الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كتابُ الاسْتِدلَال
الاستدلال لغة طلب الدليل، ويطلق في عُرْف الأصوليين على أمرين:
أحدهما: إقامة الدليل مطلقًا من نصٍّ أو إجماعٍ أو غيرهما.
والثاني: نوع خاصٌّ من الدليل غير الكتاب والسنة والإجماع والقياس وهو المراد هنا.
819 -
ما ليس بالنصِّ من الدليلِ
…
وليسَ بالإجماع والتمثيلِ
يعني أن الاستدلال المذكور هنا هو الدليل الذي ليس بسنة ولا كتاب ولا إجماع ولا قياس، ومراده بالتمثيل القياس الأصولي المعروف بقياس الفقهاء المتقدم تعريفه في قوله:"بحمل معلوم"
(1)
إلخ. والاستدلال المذكور كالقياس المنطقِيّ، ومذاهب الصحابة، والمصالح المرسلة، والاستصحاب، والاستقراء، والعوائد، وسَدّ الذرائع، وغير ذلك.
820 -
منه قياسُ المنطقي والعكس
…
. . . . . . . . . . . .
يعني أن الاستدلال يدخل فيه قياس المنطقي وهو قسمان: قياس اقترانِيٌّ، وقياس استثنائي.
وضابط الاقتراني: أن تكون النتيجة فيه مذكورة بالقوة أي بمادتها دون صورتها، وهو يكون في الحمليات والشرطيات المتصلة. ومثاله في الحمليات: الوضوء قُربة وكل قُربة تُشترط فيها النية، ينتج من الشكل
(1)
البيت رقم (631).
الأول: الوضوء تشترط فيه النية. وهذه النتيجة مذكورة بمادتها في القياس لأن موضوعها موضوعُ المقدمة الصغرى، أعني قولنا: الوضوء، ومحمولها محمول الكبرى أعني: تُشترط فيها النية.
ومثاله في الشرطيات المتصلة: كلما كانت الطهارةُ وضوءًا كانت قُربة، وكلما كانت قربة اشترطت فيها النية، ينتج من الشكل الأول أيضًا: كلما كانت الطهارة وضوءًا اشترطت فيها النية.
وضابط القياس الاستثنائي: أن تكون النتيجة فيه مذكورة في القياس بمادتها وصورتها هي أو نقيضها وهو قسمان: شَرْطي متصل وشَرْطي منفصل. فالشَّرْطي المتصل أعني المركب من شَرْطية متصلة لزومية ومن استثنائية ضرورية: أربعة ينتج منها اثنان ويعقم اثنان، فالمنتجان هما: استثناء نقيض التالي فإنه ينتج نقيض المقدم، لأن نفي اللازم يقتضي نفي الملزوم، واستثناء عين المقدم فإنه ينتج عين التالي، لأن وجود الملزوم يقتضي وجود اللازم.
وضرْباهُ العقيمان هما: استثناء عين التالي فإنه لا ينتج عين المقدم لأن وجود اللازم لا يقتضي وجود الملزوم، واستثناء نقيض المقدم فإنه لا ينتج نقيض التَّالِي، لأن نفي الملزوم لا يقتضي نفي اللازم.
ومثال الاستثنائي المذكور قولك: لو كان هذا إنسانًا لكان حيوانًا، فلو استثنيت نقيض التالي فقلت: لكنه غير حيوان، أنتجَ: فهو غير إنسان. وكذا لو استثنيت عين المقدم فقلت: لكنه إنسان، أنتج: فهو حيوان. أمَّا لو استثنيت عين التَّالي فقلت: لكنه حيوان، لم ينتج كونه إنسانًا؛ لأن
وجود الأعم لا يقتضي وجود الأخصِّ. وكذا لو اسْتَثنيت المقدم فقلت: لكن غير إنسان، لم ينتج شيئًا؛ لأن نفي الأخص لا يقتضي نفي الأعم.
أما الشَّرْطي المنفصل فهو ثلاثة أقسام:
الأول: هو المركب من الشَّرْطية المنفصلة الحقيقية المعروفة بمانعة الجَمْع والخُلُو، وهي المركبة من النقيضين أو مساويهما، وهي ما كان العناد والتنافر بين طرفيها في الوجود والعدم معًا، فاستثناء عين كل من طرفيها ينتج نقيض الآخر، واستثناء نقيض كل منهما ينتج عين الآخر، كقولك: العدد إما زوج وإما فرد، فلو قلت: لكنه زوج، أنتج: هو غير فرد، ولو قلت: لكنه فرد، أنتج: هو غير زوج. ولو قلت: لكن غير زوج، أنتج: هو فرد، ولو قلت: لكنه غير فرد، أنتج: هو زوج.
القسم الثاني: هو ما كان فيه التنافر بين طرفَي القضية في الوجود فقط دون العدم، وهو المركَّب من مانعة الجمع المجوِّزة للخلو وهي تتركَّب من قضية وأخصُّ من نقيضها، وضروبها أربعة ينتج منها اثنان ويعقم اثنان، أما المنتجان فهما: استثناء عين المقدم فإنه ينتج نقيض التالي، واستثناء عين التالي فإنه ينتج نقيض المقدم. والعقيمان هما: استثناء نقيضهما فإنهما لا ينتجان لأنها مجوزة لِلْخُلُوِّ. مثاله: ما لو قلت: اللون إما أبيض وإما أسود، فلو قلت: لكنه أبيض، أنتج: غير أسود، ولو قلت: لكنه أسود، أنتج: غير أبيض. بخلاف ما لو قلت: لكن غير أبيض أو غير أسود فإنه لم ينتج.
والثالث: هو ما كان التنافر فيه بين طرفي القضية في العدم فقط دون