المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(فصل) القطع في السرقة - الدلائل والإشارات على أخصر المختصرات - جـ ٣

[عبد العزيز العيدان]

فهرس الكتاب

- ‌(كِتَابُ النِّكَاحِ)

- ‌(فَصْلٌ) في أركان النكاح

- ‌فصل في شروط النكاح

- ‌(فَصْلٌ) في المحرمات في النكاح

- ‌فصل

- ‌(فَصْلٌ) في الشروط في النكاح

- ‌(فَصْلٌ) في العيوب في النكاح

- ‌فصل في نكاح الكفار، وما يتعلق به

- ‌فصل في التفويض وغيره

- ‌(فَصْلٌ) في وليمة العرس

- ‌(فَصْلٌ) في عشرة النساء

- ‌فصل في أحكام الجماع والمبيت

- ‌فصل في القَسْم

- ‌فصل في النشوز

- ‌فصل في تعليق طلاقها أو خلعها أو تنجيزه

- ‌(كِتَابُ الطَّلَاقِ)

- ‌فصل في سنة الطلاق وبدعته

- ‌فصل في صريح الطلاق وكنايته

- ‌فصل

- ‌فصل فيما يختلف به عدد الطلاق

- ‌فصل في الاستثناء في الطلاق

- ‌فصل

- ‌(فَصْلٌ) في تعليق الطلاق بالشروط

- ‌فصل في تعليق الطلاق بالكلام، والإذن، ونحو ذلك

- ‌فصل في تعليق الطلاق بالمشيئة

- ‌فصل في مسائل متفرقة

- ‌فصل في التأويل في الحلف بالطلاق أو غيره

- ‌فصل في الشك في الطلاق

- ‌(فَصْلٌ) في الرجعة

- ‌فصل

- ‌(فَصْلٌ) في الإيلاء

- ‌(فَصْلٌ) في الظهار

- ‌فصل في كفارة الظهار

- ‌(فَصْلٌ) في اللعان

- ‌فصل فيما يلحق من النسب

- ‌فصل في الإحداد

- ‌فصل في الاستبراء

- ‌(فَصْلٌ) في الرضاع

- ‌فصل

- ‌(فَصْلٌ)في نفقة الأقارب، والمماليك، والبهائم

- ‌(فَصْلٌ) في الحضانة

- ‌فصل في تخيير المحضون بين أبويه

- ‌(كِتَابُ الجِنَايَاتِ)

- ‌فصل

- ‌(فَصْلٌ) في شروط وجوب القصاص

- ‌فصل في استيفاء القصاص

- ‌(فَصْلٌ) في العفو عن القصاص

- ‌فصل فيما يوجب القصاص فيما دون النفس

- ‌(فَصْلٌ) في الديات

- ‌فصل

- ‌(فَصْلٌ) في مقادير ديات النفس

- ‌(فَصْلٌ) في دية الأعضاء ومنافعها

- ‌فصل في دية المنافع

- ‌فصل في الشِّجاج

- ‌(فَصْلٌ) في العاقلة

- ‌فصل في كفارة القتل

- ‌فصل في القَسَامة

- ‌(كِتَابُ الحُدُودِ)

- ‌فصل في حد الزنى

- ‌فصل في حد القذف

- ‌فصل في التعزير

- ‌(فَصْلٌ) في حد المسكر

- ‌(فَصْلٌ) القطع في السرقة

- ‌(فَصْلٌ) في حد قطَّاع الطريق

- ‌فصل في دفع الصائل

- ‌فصل في قتال أهل البغي

- ‌(فَصْلٌ) في حكم المرتد

- ‌(فَصْلٌ) في الأطعمة

- ‌(فَصْلٌ) في الذكاة

- ‌(فَصْلٌ) في الصيد

- ‌(فَصْلٌ)

- ‌فصل في كفارة اليمين

- ‌فصل جامع الأيمان

- ‌(فَصْلٌ) في النذر

- ‌(كِتَابُ القَضَاءِ)

- ‌فصل في آداب القاضي

- ‌(فَصْلٌ) في طريق الحكم وصفته

- ‌فصل في كتاب القاضي إلى القاضي

- ‌(فَصْلٌ) في القسمة

- ‌(كِتَابُ الشَّهَادَاتِ)

- ‌فصل في شروط من تقبل شهادته

- ‌فصل في موانع الشهادة

- ‌(فَصْلٌ) أقسام المشهود به

- ‌(فَصْلٌ) في الشهادة على الشهادة

- ‌(كِتَابُ الإِقْرَارِ)

- ‌فصل فيما يحصل به الإقرار

- ‌فصل فيما إذا وصل بإقراره ما يغيِّره

- ‌فصل في الإقرار بالمجمل

الفصل: ‌(فصل) القطع في السرقة

ويسكر؛ لحديث بريدة الأسلمي رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «اشْرَبُوا فِي كُلِّ وِعَاءٍ، غَيْرَ أَنْ لَا تَشْرَبُوا مُسْكِرًا» [أحمد: 23005، وأبو داود: 3698]، ولأن علة تحريمه الشدة المطربة، وإنما ذلك في المسكر خاصة، ولأنه جاز سقيه بعد الثلاث للخادم، ولو كان مسكرًا لم يجز، فدل على أنه تركه تنزهًا واحتياطًا.

