الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ابن عباس رضي الله عنهما [ابن أبي شيبة 28003]، وقال شيخ الإسلام:(إن كان معذورًا كأسير، أو من لا يمكنه الخروج من صفهم، فإن وقف باختياره؛ لم يضمن بحال)؛ لأنه هو الذي عرض نفسه للتلف بلا عذر.
ويترتب على القتل الخطأ ثلاثة أمور:
1 -
أنه لا قود فيه.
2 -
أن فيه الكفارة.
3 -
أن فيه الدية المخففة على عاقلته، ويأتي، إلا في مسألة التترس فليس فيها الدية؛ لقوله تعالى:(فإن كان من قوم عدو لكم وهو مؤمن فتحرير رقبة مؤمنة).
- مسألة: (وَعَمْدُ صَبِيٍّ وَمَجْنُونٍ؛ خَطَأٌ)؛ لا قصاص فيه، إجماعاً؛ لأنه عقوبة، وغير المكلف ليس من أهلها؛ ولأنه لا قصد لهما، فعمدهما كخطأ المكلف.
فصل
- مسألة: (وَيُقْتَلُ عَدَدٌ) أي: ما فوق الواحد (بِـ) شخص (وَاحِدٍ) قتلوه، إذا كان فعل كل واحد منهم صالحًا للقتل به لو انفرد؛ لقوله تعالى: {ولكم
في القصاص حياة} [البقرة: 179]؛ ولأنه إذا علم أنه متى قَتَل قُتِل به؛ انكف به، فلو لم يشرع القصاص في الجماعة بالواحد؛ لبطلت الحكمة في مشروعية القصاص، ولإجماع الصحابة رضي الله عنهم، فعن سعيد بن المسيب أنه قال: رُفِع إلى عمر رضي الله عنه سبعة نفر قتلوا رجلًا بصنعاء، فقتلهم به، وقال:«لَوْ تَمَالَأَ عَلَيْهِ أَهْلُ صَنْعَاءَ قَتَلْتُهُمْ بِهِ» [عبدالرزاق 18075]، وعن علي وابن عباس معناه [عبدالرزاق 18077، 18082]، ولم يعرف لهم في عصرهم مخالف، والفرق بين قتل الجماعة والدية: أن الدم لا يتبعض بخلاف الدية.
وإن لم يصلح فعل كل واحد من الجماعة للقتل؛ كما لو ضربه كل واحد منهم بحجر صغير فمات؛ فلا قصاص عليهم؛ لأنه لم يحصل من أحد منهم ما يوجب القود، ما لم يتواطؤوا على ذلك الفعل ليقتلوه به، فعليهم القصاص؛ لئلا يتخذ ذريعة إلى درء القصاص.
- فرع: (وَمَعَ عَفْوِ) الولي عن القود عن القاتلين؛ (تَجِبُ دِيَةٌ وَاحِدَةٌ) فقط، لا أكثر؛ لأن القتيل واحد، فلا يلزمهم أكثر من ديته؛ كما لو قتلوه خطأ.
- مسألة: (وَمَنْ أَكْرَهَ مُكَلَّفاً عَلَى قَتْلِ) شخص (مُعَيَّنٍ)، فقتله؛ فالقصاص عليهما؛ لأن المكرِه تسبب إلى قتله بما يفضي إليه غالبًا، أشبه ما لو أنهشه حية، والمكرَه قتله ظلمًا لاستبقاء نفسه، كما لو قتله في المجاعة
لأكله، فعلى هذا إن صار الأمر إلى الدية فهي عليهما؛ كالشريكين.
وإن كان الذي أُكره على قتله غير معين؛ كقوله: اقتل زيدًا أو عمرًا، أو اقتل أحد هذين؛ فليس إكراهًا، فإن قتل أحدهما قُتِل القاتل وحده.
- مسألة: (أَوْ) أكره مكلفًا (عَلَى أَنْ يُكْرِهَ عَلَيْهِ) أي: يُكره غيره على قتل شخص معين، كما لو أكره سعد زيدًا على أن يكره عمرًا على قتل بكر، (فَفَعَلَ)، وقتَل بكراً؛ (فَعَلَى كُلٍّ) أي: الثلاثة؛ سعد وزيد وعمرو (القَوَدُ أَوِ الدِّيَةُ)؛ أما المباشر؛ فلمباشرته القتل ظلمًا، وأما الآخران؛ فلتسببهما إلى القتل بما يفضي إليه غالبًا.
- مسألة: (وَإِنْ أَمَرَ بِهِ) أي: بالقتل (غَيْرَ مُكَلَّفٍ) بالقتل فقَتَلَ، فالقصاص على الآمر؛ لأن القاتل هنا كالآلة، أشبه ما لو نهشته حية، ويؤدب المأمور بما يراه الإمام من حبس أو ضرب.
- مسألة: (أَوْ) أمر بالقتل مكلفاً، فلا يخلو من حالين:
1 -
أن يكون مـ (ـمَّنْ يَجْهَلُ تَحْرِيمَهُ) أي: تحريم القتل؛ كمن نشأ في غير بلاد الإسلام فقتل؛ فالقصاص على الآمر؛ لأن المأمور غير العالم بحظر القتل، له شبهة تمنع القصاص؛ كما لو اعتقده صيدًا، ولأن حكمة القصاص الردع والزجر، ولا يحصل ذلك في معتقد الإباحة، وإذا لم يجب عليه القصاص وجب على الآمر؛ لأن المأمور إذن آلة لا يمكن إيجاب القصاص
عليه، فوجب على المتسبب.
2 -
أن يكون مكلفًا، عالمًا بالتحريم: فالقصاص على القاتل؛ لمباشرته القتل، ولا مانع من وجوب القصاص، فانقطع حكم الآمر؛ كالدافع مع الحافر، ويؤدب الآمر؛ لأمره بالمعصية.
- مسألة: (أَوْ) أمر بالقتل (سُلْطَانٌ ظُلْماً)، فلا يخلو من أمرين:
1 -
أن يأمر (مَنْ جَهِلَ ظُلْمَهُ) أي: السلطان، (فِيهِ) أي: في القتل، فيقتل المأمور:(لَزِمَ) القصاص (الآمِرَ) بالقتل دون المأمور؛ لأن المأمور معذور؛ لوجوب طاعة الإمام في غير المعصية، والظاهر أن الإمام لا يأمر إلا بالحق.
وقال شيخ الإسلام: (هذا بناء على وجوب طاعة السلطان في القتل المجهول، وفيه نظر، بل لا يطاع حتى يعلم جواز قتله، وحينئذ فتكون الطاعة له معصية، لا سيما إذا كان معروفًا بالظلم، وهنا الجهل بعدم الحل كالعلم بالحرمة).
2 -
أن يأمر من يعلم ظلم السلطان في القتل، فيقتُلَ المأمورَ: فالقصاص على القاتل؛ لأنه غير معذور في فعله؛ لحديث علي رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لَا طَاعَةَ فِي مَعْصِيَةٍ، إِنَّمَا الطَّاعَةُ فِي المَعْرُوفِ» [البخاري 7257]، ويعزر الآمر بالقتل ظلماً؛ لارتكابه معصية.