الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أو فُتيا، إذا عَجَز المجتهد المقيَّد عن الاجتهاد في تلك المسألة، بناءً على الراجح من جواز تَجزُّؤ الاجتهاد، فيقَلَّد في المسائل التي لم يبلغ فيها رتبة الاجتهاد، ويجتهد فيما بلغها فيها، وقيل: لا يقلِّد العالمُ وإن لم يكن مجتهدًا؛ لأن له صلاحية أخذ الحكم من الدليل بخلاف العامِّيّ. وفاعل "يلزم" ضمير التقليد، و"مطلق" باسم المفعول نعت لـ "ذي اجتهاد" و"مقيدًا" باسم المفعول، ومفعول "يُطِقِ" محذوف أي لم يُطق استخراج المسألة بالاجتهاد.
958 -
وهو للمجتهدين مُمْتَنِعْ
…
لنظرٍ قد رُزِقوه مُتَّسِعْ
يعني أن
التقليد لا يجوز في الفروع لمن بلغَ رتبةَ الاجتهاد
؛ لأجل ما رزقه اللَّه من النظر المتسع لمعرفة الأحكام بالصلاحية، فإن حَصَل للمجتهد ظن الحكم باجتهاده بالفعل حَرُمَ عليه التقليد إجماعًا قاله المؤلف في "الشرح"
(1)
.
وأما إن لم يحصل له ظن بالفعل مع صلاحيته لذلك لاتصافه بصفات المجتهد = حَرُمَ عليه التقليدُ أيضًا عند مالك والأكثر، لتمكنه من الاجتهاد الذي هو أصل التقليد.
وقيل: يجوز تقليد المجتهد غيره فيما لم يعلمه بالفعل، وهو مرويٌّ عن أحمد
(2)
. وقيل: يجوز للقاضي لحاجته إلى فصل الخصوم
(1)
(2/ 331).
(2)
المنصوص عنه هو القول الأول، وهذه الرواية حكاها عنه الشيرازي، وهو أيضًا قول الثوري وابن راهويه، انظر "البحر المحيط":(6/ 285 - 286).
المطلوب تعجيله بخلاف غير القاضي، وقيل: يجوز للمجتهد أن يقلِّد من هو أعلم منه دون المساوي والأَدْوَن، ويُرْوَى عن محمد بن الحسن. وقيل: يجوز له التقليد في خاصية نفسه دون ما يفتي به غيرَه. وقيل: يجوز عند ضيق الوقت لما يسأل عنه كالصلاة بخلاف ما لا ضيق في وقته، وهو مروي عن ابن سُريج. وقال صاحب "الضياء اللَّامع"
(1)
: إن تقليده عند ضيق الوقت لا ينبغي أن يُخْتَلف في جوازه
(2)
. وقوله: "مُتَّسِع" بكسر السين.
959 -
وليسَ في فتواه مُفتٍ يُتَّبَعْ
…
إن لم يُضِف للدِّين والعِلم الورَعْ
يعني أن المفتي يحرم العمل بفتواه إذا لم تجتمع فيه ثلاث خصال وهي: الدين، والعلم، والورع. إذ لا ثقةَ بمن عدمت فيه واحدة منها، ويعرف حصولها بالإخبار عَنْه بذلك من الثقات، وبانتصابه واشتهاره في الفتوى والناس راضون بذلك. ومعنى اتصافه بالعلم: كونه مجتهدًا مطلقًا أو مقيدًا، أما غيرُ المجتهد فقد تقدم أن فتواه نَقلٌ، وقد قدَّمْنا شروطَها عند قول المؤلف:"لجاهل الأصول. . "
(3)
إلخ. ومعنى اتصافه بالدين: امتثاله للأوامر واجتنابه للنواهي. ومعنى اتصافه بالورع: تركه الشبهات وبعض المباحات خوفًا من الوقوع فيما لا ينبغي، ومن الورع الخروج من الخلاف فيما اختلَفَ فيه العلماء، ونَظَم ذلك من قال:
وأن الأَوْرعَ الذي يخرج من
…
خلافهم ولو ضعيفًا فاستَبِنْ
(1)
(2/ 524).
(2)
ذكر في "البحر" أحد عشر مذهبًا في المسألة.
(3)
البيت رقم (9341).