الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الشرعِ، ولا قياس يقتضيه، فكانت كجِراحات بقيَّة البدن.
- فرع: الحكومة أن يُقوَّم المجني عليه كأنه عبد لا جناية به، ثم يُقوَّم والجناية به قد برئت، فما نقص من القيمة فللمجني عليه مثل نسبته من الدية.
قال في المغني: (وهذا الذي ذكره الخرقي في تفسير الحكومة قول أهل العلم كلهم، لا نعلم فيه خلافًا).
(فَصْلٌ) في العاقلة
العاقلة: من غَرِم ثُلُث دية فأكثر، بسبب جناية غيره، سموا بذلك؛ لأنهم يَعْقِلون، يقال: عَقلتُ فلانًا، إذا أعطيتَ ديته، وعقلت عن فلان، إذا غرمتَ عنه دية جنايته، وأصله من عَقْل الإبل، وهي الحبال التي تُثنى بها أيديها إلى ركبها.
- مسألة: (وَعَاقِلَةُ جَانٍ) ذكر أو أنثى: (ذُكُورُ عَصَبَتِهِ نَسَباً)؛ كالآباء والأبناء والأعمام والإخوة لغير الأم، (وَوَلَاءً) كالمعتِق وعصبته المتعصبين بأنفسهم، حتى من بَعُد؛ كابن ابن عم جد جان؛ لحديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: «قَضَى رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم فِي جَنِينِ امْرَأَةٍ مِنْ بَنِي لَحْيَانَ سَقَطَ مَيِّتًا بِغُرَّةٍ، عَبْدٍ أَوْ أَمَةٍ، ثُمَّ إِنَّ المَرْأَةَ الَّتِي قَضَى لَهَا بِالغُرَّةِ تُوُفِّيَتْ، فَقَضَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
بِأَنَّ مِيرَاثَهَا لِبَنِيهَا وَزَوْجِهَا، وَأَنَّ العَقْلَ عَلَى عَصَبَتِهَا» [البخاري: 6740، ومسلم: 1681]، ولحديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما أنه قال:«قَضَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ يَعْقِلَ المَرْأَةَ عَصَبَتُهَا مَنْ كَانُوا، وَلَا يَرِثُوا مِنْهَا شَيْئًا، إِلَّا مَا فَضَلَ عَنْ وَرَثَتِهَا» [أحمد: 7092، وأبو داود: 4564، والنسائي: 4801، وابن ماجه: 2647]، ولأن العصبة يشدون أزر قريبهم وينصرونه، فاستوى قريبهم وبعيدهم في العقل، ولأن الأب والابن أحق بنصرته من غيرهما، فوجب أن يحملا عنه؛ كالإخوة وبني الأعمام.
واختار شيخ الإسلام: العاقلة هم الذين ينصرون الرجل ويعينونه في كل زمان ومكان، وقد كانت العاقلة على عهد النبي صلى الله عليه وسلم هم عصبته، فلما كان في زمن عمر جعلها على أهل الديوان [ابن أبي شيبة 27325].
- مسألة: (وَلَا عَقْلَ عَلَى):
1 -
(فَقِيرٍ) أي: من لا يملك نصابًا عند حلول الحول فاضلًا عنه؛ كحج وكفارة ظهار؛ لحديث عمران بن حصين رضي الله عنه: «أَنَّ غُلَامًا لِأُنَاسٍ فُقَرَاءَ قَطَعَ أُذُنَ غُلَامٍ لِأُنَاسٍ أَغْنِيَاءَ، فَأَتَى أَهْلُهُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقَالُوا: يَا نَبِيَّ اللهِ، إِنَّا نَاسٌ فُقَرَاءُ فَلَمْ يَجْعَلْ عَلَيْهِ شَيْئًا» [أحمد: 19931، وأبو داود: 459، والنسائي: 4751]، ولأنه ليس من أهل المواساة؛ كالزكاة.
2 -
(وَ) لا عقل على (غَيْرِ مُكَلَّفٍ) من صغير، حكاه ابن المنذر إجماعًا، ومجنون؛ لأنهما ليسا من أهل النصرة والمعاضدة.
