الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إذا لم يفارق المسكوت عنه المنطوق به إلَّا فيما لا يؤثر فإنه ينبغي اشتراكهما في المؤثر، فيلزم من ثبوت الحكم في المنطوق به ثبوته في المسكوت عنه.
تنبيه: هذا القسم من تنقيح المناط يُعَبَّر عنه بأسماء مُختلفة؛ يُسمَّى مفهوم الموافقة، ولَحْنَ الخطاب، وفحوى الخطاب كما تقدم، ويسمى تنقيح المناط، وإلغاء الفارق كما ذكر هنا، ويُسمَّى القياس في معنى الأصل كما يأتي في قول المؤلف:"قياس معنى الأصل عنهم حقق. . " البيت
(1)
.
و
إلغاء الفارق أربعة أقسام
تقدم تقسيمها وأمثلتها
(2)
: الأول: كإلغاء الفرق بين الضرب والتأفيف في المنع. الثاني: كإلغاء الفرق بين العمياء والعوراء في منع التضحية. الثالث: كإلغاء الفرق بَيْنَ إحراق مال اليتيم وأكله في المنع. الرابع: كإلغاء الفرق بين الأَمَة والعبد في سِراية العتق.
وقول المؤلف: "وما بغير من دليل. . " إلخ، يعني أن
من تنقيح المناط ما هو بغير إلغاء الفارق
من دليل آخر كما تقدم في حديث: "لا يقضينّ حكمٌ بين اثنين وهو غضبان"
(3)
، فالغضب مثلًا يفارق حقيقة الحقن والحقب مثلًا إلَّا أن الأدلة دلت على أن الغضب وحده ليس هو المقصودُ بإناطة الحكم، وإنما المقصود التشويش الناشيء عنه. وقوله:"رائقٍ" أي مُعْجبٍ.
757 -
من المنَاطِ أن تجي أوصافُ
…
فبعضها يأتي له انحِذافُ
(1)
رقم (818).
(2)
انظر (ص/ 426 - 427).
(3)
تقدم تخريجه.
758 -
عن اعتباره وما قد بقيا
…
ترتُّب الحكم عليه اقْتُفِيا
هذا النوع الثاني من تنقيح المناط هو بعينه السَّبر والتقسيم، وقد عرفت حدَّه وأمثلته فيما مضى
(1)
، وذكره المؤلف تكرارًا مع ما مضى تبعًا للسبكي في "جمع الجوامع"
(2)
والبيضاوي في "المنهاج"
(3)
.
759 -
تحقيق عِلَّة عليها ائتُلِفا
…
في الفرع تحقيق مناط أُلِفا
يعني أن تحقيق المناط أي العلة هو إثبات العلة المتفق عليها في الفرع، كتحقيق مالك والشافعي وأحمد مناط القطع الذي هو السرقة في النباش الذي ينبش القبور ويأخذ الأكفان = بأنه آخذُ مالٍ خِفْية من حِرْز مثله فيُقْطَع، خلافًا لأبي حنيفة القائل: لم يتحقق فيه المناط الذي هو السرقة، لأنه آخذ شيء في الخلاء لا حارس له كالملتقط.
وتحقيقُ المناط ليس من مسالك العلة لكنه دليل تثبيتُ به الأحكام، فلا خلاف في وجوب العمل به، وهو مضطر إليه في كل شريعة، ولابد من الاجتهاد فيه في كل زمن إذ لا يمكن التكليف إلَّا به
(4)
، وإنما يذكر الأصوليون تحقيق المناط مع أنه ليس من مسالك العلة تبعًا للجدليين الذين يذكرون تنقيح المناط وتخريج المناط وتحقيق المناط في محل واحد، ولم يذكر
(1)
عند البيت رقم (691).
(2)
(2/ 270، 292).
(3)
(ص/ 484).
(4)
هذه عبارة الشاطبي في "الموافقات": (5/ 17 - 18). ونقلها صاحب "النشر": (2/ 201)
المؤلف هنا تخريج المناط لأنه قدمه في مسلك المناسبة
(1)
.
760 -
والعجزُ عن إبطال وصفٍ لم يُفِدْ
…
عليةً له على الذي اعتُمِدْ
761 -
كذا إذا ما أمكنَ القياسُ
…
بهِ على الذي ارتضاه الناسُ
ذكر في هذين البيتين مسلكين ضعيفين
(2)
، الجمهورُ على أنهما ليسا بمسلكين، وقيل بمسلكيتهما:
الأول منهما: عجز الخصم عن إبطال علية وصف فإنه لا يفيد عليته على المعتمد وهو مذهب الجمهور. وقال الشيخ أبو إسحاق
(3)
: إنَّ عَجْزَ الخصمِ عن إبطال عِلِّية الوصف دليلٌ على عِلِّيته، كالمعجزة فإنها دلَّت على صدق الرسول صلى الله عليه وسلم للعجز عن معارضتها.
وأجيب عن هذا من جهة الجمهور: بأن العجز في المعجزة من جميع الخلق والعجز هنا من خصوص الخصم وبينهما بون عظيم، وهذا مراده بالبيت الأول.
الثاني منهما: إمكان القياس على تقدير كون الوصف علة لا يفيد عليته على ما ذهب إليه الجمهور، وقيل: يفيدها بناءً على أن القياس مأمور به في قوله: {فَاعْتَبِرُوا يَاأُولِي الْأَبْصَارِ (2)} [الحشر] وعلى تقدير عِلِّية الوصف يخرج بقياسه من عُهدة الأمر فيكون الوصف علة.
(1)
(ص/ 469).
(2)
ذكرهما السبكي في "الجمع": (2/ 293) وضعفهما.
(3)
لعله يعني الشاطبي، وقد ذكره في "النشر":(2/ 202)، وانظر"شرح المحلي على الجمع":(2/ 294).
وأجيب من جهة الجمهور بأمرين:
الأول: أنه إنما تتعين عليته إذ
(1)
لو لم يخرج من عُهدة الأمر إلَّا بالقياس المستند إلى ذلك الوصف، وليس كذلك.
الثاني: أنَّ تأتِّي القياس به متوقف على كونه علة، فإذا توقَّف كونه علة على تأتِّي القياس به لزم الدور السَّبْقي وهو مُحال عقلًا.
* * *
(1)
ط: أن.