الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يعني أن
الإلهام ليس بحجة
لعدم الثقة بإلهامِ من ليس معصومًا فلا تُؤْمَن دسيسة الشيطان فيه، والنبذ: الطرح والإلغاء، و"العراء" الأرض التي لا نبات فيها ولا شجر، و"الإلهام" إيقاع شيء في القلب يثلج له الصدر من غير استدلال، يخص اللَّه تعالى به من شاء، والحقُّ فيه ما ذكره المؤلف من أنه يُنبذ بالعراء أي يُلْغى ويُطْرح بالفضاء إذْ لا يثبت الشرع إلا بدليل. ومِثْل الإلهام: ما لو رأَى النبيَّ صلى الله عليه وسلم يأمره أو ينهاه في النوم لأن النائم لا يضبط.
844 -
وقد رآه بعضُ من تَصَوَّفا
…
وعصمة النبيّ تُوجِبُ اقْتِفا
يعني أن بعض المتصوِّفة رأى الاحتجاج بالإلهام في حق الملهَمِ نفسه دون غيره، وبعض الجبرية رآه حجة في حق الملهَم وغيره بمنزلة الوحي المسموع، واستدلوا بحجج لا تجديهم، منها: قوله تعالى: {فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ} [الأنعام/ 125]. ومنها: خبر: "اتقوا فراسة المؤمن فإنه ينظر بنور اللَّه"
(1)
. وقوله: "وعصمة النبيّ"
(1)
أخرجه الترمذي رقم (3127)، والعقيلي في "الضعفاء":(2/ 129) من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه. قال الترمذي عقبه: غريب.
وأخرجه الطبراني في "الكبير" رقم (7497)، وأبو نعيم في "الحلية":(6/ 118)، وابن عدي:(4/ 207)، والخطيب في "تاريخه":(5/ 99) من حديث أبي أمامة رضي الله عنه. وروي من حديث غيرهما.
قال السخاوي في "المقاصد": (ص/ 19): (وكلها ضعيفة). وضعفه ابن الجوزي في "الموضوعات": (3/ 388)، والمعلمي في تعليقه على "الفوائد المجموعة":(ص/ 244 - 245)، والألباني في "الضعيفة" رقم (1821).
إلخ يعني أن كون النبي صلى الله عليه وسلم معصومًا يوجب اقتفاءه أي الاقتداء به في خواطره لأن إلهامه ورؤياه كل ذلك وحي.
845 -
لا يَحْكُم الولي بلا دليل
…
من النصوصِ أو من التأويل
هذا البيت بيَّن فيه المؤلف نبْذَ إلهام الأولياء بالعراء وبيَّنَ أن معناه أنهم لا يحكمون أي لا يثبتون حكمًا من أحكام اللَّه تعالى إلا بدليل من الأدلة الشرعية من نصٍّ صريح أو مؤول أو غير ذلك، لانعقاد الإجماع على أن الأحكام الشرعية لا تُعْرَف إلا بأدلتها، وقد كان صلى الله عليه وسلم ينتظر الوحي فيما لم يَرِد عليه فيه نصّ.
846 -
في غيره الظنُّ وفيه القطْعُ
…
لأجل كشفٍ ما عليه نَقْعُ
الضمير في "غيره" عائد إلى حكم اللَّه المفهوم من قوله: "لا يحكم" يعني أن غير حكم اللَّه تعالى من إلهامات الصالحين منه ما يكون ظنيًّا، ومنه ما يكون قطعيًّا لما يقع لهم فيه من الكشف، فمن أخبرَه وليٌّ بشيءٍ فقد يحصل له به اليقين لموجبٍ يقتضي ذلك، ككونه رآه لا يخبر بشيءٍ إلا وقع، وقد يحصل له الظن لما يعلم من صدق القائل وصلاحه. و"النقع" الغبار، و"الكَشْفُ" هو أن يكشف اللَّه لبعض عباده عن غائب أو مستقبل، فمثاله في الغائب: قول عمر: "يا سارية الجبل"
(1)
ومثاله في المستقبل: قول أبي بكر: "أُرى ما في بطنِ بنت خارجة أنثى"
(2)
.
(1)
أخرجه أحمد في "فضائل الصحابة": (1/ 269 - 270)، واللالكائي في "أصول الاعتقاد":(7/ 1331). وحسنه ابن حجر في "الإصابة": (3/ 6).
(2)
أخرجه مالك في "الموطأ" رقم (2189)، والبيهقي:(6/ 169).
847 -
والظنُّ يختصُّ بخَمْس الغَيْبِ
…
لنفي علمها بدونِ ريْبِ
يعني أن مفاتيح الغيب الخمس إذا وقع فيها كشف لبعض الأولياء فإنه إنما يكون ظنيًّا لأن اللَّه نفى علمها عن غيره في قوله: {وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ} [الأنعام/ 59]. وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أن مفاتح الغيب هي الخمس المذكورة في قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ}
(1)
[لقمان/ 34] الآية.
وقال بعض العلماء: إن نفي العلم بها قبل تكلم الملائكة أما بعده فلا مانع من علمها. وقال القرافي
(2)
: إن علمها المنفي هو علمها بلا سبب، أما بسبب كالمنام والكشف فلا مانع. ولا يخفى أن ظاهر الآية مقدَّم على هذه الأقوال إذ لا دليل عليها من كتاب ولا سنة. أما قول أبي بكر:"أنه يرى ما في بطن ابنة خارجة أنثى" فهو ليس بعلم، بدليل أنه عبَّر "بأُرى" بضم الهمزة بمعنى أظن، ونَفْي العلم لا يستلزم نفي الظن لأن الظن ليس بعلم
(3)
.
848 -
قد أُسِّسَ الفقه على رفع الضَّرَرْ
…
وأن ما يشُقُّ يجلب الوِطَرْ
849 -
ونفي رفعِ القطعِ بالشكِّ وأنْ
…
يُحكَّمَ العرفُ وزادَ من فطَن
850 -
كونَ الأمور تبعَ المقاصدِ
…
معَ تكلُّفٍ ببعض واردِ
(1)
أخرجه البخاري رقم (1039) من حديث ابن عمر رضي الله عنهما.
(2)
نقله في "النشر": (2/ 263).
(3)
انظر "أضواء البيان": (2/ 174 - 178) عند تفسير قوله تعالى: {وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ} .