الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ماذا لو كان الإمام موجودا
؟
حدثت وقعة بقعاء عندما كان الإمام فيصل بن تركي في مصر قد فرضت عليه الإقامة الجبرية هناك.
ولذلك كان السؤال: ماذا لو كان الإمام فيصل بن تركي موجودا.
والجواب بدون تردد: أنه لن تكون هناك مثل وقعة بقعاء لأن الإمام لا يرضى أن يبادر أحد من رعيته إلى قتال الآخرين منها.
ولا شك في أن أهل القصيم لم يكونوا على علم بموعد خلاص الإمام فيصل من الأسر في مصر، بل ربما ظن بعضهم، وهذا هو الأرجح أنه لن يتمكن من العودة، وذلك لقلة المعلومات، وغياب مصادر الأخبار، ففكر أهل القصيم أنه في ظل غيابه لا ينفعهم ويرد غائلة من قد يفكرون في الهجوم عليهم أو على رعاياهم إلا بان يبدؤهم بالحرب والقتال.
ويتضح ذلك من كون أهل عنيزة قد انضموا إلى أهل بريدة وسائر القصيم في هذه الوقعة لأنهم اعتقدوا أن ذلك سيكون أفضل القصيم على وجه العموم.
قال ابن بشر في حوادث سنة 1267 بعد أن ذكر أن عبد العزيز بن محمد تابع شريف مكة ووثق به على أشياء، وأن الشريف قد رجع عن ذلك وقد شفع لعبد العزيز بن محمد لدى الإمام فيصل، قال:
فما زال الشريف يتودد إلى فيصل ويشفع لعبد العزيز أن يرده أميرًا في بلاده ولا عليه بأس، ولا له أمر ولا نهي على أحد من الناس، فسمح له بذلك، وأنه يركب مع جلوي غازية إلى قطر، فرحل جلوي بغزو أهل القصيم، وعبد العزيز معهم، وذلك في أول ربيع الأول من السنة السابعة والستين، فقدموا على فيصل في العريق فأنبه الإمام على ما مضى منه، من قطع الإمام ومنابذة جماعة أهل الإسلام، فما أجاب إلا بالاعتراف وأن له بما ذكرنا اقتراف، ولكن
يطلب العفو والمسامحة، فعفا عنه وسامحه، فأقام معه حتى قفل من قطر، ووفى له بما وعده صغيرًا وكبيرا واستعمله في بلده أميرًا (1).
أما سبب اتصال عبد العزيز بن محمد بشريف مكة فهو أن العلاقات كانت رديئة بين شريف مكة الشريف بن عون وهو الحاكم فيها وبين الإمام فيصل، فاتصل الأمير عبد العزيز بن محمد بشريف مكة وذلك في ظننا لغرضين أو لأحدهما وهما هنا أنه إذا حصل على عبد العزيز بن محمد شيء من الإمام فيصل بن تركي مثل عزل أو ضغط أو نحوهما كان له فرصة الذهاب إلى مكة.
والثاني: تقوية موقفه أمام الإمام فيصل إذا كانت له علاقة قوية مع الشريف وسبق أن زار عبد العزيز بن محمد شريف مكة وأقام هناك مدة.
وكان الإمام فيصل يسعى إلى تقوية علاقاته بالشريف دفعًا لشر يأتيه منه وذلك أن الشريف خرج غازيا إلى نجد ووصل القصيم.
ثم حسنت علاقة الشريف بالإمام فيصل، فلم يبق ما كان يريد (عبد العزيز بن محمد) من اتصاله بالشريف.
ونورد شاهدًا على تضاءل قدر أمراء نجد بعد نقل الإمام فيصل إلى مصر بجواب كتاب موجه لأمير حائل عبد الله بن رشيد الذي وصفه الكتاب بأنه أمير شمر، ومضمونه إجابة خورشيد باشا له على طلب كان تقدم به أي أمير حائل، إلى خورشيد بالإذن له بالحج وفيه يتهكم به بقوله:(فأرسل رشيد الجبر يحج عنك).
وهذا نص الكتاب (الرسالة) وهو مكتوب بالعربية، مع نقله إلى حروف الطباعة.
وتاريخه في 26 رمضان عام 1255 هـ.
(1) عنوان المجد، ج 2، ص 283، (الطبعة الرابعة).
ونقله بحروف الطباعة:
بسم الله الرحمن الرحيم
من خورشيد باشا سر عسكر نجد إلى عبد الله ابن رشيد أمير شمر:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:
وصلنا جوابك وبه تذكر أنك تبي إذن لتروح تحج بيت الله الحرام، فالذي نعرفك به أنه الآن كلانا في خدمة أمة سيد الأولين والآخرين فلو يكون في سعة وفضا من الخدمة نحنا كنا أولى بالحج ونتوجه على العمانيات والخيول المشوصات ثم من بعد الحج نرجع إلى مدينة خير الأنام لنحظى بالروضة وذاك المقام، ولكن إن الله تعالى الكريم لابد ما نبلغ المقصود ونعم إنه كان مقصدنا نرسلك مع الرحلة إلى مكة ليزداد شرفك على الغير، إلَّا أننا لما نعلم أن أهل نجد جميعهم أحباك وبعد أن كنت تتوجه تريحوا أهل الجبل كثير وإنما إذا كنت رأيت في المنام أنك تحج هذا العام وصار لك شوق للحج فأرسل رشيد الجبر يحج بدلا عنك، وأما طلبك الحج في وقت الخدمة فلا نريد إلا حكي وتأخذ منا حكي وفرض الحج لمرة واحدة، وأما أنت يلزمك أربعين مرة حتى تمحى الذنوب والسلام.
(26 ن 1255 هـ).
ومما سبق ذكره أن (خورشيد باشا) هذا هو الذي اضطر الإمام فيصل بن تركي إلى أن ينتقل إلى مصر، تاركًا نجدًا وأهلها مع أنه كان إمام المسلمين فيها وذلك في عام 1254 كما سبق، وقد سافر بالفعل إلى مصر، وبقي فيها نحو خمس سنين، ثم عاد إلى نجد. ـ