3 -
(وَ) لا عقل على (مُخَالِفٍ دِينَ جَانٍ)؛ لفوات النصرة.
4 -
ولا عقل على رقيق؛ لأنه لا مال له.
5 -
ولا على أنثى؛ لأن الحمل للتناصر، وليست من أهله، قال الشافعي:(لا خلاف أن المرأة لا تحمل شيئًا مع العاقلة من الدية وإن كانت موسرة).
- مسألة: (وَلَا تَحْمِلُ) العاقلة:
1 -
(عَمْداً) وَجَب به قَوَدٌ؛ لأن القاتل عمدًا غير معذور، فلا يستحق المواساة ولا التخفيف؛ لقول ابن عباس رضي الله عنهما:«لا تَعْقِلُ العَاقِلَةُ عَمْدًا، وَلا صُلْحًا، وَلا اعْتِرَافًا، وَلا مَا جَنَى المَمْلُوكُ» [موطأ محمد بن الحسن: 666].
أما شبه العمد فتحمله العاقلة؛ لحديث أبي هريرة رضي الله عنه السابق، ولأنه نوع قتل لا يوجب القصاص أشبه الخطأ.
وعنه، واختاره شيخ الإسلام: لا تحمل العاقلة شبه العمد؛ لحديث عمرو بن الأحوص رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لَا يَجْنِي جَانٍ إِلَّا عَلَى نَفْسِهِ» [أحمد 16064، والترمذي 2159، وابن ماجه 2669]، ولأنه قصد الجناية، فهو معتدٍ آثم لا يستحق التخفيف.
2 -
(وَلَا) تحمل (عَبْداً)، أي: قيمة عبد قتله الجاني أو قطع طرفه، ولا جناية العبد، واختاره ابن عثيمين؛ لحديث ابن عباس السابق، ولأن العبد يُضمن ضمان المال، أشبه سائر الأموال.
3 -
(وَلَا) تحمل (صُلْحاً) عن إنكار؛ لحديث ابن عباس السابق، ولأن الصلح يثبت بفعله واختياره، فلا تحمله العاقلة؛ كالاعتراف.
4 -
(وَلَا) تحمل (اعْتِرَافاً) لم تصدق به العاقلة، بأن يقر جان على نفسه بجناية خطأ، أو شبه عمد، توجب ثُلُث دية فأكثر، وتنكر العاقلة؛ لحديث ابن عباس السابق؛ ولأنه متهم في مواطأة المقر لهم بالقتل ليأخذ الدية من عاقلته فيقاسمهم إياها.
5 -
(وَلَا) تحمل العاقلة (مَا دُونَ ثُلُثِ الدِّيَةِ) أي: دية الذكر المسلم الحر؛ كثلاث أصابع، وأرش موضحة؛ لما روى ابن سمعان قال: سمعت رجالًا من علمائنا يقولون: «قَضَى عُمَرُ بْنُ الخَطَّابِ فِي الدِّيَةِ أَلَّا يُحْمَلَ مِنْهَا شَيْءٌ عَلَى العَاقِلَةِ حَتَّى تَبْلُغَ ثُلُثَ الدِّيَةِ، فَإِنَّهَا عَلَى العَاقِلَةِ - عَقْلُ المَأْمُومَةِ وَالجَائِفَةِ -، فَإِذَا بَلَغَتْ ذَلِكَ فَصَاعِدًا؛ حُمِلَتْ عَلَى العَاقِلَةِ» [علقه ابن حزم في المحلى 11/ 269، وقال البيهقي: المحفوظ أنه من قول سعيد بن المسيب وسليمان بن يسار]، ولقول عبيد الله بن عمر رحمه الله:«إِنَّهُمْ مُجْتَمِعُونَ» ، أو قال:«كِدْنَا أَنْ نَجْتَمِعَ أَنَّ مَا دُونَ الثُّلُثِ فِي مَالِهِ خَاصَّةً» [عبد الرزاق: 17820]، ولأن الأصل الضمان على الجاني، لأنه المتلف، خولف في ثُلُث الدية فأكثر؛