الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
* وأيضًا فقد تكلم النسائي في رواية عطاء بن دينار التفسير عن سعيد بن جبير، ويمكن أن يجاب عن ذلك بأنها وجادةٌ صحيحة. والله أعلم. ابن كثير ج2/ 484
* [عن سعيد بن جبير] وثقه أحمد في رواية. وأبو داود. ولكن قال أبو حاتم الرازي: "صالح الحديث إلا أن التفسير أخذه من الديوان". . تفسير ابن كثير ج 3/ 309
* عطاء بن دينار: [عن سعيد بن جبير، وعنه ابن لهيعة] وسنده ضعيفٌ، قال أبو حاتم:. . تفسير ابن كثير ج 2/ 324
* وعطاء بن دينار ثقة في نفسه، ولكنه لم يسمع التفسير من سعيد بن جبير، إنما هو وجادة، وهو أحد وجوه التحمل. تفسير ابن كثير ج 4/ 73
2525 - عطاء بن زهير بن الأصبغ: [
عن أبيه عن عبد الله بن عمرو؛ وعنه شُمَيط بن عجلان أخو الأخضر بن عجلان]
* وقولُ أبي داوُد: "قال عطاءُ بنُ زُهيرٍ: إنَّه لَقِيَ عبد الله بن عمرو، فقال: إنَّ الصَّدَقة لا تَحِلُّ لقوِيٍّ، ولا لِذِي مِرَّةٍ سَوِيٍّ" استَشكَلَهُ الشيخُ العلامةُ أبو الأشبال أحمد شاكر، فأطال الكلامَ عنها في "تَخريج المُسنَد"(10/ 38 - 40) استيضاحًا للصَّواب واستِرباحًا للثَّواب. إن شاء الله تعالى.، فقال:
* "بقيَت كلمَةُ أبي داوُد: "وقال عطاءُ بن زهيرٍ: إنَّه لَقِيَ عبد الله بن عمرو، فقال: إنَّ الصَّدَقة لا تَحِلُّ لقوِيٍّ، ولا لِذِي مِرَّةٍ سَوِيٍّ"، فهذا شيءٌ لا أدري ما هو وما وَجهُهُ؟ مِن جهة الإسناد، ومِن جهة اللفظ؟! فعَطاءُ بن زُهيرٍ هذا لم أجد له ترجَمةً في "التَّهذيب" وفُروعِه، ولا أدري كيف تَرَكُوه، وهو في سُنَن أبي داوُد أحدِ الكُتبِ السِّتَّة؟ ولم أجد له ترجمةً في "التَّعجيل" ولا "الميزان" ولا "لسان الميزان"؟
* نعم! ترجمه ابنُ أبي حاتِمٍ في "الجَرح والتَّعديل"(3/ 1/ 332)، قال:"عطاءُ ابنُ زُهيرِ بن الأصبَغ. رَوَى عن أبيه. رَوَى عنه شُمَيطٌ والأخضَرُ ابنا عجلان. سمعتُ أبي يقُولُ ذلك".
* فهذا هو الذي ذكره أبو داوُد، ولكنَّه أخطأ الحِفظ، أو سَمِع بإسنادٍ أخطأ بعضُ رُواتِه، فذَكَره هكذا مُعلَّقًا مُنقَطِعًا، وأخطأ هو أو مَن فوقه لفظَ الحديث المَوقوف، إذ قال:"لا تَحِلُّ لقَوِيٍّ، ولا لذِي مِرَّةٍ سَوِيٍّ"!! وذُو المِرَّة السَّوِيِّ هو القوِيُّ، كما سيجيء.
* والدَّليلُ على خطإ رواية أبي داوُد هذه أنَّ البُخاريَّ ترجم في "الكَبير"(2/ 1/ 392) لزُهيرٍ والِدِ عطاءٍ هذا، قال:"زُهيرُ بنُ الأصبغ العامِرِيُّ. سَمِع عبد الله بن عمرو. روَى عنهُ ابنُهُ عطاءٌ".
