الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(فَصْلٌ) في تعليق الطلاق بالشروط
والمراد هنا: الشرط اللغوي، والتعليق: هو ترتيب شيء غير حاصل في الحال من طلاق أو عتق ونحوه، على شيء حاصل أو غير حاصل، بحرف إنْ -وهي أم أدوات الشرط-، أو إحدى أخواتها.
- مسألة: (وَمَنْ عَلَّقَ طَلَاقاً وَنَحْوَهُ)؛ كعتق، وظهار، ونذر (بِشَرْطٍ؛ لَمْ يَقَعِ) الطلاق (حَتَّى يُوجَدَ) الشرط؛ لا قبله؛ لما روى نافع قال: طلَّق رجل امرأته البتة إن خرجت، فقال ابن عمر رضي الله عنهما:«إِنْ خَرَجَتْ فَقَدْ بُتَّتْ مِنْهُ، وَإِنْ لَمْ تَخْرُجْ فَلَيْسَ بِشَيْءٍ» [البخاري معلقاً مجزوماً 7/ 45، ولم نقف على من وصله، وقد بيض له ابن حجر في تغليق التعليق]، ولأن الطلاق إزالة ملك بني على التغليب والسراية؛ أشبه العتق، فإذا وجد الشرط؛ وقع الطلاق؛ لوجود الصفة.
وقال شيخ الإسلام: تعليق الطلاق لا يخلو من أمرين:
1 -
أن يقصد الزوج بالتعليق اليمين؛ كما لو قصد الحث أو المنع، أو التصديق أو التكذيب: فلا يقع الطلاق، وفيه كفارة يمين، ولم يرد عن أحد من الصحابة في الحلف بالطلاق كلام، وإنما ورد الحلف بالنذر، فعن أبي رافع رضي الله عنه: أن مولاته -ليلى بنت العجماء- أرادت أن تُفرِّق بينه وبين
امرأته، فقالت: هي يومًا يهودية ويومًا نصرانية، وكل مملوك لها حر، وكل مال لها في سبيل الله، وعليها المشي إلى بيت الله إن لم تفرق بينهما، فسألت عائشة، وابن عمر، وابن عباس، وحفصة، وأم سلمة رضي الله عنهم، فكلهم قال لها:«أَتُرِيدِينَ أَنْ تَكُونِي مِثْلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ، وَأَمَرُوهَا أَنْ تُكَفِّرَ يَمِينَهَا وَتُخَلِّيَ بَيْنَهُمَا» [الدارقطني 4331]، فإذا كان النذر الذي يجب الوفاء به إذا قصد به الحث أو المنع جعله الصحابة في حكم اليمين، فالطلاق الذي هو مكروه من باب أولى، قال شيخ الإسلام:(هذا القول يخرج على أصول أحمد من مواضع).
2 -
أن يكون شرطاً محضاً: فيقع به الطلاق إذا وُجِد المعلق عليه؛ لما تقدم.
- فرع: (فَلَوْ لَمْ يَلْفِظْ بِهِ) أي: بالشرط، (وَادَّعَاهُ)؛ كأن يقول: أنت طالق، ثم قال: أردت إن قمت؛ دُيِّن؛ لأنه أعلم بنيته، و (لَمْ يُقْبَلْ) منه ذلك (حُكْماً)؛ لأنه خلاف الظاهر.
- مسألة: (وَلَا يَصِحُّ) تعليق الطلاق (إِلَّا مِنْ زَوْجٍ) يعقل الطلاق؛ لأن من صح تنجيزه للطلاق؛ صح تعليقه له على شرط؛ لأن التعليق مع وجود الصفة تطليق، فمن قال: إن تزوجت فلانة فهي طالق؛ لم تطلق إن تزوجها؛ قال ابن عباس رضي الله عنهما: «إِنَّ اللهَ عز وجل يَقُولُ: {إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ
مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ} [الأحزاب: 49]، وَلَمْ يَقُلْ: إِذَا طَلَّقْتُمُ المُؤْمِنَاتِ ثُمَّ نَكَحْتُمُوهُنَّ» [عبدالرزاق 11468]، ولحديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده مرفوعًا:«لَا طَلَاقَ إِلَّا فِيمَا تَمْلِكُ» [أحمد 6769، وأبو داود 2160، والترمذي 1180، وابن ماجه 2047]، وعن علي رضي الله عنه قال:«لَا طَلَاقَ قَبْلَ النِّكَاحِ وَإِنْ سَمَّى» [عبدالرزاق 11453].
- مسألة: يصح التعليق (بِصَرِيح) الطلاق؛ كأنت طالق إن جلست، (وَ) يصح (بِكِنَايَةِ) الطلاق؛ كأنت مسرَّحة إن دخلت الدار، (مَعَ قَصْدِ) الطلاق بالكناية.
- مسألة: (وَيَقْطَعُهُ) أي: التعليق (فَصْلٌ) بين الشرط وجوابه (بِتَسْبِيحٍ، وَسُكُوتٍ)، ونحوهما مما لا يكون معه الكلام متصلاً؛ كأنت طالق -سبحان الله- إن قمت؛ فيقع الطلاق منجزاً؛ لعدم صحة التعليق؛ لانقطاعه.
- مسألة: (لَا) يضر فصل بين الشرط وجوابه بـ (كَلَامٍ مُنْتَظِمٍ؛ كَأَنْتِ طَالِقٌ - يَا زَانِيَةُ- إِنْ قُمْتِ)؛ لأنه لا يُعدُّ فصلاً عرفاً.
- مسألة: (وَأَدَوَاتُ الشَّرْطِ) أي: الألفاظ التي يؤدي بها معنى الشرط، المستعملة غالبًا في طلاق وعَتاق؛ ست أدوات، وهي: إنْ، وإذا، ومتى،