الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وكان أهل القصيم يعتمدون على خيالة عنزة في مقاومة خيالة شمر، لأن أهل الحضر كانوا من جنود المشاة والرماة.
وقد قيل في ذلك أقوال رواها أهل القصيم ذكروا أنها سبب هزيمتهم في (بقعا) وهي أن أمير حائل أرسل سرًّا إلى كبير قبيلة عنزة وقال له ما معناه: إنه إذا انتهت الحرب عاد راعي بريدة إلى بريدة وعاد راعي عنيزة إلى عنيزة، وكلّ تحصن في ديرته واعتبر أن الحرب قد انتهت، أما بالنسبة إلينا وإليكم فإن الأمر مختلف، إذ نحن من أهل البادية التي لا غنى لها عن طلب المرعي والاحتكاك بعضها ببعض، فالأولى أن تكفونا شركم وتأخذوا كذا وكذا، مبلغًا من المال بالذهب - كما روي رواة أهل القصيم - وتتركوننا والحضران أهل القصيم.
قالوا: فأثمر ذلك وكان سبب تخلف بعض شيوخ البادية عن الاستمرار في الحرب.
قال الإخباريون: وكانت الوقعة في زمن الحر، فتفرق أهل القصيم في نخيل بقعا يبحثون عن الظل والماء وتركهم أهل حايل وأهل الحضر ومن معهم من أهل البدو الذين يتبعون أمير حائل حتى عرفوا أنهم تفرقوا في النخيل ثم هجموا عليهم بالبنادق، واعترضت الخيل على من أراد الهرب، فكانت مقتلة عظيمة على أهل القصيم كلهم ممن اشتركوا في هذه الوقعة.
وهذا ما ذكره المؤرخ ابن بشر رحمه الله عن وقعة بقعا، قال:
وقعة بقعَا على أهل القصيم:
وفي جمادى الأولى جرت الوقعة العظمى والحادثة الكبرى بين أهل القصيم وأتباعهم من عربان عنزة وبين عبد الله بن علي بن رشيد وأتباعه من عربان شمر وحرب وغيرهم، وذلك أنه لما رحل عبد العزيز أمير بريدة وعبد الله بن رشيد من الرياض وكلٌّ قصد بلده كما سبق بيانه، أغار غازي بن ضبيان رئيس عربان الدهامشة على عربان ابن طوالة من شمر، وهم نازلون
في الشعيبات الماء المعروف في أرض الجبل، فأخذهم ومعهم إبل كثيرة لأهل الجبل، وكان غازي من أتباع أهل القصيم، فركب عبد الله بن رشيد بجنوده وأغار على غازي فأخذ منهم إبلًا كثيرة، فغضب لهم أمير بريدة وانتدب لحرب ابن رشيد، وكان أهل القصيم متعاقدين على حرب كل عدو يقصدهم بعداوة، فأجمعوا على حرب ابن رشيد، فركب يحيى بن سليمان بجنود كثيرة من عنيزة وأتباعها، وركب عبد العزيز بأهل بريدة وجميع أهل القصيم، واجتمعوا على بقيعا (1) نحو ستمائة مطية ومعهم غازي بن ضبيان وأتباعه، وقاعد بن مجلاد وأتباعه من عنزة، وابن صبر من السلاطين والصقور من عنزة، وسار الجميع من بقيعاء (2) فأغاروا على وجعان الرأس من شمر، فأخذوا منهم أموالًا كثيرة من الإبل والإثاث والأغنام، فلما أخذوا هؤلاء العربان قال يحيى لعبد العزيز لابد أن نرجع على هذا النوماس، فحلف أنه ما يرجع حتى يقاتل ابن رشيد (3).
قول غربي:
أخبرنا الأشياخ كبار السن والإخباريين أنه عندما انتهت الوقعة الرئيسية بين أهل القصيم وأهل حائل وكان الوقت قيظًا جعلت طوائف من أهل القصيم تقيم متفرقة في ظلال النخل والأشجار عن الحر، فصار أهل حائل يتتبعونهم ويقتلونهم لأنهم كانوا متفرقين، وإن كانوا مسلحين ويدافعون عن أنفسهم حتى يقتلوا هذا هو المشهور المعروف غير أنني رأيت رواية لهذه الحادثة في كتاب مستشرق ألماني اسمه:(البير سوسين)، ذكرها في كتابه الذي تعريب عنوانه (ديوان وسط الجزيرة العربية) وهو بالألمانية، وقد عاش المذكور في القصيم فترة طويلة ذكر ما ننقله بالعربية نقلًا عن لفظ العوام وأن الشاعر الأمير محمد
(1) الصحيح: بقعا، بالتكبير.
(2)
الصحيح: بقعا، بالتكبير.
(3)
عنوان المجد، ج 2، ص 188.
بن علي بن عرفج قال في ذلك قصيدة.
قال البيرساسين:
راعي بريدة (1) عبد العزيز بن محمد أمير القصيم غزا على ابن رشيد عبد الله وعبيد أمراء الجبل ونزل بقعا وتلقى هو وابن رشيد وصار بينهم ذبحة بقعة وانكسروا أهل القصيم والدنيا بالقيظ ولحقهم عطش وتخفوا في صبران نخل بقعا يجيء أربعمائة زلمة من غزو أهل القصيم، وجاءهم عبيد بن رشيد ودلّي يصيح لهم تعالوا أزملكم وأصَمِّلكم (2) وعلى هذا عهد الله وأمان الله والخائن يخون به الله، فطلعوا عليه من الصبران وجاءوا إلى يمِّه كلهم وخان بعهد الله وذبحهم كلهم صبرًا وجاب فيه محمد بن علي قصيدة وغزوا عليه عقبها بستة أشهر، وأخذوا الشجعان من ديار ابن رشيد ونهبوا حلالهم ونبحوا رجالهم وردوا إلى القصيم:
هيهي يا راكبًا حمرا فريع
…
عليها التي من نبت العدام
من بريدة تعلوطها سريع
…
واربع الرأس وخذ مني كلام
خصهم كنّهم وانخ الجميع
…
من قصيبة إلى صبيان بام
شبوا الحرب وايتموا الرضيع
…
تصل أذكاركم شرقًا وشام
جردوا مرهفات لها لميع
…
والفرنجي وقولوا يا سلام
خل برقها ينوض بكل ريع
…
وأنت يا شيخنا ذروة سنام
بس اريدك لمطلوبي تطيع
…
إلى أن أخلّي حريبي ما ينام (3)
(1) أي أمير بريدة وما يتبعها من القصيم.
(2)
.
(3)
ص 49 - 51.