(فَصْلٌ) القطع في السرقة

وهو ثابت بالإجماع؛ لقوله تعالى: {والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما} [المائدة: 38]، ولحديث عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لَا تُقْطَعُ يَدُ السَّارِقِ إِلَّا فِي رُبُعِ دِينَارٍ فَصَاعِدًا» [البخاري 6789، ومسلم 1684].

- مسألة: (وَيُقْطَعُ السَّارِقُ بِثَمَانِيَةِ شُرُوطٍ):

الشرط الأول: (السَّرِقَةُ)؛ لأنه تعالى أوجب القطع على السارق، فإذا لم توجد السرقة لم يكن الفاعل سارقًا.

- فرع: (وَهِيَ) أي: السرقة: (أَخْذُ مَالٍ) محترمٍ لـ (مَعْصُومٍ)، من مالكه أو نائبه، (خُفْيَةً).

ص: 403

فيُقطع الطرَّار، وهو من يشق جيبًا أو كمًّا أو غيرهما، ويأخذ منه نصابًا، أو يأخذه بعد سقوطه من نحو جيب؛ لأنه سرقة من حرز.

ويُقطع جاحدُ عاريّةٍ يمكن إخفاؤها إذا كانت قيمتها نصاب؛ لحديث عائشة رضي الله عنها: «كَانَتِ امْرَأَةٌ مَخْزُومِيَّةٌ تَسْتَعِيرُ المَتَاعَ وَتَجْحَدُهُ، فَأَمَرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَنْ تُقْطَعَ يَدُهَا» [مسلم 1688].

- فرع: إذا علم أن السرقة هي الأخذ على وجه الاختلاس، فلا قطع على:

1 -

مُنْتَهِب، وهو الذي أخذ المال على وجه الغنيمة؛ لما روى جابر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «لَيْسَ عَلَى خَائِنٍ، وَلَا مُنْتَهِبٍ، وَلَا مُخْتَلِسٍ قَطْعٌ» [أبو داود 4393، والترمذي 1448، والنسائي 4971، وابن ماجه 2591].

2 -

ولا على مُختلِس، وهو الذي يخطَفُ الشيء ويمر به؛ لحديث جابر رضي الله عنه السابق.

3 -

ولا على خائن يؤتمن على شيء فيخفيه أو بعضه؛ لحديث جابر رضي الله عنه السابق؛ ولأن ذلك ليس بسرقة.

4 -

ولا على غاصب؛ لأن ذلك ليس بسرقة، ولأنه أولى من الخائن والمختلس.

5 -

ولا على جاحد وديعة أو غيرها من الأمانات؛ لعموم حديث جابر

ص: 404

السابق: «لَيْسَ عَلَى خَائِنٍ قَطْعٌ» ، ولأنه ليس بسارق، إلا العارية؛ لما تقدم.

قال ابن القيم: (وأما قطع يد السارق في ثلاثة دراهم، وترك قطع المختلس والمنتهب والغاصب؛ فمن تمام حكمة الشارع أيضًا، فإن السارق لا يمكن الاحتراز منه، فإنه يُنَقِّب الدُّور، ويهتك الحرز، ويكسر القفل، ولا يمكن صاحب المتاع الاحتراز بأكثر من ذلك، فلو لم يشرع قطعه لسرق الناس بعضهم بعضًا، وعظم الضرر، واشتدت المحنة بالسُّراق، بخلاف المنتهب والمختلس).

(وَ) الشرط الثاني: (كَوْنُ سَارِقٍ مُكَلَّفاً)؛ لأن غير المكلف مرفوع عنه القلم، (مُخْتَاراً)؛ لأن المكره معذور، وكون سارق (عَالِماً بِمَسْرُوقٍ، وَ) عالماً بـ (تَحْرِيمِهِ) أي: تحريم المسروق عليه؛ لأن عدم العلم بذلك شبهة، والحد يدرأ بها حسب الاستطاعة.

