الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وفي ثُبوتِ الحكم عند الانتفا
…
للظنّ والنّفي خلافٌ عُرِفا
وقوله
(1)
:
بالطرفين في الأصحِّ علَّلوا
…
فقصرُ مُترفٍ عليه يُنقل
وإيضاحه: أن المشقة التي مَثَّلوا بها لغير المنضبط لمَّا لم تصلح للتعليل لم يعلل بالحكمة التي هي رفع المشقة إلا على القول المرجوح كما ذكرنا، لأن المسافر يقصر ولو لم تحصل له مشقة على المشهور، والمشهورُ في مثل هذا التعليلُ بالمظنة
(2)
.
665 -
وهي التي من أجلِها الوصفُ جرى
…
عِلّةَ حُكْمٍ عند كلِّ من دَرَى
يعني أن الحكمة في اصطلاح أهل الأصول هي التي من أجلها صار الوصف علة، فهي إذًا عبارة عن جلب المصلحة أو تكميلها، أو دفع المفسدة أو تقليلها، فعِلَّةُ منع الخمر مثلًا الإسكار، والحكمة التي صار الإسكار من أجلها علة هي صيَانة العقل عن الذهاب، وقس على ذلك.
666 -
وهو للُّغةِ والحقيقه
…
والشرعِ والعرفِ نَمَى الخليقَه
الضمير في قوله: "هو" عائد إلى الوصف المعلّل به، يعني أن
الوصف المعلل به أربعة أقسام:
لغوي، وحقيقي، وشرعي، وعرفي، وهذا مراده بقوله:"نمى الخليقة" أي نسب الناس المعلّلَ به إلى هذه الأقسام كما ذكرنا، أما الوصف اللغوي فقد تقدم الكلام عليه في قوله:
(1)
البيت رقم (710).
(2)
انظر "المذكرة": (ص/ 476).
"هل تثبت اللغة بالقياس"
(1)
إلخ. والحقيقي في الاصطلاح هو: ما يتعقل في نفسه من غير توقف على عرف أو شرع أو لغة. ومثاله الإسكار، والطعم، والقتل عمدًا عدوانًا، ونحو ذلك. والشرعي كتعليل جواز رهن المشاع بجواز بيعه، وتعليل حياة الشَّعَر بحرمته بالطلاق وحليته بالنكاح. والعرفي كتعليل الكفاءة في الحسب بالشرف وعدمها فيه بالدناءة
(2)
.
667 -
وقد يُعلَّل بما تركَّبا
…
وامنعْ لعلَّةٍ بما قد أذْهَبا
يعني أنه يجوز التعليل بالعلة المركبة عند أكثر الأصوليين كما قاله القرافي في "التنقيح"
(3)
، ومثاله: القتل عمدًا عدوانًا لمكافئ غير والد
(4)
، فإن مجموع هذه الأوصاف المذكورة علة للقصاص، وكالاقتيات والادِّخار وغلبة العيش فإن مجموعها علة لربا الفضل عند المالكية على خلافٍ في اعتبار غلبة العيش.
وقيل: لا يجوز التعليل بالعلة المركبة، وزعم قائل ذلك أنه يؤدي إلى المُحال، وإيضاحه عنده: أنه إذا انتفى جزءٌ من أجزاء المركبة انتفت عِلِّيَّتها، فلو انتفى جزء آخر لزم تحصيل الحاصل وهو محال، ومعناه عنده: أن انتفاء الجزء علة لعدم العلية.
وأُجِيب من قبل الجمهور بأن انتفاء الجزء ليس علة لعدم العلية بل
(1)
البيت رقم (170).
(2)
انظر "النشر": (2/ 127 - 128).
(3)
(ص/ 132).
(4)
الأصل: ولد، والتصحيح من ط.
هو من قبيل انتفاء الشرط، فعدم العلية لانتفاء شرط وجودها لا لوجود علة عدمها.
وقوله: "وامنع لعلة" إلخ يعني أن مانع العلة يُشترط في كونه مانعًا لها أن يُذْهِب حِكْمَتها أي يبطلها، وقد عرفتَ مما سبق أن المانع لابد أن يكون وصفًا وجوديًّا.
مثال المانع المبطل لحكمة العلة: الدَّيْن، على القول بأنه مانع من وجوب الزكاة، فإن الحكمة في السبب المعبَّر عنه بالعلة -أعني الغنى بملك النصاب- مواساة الفقراء من فضل مال الأغنياء وليس مع الدَّيْن فضل يواسي به. وقوله:"أذْهَب" مفعوله محذوف أيْ أَذْهَبَ حِكْمَتَها.
668 -
والخُلْفُ في التعليل بالذي عُدِم
…
لما ثبوتيًّا كنسبيٍّ عُلِم
يعني أنه اخْتُلف في تعليل الحكم الثبوتي -أي الوجودي- بالوصف العَدَمي أو الوصف الإضافي، فاللَّام في قوله:"لما" متعلقة بالتعليل، و"ما" موصولة وصلتها جملة "عُلِم". و"ثبوتيًّا" مفعول "عُلِم" الثاني مقدَّمٌ عليه، ومفعوله الأول الضمير المستتر النائب عن الفاعل. وتقرير المعنى: والخلف في التعليل بالذي عُدِم -أي بالوصف المعدوم- للذي عُلم ثبوتيًّا.
وحاصلُ تقرير
(1)
هذا المقام: أن الأحوال أربعة؛ لأن الوصف المعلَّلَ به إما وجوديّ أو عدميّ، والحكم المعلل كذلك، فنضرب حالتَي العلة في حالتَي الحكم بأربع:
(1)
ط: تحرير.