الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ووكيلها فهد ابن ابنها عبد الله أي الوصي عليها إن اشتهاها فهي له، وإلا يظهرها بأبواب البر.
وقد قالت ذلك على افتراض أن حفيدها غني ربما لا يحتاج إلى ثمن تلك النخلة.
وقالت بعد ذلك: والسنة التي يستافيني الله به على الإسلام إن شاء الله يصمل صيبتي من مكنات أبوي.
وظاهر أن يستافيني الله تعني موتها، وصيبتي نصيبي، ومكنات أبوها: جمع مكان وهو الحائط من حيطان النخل.
ثم قالت: إنه يحب - بعد موتها - أن ينزع ثلث نصيبها ويفرق على عيال بناتي: بنات البريدي، وبنت ابن غانم يعطن على خمسة أريل، وميراثي من ولدي عبد الله تراي موهبته ابنه فهد.
واستدركت أيضًا قائلة: ووكيلي أي الوصي على إنفاذ وصيتها هذه: هو ولدي عبد الرحمن ولمسجد الجرادة خمسة عشر وزنة، أي وزنة تمر، خمس للإمام وخمس للمذن (المؤذن) وخمس للسراج، وأيضًا خمس وزان لدلو الجردة أي دلو مسجد الجردة وهذا المسجد هو الذي عرفناه (بمسجد ناصر) إضافة إلى ناصر بن سليمان السيف، لأنه ظل مدة طويلة هو الذي يؤم الناس في الصلاة فيه، وقد هدم هذا المسجد التاريخي وأدخل في ساحات السوق المركزي لبريدة.
ونصت على أن العشرين الوزنة الأخيرة من نخلات السلمية، والسلمية تقع في شمال الصباخ.
وقفية نادرة:
ووصلتنا وقفية نادرة لقوت بنت حجيلان هذه، وذلك أنها وقفية على مدرسة.
والأوقاف على المدارس كانت قليلة في هذه المنطقة، لأن الناس في تلك
العهود لم يكونوا يرون في المدارس إلّا ما يسمى بفكّ الحرف، أي استطاعة القراءة والكتابة.
ومن ذلك قلة عدد مباني المدارس الموقوفة على الدراسة والتدريس، ولا تعلم أن أحدًا من المتقدمين من أهل بريدة أوقف مدرسة كاملة وقفًا كاملًا، إلّا (آل سيف) وسيأتي ذكر ذلك عند ترجمة (السيف) في حرف السين.
وقد ازدهرت تلك المدرسة واستمرت إلى درجة أن (قوت بنت حجيلان) هذه أوقفت عليها وقفًا هو الذي قلنا هنا: إنه وقف نادر.
فقد أوقفت نصيبها من قلبان ابن جربوع في الطعمية على مدرسة ابن سيف احتسابًا للأجر من الله.
وقلبان جمع قليب وهي البئر التي تتبعها أرض تزرع قمحًا وحبوبًا بقصد الاستغلال.
وقولها (قلبان ابن جربوع) تريد الدارجة عليها أو على من آلت إليه ملكيتها بوساطته من ابن جربوع، أو يكون ابن جربوع هو الذي حفرها وملكها.
ومدرسة ابن سيف هذا استمر أستاذنا عبد الله بن إبراهيم بن سليم يدرس فيها حتى نقل مدير لمدرسة بريدة الابتدائية الحكومية في عام 1357 هـ فارتحل عنها، وخلفه على التدريس فيها لكونها وقفًا سليمان بن رزقان، واستمر يدرس الأطفال فيها لسنوات عديدة، وكنت درست فيها على الشيخ عبد الله بن إبراهيم السليم في عام 1356 هـ.
ثم هدمت مع الأسف الشديد عندما تقرر إنشاء السوق المركزي والمفجع أنني لا أرى لها ذكرًا مع أنها استمرت سنين طويلة، ربما بلغت قرنين، أو تزيد منارة للتعليم أي ذكر ولا إشارة إلى تاريخها، مع أن المفروض أن يكون في كتاب يؤرخ لجميع الأبنية المهمة التي أزيلت ومنها مسجد ناصر المنسوب
إلى ناصر بن سليمان السيف المقابل للمدرسة المذكورة، وكان ثاني مسجد إنشاءً في بريدة بعد المسجد الجامع.
ويكون في ذلك الكتاب صور للمنشآت المهمة التي أزيلت لأنها واقعة إلى أهميتها في منطقة قديمة من بريدة، ومن ذلك الذي هدم ولم يؤرخ له ما بقي من (جورة السالم) التي سيأتي الكلام عليها في حرف السين عند ذكر السالم، إن شاء الله تعالى.
وهذه الوثيقة مؤرخة في شهر ذي الحجة من عام 1254 هـ.
وتلك القلبان التي نكرر أنها أرض زراعية تسقى من قلبان واقعة في الطعمية وهي قرية زراعية مشهورة بجودة القمح الذي يزرع فيها، وكنت عهدت الناس في أول عهدي بالإدراك ينادون على اللقيمي وهو نوع من البر الذي يصنع منه الجريش بأنه (لقيمي الطعيمة) وكذلك الحنطة.
وقد ذكرت الطعمية في (معجم بلاد القصيم) وعرَّفت الواقفة قوت الحجيلان (الطعمية) بأنها من أطراف بريدة تريد بذلك ما كانت العامة تقصد بكلمة الطرف من أنه الملحقات، والقرى التابعة، وليس المراد أنها طرف متصل ببريدة، فهي في ذلك التاريخ بعيدة عن بريدة.
وذكرت أن ثواب تلك الوصية لها ولوالديها، ثم استدلت بالحديث الشريف (إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث ومنها (أو علم ينتفع به).
وقد صدق حدس هذه المرأة النجيبة إذ استمر نفع تلك المدرسة والانتفاع بها على السنين فاستمرت مفتوحة إلى عهدنا حيث درست فيها على أستاذنا الشيخ عبد الله بن إبراهيم بن سليم في عام 1356 هـ أدخلني والدي إليها.
وهذا نص الوثيقة: