المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(فصل) في مقادير ديات النفس - الدلائل والإشارات على أخصر المختصرات - جـ ٣

[عبد العزيز العيدان]

فهرس الكتاب

- ‌(كِتَابُ النِّكَاحِ)

- ‌(فَصْلٌ) في أركان النكاح

- ‌فصل في شروط النكاح

- ‌(فَصْلٌ) في المحرمات في النكاح

- ‌فصل

- ‌(فَصْلٌ) في الشروط في النكاح

- ‌(فَصْلٌ) في العيوب في النكاح

- ‌فصل في نكاح الكفار، وما يتعلق به

- ‌فصل في التفويض وغيره

- ‌(فَصْلٌ) في وليمة العرس

- ‌(فَصْلٌ) في عشرة النساء

- ‌فصل في أحكام الجماع والمبيت

- ‌فصل في القَسْم

- ‌فصل في النشوز

- ‌فصل في تعليق طلاقها أو خلعها أو تنجيزه

- ‌(كِتَابُ الطَّلَاقِ)

- ‌فصل في سنة الطلاق وبدعته

- ‌فصل في صريح الطلاق وكنايته

- ‌فصل

- ‌فصل فيما يختلف به عدد الطلاق

- ‌فصل في الاستثناء في الطلاق

- ‌فصل

- ‌(فَصْلٌ) في تعليق الطلاق بالشروط

- ‌فصل في تعليق الطلاق بالكلام، والإذن، ونحو ذلك

- ‌فصل في تعليق الطلاق بالمشيئة

- ‌فصل في مسائل متفرقة

- ‌فصل في التأويل في الحلف بالطلاق أو غيره

- ‌فصل في الشك في الطلاق

- ‌(فَصْلٌ) في الرجعة

- ‌فصل

- ‌(فَصْلٌ) في الإيلاء

- ‌(فَصْلٌ) في الظهار

- ‌فصل في كفارة الظهار

- ‌(فَصْلٌ) في اللعان

- ‌فصل فيما يلحق من النسب

- ‌فصل في الإحداد

- ‌فصل في الاستبراء

- ‌(فَصْلٌ) في الرضاع

- ‌فصل

- ‌(فَصْلٌ)في نفقة الأقارب، والمماليك، والبهائم

- ‌(فَصْلٌ) في الحضانة

- ‌فصل في تخيير المحضون بين أبويه

- ‌(كِتَابُ الجِنَايَاتِ)

- ‌فصل

- ‌(فَصْلٌ) في شروط وجوب القصاص

- ‌فصل في استيفاء القصاص

- ‌(فَصْلٌ) في العفو عن القصاص

- ‌فصل فيما يوجب القصاص فيما دون النفس

- ‌(فَصْلٌ) في الديات

- ‌فصل

- ‌(فَصْلٌ) في مقادير ديات النفس

- ‌(فَصْلٌ) في دية الأعضاء ومنافعها

- ‌فصل في دية المنافع

- ‌فصل في الشِّجاج

- ‌(فَصْلٌ) في العاقلة

- ‌فصل في كفارة القتل

- ‌فصل في القَسَامة

- ‌(كِتَابُ الحُدُودِ)

- ‌فصل في حد الزنى

- ‌فصل في حد القذف

- ‌فصل في التعزير

- ‌(فَصْلٌ) في حد المسكر

- ‌(فَصْلٌ) القطع في السرقة

- ‌(فَصْلٌ) في حد قطَّاع الطريق

- ‌فصل في دفع الصائل

- ‌فصل في قتال أهل البغي

- ‌(فَصْلٌ) في حكم المرتد

- ‌(فَصْلٌ) في الأطعمة

- ‌(فَصْلٌ) في الذكاة

- ‌(فَصْلٌ) في الصيد

- ‌(فَصْلٌ)

- ‌فصل في كفارة اليمين

- ‌فصل جامع الأيمان

- ‌(فَصْلٌ) في النذر

- ‌(كِتَابُ القَضَاءِ)

- ‌فصل في آداب القاضي

- ‌(فَصْلٌ) في طريق الحكم وصفته

- ‌فصل في كتاب القاضي إلى القاضي

- ‌(فَصْلٌ) في القسمة

- ‌(كِتَابُ الشَّهَادَاتِ)

