
قرئت عليها محنتي فنسجتها
…
شعرًا فكدت من المصيبة أخنق
حاولت أن أصف الحياة سعيدة
…
فغدا لساني حائرًا لا ينطق
أنا من ترون لعل وصفي غامض
…
أنا من أكون لعل شعري يصدق
قد كنت في أرض الجزيرة مكرمًا
…
فمضي رفاقي والكرام تفرقوا
وفقدت أهلي، والعشيرة كلها
…
ومضيت أقتحم الظلام وأشفق
فرأيت بحرًا كالدجى فعشقته
…
من جاء بحرًا عاشقًا لا يغرق
ورأيت فوق البحر ألف سفينة
…
والموج ينصت والظلام يحدق
فسألت عن قومي هناك فلم أجد
…
إلَّا وجوهًا بالخنا تتفيهق
فعرفت أني غارق في غربتي
…
وعرفت أني في قيودي موثق
فبحثت عن بدل يؤمن روعتي
…
ونفضت فكري فاستفاض المنطق
فطويت عالمنا الرهيب لا نتقي
…
بلدا تصان به الحقوق وتعتق
فرغبت أمريكا فأسرعت الخطا
…
وعلى جبيني للعدالة بيرق
فرأيت أخدودًا يحيط بأهلها
…
والنار تقتحم الفضاء وتحرق
قلبت وجهي في السماء فشدني
…
للأفق صوت للضلالة يسحق
فإذا بمئذنة تحلق في الفضا
…
وتدوس أروقة الطغاة وتمحق
فمضيت نحو الصوت حتى شدني
…
وجه يكاد من الوضاءة ينطق
فهمت منه مقولة أسعى لها
…
ويهلل التاريخ لو تتحقق
قال: اصطبر فصروح أمريكا هنا
…
تهوي تباعا، والصباح سيشرق
ورأيت في الأفغان رسم صحيفتي
…
لكنها في كل يوم تخرق
وذكرت أندلسا فقلت سنلتقي
…
ورحمت نفسي فالطريق مطوق
ورأيت آثاري هناك
…
كأنها حلم يردده سفيه أحمق
وسمعت في الصومال صوتًا خافتًا
…
ورايت شلوًا بالبنادق يرشق
ولمحت وجهًا شاحبًا متخوفًا
…
قد مات جوعًا، والعدوُّ يصفق
وعيون أمريكا تتابع خطوتي
…
ولها على أثري غراب ينعق
ووحوش أوروبا تجمع كيدها
…
والغدر يكنز والصداقة تنفق
ضاقت عليَّ الأرض وهي فسيحة
…
والنفس من هول البلية أضيق
ورجعت مغمومًا ألوم قضيتي
…
وأغربل الدنيا ولا أترفق
قلبت طرفي حائرًا مترددًا
…
فتبدت البلقان هولًا يطرق
أمًّا تقاد وطفلة منكوبة
…
وهناك شيخ بالسلاسل يشنق
والعرض منتهك وما سمع الندا
…
أواه كم قتلوا هناك وأحرقوا
أتت الفيالق أرضها تترى وما
…
يلفى لاصحابي هنالك فيلق
عذرًا سراييفو فلست بمخفق
…
لكن قومي في القيادة أخفقوا
وأتيت للأقصى فكبلني الأسى
…
لما رايت خيانة تتملق
وتحول المعراج - يا لتعاستي -
…
شيئًا يقال وملك من يتزندق
ورأيت حول الظالمين مؤملًا
…
فطفقت في أماله أتعلق
فلعل في أرض العروبة مؤئلًا
…
ولعل فيها صاحبا يتصدق
ورأيت أملاكًا تباع وتشتري
…
ومطارد السراق أصبح يسرق
ورأيت عدة حربهم مجموعة
…
وبها نحور الأبرياء تمزق
وعيونهم مفتوحة لصديقهم
…
أما العدو فكم عيون تغلق
وقلوبهم شتى وما جمعوا لوا
…
وعدوهم من حولهم يتحلق
حتى إذا اشتغل الفؤاد وعاينت
…
نفسي مقاتلها، وشاب المفرق
أخذت فتاة الحي تمسح أدمعي
…
ومع الحنان جمالها يتألق
فسألتها من أنت؟ ! قالت: لا تسل
…
فالصحوة الكبرى ضحى يتفتق
فتبسمت وتساءلت من أنت يا
…
شوق المحب فكنت منها أشوق
إني أنا الإيمان طال عناؤه
…
واليوم أنهار السعادة تغدق
عانقتها ومزجت رسم زفافها
…
بدمي، وكل دخيلة ستطلق