فلا قطع على صغير، ولا على مجنون، ولا على مكره على السرقة؛ لما تقدم، ولا قطع على جاهل تحريم سرقة، لكن لا تقبل دعوى جهل ذلك ممن نشأ بين المسلمين.

(وَ) الشرط الثالث: (كَوْنُ مَسْرُوقٍ مَالاً)؛ لأن غير المال ليس له حرمة المال، ولا يساويه، فلا يلحق به، وأن يكون المال (مُحْتَرَماً)؛ لأن غير المحترم -كمال الحربي- تجوز سرقته.

ص: 405

وعلى هذا؛ فلا قطع:

1 -

بسرقة آلة لهو؛ لعدم الاحترام.

2 -

ولا بسرقة محرم؛ كالخمر، والخنزير، والميتة؛ لأنها غير محترمة، وليست مالاً.

3 -

ولا بسرقة ماء؛ لأنه غير متمول عادة، قال ابن قدامة:(ولا أعلم في هذا خلافاً).

4 -

ولا بسرقة سرجين نجس؛ لأنه ليس بمال.

5 -

ولا إن سرقَ من سارقٍ أو غاصبٍ ما سرقَه السارقُ أو غصبه الغاصبُ؛ لأنه لم يسرقه من مالكه ولا نائبه.

(وَ) الشرط الرابع: (كَوْنُهُ) أي: المسروق (نِصَاباً، وَهُوَ) أي: نصاب السرقة:

1 -

(ثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ فِضَّةً) خالصة، أو تخلص من فضة مغشوشة؛ لحديث ابن عمر رضي الله عنهما:«أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَطَعَ سَارِقًا فِي مِجَنٍّ قِيمَتُهُ ثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ» [البخاري 6795، ومسلم 1684].

واختار شيخ الإسلام: أن كل ما سماه الناس درهماً، وتعاملوا به - سواء كان خالصاً أو مغشوشاً- تكون أحكامه أحكام الدراهم، في وجوب الزكاة، والقطع في السرقة، وغيرها، قل ما فيه من الفضة أو كثر؛ لعموم

ص: 406

حديث ابن عمر السابق.

2 -

(أَوْ رُبُعُ مِثْقَالٍ) -أي: دينار- (ذَهَباً)، ويكفي الوزن من الفضة الخالصة أو التبر الخالص، ولو لم يُضْرَبا؛ لحديث عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لَا تُقْطَعُ يَدُ السَّارِقِ إِلَّا فِي رُبْعِ دِينَارٍ فَصَاعِدًا» [البخاري 6789، ومسلم 1684]، وكان ربع الدينار يومئذ ثلاثة دراهم.

وهذه الأحاديث تخصص عموم الآية، وأما حديث أبي هريرة مرفوعًا:«لَعَنَ الله السَّارِقَ، يَسْرِقُ البَيْضَةَ فَتُقْطَعُ يَدُهُ، وَيَسْرِقُ الحَبْلَ فَتُقْطَعُ يَدُهُ» [البخاري 6783، ومسلم 1687]؛ فيحمل على حبل وبيضة تساوي ذلك، ويحتمل أن يراد بالبيضة: بيضة السلاح، وهي تساوي ذلك؛ جمعًا بين الأخبار.

3 -

(أَوْ مَا) تبلغ (قِيمَتُهُ أَحَدَهُمَا)، أي: ثلاثة دراهم، أو ربع دينار؛ كثوب ونحوه يساوي ذلك؛ لحديث ابن عمر السابق، وعن عَمْرة بنت عبد الرحمن:«أَنَّ سَارِقًا سَرَقَ فِي زَمَانِ عُثْمَانَ أُتْرُجَّةً، فَأَمَرَ بِهَا عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ أَنْ تُقَوَّمَ، فَقُوِّمَتْ بِثَلَاثَةِ دَرَاهِمَ مِنْ صَرْفِ اثْنَيْ عَشَرَ دِرْهَمًا بِدِينَارٍ، فَقَطَعَ عُثْمَانُ يَدَهُ» [الموطأ 2/ 832].

واختار ابن عثيمين: أن التقويم يكون بالذهب، فإن بلغت قيمة العروض المسروقة ربع دينار؛ قطع، وإلا فلا، ولو بلغ ثلاثة دراهم؛ لحديث عائشة رضي الله عنها السابق:«لَا تُقْطَعُ يَدُ السَّارِقِ إِلَّا فِي رُبُعِ دِينَارٍ فَصَاعِدًا» ، فنفى النبي صلى الله عليه وسلم القطع فيما دون ربع دينار، وأما حديث ابن عمر رضي الله عنهما؛ فمحمول على أن

ص: 407

ثلاثة الدراهم تساوي ربع دينار في ذلك الوقت، والدينار يساوي اثني عشر درهمًا من الفضة.