- ‌فصل في شروط من تقبل شهادته

- ‌فصل في موانع الشهادة

- ‌(فَصْلٌ) أقسام المشهود به

- ‌(فَصْلٌ) في الشهادة على الشهادة

- ‌(كِتَابُ الإِقْرَارِ)

- ‌فصل فيما يحصل به الإقرار

- ‌فصل فيما إذا وصل بإقراره ما يغيِّره

- ‌فصل في الإقرار بالمجمل

الفصل: ‌(فصل) في مقادير ديات النفس

ووجه صاحب الفروع: أنه إذا كان الصغير مميزاً، وكان مما جرى به عرف وعادة؛ كقرابة وصحبة وتعليم ونحوه: أنه لا يضمن، وإلا ضمن؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم بعث ابن عباس رضي الله عنهما إلى معاوية رضي الله عنه [مسلم 2604]، وهذا قدر يسير ورد الشرع بالمسامحة به للحاجة، واطرد به العرف وعمل المسلمين.

- مسألة: (وَلَوْ مَاتَتْ حَامِلٌ، أَوْ) مات (حَمْلُهَا مِنْ رِيحِ طَعَامٍ، وَنَحْوِهِ)؛ كريح كبريت وعظم؛ (ضَمِنَ رَبُّهُ إِنْ عَلِمَ ذَلِكَ) أي: أنها تموت أو يموت حملها من ريح ذلك (عَادَةً) أي: بحسب المعتاد، وأن الحامل هناك؛ لتسببه فيما فيه إضرار بها.

وإن لم يعلم رب الطعام بذلك؛ فلا إثم ولا ضمان؛ كريح الدخان يتضرر به صاحب السعال وضيق النفس.

(فَصْلٌ) في مقادير ديات النفس

المقادير: جمع مقدار، وهو مبلغ الشيء وقدره.

- مسألة: (وَدِيَةُ الحُرِّ المُسْلِمِ: مِائَةُ بَعِيرٍ، أَوْ أَلْفُ مِثْقَالٍ ذَهَباً، أَوِ اثْنَا

ص: 342

عَشَرَ أَلْفَ دِرْهَمٍ) إسلامي (فِضَّةً، أَوْ مِائَتَا بَقَرَةٍ، أَوْ أَلْفَا شَاةٍ)؛ لحديث جابر رضي الله عنه قال: «فَرَضَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم فِي الدِّيَةِ عَلَى أَهْلِ الْإِبِلِ: مِائَةً مِنَ الْإِبِلِ، وَعَلَى أَهْلِ الْبَقَرِ: مِائَتَيْ بَقَرَةٍ، وَعَلَى أَهْلِ الشَّاءِ: أَلْفَيْ شَاةٍ» [أبو داود 4543، وضعفه الألباني]، وعن ابن عباس رضي الله عنهما:«أَنَّ رَجُلًا مِنْ بَنِي عَدِيٍّ قُتِلَ، فَجَعَلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم دِيَتَهُ اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفًا» [أبو داود 4546، والترمذي 1388، والنسائي 4817، وابن ماجه 2629، وضعفه الألباني]، وفي كتاب عمرو بن حزم:«وَعَلَى أَهْلِ الذَّهَبِ أَلْفُ دِينَارٍ» [النسائي 4856].

هذه الخمسة المذكورة هي أصول الدية دون غيرها، (فَيُخَيَّرُ مَنْ عَلَيْهِ دِيَةٌ بَيْنَهَا)، فإذا أحضر من عليه الدية شيئًا منها؛ لزم وَلِيُّ الجناية قبوله، سواء كان الجاني من أهل ذلك النوع أو لا؛ لأنها أصول في قضاء الواجب يجزئ واحد منها، فكانت الخيرة إلى من وجبت عليه؛ كخصال الكفارة.

