الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لمحات تاريخية:
بلادنا لم تؤرخ والشخصيات الفاعلة المؤثرة فيها لم يدون التاريخ شيئًا ذا بال عنها، ما عدا لمحات أشبه بالإشارات المبتورة التي لا تذكر من الوقائع إلا كلمات لا تعلل سببها في الغالب، ولا تدلل على نتائجها.
وقد اشتكى المؤرخ النادرة عثمان بن بشر رحمه الله من ذلك في تاريخه، فقال:
"وكان في أكثر نواحي نجد وقراها رسوم وعلامات، وهي مساكن أناس سلفوا في العارض والخرج والوشم والقصيم وسدير، وغير ذلك، ولا يعرف من سكنها، ولا ما فعل أهلها ولا ما فعل بهم، وذلك من تقصير علمائهم عن ذلك وعدم التفاتهم إلى هذا الفن، وكل علماء جميع الأقطار في الحرمين والشام ومصر والعراق والغرب وبلاد الروم وبلاد العجم وغير ذلك، أرخوا أوطانهم، وأرخوا من بناها وسكنها وتولى فيها وما حدث فيها من الحروب، وأرخوا أيضًا علماءهم ومن أخذوا عنه ومن أخذ عنهم، ولا سمعنا بأحد من علماء نجد وضع شيئًا من ذلك، فالله المستعان"(1).
انتهى كلام ابن بشر.
لذلك سرت هنا على ما سرت عليه في (معجم بلاد القصيم) من ذكر النص التاريخي المثبت في أحد الكتب، ثم التعليق على ما يحتاج فيه إلى تعليق من إيضاح أو تفسير أو نحو ذلك، مما حصلنا عليه بالمعلومات الشفهية التي سمعناها من كبار السن.
وقد يكون الأمر عكس ذلك، فنبدأ بحديث الإخباريين، ثم بالنص التاريخي، وهي مهمة في هذا الأمر لأنها كثيرًا ما تقيد شيئًا مطلقًا، أو توضح غامضًا أو تفصل مجملا.
(1) عنوان المجد، ج 1، ص 409، (الطبعة الرابعة).
مع أنها هي نفسها ضحلة، والرجال الذين يحفظونها هم في تناقص، إن لم نقل في تلاش، والذين نقلوا عنهم شفهيًا إن كانوا عقلوا ما نقلوه عنهم أصابهم أمران، إما يكون داء النسيان أو داء الهوى أو هما معًا.
ومع ذلك وجدت أن هذه هي الطريقة الممكنة للكتابة في هذا الموضوع.
وقد رتبت ذلك بحسب الكلام على ذكر بعض الأشخاص الأمراء أو البارزين الذين ورد لهم ذكر في التاريخ.
(آل أبو عليان) أسرة عريقة السكني في بريدة، كثيرة الفروع.
ومع ذلك كله فإن الوثائق عنهم شحيحة، مع أنه يفترض أن لبعضنهم أوقافا ووصايا، وبينهم مبايعات لأشياء مهمة من العقارات والمزارع والنخيل، ومع ذلك لم نر أكثر وثائقهم المظنونة.
والسبب في ذلك قلة عنايتهم كغيرهم من أهل نجد قبل دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله بالكتابة والتوثيق فضلًا عن التاريخ والوقائع والأنساب.
وأمر مهم آخر وهو قلة صيانة الوثائق والمبايعات والوصايا ونحوها، إذ لا توجد في تلك الأزمان خزائن للكتب ولا لحفظ الأوراق، ولذلك كثيرًا ما تتلف الأوراق أو تشرف على التلف بعد مدة قصيرة من كتابتها كما رأينا ذلك في كثير منها، الذي سيأتي في تضاعيف هذا الكتاب.
إضافة إلى ما كان يعتري البلاد من حروب ومجاعات ومخاوف، يضطر بعض أهلها بسببها إلى هجر البلاد والذهاب عنها إلى بلاد أخرى، كالشام والعراق، أو الأحساء والخليج، وربما الهند.
وليس من المعقول أن يأخذ من يكون كذلك وثائقه معه، فيتركها عندما لا يحسن صيانتها ولهذا السبب رأينا بعضهم إذا أراد السفر أو حتى إذا خاف على