الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
20987]، وصح عن ابن مسعود رضي الله عنه أنه قال:«الغِنَاءُ يُنْبِتُ النِّفَاقَ فِي القَلْبِ» [البيهقي: 21006، وصححه ابن القيم].
ويستثنى من ذلك:
1 -
الدف؛ فلا يحرم (1)؛ لحديث بريدة الأسلمي السابق في قصة الجارية؛ ولو كان محرمًا لم يأمرها به وإن كان منذورًا.
واختار ابن عثيمين: أنه حرام في غير المواطن الواردة؛ لدخول الدف في مسمى المعازف لغة، ولأن ما خُصِّص بحال يجب أن يتخصص بها.
2 -
الطبل للرجال في الحرب؛ فلا يحرم؛ لما فيه من المنفعة ومصلحة الحرب، بخلاف طبل اللهو.
(فَصْلٌ) في عشرة النساء
العشرة: بكسر العين، الاجتماع، يقال لكل جماعة: عشرة ومعشر، وهي هنا: ما يكون بين الزوجين من الألفة والانضمام.
(1) نص في الإقناع على كراهة الدف للرجال مطلقًا، فيفهم منه كراهته للنساء في غير المواطن المذكورة.
- مسألة: (وَيَلْزَمُ كُلًّا مِنَ الزَّوْجَيْنِ مُعَاشَرَةُ) الزوج (الآخَرِ بِالمَعْرُوفِ)، من الصحبة الجميلة وكف الأذى، (وَأَلَّا يَمْطُلَهُ بِمَا يَلْزَمُهُ) من حق، (وَلَا يَتَكَرَّهَ لِبَذْلِهِ)، بل بِبِشْرٍ وطلاقة وجه، ولا يتبعه أذىً ومنة؛ لقوله تعالى:{وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ} [النساء: 19]، وقوله:{وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ} [البقرة: 228]
- فرع: (وَيَجِبُ بِعَقْدِ) النكاح إذا تمَّ؛ (تَسْلِيمُ) زوجة (حُرَّةٍ)؛ لأنه بالعقد يستحق الزوج تسليم المعوَّض، كما تستحق المرأة تسليم العوض، فيجب إذا كانت:
1 -
ممن (يُوطَأُ مِثْلُهَا)، وهي بنت تسع؛ لأن التسليم إنما وَجَب ضرورة استيفاء الاستمتاع الواجب، فإذا لم يُمكِن الاستمتاع بها لم يكن واجبًا، ولأن النبي صلى الله عليه وسلم بنى بعائشة رضي الله عنها وهي بنت تسع سنين [البخاري: 3894، ومسلم: 1422].
واختار ابن عثيمين: أنه لا يتحدد بسن، بل متى أمكن وطؤها والاستمتاع بها وجب تسليمها، وحديث عائشة رضي الله عنها يحمل على سبيل الغالب، لا التحديد.
2 -
وأن يطلب الزوج ذلك، وأشار إليه بقوله:(فِي بَيْتِ زَوْجٍ إِنْ طَلَبَهَا)؛ لأن الحق له، فلا يجب بدون طلبه.
3 -
(وَلَمْ تَكُنْ شَرَطَتْ) أي: الزوجة في العقد (دَارَهَا)، أو بلدها، فإن شرطتها فلها الفسخ إذا نقلها عنها؛ للزوم الشرط.
- فرع: يكون التسليم في بيت الزوج؛ لأنه بالعقد يستحق الزوج تسليم العوض كما تستحق المرأة العوض؛ كالإجارة.
واختار ابن عثيمين: إلا أن يخالف العرف ذلك، فيعمل حينئذ بالعرف؛ لقوله تعالى:(وعاشروهن بالمعروف).
