الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وأن بريدة تطورت في عهد أولاده وأحفاده حتى وصلت إلى ما كانت عليه في القرن الثاني عشر الذي ذكر المؤرخون بعض أحداثه بسبب دعوة الإمام المجدد الشيخ محمد بن عبد الوهاب، التي جعلت التاريخ نجد وبلدانه أهمية بعد أن لم تكن فيما قبل عهده شيئًا مذكورًا إلا في أماكن ضيقة محدودة مثل (أشبقر) و (معكال) في الرياض، وليس القصيم من تلك الأماكن.
بريدة تحت إمارة آل أبو عليان:
ربما صح القول بأن مدينة بريدة اكتسبت من طبيعة أمرائها آل أبو عليان صفات منها الشجاعة وسرعة الخروج بل النفور للغزو، وحب السيطرة حتى استطاعت في وقت قصير أن تضم إليها كل القصيم ما عدا مدينة عنيزة وأماكن صغيرة ليست بذات أهمية قريبة منها، فإنها - أي عنيزة - لم تكن تابعة البريدة في أية فترة من فترات التاريخ، بل ظلت مستقلة.
مع أن أماكن إلى الجنوب منها أي من جهة البعد عن بريدة مثل (المذنب) صارت تابعة لبريدة أو لنقل بتعريف هذا العصر صارت بريدة عاصمة للقصيم، ولكن مفهوم العاصمة في ذلك العصر يختلف عن مفهومه في العصر الحاضر.
فالعاصمة القديمة وهي هنا بريدة كان معنى كونها عاصمة أن القصيم كان يرسل إليها زكاة الثمار التي أهمها التمر والحبوب، وفي هذا الصدد كنت سألت الأمير عساف الحسين أمير الرس عندما زرته لأول مرة في عام 1369 هـ رئيسًا أو مشتركًا في لجنة الاختبار للشهادة الابتدائية لمدرسة الرس مبتعثًا من بريدة لذلك بأمر من مديرية المعارف قبل أن تكون وزارة عما يفعلون بزكاة التمر والحبوب التي ينتجها الرس؟ وأنا أريد من ذلك مجرد المعرفة ماذا يفعلون بها؟
فقال: نرسلها لبريدة.
فقلت له: أذلك بموجب عرف عندكم أم هو شيء لازم؟
فقال لي: إذا لم نفعل ذلك يغزوننا أهل بريدة.
والأمير عساف الحسين المذكور هو جد أمير الرس في الوقت الحاضر 1426 هـ، إلا أنه عندما ظهر آل سليم العلماء في بريدة اتفق معهم الحكام على أن يتركوا لكل بلد من بلدان القصيم ربع زكاة الأموال فيه للفقراء والمحتاجين من أهله والباقي يرسل إلى بريدة.
وشيء آخر وهو أنه إذا ما احتاج القصيم إلى غزو فإن أميره يكلف أو يلزم أهل كل بلد من بلدانه بعدد معين من الغزاة، وهم الرجال الذين يخرجون للغزو - أو بعدد من الإبل فيقول مثلا: إن أهل قصيباء أو الشماسية يجب أن يشاركوا بكذا من الرجال في الغزو، فيفعلون.
وفي مقابل ذلك من المغريات للانتظام في القصيم التابع لبريدة، وعدم محاولة الخروج عنه يلتزم أهل القصيم الذين هم أهل بريدة ومن معهم من أهل القصيم بالدفاع عن كل بلدان القصيم ضد المغيرين أو المعتدين، فإذا تعرضت بلدة من بلدان القصيم لهجوم من غرباء، أو اعتداء من أناس من أهل البادية أو غيرهم كان لزامًا على أهل القصيم وأولهم أهل بريدة أن يردوا عنهم الإعتداء ويدفعوا عنهم المعتدين.
وهذا شيء مغر في تلك الأزمان التي كان فيها النهب والسلب سائدًا قبل الدولة السعودية الأولى.
ولا يدخل في هذا كله أهل عنيزة، فمدينة عنيزة لا ترسل من زكاتها شيئًا لبريدة ولا من رجالها أحدا للاشتراك مع أهل القصيم في غزو أو دفاع إلَّا بموجب اتفاقات معينة بين الطرفين.