وعنه: أن أصل الدية الإبل خاصة (1)، وهذه أبدال عنها، فإن قدر على الإبل أخرجها، وإلا انتقل إلى الباقي، قال ابن عثيمين:(وهو الذي عليه العمل عندنا)؛ لحديث عمرو بن حزم: «فِي النَّفْسِ مِائَةً مِنَ الْإِبِلِ» [مالك 2/ 849، والنسائي 4856]، ولحديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال:

(1) نسب الشيخ ابن عثيمين رحمه الله هذا القول لشيخ الإسلام (الشرح الممتع 14/ 119)، ولم نقف عليه في كتبه.

ص: 343

«كَانَتْ قِيمَةُ الدِّيَةِ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم: ثَمَانَ مِائَةِ دِينَارٍ، أَوْ ثَمَانِيَةَ آلَافِ دِرْهَمٍ، وَدِيَةُ أَهْلِ الْكِتَابِ يَوْمَئِذٍ النِّصْفُ مِنْ دِيَةِ الْمُسْلِمِينَ، فَكَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ حَتَّى اسْتُخْلِفَ عُمَرُ رحمه الله، فَقَامَ خَطِيبًا فَقَالَ: أَلَا إِنَّ الْإِبِلَ قَدْ غَلَتْ، قَالَ: فَفَرَضَهَا عُمَرُ عَلَى أَهْلِ الذَّهَبِ أَلْفَ دِينَارٍ، وَعَلَى أَهْلِ الْوَرِقِ اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفًا، وَعَلَى أَهْلِ الْبَقَرِ مِائَتَيْ بَقَرَةٍ، وَعَلَى أَهْلِ الشَّاءِ أَلْفَيْ شَاةٍ، وَعَلَى أَهْلِ الْحُلَلِ مِائَتَيْ حُلَّةٍ» [أبو داود 4542]، ولأن الجناية على ما دون النفس من الأطراف والجروح وغيرها قدرت بالإبل.

- مسألة: (وَيَجِبُ فِي) قتل (عَمْدٍ وَشِبْهِهِ) أي: شبه العمد: دية مغلظة، (مِنْ إِبِلٍ) أرباع، وهي:(رُبُعٌ بِنْتُ مَخَاضٍ) أي: خمس وعشرون، (وَرُبُعٌ بِنْتُ لَبُونٍ، وَرُبُعٌ حِقَّةٌ، وَرُبُعٌ جَذَعَةٌ)، فهذه مائة من الإبل؛ روي ذلك عن ابن مسعود رضي الله عنه أنه قال:«فِي شِبْهِ الْعَمْدِ خَمْسٌ وَعِشْرُونَ حِقَّةً، وَخَمْسٌ وَعِشْرُونَ جَذَعَةً، وَخَمْسٌ وَعِشْرُونَ بَنَاتِ لَبُونٍ، وَخَمْسٌ وَعِشْرُونَ بَنَاتِ مَخَاضٍ» [أبو داود 4552].

وعنه: أنها ثلاثون حقة، وثلاثون جذعة، وأربعون خَلِفة؛ لحديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده مرفوعاً:«مَنْ قَتَلَ مُتَعَمِّدًا دُفِعَ إِلَى أَوْلِيَاءِ الْقَتِيلِ، فَإِنْ شَاؤُوا قَتَلُوهُ، وَإِنْ شَاؤُوا أَخَذُوا الدِّيَةَ، وَهِيَ ثَلَاثُونَ حِقَّةً، وَثَلَاثُونَ جَذَعَةً، وَأَرْبَعُونَ خَلِفَةً، وَذَلِكَ عَقْلُ الْعَمْدِ» [أحمد 6717 والترمذي

ص: 344

1387 وابن ماجه 2626، وحسنه الألباني]، وفي رواية لأحمد [6718]:«عَقْلُ شِبْهِ الْعَمْدِ مُغَلَّظٌ مِثْلُ عَقْلِ الْعَمْدِ» .

- فرع: لا تغليظ في غير إبل؛ لعدم وروده.

