الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
- مسألة: (وَلَا) يصح الخلع ويحرم إن كان (حِيلَةً لِإِسْقَاطِ) يمين (طَلَاقٍ)، أي: فرارًا من وقوع الطلاق المعلق على مستقبل؛ لأن الحيل خداع لا تُحل ما حرم الله.
مثاله: لو قال لزوجته: أنت طالق إذا دخل رمضان، فخالعها قبل رمضان، ليدخل رمضان وهي ليست بزوجة له؛ فلا يقع الطلاق، ثم يرجع فيتزوجها بعد رمضان، فإن الخلع لا يصح، ويحنث بدخول رمضان.
قال شيخ الإسلام: (وخلع الحيلة لا يصح على الأصح، كما لا يصح نكاح المحلل؛ لأنه ليس المقصود به الفرقة، وإنما يقصد به بقاء المرأة مع زوجها، كما يقصد بنكاح المحلل أن يطلقها لتعود إلى الأول، والعقد لا يقصد به نقيض مقصوده، وإذا لم يصح لم تبن به الزوجة).
فصل في تعليق طلاقها أو خلعها أو تنجيزه
- مسألة: الطلاق المعلق بعوض، والطلاق المنجز بعوض؛ كالخلع، يقع بائناً؛ لأن القصد إزالة الضرر عنها، ولو جازت رجعتها لعاد الضرر.
- مسألة: (وَإِذَا قَالَ) الزوج لزوجته: (مَتَى) أعطيتني ألفًا فأنت طالق، (أَوْ) قال:(إِذَا) أعطيتني ألفًا فأنت طالق، (أَوْ) قال:(إِنْ أَعْطَيْتِنِي أَلْفاً فَأَنْتِ طَالِقٌ)؛ ترتب على ذلك أمران:
الأول: أن الشرط لازم في حقه، ولا يمكنه إبطاله؛ كسائر التعاليق.
وعند شيخ الإسلام: أن التعليق لا يخلو من أمرين:
1 -
أن يكون التعليق على شرط محض؛ كقوله: إن قدم زيد فأنت طالق، فليس له إبطاله.
2 -
أن يكون التعليق يقصد به إيقاع الجزاء؛ كما لو علقه على عوض، بأن قال إن أعطيتني ألفًا فأنت طالق: فلا يلزم قبل قبول المرأة؛ قياساً على عقد الكتابة، قال رحمه الله:(التعليق الذي يقصد به إيقاع الجزاء: إن كان معاوضة، فهو معاوضة، ثم إن كانت لازمة، فلازم، وإلا فلا، فلا يلزم الخلع قبل القبول، ولا الكتابة، وقول من قال: التعليق لازم؛ دعوى مجردة).
والثاني: (طَلُقَتْ) الزوجة طلاقاً بائنًا (بِعَطِيَّتِهِ) الألف؛ لوجود المعلق عليه، (وَلَوْ تَرَاخَتِ) العطية؛ لأنه علَّق الطلاق بشرط فكان على التراخي؛ كسائر التعاليق.
- مسألة: (وَإِنْ قَالَتْ) الزوجة: (اخْلَعْنِي بِأَلْفٍ، أَوْ) قالت: اخلعني (عَلَى أَلْفٍ)، أو قالت: اخلعني ولك ألف؛ (فَفَعَلَ) أي: خلعها؛ (بَانَتِ) الزوجة بذلك؛ لأن الباء للمقابلة، و (على) في معناها، ولو لم يذكر الألف؛ لأن السؤال كالمعاد في الجواب، (وَاسْتَحَقَّهَا) أي: استحق الزوج الألف؛ لأنه فعل ما جعلت الألف في مقابلته.
- فرع: يشترط أن يجيبها على الفور، وإلا لم يكن جوابًا لسؤالها، فيكون خلعاً بلا عوض.
وقيل: لا تشترط الفورية، بل يكون على التراخي؛ لأن قولها: اخلعني على ألف، ليس مقيداً بالحاضر.
