المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ يعسر جدا حقيقة الفرق بين الوصف الذي تعين للعلية بمسلك المناسبة وبين الوصف المستبقى بالسبر - نثر الورود شرح مراقي السعود - جـ ٢

[محمد الأمين الشنقيطي]

فهرس الكتاب

- ‌كتابُ القِيَاس

- ‌أركانه

- ‌مركب الوصف" له صورتان:

- ‌ القياس المركب بنوعَيه

- ‌الفرع

- ‌ يُشترط في الفرع المقيس وجودُ علة الأصل بتمامها

- ‌ المعارضة بمقتضى خلاف الحكم

- ‌العِلَّة

- ‌ التعليل بالحكمة

- ‌ الوصف المعلل به أربعة أقسام:

- ‌ العدميَّ عند الفقهاء

- ‌تنبيهان

- ‌ إذا كان للمعنى [الواحد] عبارتان إحداهما نفي والأخرى إثبات

- ‌ إذا قُطِع بانتفاء الحكمة في صورة هل يثبت الحكم فيها مع تخلف الحكمة

- ‌ ثلاثَ صور من صور العلة القاصرة:

- ‌ جزء محل الحكم إذا كان غير خاصٍّ به لا يكون من صور القاصرة

- ‌ يجوز أن يكون لحكم واحد علتان فأكثر عند الجمهور

- ‌ تعدد الحكم لعلة واحدة

- ‌مَسَالك العِلَّة

- ‌ المسلك الثاني هو النَّصُّ

- ‌ من أمثلة الإيماء تفريق الشارع بين حكمين بواحد من أربعة أمور:

- ‌الأصلُ تقديم التقسيم

- ‌ المرادَ بهذا المسلك وأنه متركِّب من أمرين:

- ‌ لا يمتنع أن يكون حصر الأوصاف ظنيًّا

- ‌ الوصف الطردي قسمان:

- ‌ يعْسُر جدًّا حقيقة الفرق بين الوصف الذي تعين للعلية بمسلك المناسبة وبين الوصف المستبقَى بالسبر

- ‌ الضروريات التي هي أصول المصالح:

- ‌ التتميمىَّ قسمان:

- ‌ربما قيل للغريب: طَرْدٌ وطَرْديٌّ

- ‌ الشبه فوق الطَّرْد ودون المناسب

- ‌ إسماعيل بن عُلَية يرى جواز العمل بقياس الشبه الصوري

- ‌تنقِيح المنَاط

- ‌إلغاء الفارق أربعة أقسام

- ‌ من تنقيح المناط ما هو بغير إلغاء الفارق

- ‌القَوادح

- ‌ العلة المستنبطة لا يُقْدَح فيها بالنقض بل يكون تخصيصًا لها

- ‌ الثاني من القوادح: الكسر

- ‌لهذا النوع من الكسر صورتان:

- ‌ القدح بعدم التأثير ثلاثة أقسام:

- ‌ القلب مبطل للقياس بإبطاله العلة

- ‌ قلب القياس قسمان:

- ‌الأول: النفي

- ‌الثاني: الثبوت

- ‌الثالث: أن يَرِد القول بالموجَب لشمول لفظ المستدل صورةً متفقًا عليها

- ‌ من القوادح الفرق بين الفرع والأصل

- ‌ بعض أهل الأصول فصَّل في الخلاف المذكور

- ‌ من القوادح فسادُ الوضعِ

- ‌ من فساد الوضع كون الوصف الجامع ثبت اعتباره بإجماع أو نصٍّ

- ‌ اختلف في النسبة بين فساد الوضع وفساد الاعتبار على قولين:

