الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقد عادت الإمارة بعد ذلك من عبد المحسن بن محمد إلى أخيه الأمير عبد العزيز بن محمد.
مقتل عبد العزيز بن محمد آل أبو عليان وبعض أبنائه:
لما تفاقم الخلاف بين الإمام فيصل بن تركي والأمير عبد العزيز بن محمد آل أبو عليان وكان الإمام فيصل بن تركي حليما كريما، ولكن كان ابنه الأمير عبد الله على ليس كذلك، فأكثر من الإغارة على أهل بريدة وتوجيه الضغوط العسكرية على أميرها عبد العزيز بن محمد الذي لم يكن من الحنكة السياسية بالدرجة التي ينبغي أن يكون عليها لذا خاف على نفسه منه وحزم أمره في أن يترك القصيم، ويذهب إلى شريف مكة المكرمة ليقيم فيها إقامة طويلة حتى ينجلي الأمر، ولكنه يعرف بخبرته أن ذلك سيكون إلى مدة طويلة فحمل أموالًا له معه وكانت بيد أحد أفراد أسرة الصقعبي المشهورة الذين كانت لهم وظفيتان يتوارثونهما في بريدة هما حمل البيرق في الحرب، والأمانة على بيت المال، إلًا إذا اضطر أمير بريدة لغير ذلك، والصقعبي هذا سليمان بن حمد.
يحدثنا الإخباريون أن عبد الله الفيصل عندما علم بذهاب عبد العزيز بن محمد إلى مكة قال لمن معه: ليذهب ما دمنا تخلصنا منه، ولكن مهنا الصالح أبا الخيل الذي كان يطمع في الإمارة ويخطط لحصوله عليها منذ زمن بعيد قال للأمير عبد الله بن فيصل: إن هذا ليس هو بالرأي الصواب، لأنه سيعود بعد ذلك، والرأي أن تلحق به وتقضي عليه.
فقال عبد الله بن فيصل: حنا ما عندنا جيش يلحقهم، أكثر الإبل اللي معنا صعب من أباعر البدو ولا معنا سلاح يكفي.
قالوا: فقال مهنا له: أنا عندي الجيش وعندي السلاح أعطيك إياه كله.
قالوا: فاستجاب عبد الله بن فيصل وكان يود ذلك في نفسه وأعطاه ذلك وأمر على
أخيه محمد بن فيصل مع سرية من قومه أن يلحقوا بعبد العزيز بن محمد الذي كان نازلًا في الشقيقة، آمنًا من أن يلحقوا به بعد أن فارق حدود بريدة.
قالوا: فأدركه هذا الجيش ومعه أولاده الثلاثة، ولم يكن معه من الرجال والسلاح ما يقاوم به هذا الجيش الذي لحق به وبادروا إلى قتله ومن معه ولم يسلم منهم إلا الصقعبي الذي كان على بعيره المحمل بالريالات الفضية والجنيهات الذهبية فكانوا إذا لحقوا به يريدون قتله، ولم يعلموا بما معه فكان إذا رآهم قربوا منه أخذ بيده مجموعة من الريالات الفضية الكبيرة (الفرنسة) ورماهم بها فانشغلوا بالبحث عنها في أرض الشقيقة الرملية، وأخذها منها.
فعل ذلك أكثر من مرة إلى أن بعدوا عن جماعتهم فصار يرميهم ببندقه حتى أصاب أحدهم وانصرفوا عنه راجعين إلى أصحابهم، وقد سلم الصقعبي من القتل ووصل إلى مكة فكان الناجي المعروف من الرفقة التي كانت مع عبد العزيز بن محمد آل أبو عليان.
وقتل في هذه الوقعة الأمير عبد العزيز المحمد وثلاثة من أبنائه وهم تركي وحجيلان وعلي، وهؤلاء بعض أبنائه إذ كان له من الأبناء سبعة هم صالح، تركي، علي، عبد المحسن، حجيلان، عبد الله، محمد.
وله من البنات ثمان هن حصة، بريدة، - هكذا بلفظ مدينة بريدة وقد تزوجها محمد بن صالح أبا الخيل أخو الأمير مهنا بن صالح، ثم هيا بفتح الهاء والياء مع تخفيفها وطرفة - منيرة - لطيفة - مزنة - فاطمة.
وآخر أبناء عبد العزيز بن محمد وفاة هو ابنه عبد المحسن الذي عمر طويلًا، ومات في ذي القعدة من عام 1355 هـ أي بعد مقتل والده بثمان وسبعين سنة، إذ كان مقتل والده عبد العزيز بن محمد ومن معه من أبنائه في عام 1277 هـ.
