الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
800 -
وذاك من هذا أخصُّ مُطلقا
…
وكونه ذَا الوجهِ مما يُنتقى
يعني أنه
اختلف في النسبة بين فساد الوضع وفساد الاعتبار على قولين:
الأول: أن فساد الاعتبار أعمُّ مطلقًا، وفساد الوضع أخصُّ مطلقًا، فالنسبة بينهما العموم المطلق، وهذا قول الآمدي
(1)
، وهو ظاهر كلام السبكي في "جمع الجوامع"
(2)
وعليه فكل فاسد
(3)
الوضع فاسد الاعتبار وليس كل فاسد الاعتبار فاسد الوضع؛ لأن الدليل قد يكون صحيح الوضع وإن كان فاسد الاعتبار بالنظر إلى أمر خارج هو النصُّ المخالف له كما تقدم
(4)
. وهذا مراد المؤلف بالشطر الأول، وإشارةُ البعيد فيه لفساد الوضع، وإشارةُ القريب لفساد الاعتبار كما بينَّا.
الثاني: أن النِّسْبة بينهما العموم والخصوص من وجه؛ واختاره زكريا الأنصاري
(5)
، وشهاب الدين عميرة، وهو اختيار المؤلف في "الشرح"
(6)
. وإيضاحه: أنهما يجتمعان فيما إذا كان الدليل على غير الهيئة الصالحة لترتيب الحكم عليه مع أنه خالف نصًّا أو إجماعًا، وينفرد فساد الاعتبار فيما إذا كان الدليل على الهيئة الصالحة لترتيب الحكم عليه
(1)
"الإحكام": (4/ 327).
(2)
(2/ 324).
(3)
الأصل: فساد.
(4)
بعده في ط: من المثالين.
(5)
انظر "غاية الوصول": (ص/ 133).
(6)
(2/ 232 - 233).
لكنه خالف نصًّ أو إجماعًا. وينفرد فساد الوضع فقط فيما إذا كان الدليل على غير الهيئة الصالحة، مع أنه لم يخالف نصًّا ولا إجماعًا.
وقوله: "مما يُنتقَى" أي يُختار، والضمير في "كونه" عائد إلى العموم والخصوص المفهوم من قوله:"وذاك من هذا أخصُّ" أي كون العموم والخصوص بينهما "ذا الوجه" أي صاحبه. يعني العموم والخصوص من وجه مما يختار.
801 -
وجمعُهُ بالمنع لا يضيرُ
…
كان له التقديمُ والتَّأخيرُ
يعني أن المعترض بفساد الاعتبار له أن يجمع معه منعَ مقدمة فأكثر من الدليل، كأن يقول المالكيُّ مثلًا: قولك إن المقوَّمات لا تنضبط ممنوع، بل هيَ تنضبط بالأوصاف الكاشفة المستوعبة لما تختلف فيه الأغراض، مع أن ذلك الذي قلت مخالف أيضًا لما ثبت في "صحيح مسلم" كما تقدم، فالجمع بين المنع وفساد الاعتبار إبطال للدليل بالنقل والعقل معًا.
وقوله: "كان له التقديم والتأخير" يعني أنه سواء في ذلك قدَّم الاعتراض بالمنع على الاعتراض بفساد الاعتبار أو عَكَس الأمر. والتحقيقُ أن الذي ينبغي تقديمُ الاعتراض بالمنع لأن فيه الترقِّي من الأدْنَى إلى الأعلى، وهو من محَسِّنات الكلام للفائدة في ذكر الأقوى بعد الأضعف؛ لأن الأضعف قد يكون غير كاف أو غير تامِّ الكفاية، أما لو قدَّم الأقوى؛ فذِكْرُ الأضعف بعده قليل الجدوى، وإلى هذا الذي ذكرنا أشار المؤلف في "الشرح"
(1)
.
(1)
(2/ 233 - 234).