- ‌جواب الاعتراض بفساد الاعتبار

- ‌خاتِمَة

- ‌ الحكم الثابت بالقياس لا يُنسب إلى اللَّه ولا إلى الرسول

- ‌ تقسيم آخرُ للقياس باعتبار علته

- ‌كتابُ الاسْتِدلَال

- ‌ من الاستدلال قياس العكس

- ‌ من أنواع الاستدلال: الاستقراء

- ‌ الاستقراء ينقسم إلى تام وغير تام

- ‌ محل استصحاب العدم الأصليّ ما لم يعارض الغالبُ ذلك الأصل

- ‌ فروع هذا الأصل منها ما اخْتُلِف فيه بناءً على الاختلاف في هذا الأصل

- ‌ في معنى الاستحسان المعمول به عند المالكية أربعة أقوال:

- ‌ الإلهام ليس بحجة

- ‌الأولى: الضررُ يُزال

- ‌الثانية: المشقة تجلب التيسير

- ‌الرابعة: العادة مُحَكَّمة

- ‌كتاب التعَادل والتَّراجِيح

- ‌ ذكر الأقوال الضعيفة في كتب الفقه ليس للعمل بها

- ‌أوجه الجمع كثيرة

- ‌التَّرْجيح باعتبار حَال الرَّاوي

- ‌ العلوَّ في السند مرجح على مقابله

- ‌ عدم التدليس‌‌ من المرجِّحات

- ‌ من المرجِّحات

- ‌ رواية الذَّكَر تُرَجَّح على رواية الأنثى

- ‌ يقدَّم خبر من له اسم واحد على من له اسمان

- ‌ الراوي باللفظ يقدَّم على الراوي بالمعنى

- ‌التّرجيح باعتبار حَال المرويّ

- ‌ كثرة الأدلة على أحد المتعارضين مرجِّحة

- ‌ تقديم القول على الفعل أغلبي، وربما قُدِّم الفعل

- ‌ الخبر المدني مرجَّح على المكي لأنه بعده

- ‌ الخبر الذي جمع العلة والحكم معًا مقدَّم على ما أفاد الحكم دون العلة

- ‌ العام الذي هو نكرة في سياق النفي مقدَّم على غيره من أدوات العام

- ‌ الدال بالاقتضاء مقدم على الدال بالإشارة

- ‌ مفهوم الموافقة مقدَّم على مفهوم المخالفة

- ‌الترجيح باعتبار المدْلُول

- ‌ الخبر المتضمِّنَ للتكليف مقدَّم على النهي وعلى الأمر

- ‌ الخبر الدالَّ على نفي الحدِّ مقدَّم على الدال على الحد

- ‌ترجيح الإجماعات

- ‌ الإجماعَ يرجَّح على النصِّ

- ‌ترجيح الأَقْيسَة والحدُود

- ‌ يرجح أحد القياسين بكون وجود العلة في الأصل مقطوعًا به

- ‌ العلة المنصوصة مرجَّحَة على المستنبطة

- ‌ اختلفوا في العلتين المتعديتين إذا كانت إحداهما أكثر فروعًا

- ‌القياس الذي علته ذاتية مقدم على الذي علته حكمية

- ‌ ترجيح الحدود

- ‌يقدم الحدُّ الأوضح على الواضح

- ‌يقدَّم الحدُّ الأعم نفعًا على حدٍ أخصَّ منه

- ‌كتابُ الاجتهَاد في الفُروع

- ‌ شروط المجتهد

- ‌ من شروط المجتهد أن يكون عارفًا بأنه مكلَّف بالتمسُّك بالدليل العقلي

- ‌ أن يكون عارفًا بمواضع الأحكام من المُصْحَف والأحاديث

- ‌ مجتهد المذهب أعلى رتبة من مجتهد الفُتيا

- ‌ الصحيحَ الذي عليه الأكثر جوازُ تجزُّؤ الاجتهاد بأنواعه

- ‌ المصيب من المختلفين في العقليات واحد

- ‌فصل التقليد في الفُروع

- ‌ التقليد لا يجوز في الفروع لمن بلغَ رتبةَ الاجتهاد

- ‌هل يجوز الإفتاء في الخصومات التي شأنها الرفع إلى القاضي

- ‌ العامي إذا قلد مجتهدًا في مسألة، يجوز له أن يقلِّدَ غيره في مسألة أخرى

- ‌فهرس المراجع

الفصل: ‌ يعسر جدا حقيقة الفرق بين الوصف الذي تعين للعلية بمسلك المناسبة وبين الوصف المستبقى بالسبر

أيضًا الإيماءُ من جهة ترتيب الحكم على الوصف، ويظهر الفرق بأنا لو فرضنا أنه لم تظهر فيه مناسبة لقيل فيه: مسلك الإيماء، لأن المناسبة فيه لا تُشترط عند الأكثر ولم يُقَلْ

(1)

فيه: مسلك المناسبة لعدم مناسبة الوصف للحكم.

705 -

وواجبٌ تحقيقُ الاستقلالِ

بنَفْي غيرِه من الأحوالِ

يعني أنه لابد في مسلك المناسبة أن يحقق استقلال الوصف المناسب بالعلية، وتحقق ذلك إنما يكون بنفي غيره من الأحوال أي الأوصاف، وطريقة ذلك هي السَّبر بأن لا يوجد مثلُه ولا ما هو أولى منه، ولا يكفي هنا:"بحثتُ فلم أجد" أو "انفقاد ما سواه هو الأصل" بخلاف السبر كما تقدم؛ لأن المقصود في مسلك المناسبة هو إثبات الوصف الصَّالح للعلية، وفي السبر نفي ما لا يصلح للعلية من الأوصاف فظهر الفرق.

قلت:‌

‌ يعْسُر جدًّا حقيقة الفرق بين الوصف الذي تعين للعلية بمسلك المناسبة وبين الوصف المستبقَى بالسبر

لاسيما وقد قدَّمنا أن من طرق الإبطال عدم ظهور المناسبة كما في قول المؤلف: "ويبطل غير مناسب له المنخزل"، وفرَّق بينهما الأصفهاني شارح "المختصر"

(2)

لابن الحاجب، والزركشيُّ

(3)

، وزكريا الأنصاريُّ

(4)

بأن الوصفَ المستبقَى في السبر لا

(1)

غير محررة في الأصل.

(2)

"بيان المختصر": (3/ 112).

(3)

"البحر المحيط": (5/ 207).

(4)

لعله في حاشيته على شرح المحلي.

ص: 472

يُدْرِك العقلُ من ترتيب الحكم عليه المصلحةَ الباعثةَ، بخلاف المناسبة، فإن العقلَ يُدْرِك فيها ذلك. قالوا: وعدم إدراك العقل لذلك لا يلزم منه خلوُّ تلك الأوصاف عن حكمة.

وبحَثَ في هذا الجواب صاحب "الآيات البينات"

(1)

، ولا يظهر عندي هذا الجواب كلَّ الظهور لِمَا تقدم من أن عدم ظهور المناسبة من طرق الإبطال في السَّبْر.

706 -

ثم المناسبُ الذي تَضَمَّنا

تَرتُّبُ الحكم عليه ما اعْتَنى

707 -

به الذي شَرَعَ من إبعادِ

مفسدةٍ او جَلْبِ ذي سَدادِ

يعني أن المناسب هو "الذي تضمن" أي استلزم ترتب الحكم عليه ما اعتنى به الشارع في شرع الأحكام من جلب المصلحة ودفع المفسدة، فمثال جلب المصلحة: وجوب الزكاة فإن علته سدُّ خلة الفقير، وهو جلب مصلحة. ومثال درء المفسدة: الإسكار فإنه علة لتحريم الخمر، والمنع منها يدرء مفسدةَ فساد العقل. والمصلحة هي المنافع واللذَّات ووسائلها، والمفسدة هي المضار والمشقَّات ووسائلها.

وقول المؤلف: "ترتُّبُ" بالرفع فاعل "تضمَّن" ومفعول "تضمَّن" هو "ما" الموصولة في قوله: "ما اعتنى" و"الذي شَرَع" يعني به الشارع، والمراد "جلب ذي سداد" جلب المصلحة، وفي المناسبة أقوال أُخر غير هذا ذكرها صاحب "جمع الجوامع"

(2)

.

(1)

(4/ 127 - ط. دار الكتب).

