الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الثالثة: اليقين لا يرتفع بشك، وإيضاحه: وجوب استصحاب حكم الأمر المتيقن إذا طرأ الشك في حصول ضده المضاد حكمه لحكمه، ومن فروعها: من يشك هل صلى أربعًا أو ثلاثًا فإنه يبني على اليقين. وقوله صلى الله عليه وسلم: "شاهداك أو يمينه"
(1)
لأن براءةَ الذمة مقطوع بها أصلًا وعمارتها مشكوك فيها.
وما ذهب إليه مالك من نقض الوضوء بالشك في الحَدَث في أحد قوليه، فوجهه عنده: أنه شكٌّ في الشرط الذي هو الطهارة والأصل عدم الشرط، فالحَدَث عنده متيقن أوَّلًا فلا يخرج عن تيقنه إلا بتيقّن الطهارة ابتداءً ودوامًا، وغيره من العلماء يقولون: الطهارة متيَقَّنةٌ فلا يرفع ذلك اليقين بالحدث المشكوك فيه، وهو أحد القولين عن مالك وعليه ابن عرفة.
قلت: ويظهر لي أنه أصوب من وجهين؛ الأول: أن الطهارة حصلت يقينًا ولا وجه لرفع اليقين بالشك. الثاني: أن النبي صلى الله عليه وسلم صرح بعدم نقض الوضوء بالشك في الحَدَث حيث قال صلى الله عليه وسلم: "فلا يخرج حتى يسمع صوتًا أو يشمَّ ريحًا"
(2)
. وهذا النصُّ هو دليل العلماء على هذه القاعدة.
الرابعة: العادة مُحَكَّمة
، كاتباع العوائد في معاملات الناس وأَيْمانهم وطلاقهم ونحو ذلك. واستدلوا بقوله تعالى:{وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ} [الأعراف/ 199]، ولا يخلو هذا الاستدلال عندي من بُعْدٍ.
(1)
أخرجه مسلم رقم (138) من حديث ابن مسعود رضي الله عنه.
(2)
أخرجه البخاري رقم (137)، ومسلم رقم (361) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
وقوله: "وزاد من فَطِن" إلخ يعني أن بعض الأصوليين زاد أصلًا خامسًا على الأصول الأربعة التي ذكرنا عن القاضي حسين، وذلك الأصل الخامس هو: الأمور بمقاصدها، أي الوسائل تُعْطَى حكم المقصود بها، ومن فروعه: وجوب النية في الوضوء والغسل، ودليله:"إنما الأعمال بالنيات"
(1)
الحديث.
وقوله: "مع تكلف ببعض وارد" يعني أن الفروع لا ترجع كلها إلى الأصول المذكورة إلا بواسطة وتكلف؛ فلو أريد الرجوع بوضوح الدلالة لزادت تلك الأصول على المئين.
وقول المؤلف: "وأن ما يشق" المصدر المنسبك فيه من أنَّ وصلتها في محل خفض عطفًا على المجرور الذي هو: "رفع الضرر"، وكذلك قوله:"ونفي" بالخفض عطفًا عليه أيضًا، وكذلك المصدر المنسبك من أنْ وصلتها في قوله:"وأن يُحَكَّم العرف" في محل خفض أيضًا. و"يُحَكَّم" بالبناء للمفعول.
* * *
(1)
تقدم تخريجه.