- فرع: تعتبر قيمته حال إخراجه من الحرز؛ لأنه وقت السرقة التي هي سبب القطع، فلو نقصت بعد إخراجه قطع.

(وَ) الشرط الخامس: (إِخْرَاجُهُ) أي: النصاب (مِنْ حِرْزِ مِثْلِهِ)؛ لحديث عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن الثمر المعلَّق، فقال:«مَنْ أَصَابَ بِفِيهِ مِنْ ذِي حَاجَةٍ غَيْرَ مُتَّخِذٍ خُبْنَةً فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَمَنْ خَرَجَ بِشَيْءٍ مِنْهُ فَعَلَيْهِ غَرَامَةُ مِثْلَيْهِ وَالْعُقُوبَةُ، وَمَنْ سَرَقَ مِنْهُ شَيْئًا بَعْدَ أَنْ يُؤْوِيَهُ الْجَرِينُ فَبَلَغَ ثَمَنَ الْمِجَنِّ؛ فَعَلَيْهِ الْقَطْعُ» [أبو داود 1710، وابن ماجه 2596]، وهو مخصص للآية.

فلو سرق من غير حرز؛ بأن وجد حرزًا مهتوكًا، أو بابًا مفتوحًا، فأخذ منه نصابًا؛ فلا قطع؛ لفوات شرطه.

- فرع: (وَحِرْزُ كُلِّ مَالٍ: مَا حُفِظَ بِهِ) ذلك المال (عَادَةً)؛ لأن معنى الحرز الحفظ، ويختلف باختلاف الأموال، والبلدان، وعدل السلطان وجوره، وقوته وضعفه؛ لأنه لما ثبت بالشرع اعتباره من غير تنصيص على بيانه؛ عُلم أنه رد ذلك إلى العرف؛ لأنه طريق إلى معرفته، فرُجع إليه كما رجعنا إلى معرفة القبض والفرقة في البيع، وأشباه ذلك إليه.

ص: 408

فحرز الأثمان والجواهر والقماش في العمران: وراء الأبواب والأغلاق الوثيقة.

وحرز البقل، وقدور الباقلاء، ونحوهما: وراء الشرائج، وهي ما يعمل من قصب ونحوه، يضم بعضه إلى بعض بحبل أو غيره، إذا كان في السوق حارس؛ لجريان العادة بذلك.

وحرز الحطب، والخشب: الحظائر، وهي ما يعمل للإبل والغنم من الشجر، تأوي إليه، فيصير بعضه في بعض ويربط، وحرز المواشي: حظيرة الغنم.

(وَ) الشرط السادس: (انْتِفَاءُ الشُّبْهَةِ)؛ لحديث: «ادْرَؤُوا الْحُدُودَ بِالشُّبُهَاتِ مَا اسْتَطَعْتُمْ» [قال ابن حجر: (لم يقع لي مرفوعاً بهذا اللفظ)، وروي مرفوعاً من حديث عائشة بلفظ: «ادرؤوا الحدود عن المسلمين ما استطعتم» أخرجه الترمذي 1424، ونحوه عن عمر وعلي موقوفاً].

فلا يقطع سارق:

1 -

بالسرقة من مال أبيه وإن علا؛ لأن نفقته تجب في مال الأب لابنه حفظًا له، فلا يجوز إتلافه حفظًا للمال.

2 -

ولا بالسرقة من مال ولده وإن سفل؛ لحديث عبد الله بن عمرو قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أَنْتَ وَمَالُكَ لِأَبِيكَ» [أحمد 6902، وابن ماجه 2292]، ولأن الحدود تدرأ بالشبهات، وأعظم الشبهات أخذ الإنسان من مال جعله

ص: 409

الشرع له، وأمره بأخذه وأكله.

والأب والأم في هذا سواء؛ لأن نفقة كل منهما تجب في مال الآخر.

3 -

ولا بسرقة العبد من مال سيده؛ لما روى السائب بن يزيد قال: سمعت عمر بن الخطاب رضي الله عنه وجاءه عبد الله بن عمرو الحضرمي بغلام له، فقال له: إن غلامي هذا سرق فاقطع يده، فقال عمر:«مَا سَرَقَ؟ » ، قال: مرآة امرأتي، قيمتها ستون درهمًا، فقال عمر:«أَرْسِلْهُ فَلَا قَطْعَ عَلَيْهِ، خَادِمُكُمْ أَخَذَ مَتَاعَكُمْ، وَلَكِنَّهُ لَوْ سَرَقَ مِنْ غَيْرِكُمْ قُطِعَ» [عبد الرزاق 18866]، ونحوه عن ابن مسعود رضي الله عنه [ابن أبي شيبة 28569].