- فرع: للزوجة الرجوع عما قالته لزوجها قبل إجابته؛ لأنه إنشاء منها على سبيل المعاوضة، فلها الرجوع قبل تمامه بالجواب؛ كالبيع.
- مسألة: (وَلَيْسَ لَهُ) أي: لأب (خَلْعُ زَوْجَةِ ابْنِهِ الصَّغِيرِ)، أو المجنون، (وَلَا طَلَاقُهَا)؛ لحديث ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إِنَّمَا الطَّلَاقُ لِمَنْ أَخَذَ بِالسَّاقِ» [ابن ماجه 2081]، والخلع في معناه.
وعنه، واختاره شيخ الإسلام: له ذلك إن رأى المصلحة، وذكر شيخ الإسلام: أنها ظاهر المذهب؛ لأن ابن عمر طَلَّق على ابن له معتوه، وروي عن عمر رضي الله عنه:«إِذَا عَبَثَ المَعْتُوهُ بِامْرَأَتِهِ أُمِرَ وَلِيُّهُ أَنْ يُطَلِّقَ» [الدارقطني 4054].
- مسألة: (وَلَا) يجوز للأب خلع (ابْنَتِهِ الصَّغِيرَةِ)، أو المجنونة، أو السفيهة (بِشَيْءٍ مِنْ مَالِهَا)، ولا طلاقها بشيء من مالها؛ لأنه إنما يملك التصرف بما لها فيه الحظ، وليس في هذا حظ، بل فيه إسقاط حقها الواجب لها.
فإن بذل العوض من ماله؛ صح؛ كالأجنبي.
وعنه، واختاره شيخ الإسلام: للأب أن يخالع عن ابنته الصغيرة بشيء من مالها للمصلحة؛ قياساً على تخليصها ممن يُتْلِف مالها، ويخاف منه على نفسها وعقلها، ولأنها إذا طلقت قبل الدخول فللأب أن يعفو عن نصف الصداق، إذ هو الذي بيده عقدة النكاح، فهذا أولى.
مسألة: (وَإِنْ عَلَّقَ) الزوج (طَلَاقَهَا عَلَى صِفَةٍ)؛ كقوله: إن دخلت الدار فأنت طالق، (ثُمَّ أَبَانَهَا)، بخلع أو طلقة أو ثلاث، (فَوُجِدَتِ) الصفة حال بينونتها (أَوْ لَا) أي: لم توجد الصفة حال بينونتها، (ثُمَّ نَكَحَهَا) أي: عقد عليها، (فَوُجِدَتِ) الصفة بعده، بأن دخلت الدار وهي في عصمته، أو في عدة طلاق رجعي؛ (طَلُقَتْ)؛ لوجود الصفة، ولا تنحل بفعلها حال البينونة؛ لأنها لا تنحل إلا على وجه يحنث به؛ لأن اليمين حلٌّ وعقد، والعقد يفتقر إلى الملك، فكذا الحل.
وعنه، ومال إليه ابن عثيمين (1): أن الصفة لا تعود مطلقاً، فلا تطلق لو وجدت في النكاح الثاني؛ لأن الإيقاع وجد قبل النكاح؛ فلم يقع؛ كما لو علَّقه بالصفة قبل أن يتزوج بها، وقال ابن عثيمين: (اللهم إلا إذا كان علقها
(1) ونسب الشيخ ابن عثيمين هذا القول إلى شيخ الإسلام (الشرح الممتع 12/ 496)، والذي في الفروع (8/ 445)، والإنصاف (22/ 123): أنها رواية نقلها شيخ الإسلام، لا أنها اختياره.
على صفة يريد ألا تتصف بها مطلقاً، فهذا قد يقال: إنها تعود الصفة).
- فرع: (وَكَذَا عِتْقٌ)، فلو علَّق رب قِنٍّ عتقه بصفة ثم باعه، فوجدت الصفة أو لم توجد، ثم ملكه فوجدت الصفة وهو في ملكه، فإنه يَعتق؛ لما سبق.
وعنه: لا تعود الصفة؛ لأن الملك الثاني لا يبنى على الأول في شيء من أحكامه.