(2)

(2/ 276 - 274).

ص: 473

708 -

ويحصل القصدُ بشَرْع الحكمِ

شكًّا وظنًّا وكذا بالجزمِ

709 -

وقد يكونُ النفيُ فيه أرْجَحا

كآيسٍ لقصدِ نسلٍ نَكَحا

مرداه بـ "القصد" المقصود أي الحكمة التي هي المقصود من شرع الحكم، يعني أن الحكمة التي اشتملت عليها العلة بالنظر إلى حصولها بالفعل وعدم حصولها لها أربع حالات:

الأولى: أن يجزم بحصولها كالملك لجواز التصرف.

الثانية: أن يُظنَّ حصولها كالقصاص فإنه يحصل به غلبة الظن على وجود حكمته التي هي الانزجار عن القتل، إذ يغلب على الظن أن من عَرَف بأنه إذا قَتَل قُتِل لا يُقْدِم على القتل خوفًا من الموت.

الثالثة: أن يكون حصول الحكمة مشكوكًا فيه كحد الخمر، فإنه يحتمل أن يحصل به الانزجار عنها خوفًا من الضرب والإقدام عليها، وهذا أمر تقريبيُّ لأن الإقدام عليها والإحجام عنها كلاهما يقع من غير ضبط لأكثرية أحدهما.

الرابعة: أن يكون انتفاء الحكمة أرجح وأغلب على الظن، وهذا الأخير مَثَّل له المؤلف بقوله:"كآيسٍ لقصد نسلٍ نكحا" والمعنى أن من حصل له اليأس عادة من الولد جاز أن يتزوج بقصد حصول الولد مع أن عدم وجوده أرجح. وقوله: "كآيس" فيه القَلْب الصرفيُّ فصار الفاء مكان العين والعين مكان الفاء. وقوله: "النفي" يعني الانتفاءَ فهو مصدر نفى اللَّازمة بمعنى انتفى.

710 -

بالطرفيْنِ في الأصَحِّ علَّلُوا

فقصرُ مترفٍ عليه يُنْقَلُ

ص: 474

مراده بالطرفين: الأول من الأقسام الأربعة في النظم، والأخير والأول منها هو الشك المذكور في قوله:"شكًّا" والآخر منهما هو الوهم المذكور في قوله: "وقد يكون النفي فيه أرجحا" إلخ يعني أن الأصح عند أهل الأصول جواز التعليل بالوصف المناسب المشتمل على حكمة حاصلة من ترتيب الحكم عليه شكًّا أو وهمًا، وأما التعليل بالمظنون حصولها فيه والمجزوم به فجائز اتفاقًا.

فإن قيل: إذا جاز التعليل بالأمور الأربعة المذكورة لم يبق شيء ألبتة، لأن كل وصف لابد أن تكون حكمته مجزومًا بها أو مظنونة أو مشكوكًا فيها أو موهومة.

فالجواب: أن هذه الأربعة أقسامُ المناسب أي ما ظهرت مناسبته والعلةُ لا تنحصر فيه، وقد تكون فيما لم تظهر مناسبته كما تقدم في الإيماء وفيما لم يُطلع على حكمته.

وقوله: "فقصر مترف" إلخ يعني أن قصر المترفِّه بسفره ينبني جوازه الذي هو المشهور على جواز التعليل بالطرفين، فعلى الأصح يجوز له القصر مع أن انتفاء الحكمة مظنون ووجودها مَوْهُوم، لأن الحكمة رفع المشقة وسَفَر الترفُّه لا مشقَّة فيه غالبًا، وقد تكون فيه احتمالًا، وإن قطع بنفي المشقة فقد تقدم في قوله:"وفي ثبوت الحكم عند الانتفا" إلخ. ومقابل الأصح هو القول بأنه لا يجوز التعليل بالأول لأن المقصود فيه الذي هو الحكمة مشكوك فيها، ولا بالرابع لرجحان عدمها فيه، وعليه فلا يجوز قَصْر المُتَرَفِّه بسفره.

ص: 475