الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أن يكون الضيف عند جدهم بعد الأمير، مع أنه جاء هاربًا لا يملك ملكًا ولا زراعة، في الجناح في عنيزة.
وقد قرأت في نشرة أخرى صادرة عن أسرة أبا الخيل أصل هذه الحكاية كما يلي:
أبا الخيل (التسمية والأصل):
يذكر الرواة أن قبيلة عنزة المعروفة كانت تقطن القصيم وبعض الأراضي الواقعة غربها كعقلة الصقور ودخنة وغيرها، وكان أحد رجالها واسمه (حمد بن) نجيد بن يعيش من بطن المصاليخ قد استوطن في بلدة النبهانية، فبنى قصرًا، وحفر بئرًا، وأنشأ مزرعة، وقد كان له من الأولاد ستة أكبرهم محمد، ويبدو أن قبيلة عنزة - وفيهم المصاليخ الذين ينتمي إليهم نجيد - أجبرتها الظروف على النزوح نحو الشمال، فتركت منطقة القصيم وما حولها، وهنا بقي حمد بن نجيد في قصره ومزرعته في النبهانية، فامتدت قبيلة حرب المعروفة من الحجاز إلى منطقة القصيم، فصارت جماعات من هذه القبيلة تؤذيه، وتعتدي على ملكه وأمواله، بل أخذوا عليه ما يسمى بـ"الخاوة".
وفي إحدى السنوات ظهر الدبا (الجراد) في نجد، فسمع حمد بن نجيد كغيره من الناس بأن الدبا قدم من الشمال، فخرج ذات صباح هو وأولاده الستة إلى الوادي القريب من مزرعتهم ليقوموا بحفر حفر وخنادق صغيرة للحيلولة دون وصول الدبا إليهم كما هي عادة المزارعين في مثل هذه الحالة، بيد أنه عاد هو وأولاده في آخر النهار وقد تضايقوا، لأنهم لم يعملوا شيئًا يذكر من الحفر لصلابة أرض الوادي.
فلما وصلوا إلى قصرهم وجدوا في فنائه آثار ناقة من إبلهم مذبوحة فسأل حمد بن نجيد خادم القصر عن ذلك، فخبره أن أربعة من البدو أخذوا واحدة من الإبل وذبحوها وألزموه أن يأخذ منها لحمًا ويعطيه أهل البيت
ليصنعوا لهم عشاء منه، وأنه نفذ ما طلبوا منه، فبدأ الغضب على حمد بن نجيد فسأل الخادم عن أولئك البدو، أين ذهبوا؟ فخبره أنهم في المجلس ينتظرون العشاء، ثم قال له:(عساك ما قهويتهم؟ ) فرد عليه: لا، فعند ذلك دخل عليهم وتظاهر بالترحيب بهم، وكان يردد: الله يحييكم، الله يحييك، الله يحييكم، ثم قال: أشغلنا الدبا ولا حصل نأتي لكم بقهوة، فقال أحدهم: نحن والدبا فرقين (أي قسمين)، والكل منا ما يصير معذور.
ثم اعتذر إليهم بأنه لا يملك قهوة الآن، فلما نضج الطعام قال لأبنائه: تريدون أن نقتلهم قبل العشاء أو عند تقديمه إليهم؟
فقالوا: بل نقتلهم عند تقديمه إليهم، فوضع الطعام بين أيديهم.
وبينما كان هؤلاء البدو ينتظرون الإذن لهم بالأكل جرد الأبناء سيوفهم وسلطوها على رؤوس هؤلاء المعتدين وقتلوهم عن آخرهم، ثم ألقوهم في البئر الذي سُمي فيما بعد بـ "خنيزان" لشدة نتنه من رائحة جثتهم.
وفي الليلة نفسها أمر حمد أبناءه وأهله بحمل أمتعتهم وأموالهم والرحيل عن مسكنه في النبهانية.
ثم ساروا وتوجهوا نحو عنيزة، ونزلوا بها، ومن الغد رأى الابن الأكبر محمد أن يذهب إلى قصرهم ومزرعتهم ليرى حالها بعد رحيلهم عنها، وفي الصباح وقف عند الزرع فإذا بخيل الأعراب قد سرحت عليه، فخاف منهم واختفى بالزرع، حيث توقع أنهم علموا بقتل إخوانهم، وبينما هو كذلك إذ اقتربت فرس منه، وصارت تأكل من الزرع الذي فوق رأسه، فقفز عليها وركبها وسار بها مسرعًا إلى عنيزة، فلحقت بها بنتين لها أحدهما دون العساف والأخرى صغيرة ذات ثلاثة أو أربعة أشهر، ثم لحق بها الباقي، ودخل عنيزة ومعه هذه الخيل، فلقبه أهلها بـ "أبا الخيل".
إذن فجدنا محمد بن حمد بن نجيد بن يعيش هو أبو الخيل، أما باقي إخوته فهم الذين صاروا أجداد الأسر التالية: الرميح، والصقير، والقرعاوي، والزبن، والنجيدي.
وجدير بالذكر أن نزوح جدنا هذا من النبهانية إلى عنيزة حدث - كما يقدر الرواة - في القرن العاشر الهجري (ما بين 901 - 1000 هـ)، ومن عنيزة نزح بعضهم إلى بريدة وغيرها.
انتهت هذه النشرة.
وقد اعتاد الناس على أن يجمعوا (أبا الخيل) بصيغة غريبة فكانوا يسمونهم (الخيله) أي: آل أبا الخيل إذا أرادوا بذلك جماعة منهم.