وقد ذكر المؤرخون مقتل عبد العزيز بن محمد وأبنائه ومن معه في الشقيقة على لفظ تصغير الشقيقة والشقيقة المكان المطرد من الرمال على حد تعبير الأقدمين، وتقع الشقيقة إلى جهة القبلة من مدينة عنيزة.
قال إبراهيم بن صالح بن عيسى رحمه الله بعد أن ذكر أن الأمير عبد الله بن فيصل كان غازيا جهة الكويت، وأنه قفل بمن معه من جنود المسلمين راجعًا إلى نجد، فلما وصل إلى الدهنا بلغه أن سحلي بن سفيان ومن تبعه من بني عبد الله من مطير على (المنسف) بالقرب من بلد الزلفي فعدا عليهم وأخذهم وقتل منهم عدة رجال منهم حمدي بن سقيَّان أخو سحلي قتله محمد بن الإمام فيصل.
ثم توجه إلى القصيم ونزل روضة (الربيعية) ولما بلغ الخبر إلى أمير بريدة، عبد العزيز المحمد بن عبد الله بن حسن ركب خيله وركابه، هو وأولاده حجيلان وتركي وعلي، ومعهم عشرون رجلا من عشيرتهم، ومن خدامهم، وهربوا من بريدة إلى عنيزة، ثم خرجوا منها متوجهين إلى مكة، ولما بلغ عبد الله بن فيصل خبرهم أرسل في طلبهم سرية مع أخيه محمد بن الإمام فيصل، فلحقوهم في (الشقيقة) وأخذوهم، وقتلوا منهم سبعة رجال، وهم الأمير عبد العزيز وأولاده حجيلان وتركي وعلي، وعثمان الحميضي، من عشيرة عبد العزيز المذكور من آل أبي عليان، والعبد جالس بن سرور، وأخوه عثمان بن سرور، وتركوا الباقين.
ثم إن عبد الله رحل من روضة (الربيعية) ونزل في بلدة بريدة، وأقام فيها مدة أيام، وكتب إلى أبيه يخبره بمقتل عبد العزيز آل محمد وأولاده، ويطلب منه أن يجعل في بريدة أميرا، فأرسل الإمام فيصل رحمه الله تعالى عبد الرحمن بن إبراهيم إلى بلد بريدة، واستعمله أميرا فيها، وهدم بيوت عبد العزيز المحمد، وبيوت أولاده،
وقدم عليهم في بريدة طلال بن عبد الله بن رشيد، بغزو أهل الجبل من البادية والحاضرة.
ولما فرغ من هدم تلك البيوت ارتحل من بريدة بمن معه من جنود المسلمين، وعدا على ابن عقيل ومن معه من الدعاجين والعصمة والنفعة من عتيبة وهم على (الدوادمي) فصبحهم وأخذهم ثم قفل راجعًا إلى الرياض، مؤيدًا منصورا، وأذن لمن معه من أهل النواحي بالرجوع إلى أوطانهم.
وكان عبد الله بن عبد العزيز المحمد قد أمر عليه الإمام فيصل بالمقام عنده في الرياض، حين أذن لأبيه عبد العزيز بالمسير إلى بريدة كما تقدم في السنة التي قبلها، فخرج عبد الله المذكور غازيا مع عبد الله بن الإمام فيصل، في هذه الغزوة، فلما قرب من الرياض شرد من الغزو، فالتمسوه فوجدوه قد اختفى في غار هناك، فأمسكوه وأرسلوه إلى القطيف وحبسوه فيه، فمات في حبسه ذلك (1).
قال عبد الله بن محمد البسام في حوادث سنة 1277:
قتل عبد الله الفيصل أمير بريدة عبد العزيز آل محمد وأولاده، ألحقه أخيه محمد الفيصل ومعه سريتين، ولحقهم بأرض الشقيقة وأمنهم ثم قتلهم غدرًا، وكانوا هاربين خوفًا منه، وذلك في 8 شوال (2).
وذكر ابن عبيد أن عبد العزيز بن محمد خاف على نفسه فركب هو وأولاده حجيلان وعلي وتركي ومعهم عشرون رجلًا من خدامهم وعشيرتهم وهربوا إلى عنيزة ثم خرجوا منها وتوجهوا إلى مكة، ولما بلغ عبد الله خبرهم أرسل في طلبه سرية يرأسها أخيه محمد بن فيصل فلحقوهم بالشقيقة مسيرة 6 ساعات من عنيزة وأخذوهم وقتلوا منهم 7 رجال وأسماؤهم هي الأمير عبد العزيز وولده حجيلان وولده تركي وولده علي وعثمان الجميضي من عشيرة العليان، وخادمهم جالس بن سرور وأخوه عثمان بن سرور وترك
(1) عقد الدرر، ص 30 - 31.
(2)
خزانة التواريخ النجدية، ج 5، ص 45.