وأم الولد والمدبر والمكاتب؛ كالقن في عدم القطع بسرقة مال السيد؛ لأنهم ملكه كالقن.

4 -

ولا بسرقة أحد الزوجين من مال الآخر، ولو كان محرزاً، لأثر عمر السابق؛ فإذا لم يقطع عبده بسرقة مالها؛ فهو أولى، ولأن كلًّا منهما يرث صاحبه بغير حجب ويتبسط بماله، أشبه الولد والوالد.

واختار ابن عثيمين: أن سرقة الزوج من مال زوجته المحرز؛ توجب القطع؛ للعمومات.

5 -

ولا بسرقة سيد من مال مكاتَبِه؛ للشبهة؛ لأنه يملك تعجيزه في الجملة.

ص: 410

6 -

ولا بسرقة مسلم من بيت المال، ؛ لقول عمر رضي الله عنه فيمن سرق من بيت المال:«لَا تَقْطَعْهُ؛ فَإِنَّ لَهُ فِيهِ حَقًّا» [عبد الرزاق 18874].

ولو كان السارق قنًّا إن كان سيده مسلمًا، كما في الإقناع والغاية، وصححه في التنقيح؛ لحديث ابن عباس رضي الله عنهما: أن عبداً سرق من الخمس، فلم يقطعه النبي صلى الله عليه وسلم، وقال:«مَالُ الله عز وجل، سَرَقَ بَعْضُهُ بَعْضًا» [ابن ماجه 2590، وضعفه الألباني]، ولأن قن المسلم له شبهة، وهو أن سيده لو افتقر عن نفقته، ولم يكن للقن كسب في نفسه؛ كانت نفقته في بيت المال.

وقدم في المنتهى: أن القن يقطع إذا سرق من بيت المال.

7 -

ولا بسرقة من غنيمة لم تُخمَّس؛ لوروده عن علي رضي الله عنه [عبد الرزاق 18871]، ولأن لبيت المال فيها حقًّا، وهو خمس الخمس، وذلك شبهة فيدرأ بها الحد.

فإن كان بعد إخراج الخمس: فيقطع؛ لعدم الشبهة.

8 -

ولا بالسرقة من مال له فيه شرك؛ كالمال المشترك بينه وبين شريكه؛ لقيام الشبهة فيه؛ لأنه إذا لم يقطع الأب بسرقة مال ابنه لأن له فيه شبهة؛ فألا يقطع بالسرقة من مال شريكه من باب أولى.

- فرع: يقطع باقي الأقارب بالسرقة من مال أقاربهم؛ كالإخوة، والأخوات، والأعمام، والأخوال؛ لأن القرابة هنا لا تمنع قبول الشهادة من

ص: 411

أحدهما على الآخر، فلا تمنع القطع، ولأن الآية والأخبار تعم كل سارق، خرج منه عمودا النسب بالدليل، فبقي ما عداهما على الأصل.

(وَ) الشرط السابع: (ثُبُوتُهَا) أي: السرقة؛ لأن الله تعالى أوجب القطع على السارق، ولا يتحقق ذلك إلا بثبوته، وتثبت السرقة بأحد أمرين:

1 -

(بِشَهَادَةِ) رجلين (عَدْلَيْنِ)؛ لقوله تعالى: {واستشهدوا شهيدين من رجالكم} [البقرة: 282]، والأصل عمومه؛ لكن خولف فيما فيه دليل خاص، فيبقى ما عداه على عمومه، وتقدم في حد الزنى.

(يَصِفَانِهَا) أي: السرقة في شهادتهما، ويصفان الحرز، وجنس النصاب، وقدره؛ لاختلاف العلماء في ذلك، فربما ظن الشاهد القطع بما لا يراه الحاكم.

2 -

(أَوْ) بـ (إِقْرَارِ) السارق (مَرَّتَيْنِ)؛ لحديث أبي أمية المخزومي رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم، أتي بلص قد اعترف اعترافًا ولم يوجد معه متاع، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«مَا إِخَالُكَ سَرَقْتَ» ، قال: بلى، فأعاد عليه مرتين أو ثلاثًا، فأمر به فقطع [أحمد 22508، وأبو داود 4380، والنسائي 4877، وابن ماجه 2597]، وعن علي رضي الله عنه: أنه جيء برجل، فقال: إني سرقت، فرده، فقال: إني سرقت، فقال:«شَهِدْتَ عَلَى نَفْسِكَ مَرَّتَيْنِ» فقطعه [عبد الرزاق 18783]، ولأنه يتضمن إتلافًا، فكان من شرطه التكرار؛ كحد الزنى.