وحتى المهنا (آل مهنا) الذين انفصلوا أو كادوا بالتسمية عن آل ابا الخيل عند العامة، فصاروا يسمون المهنا، ولذلك أفردتهم برسم خاص في حرف اليمم من هذا الكتاب، كانوا لا يزال يسمون (أبا الخيل) عند المهتمين بالأمر كما جاء في قصيدة الأمير عبد العزيز بن متعب بن رشيد الذي كان يناصبهم العداء بعد أن تغلب عليهم وعلى حليفهم ابن صباح ومن معه في وقعة الصريف التي هي وقعة الطرفية، يسميها بعض الناس (وقعة الصريف) ويسميها بعضهم وقعة الطرفية لأنها حصلت في مكان بين هذين الموقعين وكانت في عام 1318 هـ.
قال ابن رشيد:
وهو الأمير عبد العزيز المتعب الرشيد بعد معركة الصريف:
هيه يا راكب المرسون
…
سلم على ساهر الليل (1)
قل: ابن صباح وابن سعدون
…
وابن سعود وأبا الخيل
كسرتهم والعدو ممهون
…
بعيال غلبا على الخيل (2)
(1) المرسون: الذي عليه الرسن من الخيل والإبل.
(2)
عيال غلبا: شمر.
أركض وراهم نقل مجنون
…
ودم النشامى تقل سيل
ذكر ابن رشيد زعماء الذين كسرهم أي هزمهم في تلك الواقعة وهم ابن صباح وابن سعدون شيخ المنتفق.
وابن شعود يريد الإمام عبد الرحمن الفيصل والد الملك عبد العزيز و (أبا الخيل) وهم أبناء حسن المهنا الذين هربوا من سجنه بتدبير من سالم الذايدي.
وتحضرني بهذه المناسبة قولة نقلت عن الإمام عبد الرحمن الفيصل آل سعود بعد هزيمته ومن معه على يد ابن رشيد أن ابن صباح قال له وهم في طريقهم إلى الكويت بعد الوقعة: ويش رأيك يا عبد الرحمن بابن رشيد عقب ها الوقعة؟ هو فيه أمل إننا ننتصر عليه؟
فقال الإمام عبد الرحمن: إن كان ابن رشيد عقب هذا الانتصار أخذ الناس بالعفو والصفح والعدل فحنا ما لنا أمل في الانتصار عليه، وإن كان استعمل البطش والشدة والظلم فإننا سوف ننتصر عليه بإذن الله.
قال الإخباريون وقد استعمل الأخير فنصر الله عليه ابن سعود حيث هزم وقتل على يد ابنه عبد العزيز بن عبد الرحمن الفيصل في وقعة روضة مهنا في شرق القصيم عام 1324 هـ.
وقد نظم أحد أصدقائنا المعاصرين من آل أبا الخيل وهو (علي بن صالح أبا الخيل، أبو أسامة) من خب ثنيان قصيدة في ذكر (آل أبا الخيل وانتقالهم من النبهانية إلى عنيزة نقتطف منها ما يلي:
الشعر يبقى والخلايق يموتون
…
توكيد للماضي على مرّ الأيام
ساروا به الركبان واللي يروحون
…
وتناقلوه الناس عام ورا عام
أجيال وعصور قديمات وفنون
…
وحروب وأمجاد وتواريخ وأعلام
راحت وذكره بالدواوين مصيون
…
لاجيالنا تبقي شواهيد والهام
وأنا قصدي يوم أغنيه بلحون
…
مانيب لا عاشق ولا نيب منضام
المقصد التذكير وأنتم تعرفون .. من وين حنا والخساره للأقلام
لو كل معلومه شريته بمليون
…
ما هي كثيره لي توافنَّ الاحلام
خذيتها من ناس قبلي يعرفون
…
واللي يبي ياصل على الدرب ما نام
ومن الكتب ومن المراجع بها الكون
…
دونت ما يكفي ويوفي لقدّام
ومن روس من راحوا وماتوا وخلون
…
أبوي وأجدادي رياحين الانسام
وثائق واسبال من عدَّة قرون
…
محفوفة باسم الأرامل والأيتام
حققتها من دون تشكيك وظنون
…
واخذت في تجميعها عشرة أعوام
وأنا لابو سليمان شاكر وممنون
…
عبد الله اللي يوم ناديت له قام
حنَّا تشاركنا به اللي تشوفون
…
والكف ميّت لا انقطع منه الإبهام
وما هي غريبه يوم قدم لي العون
…
دام المراجل في طرف كفه تنام (1)
وبسم الله الرحمن وابليس ملعون
…
والهرج مثل الملح لي حط بإيدام
* * * *
(ابن نجيد) اللي له الناس يردّون
…
على فعل يمناه ماهوب ينلام
استل سيفه ما رضى مقعد الهون
…
وبطاعة (خنيزان) قصّه للاعدام
قاموا عياله للأوادم يجرون
…
جرّ الضحايا ثاني اعياد الاسلام
عدوهم في جال (إبانات) مدفون
…
خلوه شاهد (للكرامه) ومرسام
وصوب (الجناح) بليلهم جوك يمشون
…
وحطوا لهم بالمجد تاريخ ووسام
ومن ذا بدَت قصة هلي لو تَخبرون
…
يوم المراجل بينهم غصب وإلزام
عيا (محمد) عن هله لا يروحون
…
واقسم يجيب الخيل والذود بخطام
بينه وبين الموت صولات وديون
…
راح وجلبها وأبيض الوجه ضرغام
وعلى ظهور الخيل قاموا يغنون
…
لا هنت يا (أبا الخيل) للموت لطام
(1) يريد صديقنا عبد الله بن سليمان أبا الخيل.