* ثُمَّ ترجم فيه (2/ 2/ 263 - 264) لشُمَيطِ بن عَجلانَ (1) الذي ذكر ابنُ أبي حاتِمٍ أنَّه رَوَى عن عطاء بن زُهيرٍ، قال:"شُمَيطُ بن عَجلانَ، أبو عُبيد الله البَصريُّ، أخُو الأخضر الشَّيبانِيِّ، ويُقال: التَّيمِيُّ. روى عنه ابنُهُ عُبيدُ الله. وقال سيَّارُ ابنُ حاتِمٍ: هو القَيسِيُّ. روى عن عطاء بن زُهيرٍ، عن أبيه: لقيتُ عبد الله ابن عَمرٍو، قلتُ: "أخبِرني عن الصَّدقة؟ "، قال: "شَرُّ مالٍ، مالُ العميان والعرجان والكسحان واليَتامَى وكُلِّ مُنقَطَعٍ به"، قلتُ: "إنَّ للعامِلين عليها حقًّا؟!، قال:"بقدر عَمَالتِهم"، قلتُ:"والمُجاهدين؟ "، قال:"قومٌ قد أُحلَّ لهم. إنَّ الصَّدَقة لا تَحِلُّ لِغَنيٍّ، ولا لذِي مِرَّةٍ سَوِيٍّ". حدَّثَنِي عِيسى بنُ إبراهيم، حدَّثَنا عبد العزيز بن مُسلمٍ، حدَّثَنا شُيمطُ بنُ عَجلانَ، عن أبيه، سمع ابن عُمَر"
* وهذا الإسنادُ الأخيرُ في "الكبير" مَغلُوطٌ مُحرَّفٌ، كتب عليه مُصَحِّحُه
(1) قال شيخُنا حفظه الله: ورواية شميطٍ هذه: أخرَجَها البَيهَقِيُّ (7/ 13) أيضًا.
العلامةُ الشَّيخُ عبد الرَّحمن بنُ يحيَى اليَمانيُّ ما نَصُّهُ: "كذا، ويُمكن أن يكون الصَّواب. . . حدَّثنا شُميطُ بن عَجلانَ، عن عطاءٍ، عن أبيه، سَمِعَ ابن عَمْرٍو"، وهذا التَّصويبُ مُتعيِّنٌ، كما هو ظاهرٌ من سياق التَّرجَمة.
* فهذا السِّياقُ الذي ساقه البخاريُّ ورواه بإسنادِهِ، يدُلُّ على الخطإِ الذي وَقَعَ في روايةِ أبي داوُد المُعلَّقةِ، الخطإِ في الإسناد المُنقَطِع، ثُمَّ الخطإِ في المَتن، فهو يدُلُّ على أنَّ عطاءَ بن زُهيرٍ لم يلق عبد الله بنَ عمرٍو، بل الذي لقيه هو أبوه زُهيرُ بنُ الأصبغ، وإنَّما روى عطاءُ بنُ زُهيرٍ ذلك عن أبيه، ورواه شُميطُ ابن عَجلانَ عن عطاءٍ هذا عن أييه، وأنَّ زهَيرًا أبا عطاءٍ سأل عبد الله بنَ عمرو عن الصَّدقة، فحطَّ مِن شأنِها؛ تنفيرًا مِن قَبُولها وتنزيهًا، حتَّى جادَلَه في استِحقاق العامِلين عليها والمُجاهِدين، فأبان له أنَّ ذلك بقدر ما أَذِن الله به؛ تحذيرًا مِن تجاوُزِ ما أحلَّ الله فيها، ثُمَّ وكَّد ذلك بأنْ ذَكَر له أنَّها "لا تَحِلُّ لِغَنِيٍّ، ولا لِذي مِرَّةٍ سَوِيٍّ".
* فلا يدُلُّ هذا على أنَّ روايَتَهُ موقُوفةٌ غيرُ مرفُوعَةٍ، كما يُوهِمُ كلامُ أبي داوُد، إذ كأنَّهُ يُشيرُ إلى تعليل الرِّوايَة المَرفُوعة بهذه الرِّوايَة المَوقُوفَة التي رَوَاهَا مُعلَّقَةً، ورواها على وجهٍ كلُّهُ خطأٌ. ولعلَّ أبا داوُد ذَكَرَها مُعلَّقةً لهذا السَّبب، لَمَح فيها الخَطأَ في الإسنادِ والمَتنِ، فأعرَضَ عن أن يَسُوقَها بإسنادِهَا مَساقَ رواياتِهِ في كتابِهِ، إذ كانت عنده على نحوٍ لَم يَطمئنَّ إليه. ثمَّ بعد هذا، لو كان الحديثُ موقوفًا لفظًا فقط، كان مَرفُوعَ المَعنَى؛ لأنَّ الصحابِيَّ إذا حَكَى التَّحريمَ أو التَّحليل، أو الأمرَ أو النَّهيَ، كان مَحمَلُهُ على النَّقل عن النبيّ صلى الله عليه وسلم.