ص: 412

واختار ابن عثيمين: يكفي إقراره مرة واحدة؛ لأنه حق يثبت بالإقرار، فلم يعتبر فيه التكرار؛ كحق الآدمي.

- فرع: يكون الإقرار (مَعَ وَصْفِ) السرقة في اعترافه في كل مرة، فيذكر فيه النصاب والحرز وغير ذلك؛ لاحتمال ظنه وجوب القطع عليه مع فوات شرط من شروطه.

(وَ) لا بد من (دَوَامٍ عَلَيْهِ) أي: على إقراره؛ بألا يرجع عن إقراره حتى يُقطع، فإن رجع عن إقراره؛ قُبِل رجوعه، ولا قطع عليه؛ لحديث أبي أمية السابق:«مَا إِخَالُكَ سَرَقْتَ» عرَّض له ليرجع، ولو لم يسقط الحد برجوعه لم يكن في ذلك فائدة، ولأن حجة القطع زالت قبل استيفائه، فسقط كما لو رجع الشهود.

بخلاف ما لو ثبت القطع ببينة شهدت على فعله، فإن إنكاره لا يقبل منه، بل يقطع.

واختار ابن عثيمين: لا يشترط عدم الرجوع، بل إذا أقر بالسرقة أقيم عليه الحد؛ لأن العادة تمنع أن يدعي أحد على نفسه بالسرقة ثم ينفيه.

(وَ) الشرط الثامن: (مُطَالَبَةُ مَسْرُوقٍ مِنْهُ) بماله، (أَوْ) مطالبة (وَكِيلِهِ) بماله، (أَوْ) مطالبة (وَلِيِّهِ) إن كان محجوراً عليه؛ لحديث صفوان بن أمية رضي الله عنه: أن رجلًا سرق بردة له، فرفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فأمر بقطعه، فقال: يا رسول الله، قد تجاوزت عنه، فقال:«أَبَا وَهْبٍ، أَفَلَا كَانَ قَبْلَ أَنْ تَأْتِيَنَا بِهِ» ،

ص: 413

فقطعه رسول الله صلى الله عليه وسلم [أحمد 15303، والنسائي 4878، وابن ماجه 2595]، ولأن المال يباح بالبذل والإباحة، فيحتمل أن يكون مالكه أباحه إياه، أو وقفه على جماعة المسلمين، أو أذن له في دخول حرزه، فاعتبرت المطالبة؛ لتزول الشبهة.

وعنه، واختاره شيخ الإسلام: لا تشترط مطالبة المسروق بماله إذا بلغت السلطان؛ لعموم الآية، ولأن موجب القطع ثبت، فوجب من غير مطالبة؛ كحد الزنى.

- مسألة: (فَإِذَا وَجَبَ) القطع؛ لاجتماع شروطه:

1 -

(قُطِعَتْ يَدُهُ اليُمْنَى)، قال في المغني:(بلا خلاف)؛ لقراءةِ ابنِ مسعودٍ رضي الله عنه: «والسارق والسارقة فاقطعوا أيمانهما» [البيهقي 17247]، ولأن السرقة جناية اليمنى غالباً، (مِنْ مَفْصِلِ كَفِّهِ)، لقول عمر رضي الله عنه:«أَنَّهُ قَطَعَ الْيَدَ مِنَ المَفْصِلِ» [ابن أبي شيبة 28601]، ولأنها آلة السرقة غالبًا، فناسب عقوبته بإعدام آلتها.

(وَحُسِمَتْ) وجوبًا، والحسم: أن يغمس موضع القطع من مفصل الذراع في زيت مغلي؛ لحديث أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعاً: «اذْهَبُوا بِهِ فَاقْطَعُوهُ ، ثُمَّ احْسِمُوهُ ، ثُمَّ ائْتُونِي بِهِ» [الدارقطني 3163، قال الحاكم: صحيح على شرط مسلم]، والحكمة في الحسم: أن العضو إذا قُطع فغمس في الزيت المغلي انسدت أفواه العروق، فينقطع الدم، إذ لو ترك بلا حسم؛ لنزف الدم، فأدى إلى موته.

ص: 414

واختار ابن قدامة: أن الحسم مستحب؛ لضعف الحديث، ولأن عليه القطع لا مداواة المحدود.