- مسألة: (وَ) يجب (فِي) قتل (خَطَإٍ): دية مخففة (أَخْمَاساً: ثَمَانُونَ مِنَ المَذْكُورَةِ)، أي: عشرون بنت مخاض، وعشرون بنت لبون، وعشرون حقة، وعشرون جذعة، (وَعِشْرُونَ ابْنُ مَخَاضٍ)؛ لحديث ابن مسعود رضي الله عنه مرفوعاً:«قَضَى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي دِيَةِ الْخَطأِ: عِشْرِينَ بِنْتَ مَخَاضٍ، وَعِشْرِينَ ابْنَ مَخَاضٍ ذَكَرًا، وعِشْرِينَ ابْنَةَ لَبُونٍ، وَعِشْرِينَ حِقَّةً، وَعِشْرِينَ جَذَعَةً» [أحمد 4303، وأبو داود 4545، والترمذي 1386، والنسائي 4802، وابن ماجه 2634، وصححه الدارقطني والبيهقي موقوفاً، وضعفوا المرفوع].

- فرع: التخفيف في الخطأ من ثلاثة أوجه:

1 -

أن الدية على العاقلة، كما سيأتي.

2 -

التأجيل بثلاث سنوات، وتقدم.

3 -

وجوبها مخمسة.

والتخفيف في شبه العمد من وجهين:

1 -

أن الدية على العاقلة.

2 -

التأجيل بثلاث سنوات كالخطأ.

ص: 345

- مسألة: (وَ) تؤخذ دية (مِنْ بَقَرٍ) أنصافاً: (نِصْفٌ مُسِنَّاتٌ، وَنِصْفٌ أَتْبِعَةٌ، وَ) تؤخذ دية (مِنْ غَنَمٍ) أنصافاً أيضاً: (نِصْفٌ ثَنَايَا، وَنِصْفٌ أَجْذِعَةٌ)؛ لأن دية الإبل من الأسنان المقدرة في الزكاة، فكذلك البقر والغنم.

- مسألة: (وَتُعْتَبَرُ السَّلَامَةُ) من عيبٍ في كل الأنواع؛ لأن الإطلاق يقتضي السلامة، و (لَا) تعتبر (القِيمَةُ)؛ فلا يعتبر أن تبلغ قيمة الإبل والبقر والغنم ديةَ نقدٍ؛ لإطلاق حديث عمرو بن حزم رضي الله عنه السابق:«فِي النَّفْسِ مِائَةً مِنَ الْإِبِلِ» ، فلا يجوز تقييده إلا بدليل، ولأنها كانت تؤخذ على عهده صلى الله عليه وسلم وقيمتها ثمانية آلاف؛ كما في حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده السابق:«كَانَتْ قِيمَةُ الدِّيَةِ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم: ثَمَانَ مِائَةِ دِينَارٍ» .

- مسألة: (وَدِيَةُ أُنْثَى)، مسلمة كانت أو كافرة:(نِصْفُ دِيَةِ رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ دِيَتِهَا)، حكاه ابن المنذر وابن عبد البر إجماعًا؛ لما روى معاذ بن جبل رضي الله عنه مرفوعاً:«دِيَةُ الْمَرْأَةِ عَلَى النِّصْفِ مِنْ دِيَةِ الرَّجُلِ» [البيهقي 16305]، وعن عمر وعلي رضي الله عنهما:«عَقْلُ الْمَرْأَةِ عَلَى النِّصْفِ مِنْ دِيَةِ الرَّجُلِ، فِي النَّفْسِ وَفِيمَا دُونَهَا» [البيهقي 16305، وقال: منقطع].

ص: 346

- فرع: (وَجِرَاحُهَا) أي: المرأة (تُسَاوِي جِرَاحَهُ) أي: الرجل من أهل ديتها كيف كانا، (فِيمَا دُونَ ثُلُثِ دِيَتِهِ)، فإذا بلغت الثلث، أو زادت عليه؛ صارت على النصف كما تقدم؛ لما روى عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «عَقْلُ الْمَرْأَةِ مِثْلُ عَقْلِ الرَّجُلِ حَتَّى يَبْلُغَ الثُّلُثَ مِنْ دِيَتِهَا» [النسائي 4805، والدارقطني 3128]، وروي عن عمر [عبدالرزاق 17748]، وزيد بن ثابت رضي الله عنهم [ابن أبي شيبة 27498]، وروى مالك عن ربيعة قال:«قلت لسعيد بن المسيب: كم في إصبع المرأة؟ قال: عشر من الإبل، قلت: ففي إصبعين؟ قال: عشرون، قلت: ففي ثلاث أصابع؟ قال: ثلاثون، قلت: ففي أربع أصابع؟ قال: عشرون، فقلت: حين عظم جرحها، واشتدت مصيبتها نقص عقلها؟ فقال سعيد: أعراقي أنت؟ فقلت: بل عالم متثبت، أو جاهل متعلم، فقال سعيد: هي السنة يا ابن أخي» [الموطأ 2/ 860].

