الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ولذلك رأيت طبع هذا الكتاب طبعة تجريبية عسى أن يتصور بعض الذين لديهم معلومات عن تلك الأسر سواء أكانوا من أفرادها أم من غيرهم أهمية تلك المعلومات، وأن عدم وجودها - بالذات - هو أمر غير طبيعي.
وقد كاد النقص في المعلومات المتعلقة ببعض الأسر يفت في عضدي، ولكنني رجعت إلى نفسي مقنعًا إياها بأن (شيئًا خير من لا شيء) كما يقول الأقدمون، ولو لم يكن في ذكر أسرة من الأسر إلَّا تسجيل اسمها وضبط لفظه لكان هذا مما يستدعي التسجيل، فضلًا عن كوني اجتهدت في تدوين أخبار الأسر كلها إلَّا من لم أستطع الحصول على أي شيء ولو قليلًا من العلم بحالهم.
الأسر المنقرضة:
وهناك أسر ورد لها ذكر في القديم يكون أحيانًا ذكرا ظاهرًا، بل مجلجلًا ويكون أحيانًا ذكرًا خافتًا بل هامسًا فأبحث عنها، فلا أجد عنها معلومات أستطيع الحصول عليها في الوقت الحاضر، وقد أسأل عدة أشخاص من الذين أتوسم فيهم المعرفة عنهم، ولكنني لم أجد من يعرف أحدًا منها الآن، أي لا نعرف لها بقية، وذلك إما أن تكون منقرضة بالفعل والانقراض أن ينقطع نسلها من الذكور، لأن البنات ينسب أولادهن إلى آبائهن الذين هم من أسر أخرى.
ومثل تلك الأسر يحكم عليها بأنها منقرضة، ولكنني جربت أن عددًا قليلًا من الأسر التي حكمت عليها، نتيجة للسؤال عنها، والسؤال عمن بقي منها بعد ذلك أنها منقرضة، مع أنه قد بقي منها عدد قليل من الأفراد لم نعرفه، ولم يعرفه من سألناهم عنها أول الأمر.
وأضرب مثلًا واقعيًا على ذلك، فقد عثرت في المكاتبات على أسرة (الفضيلي) وينطق باسمها بكسر الفاء والضاد على لفظ النسبة إلى فضيل أو الفضيل وواضح من الكتابات أنها كانت من أهل الصباخ جنوب بريدة.
فسألت عددًا ممن أثق بمعرفتهم بهذه الأمور عما إذا كان بقي من هذه الأسرة أحد، فنفوا معرفتهم بذلك، وبعضهم حكم ابتداء أنها أسرة منقرضة.
وفي يوم من الأيام كنت في بيتي في الرياض لسبب من الأسباب، وإلَّا فإن مقر عملي في مكة المكرمة، وإذا ببنية عندنا تأتي إلي وتقول: عند الباب رجل يبيك:
فتحت الباب فوجدت شابًا لطيفًا متعلمًا، بل مثقفًا معه مجموعة من الأوراق فناولني إحداها، وقال: نحن من (مصلحة الإحصاءات العامة) ونجري استطلاعًا عن عدد من المسائل مذكورة في هذه الورقة، ولصاحب البيت الحق في أن يجيب على ما يود الإجابة عنه من الأسئلة المطروحة فيها، ويترك الإجابة على ما لا يريد.
قال: وأرجو أن تكتبوا فيها ما تودون وتخرجوه من تحت الباب حيث سأمر عصرًا وأخذه من دون أن أحتاج إلى أن أطرق الباب.
فشكرته، وقلت: لك ذلك، ولكن أخبرني عن اسمك الكريم، فقال: أنا فلان (الفضيلي)! !
قلت له: من أي بلد؟ قال: من بريدة.
قلت له: هل أنتم من الفضيلي أهل الصباخ؟ قال: نعم! ! !
وهكذا تبين بالمصادفة ما لم أحصل عليه بالسعي الشاق، وهو أن أسرة (الفضيلي) لم تنقرض.
وانقراض بعض الأسر كان أمرًا واقعًا لكثرة الحروب والأوبئة والمجاعات، بل والنكبات الأخرى، وحتى الأمراض قد يكون لدى بعض الأسر ضعف عن مقاومتها فيصيبها المرض ويقضي عليها.
وقد ذكرت بعضها في هذا الكتاب على قلتها في منطقة بريدة.
إذ الغالب على تلك المنطقة أن تنمو فيها الأسر نموًا أكثر من المعتاد كما هو مشاهد في الأزمنة المتأخرة، حيث سهولة تعدد الزوجات وكثرة عدد الأطفال.
ولكن الوضع في الأزمنة القديمة كان مختلفًا، وقد أصاب أسرة (آل أبو عليان) الكبيرة ما أصاب غيرها فانقرضت بعض الفروع أو الأسر الصغيرة المتفرعة منها، كما سيأتي إن شاء الله تعالى.
ولكن نمت فروع أخرى من الأسرة حتى زاد من زيادتها على أقدار الأسر المنقرضة منها.
وبعض الأسر لم تنقرض، ولكنها اتخذت اسمًا لها جديدًا، وفي بعض الأحيان يتخذ الناس لها اسمًا آخر عن طريق تلقيبها بلقب جديد يشتهر عندهم حتى يتغلب على الاسم القديم، فيصبح الذي يبحث عنهم بالاسم القديم الذي ورد في الوثائق والمكاتبات القديمة لا يجدهم، وقد يحكم عليهم بأنهم من الأسر المنقرضة، والأمر فيهم خلاف ذلك.
وبعض الأسر لم يكن انقراضها حقيقيًّا، إلَّا من موطنها في بريدة لأنها هاجرت كلها عنها إلى الأمصار العربية القريبة كالشام والعراق ومصر.
إذ لم يبق منها أحد في بريدة، فاعتبرت منقرضة أو في حكم المنقرضة، فليس من عادتنا ولا من شرط كتابنا هنا أن يتابع حركة هجرات الأسر، ثم يتابعها في هجراتها.
ولا شك في أن بعض القراء الكرام سيلقون اللوم على الكتاب لما حسبوه أو أسموه اختصارًا، عند ذكر بعض الأسر، وآخرين سيفعلون مثل ذلك بما قد يسمونه التطويل في الكلام على أسر أخرى، وعذرنا في التطويل أن المنطقة لم تؤرخ، ولم تذكر التفصيلات المطولة عن بعض أسرها، لذلك لم أر اختصار المعلومات المتعلقة بها إذا توفرت لديَّ.