2 -

(فَإِنْ عَادَ) فسرق: (قُطِعَتْ رِجْلُهُ اليُسْرَى)؛ لحديث أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعاً: «إِذَا سَرَقَ السَّارِقُ فَاقْطَعُوا يَدَهُ، وَإِنْ عَادَ فَاقْطَعُوا رِجْلَهُ، فَإِنْ عَادَ فَاقْطَعُوا يَدَهُ، فَإِنْ عَادَ فَاقْطَعُوا رِجْلَهُ» [الدارقطني 3392، قال ابن الملقن: بإسناد واه]، ولأنه قول أبي بكر وعمر وعلي رضي الله عنهم [عبدالرزاق 10/ 186/187]، ولا مخالف لهم في الصحابة فكان كالإجماع، وإنما قطعت الرجل اليسرى؛ لقوله تعالى:{أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف} [المائدة: 33]، وإذا ثبت ذلك في المحاربة ثبت في السرقة قياسًا عليها، ولأن قطع الرجل اليسرى أرفق به؛ لأن المشي على الرجل اليمنى أسهل وأمكن، ويبعد في العادة أن يتمكن من المشي على اليسرى، فوجب قطع اليسرى؛ لئلا تتعطل منه منفعة بلا ضرورة.

وتُقطع رجله اليسرى (مِنْ مَفْصِلِ كَعْبِهِ) بترك عقبه؛ لما روي: «أَنَّ عُمَرَ رضي الله عنه كَانَ يَقْطَعُ الْقَدَمَ مِنْ مَفْصِلِهَا» [عبد الرزاق 18759]، (وَحُسِمَتْ) وجوباً؛ لما سبق.

3 -

(فَإِنْ عَادَ) للسرقة ثالثاً: (حُبِسَ حَتَّى يَتُوبَ)، وحرم قطعه؛ لوروده

ص: 415

عن علي رضي الله عنه، ورجع عمر لقول علي رضي الله عنهما (1)[عبدالرزاق 10/ 186]، ولأن قطع الكل يُفوِّت منفعة الجنس، فلم يشرع؛ كالقتل.

وقال في الفروع: (وقياس قول شيخنا- يعني شيخ الإسلام-: أن السارق كالشارب في الرابعة، يقتل عنده إذا لم ينته بدونه)، قال المرداوي:(بل هذا أولى عنده، وضرره أعظم).

4 -

مسألة: (وَمَنْ سَرَقَ ثَمَراً)، أو طَلْعاً، أو جُمَّاراً، (أَوْ مَاشِيَةً) في المرعى (مِنْ غَيْرِ حِرْزٍ)؛ كأخذه من رؤوس النخل والشجر من بستان ولو كان عليه حائط؛ (غُرِّمَ قِيمَتَهُ) أي: قيمة المسروق (مَرَّتَيْنِ)؛ لحديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال: سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن الثمر المعلق؟ فقال: «مَنْ أَصَابَ بِفِيهِ مِنْ ذِي حَاجَةٍ غَيْرَ مُتَّخِذٍ خُبْنَةً فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَمَنْ خَرَجَ بِشَيْءٍ مِنْهُ فَعَلَيْهِ غَرَامَةُ مِثْلَيْهِ وَالْعُقُوبَةُ، وَمَنْ سَرَقَ مِنْهُ شَيْئًا بَعْدَ أَنْ يُؤْوِيَهُ الْجَرِينُ فَبَلَغَ ثَمَنَ الْمِجَنِّ؛ فَعَلَيْهِ الْقَطْعُ» [أحمد 6746، وأبو داود 4390، والنسائي 4958، ابن ماجه 2596]، وزاد في رواية أحمد وابن

(1) روى ابن أبي شيبة [28266]: عن ابن عباس، قال:«رأيت عمر بن الخطاب قطع يد رجل بعد يده ورجله» ، قال الألباني: إسناده صحيح على شرط البخاري.

وروى عبد الرزاق [18766]: عن عمر ، أنه أتي برجل قد سرق ، يقال له: سدوم ، فقطعه ، ثم أتي به الثانية ، فقطعه ، ثم أتي به الثالثة ، فأراد أن يقطعه ، فقال له علي:«لا تفعل إنما عليه يد ورجل، ولكن احبسه» ، وهذا يدل على رجوع عمر لقول علي رضي الله عنهما.

ص: 416

ماجه: الشاة الحريسة منهن يا رسول الله؟ قال: «ثَمَنُهَا وَمِثْلُهُ مَعَهُ وَالنَّكَالُ، وَمَا كَانَ فِي المُرَاحِ، فَفِيهِ الْقَطْعُ، إِذَا كَانَ مَا يَأْخُذُ مِنْ ذَلِكَ ثَمَنَ الْمِجَنِّ» ، واحتج أحمد:«أَنَّ عُمَرَ غَرَّمَ حَاطِبَ بْنَ أَبِي بَلْتَعَةَ حِينَ نَحَرَ غِلْمَانُهُ نَاقَةَ رَجُلٍ مِنْ مُزَيْنَةُ مِثْلَيْ قِيمَتِهَا» [عبد الرزاق 18977]، ولأن الثمار في العادة تسبق اليد إليها، فجاز أن تغلظ قيمتها على سارقها؛ ردعاً له.