- فرع: (وَمَنِ اسْتَمْهَلَ) أي: إذا طلب أحد الزوجين المهلة، لم يخل من أمرين:
1 -
لإصلاح أمره: (أُمْهِلَ) ما جرت به العادة، نحو (اليَوْمَيْنِ وَالثَّلَاثَةِ)؛ لأن ذلك من حاجتها، فإذا مُنعت منه كان تعسيرًا، فوجب إمهالها؛ طلبًا لليسر والسهولة، ويرجع في ذلك للعرف; لأنه لا تقدير فيه شرعًا، ويدل عليه قوله تعالى:(وعاشروهن بالمعروف).
2 -
لعمل جهاز: فـ (لَا) يجب أن يمهل من طلب المهلة منهما (لِعَمَلِ جَهَازٍ) -بفتح الجيم وكسرها-، وهو: ما يُجهز به البيت مما
يُحتاج إليه، من شراء أثاث وأوانٍ ونحوها؛ لأن هذا شيء لا يتعلق بالنكاح، قال في الغنية:(وتستحب الإجابة).
- فرع: (وَ) يجب (تَسْلِيمُ أَمَةٍ) مع الإطلاق (لَيْلاً فَقَطْ)؛ لأنه زمان الاستمتاع، وللسيد استخدامها نهارًا؛ لأنه زمن الخدمة، لأن السيد يملك من أمته منفعتين: الاستخدام والاستمتاع، فإذا عقد على إحداهما لم يلزمه تسليمها إلا في زمن استيفائها.
فإن شرط الزوج أن يتسلَّمها نهارًا، أو بذله السيد له؛ فيجب على الزوج استلامها نهارًا أيضًا؛ لأن الزوجية تقتضي وجوب التسليم مع البذل ليلًا ونهارًا، وإنما منع منه في الأمة في زمان النهار لحق السيد، فإذا بذله فقد ترك حقه، فعاد إلى الأصل في الزوجية.
واختار ابن عثيمين: أنه لا فرق بين الحرة والأمة؛ لأن سيدها بعد الزواج يكون زوجها، كالحرة قبل الزواج تكون عند والدها، وحق الوالدين واجب، وبعده تنتقل إلى زوجها.
- مسألة: (وَلِزَوْجٍ اسْتِمْتَاعٌ بِزَوْجَةٍ كُلَّ وَقْتٍ)، وعلى أي صفة؛ لقوله تعالى:{نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم} [البقرة: 223]، ويستثنى من ذلك أمور:
1 -
(مَا لَمْ يَضُرَّهَا) الاستمتاع بها؛ كما لو كانت مريضة يضرها
الاستمتاع بها: فيحرم؛ لعموم حديث عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ» [أحمد: 22778، وابن ماجه: 2340].
2 -
(أَوْ) ما لم (يَشْغَلْهَا) أي: الاستمتاع بها، (عَنْ فَرْضٍ): فيحرم إذن؛ لأن ذلك ليس من المعاشرة بالمعروف.
3 -
الوطء في الحيض والنفاس: فيحرم؛ لقوله تعالى: {فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ ولا تقربوهن حتى يطهرن فإذا تطهرن فاتوهن من حيث أمركم الله} [البقرة: 222]، وكذا بعدهما وقبل الغسل؛ لظاهر الآية.
4 -
وطء النفساء بعد الطهر وقبل الأربعين: فيكره، وتقدم في باب الحيض.
5 -
المستحاضة من غير خوف العنت: فيحرم، وتقدم في باب الحيض.
6 -
الوطء في الدبر: فيحرم؛ لحديث خزيمة بن ثابت رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ اللهَ لَا يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقِّ -ثَلَاثَ مَرَّاتٍ-، لَا تَأْتُوا النِّسَاءَ فِي أَدْبَارِهِنَّ» [أحمد: 21854، وابن ماجه: 1924]، قال الذهبي:(قد تَيقَّنا بطرق لا محيد عنها، نهي النبي صلى الله عليه وسلم عن أدبار النساء، وجزمنا بتحريمه).