* وقد تكلَّمنا في هذا المَعنَى فيما مَضى، في شرح حديث "أُحِلَّت لنا مَيتَتَان"(5723)، وأَشَرنا إلى بعض أقوال الأئِمَّة في ذلك، ونَزِيدُ هنا قولَ الخَطيبِ
البَغدادِيِّ في كتاب "الكِفاية في عِلم الرِّوايَة"(ص 421)، قال:"قال أكثرُ أهل العِلم: يجبُ أن يُحمَل قولُ الصَّحابِيِّ: "أُمِرنا بكذا" على أنَّه أمر الله ورسُولِهِ. وقال فريقٌ منهم يجبُ الوَقفُ في ذلك؛ لأنه لا يُؤمَن أنْ يَعني بذلك أمرَ الأئمَّة والعُلماء، كما أنَّه يَعنِي بذلك أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم. والقَولُ الأوَّل أولَى بالصواب". "والدَّليلُ عليه: أنَّ الصَّحابِيَّ إذا قال: "أُمِرنا بكذا" فإنَّما يَقصِدُ الاحتِجاج لإثبات شرعٍ وتَحليلٍ وتحريمٍ وحُكمٍ يجبُ كونُهُ مَشرُوعًا".
* "وقد ثَبَتَ أنَّه لا يَجِبُ بأمر الأئمَّة والعُلَماءِ تحليلٌ ولا تَحريمٌ إذا لَم يكُن أمرًا عن الله ورسولِهِ. وثَبَتَ أنَّ التَّقليد لهم غيرُ صحيح. وإذا كان كذلك، لم يَجُز أن يقول الصَّحابِيُّ: "أُمِرنا بكذا" أو "نُهينا عن كذا"، ليُخبِرَنَا بإثبات شرعٍ، ولُزوم حُكمٍ في الدِّين، وهُو يُريدُ أمرَ غيرِ الرَّسُول ومَن لا يَجِبُ طاعتُهُ ولا يَثبُتُ شرعٌ بقولِهِ، وأنَّه متى أراد مَن هذه حالُهُ وَجَبَ تقييدُهُ له بما يدلُّ على أنَّه لم يُرِد أمرَ مَن يَثبُتُ بأمرِهِ شرعٌ. وهذه الدِّلالَةُ بعَينِها تُوجِبُ حَملَ قوِلِه: "من السُّنَّة كذا" على أنَّها سُنَّة الرَّسول صلى الله عليه وسلم ".
* فهذا مِن قوِلهِم في قول الصَّحابِيِّ "أُمِرنا بكذا" أو "نُهِينا عن كذا"، بصيغَة المَبنِيِّ لما لَم يُسَمَّ فاعلُهُ. فأولَى ثُمَّ أولَى إذا صرَّح بالتَّحليل أو التَّحريم، كقول عبد الله بن عمرٍو هنا، في الرِّواية المَوقُوفة:"لا تَحِلُّ الصَّدَقةُ. . . الخ". فهو حين يُحاوِرُ زُهيرَ بنَ الأصبَغ في الصَّدقة، وَيحتجُّ عليه ويَحُجُّه، بأنَّ الصَّدقةَ لا تَحِلُّ لِغنِيٍّ ولا لِذي مِرَّةٍ سَوِيٍّ، إنَّما يَحُجُّه بالسُّنَّة الصَّحيحةِ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، المُبَلِّغِ عن الله التَّحليلَ والتَّحريمَ، لا يَحُجُّه بقولِ نفسِهِ، ولا برأي نفسه، ولا بقولِ أحدٍ ولا برأي أحد دون رسول الله صلى الله عليه وسلم. فهذا الحديثُ إذن حديثٌ صحيحٌ مرفُوعًا أو موقُوفًا، ليست له عِلَّةٌ، وقد أخطأ كُلُّ مَن أَعلَّهُ" انتهَى.
* الفتاوى الحديثية/ ج 2/ رقم 164/ ربيع آخر/ 1419