قال ابن القيم: (والفرق فيما دون الثلث وما زاد عليه: أن ما دونه قليل، فجبرت مصيبة المرأة فيه بمساواتها للرجل، ولهذا استوى الجنين الذكر والأنثى في الدية؛ لقلة ديته، وهي الغرة، فنُزِّل ما دون الثلث منزلة الجنين).

- مسألة: (وَدِيَةُ كِتَابِيٍّ) أي: يهودي، أو نصراني، ومن تدين بالتوراة والإنجيل، (حُرٍّ)، ذمي أو معاهد أو مستأمن؛ (نِصْفُ دِيَةِ) حر (مُسْلِمٍ)؛ لحديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده رضي الله عنه: «أَنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم قَضَى أَنَّ

ص: 347

عَقْلَ أَهْلِ الْكِتَابَيْنِ نِصْفُ عَقْلِ الْمُسْلِمِينَ، وَهُمُ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى» [أحمد 6716، وأبو داود 4542، والنسائي 4820، وابن ماجه 2644].

وكذا جراح الكتابي غير الحربي؛ فإنه على نصف جراح المسلم؛ لأن الجراح تابع للقتل.

- مسألة: (وَ) دية (مَجُوسِيٍّ) حر، ذمي أو معاهد أو مستأمن: ثمانمائة درهم؛ لحديث عقبة بن عامر رضي الله عنه مرفوعاً: «دِيَةُ الْمَجُوسِيِّ ثَمَانُمِائَةِ دِرْهَمٍ» [البيهقي 16344، وضعفه ابن حجر]، ولثبوته عن عمر [عبد الرزاق 18484]، وروي علي وابن مسعود رضي الله عنهم [البيهقي 16343، وفيه ضعف].

وأما قوله صلى الله عليه وسلم: «سُنُّوا بِهِمْ سُنَّةَ أَهْلِ الْكِتَابِ» [الموطأ 1/ 278]؛ فمحمول على أخذ الجزية وحقن الدم، لا في كل شيء، بدليل أن ذبائحهم ونساءهم لا تحل لنا.

(وَ) دية (وَثَنِيٍّ) حر، وغيره من المشركين؛ مستأمن أو معاهد بدارنا:(ثَمَانُمَائَةِ دِرْهَمٍ)؛ لأنه كافر لا تحل ذبيحته، أشبه المجوسي.

فأما إذا لم يكن لهم أمان ولا عهد؛ فلا دية لهم؛ لأن دماءهم مهدرة إذن.

واختار ابن عثيمين: أنَّ الكفار كلهم على النصف من دية المسلم، لحديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «دِيَةُ الكَافِرِ نِصْفُ دِيَةِ الْمُسْلِمِ» [أحمد 6692، والترمذي 1413، والنسائي 4807]، وأما

ص: 348

الحديث السابق: «أَنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم قَضَى أَنَّ عَقْلَ أَهْلِ الْكِتَابَيْنِ نِصْفُ عَقْلِ الْمُسْلِمِينَ» ، فهو ذكر لبعض أفراد العام، بحكم يوافق حكم العام فلا يقتضي التخصيص، ولأن الكفر ملة واحدة.

- فرع: جراح وأطراف من ذكر من المجوسي، والوثني، وغيره من المشركين؛ بالنسبة إلى ديته؛ كما أن جراح المسلم وأطرافه بالحساب من ديته.