(وَلَا قَطْعَ) عليه؛ لحديث رافع بن خديج مرفوعًا: «لَا قَطْعَ فِي ثَمَرٍ وَلَا كَثَرٍ» [أحمد 15804، وأبو داود 4388، والترمذي 1449، والنسائي 4960، وابن ماجه 2593]، ولفوات شرطه، وهو الحرز.

فإن سرق من الثمر نصابًا بعد إيوائه الحرز؛ كجرين ونحوه، أو سرق نصابًا من ثمر من شجرة في دار محرزة؛ قُطع؛ للحديث السابق، وفيه:«وَمَنْ سَرَقَ مِنْهُ شَيْئًا بَعْدَ أَنْ يُؤْوِيَهُ الْجَرِينُ فَبَلَغَ ثَمَنَ الْمِجَنِّ؛ فَعَلَيْهِ الْقَطْعُ» .

- فرع: لا تضعيف في غير الثمر والكثر والماشية، بل يضمن بقيمته مرة واحدة إن كان متقومًا، أو بمثله إن كان مثليًّا؛ لأن التضعيف فيها على خلاف القياس للنص، فلا يجاوز به محل النص.

وعنه، واختاره شيخ الإسلام: أن كل مسروق من غير حرز تضاعف على السارق العقوبة مرتين؛ لأن العلة هي عدم الحرز، فيقاس عليه غيره، ويؤيده أن عمر رضي الله عنه كان إذا نهى الناس عن شيء جمع أهل بيته فقال: «إِنَّ النَّاسَ لَيَنْظُرُونَ إِلَيْكُمْ نَظَرَ الطَّيْرِ إِلَى اللَّحْمِ، وَايْمُ الله لا أَجِدُ أَحَدًا مِنْكُمْ فَعَلَهُ إِلَّا

ص: 417

أَضْعَفْتُ لَهُ الْعُقُوبَةَ ضِعْفَيْنِ» [ابن أبي شيبة 30643]، والقاعدة:(من سقطت عنه العقوبة لموجب ضوعف عليه الضَّمان).

- مسألة: (وَمَنْ لَمْ يَجِدْ مَا يَشْتَرِيهِ، أَوْ) ما (يُشْتَرَى بِهِ زَمَنَ مَجَاعَةِ غَلَاءٍ)، أي: مجاعة سببها غلاء، قال جماعة: ما لم يبذل له ولو بثمن غالٍ؛ (لَمْ يُقْطَعْ بِسَرِقَةٍ)؛ لقول عمر رضي الله عنه: «لَا يُقْطَعُ فِي عَامِ السَّنَةِ» [عبد الرزاق 18990]، ولما روى عبدالرحمن بن حاطب قال: توفي حاطب وترك أعبدًا، فأرسل إلي عمر ذات يوم ظهراً وهم عنده، فقال:«هَؤُلَاءِ أَعْبُدُكَ سَرَقُوا وَقَدَ وَجَبَ عَلَيْهِمْ مَا وَجَبَ عَلَى السَّارِقِ، وَانْتَحَرُوا نَاقَةً لِرَجُلٍ مِنْ مُزَيْنَةَ اعْتَرَفُوا بِهَا» ، ومعهم المُزني، فأمر عمر أن تقطع أيديهم، ثم أرسل وراءه فرده، ثم قال لعبد الرحمن بن حاطب:«أَمَا وَاللهِ لَوْلَا أَنِّي أَظُنُّ أَنَّكُمْ تَسْتَعْمِلُونَهُمْ وَتُجِيعُونَهُمْ، حَتَّى لَوْ أَنَّ أَحَدَهُمْ يَجِدُ مَا حَرَّمَ اللهُ عَلَيْهِ لَأَكَلَهُ، لَقَطَعْتُ أَيْدِيَهُمْ، وَلَكِنْ وَاللهُ إِذْ تَرَكْتُهُمْ لَأُغَرِّمَنَّكَ غَرَامَةً تُوجِعُكَ» ، ثم قال للمُزني:«كَمْ ثَمَنُهَا؟ » قال: كنت أمنعها من أربع مائة، قال:«أَعْطِهِ ثَمَانِ مِائَةٍ» [عبد الرزاق 18977]، فدرأ عنهم القطع لمَّا ظنَّه يجيعهم.

ص: 418