- مسألة: (وَ) للزوج (السَّفَرُ بِـ) زوجةٍ (حُرَّةٍ) مع الأمن؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه كانوا يسافرون بنسائهم [البخاري: 2593، مسلم: 2770]، (مَا لَمْ تَكُنْ شَرَطَتِ) المرأة (بَلَدَهَا) أي: ألا يُسافر بها، فيوفي بالشرط، وإلا فلها
الفسخ؛ لحديث عقبة بن عامر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أَحَقُّ الشُّرُوطِ أَنْ تُوفُوا بِهِ مَا اسْتَحْلَلْتُمْ بِهِ الفُرُوجَ» [البخاري 2721، ومسلم 1418].
واختار ابن عثيمين: أنه لو كان من المطرد عند أهل هذا البلد أن الرجل لا يسافر بامرأته إلا بشرط؛ فإنه يُعمل بالشرط، ويكون من الشروط العرفية.
- فرع: يستثنى من جواز السفر بالزوجة ثلاث مسائل:
1 -
إذا كانت الزوجة أمة، فليس لزوجها ولا سيدها سفر بها بلا إذن الآخر؛ لما في ذلك من تفويت حقه عليه.
2 -
إذا كان السفر مَخُوفًا، بأن كان الطريق أو البلد الذي يريده مَخُوفًا، فليس له السفر بها بلا إذنها؛ لحديث عبادة السابق:«لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ» .
3 -
إن شرطت المرأة بلدها، فلها شرطها، وتقدم.
- مسألة: (وَلَهُ) أي: الزوج (إِجْبَارُهَا) أي: الزوجة، ولو كانت ذمية أو مملوكة، (عَلَى) أمور، منها:
1 -
(غُسْلِ حَيْضٍ) ونفاس؛ لأنه يَمنع الاستمتاع الذي هو حقٌّ له، فملك إجبارها على إزالة ما يمنع حقه.
2 -
(وَ) له إجبارها على غسل (جَنَابَةٍ) إذا كانت الزوجة مكلفة، سواء كانت مسلمة؛ لأن الصلاة واجبة عليها، ولا تتمكن منها إلا بالغسل، أو
كانت الزوجة كتابية (1)، وهو ظاهر المنتهى وصححه في الإنصاف، واختاره ابن عثيمين؛ لأن بقاء الجنابة مما تعافه نفس الزوج.
وفي رواية، مشى عليها في الإقناع: لا تجبر الكتابية؛ لأن الوطء لا يقف عليه لإباحته بدونه.
3 -
(وَ) له إجبارها على إزالة (نَجَاسَةٍ)؛ لأنه واجب عليها.
واختار ابن عثيمين: لا يجبرها على غسل النجاسة إلا في حالين:
الأولى: إذا كانت تفوت عليه كمال الاستمتاع.
الثانية: إذا كان وقت صلاة لأجل أن تصلي طاهرة.
أما لو كان نحو بول يبس، وليس له لون ولا رائحة، وليس بوقت صلاة، فليس له إجبارها، لأنه لا يفوت حقًّا لله، ولا حقًّا للزوج.
4 -
(وَ) له إجبارها على (أَخْذِ مَا تَعَافُهُ النَّفْسُ مِنْ شَعَرٍ وَغَيْرِهِ)؛ كظفر ووسخ؛ لأن ذلك يمنع كمال الاستمتاع.
5 -
وله إجبارها على اجتناب المحرمات؛ لأنه واجب عليها.
- فرع: لا تُجبر الزوجة على خدمة زوجها؛ كعجن وخبز وطبخ
(1) عبر في الإقناع بقوله: (ذمية)، قال ابن عثيمين رحمه الله:(لو عبر بالكتابية لكان أولى، لوجهين: الأول: أن الكتابية يجوز نكاحها ولو لم تكن ذمية. والثاني: أن غير الكتابية لا يجوز نكاحها ولو كانت ذمية) الشرح الممتع 12/ 407.