- مسألة: (وَدِيَةُ رَقِيقٍ) ذكراً كان أو أنثى أو خنثى، صغيرًا أو كبيرًا، ولو مدبرًا أو أم ولد أو مكاتبًا:(قِيمَتُهُ)، عمدًا كان القتل أو خطأ، من حر أو غيره، ولو كانت قيمته فوق دية حر؛ لأنه مال متقوم، فضمن بكمال قيمته؛ كالفرس، وضمان الحر ليس بضمان مال، ولذلك لم يختلف باختلاف صفاته التي تزيد بها قيمته لو كان قنًّا.

- فرع: (وَجُرْحُهُ) أي: الرقيق لا يخلو من أمرين:

الأول: (إِنْ كَانَ) الجرح (مُقَدَّراً مِنَ الحُرِّ؛ فَهُوَ مُقَدَّرٌ مِنْهُ) أي: من العبد (مَنْسُوباً إِلَى قِيمَتِهِ)؛ لأن قيمته كدية الحر؛ ففي لسان الرقيق: قيمته كاملة، وفي يده: نصفها، وفي موضحته: نصف عُشْرِ قيمته، سواء نقص بجنايته أقل من ذلك أو أكثر منه؛ لقول علي رضي الله عنه:«تَجْرِي جِرَاحَاتُ الْعَبِيدِ عَلَى مَا تَجْرِي عَلَيْهِ جِرَاحَاتُ الْأَحْرَارِ» [ابن أبي شيبة 27232]، ولأنه ساوى الحر في

ص: 349

ضمان الجناية بالقصاص والكفارة؛ فساواه في اعتبار ما دون النفس؛ كالرجل والمرأة.

(وَ) الثاني: (إِلَّا) يكن مقدرًا من الحر؛ كما لو شجه دون موضحة: (فَـ) على جان (مَا نَقَصَهُ) بجنايته (بَعْدَ بُرْءٍ)، ولو زاد على أرش موضحة، فيقوَّم الرقيق سليمًا من الجرح، ثم يقوَّم بعد البرء معِيبًا بالجرح، والفرق بين القيمتين هو الدية؛ لأن الأرش جبر لما فات بالجناية، وقد انجبر بذلك، فلا يزاد عليه؛ كغيره من الحيوانات.

وعنه، واختاره شيخ الإسلام: أنه يضمن بما نقص مطلقًا، سواء كان مُقدَّرًا من الحر أو لا؛ لأن ضمانه ضمان الأموال، فيجب فيه ما نقص، كالبهائم، ولأن ضمان نفس الرقيق يكون بالقيمة، فكذلك ضمان بعضه يكون بما نقص من هذه القيمة.

- مسألة: (وَدِيَةُ جَنِينٍ) - وهو الولد في البطن-، ذكراً كان أو أنثى، إذا سقط ميتًا بجناية على أمه عمدًا أو خطأ، لا تخلو من أمرين:

الأول: دية جنين (حُرٍّ: غُرَّةٌ) أي: عبدٌ أو أمة، (مَوْرُوثَةٌ عَنْهُ)، أي: عن الجنين، فيقدَّر كأنه سقط حيًّا ثم مات؛ لأنها بدله، فتورث عنه كسائر الديات.

ص: 350

و (قِيمَتُهَا) أي: الغرة: (عُشْرُ دِيَةِ أُمِّهِ)، وهي خمس من الإبل، قال ابن قدامة:(روي ذلك عن عمر، وزيد [قال الحافظ: لم أجده عنهما])، وعن زيد بن أسلم:«أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رضي الله عنه قَوَّمَ الْغُرَّةَ خَمْسِينَ دِينَارًا» [ابن أبي شيبة 27285]، وهي عُشر دية الحرة، ولأن أقل ما قدره الشرع في الجناية هو أرش موضحة.

(وَ) الثاني: دية جنين (قِنٍّ: عُشْرُ قِيمَتِهَا) أي: قيمة أمه يوم الجناية؛ لأنه جنين آدمية، وقيمة الأمة بمنزلة دية الحرة كما تقدم، ولأنه جزء منها، فقُدِّر بدله من قيمتها؛ كسائر أعضائها.

وخرَّج المجد: أن جنين الأمة يضمن بما نقصت أمه لا غير، فتقدر حاملًا وحائلًا، وما بين القيمتين فهو دية الجنين، قال ابن عثيمين:(وهذا القول أقرب إلى القياس، كما لو أن أحدًا جنى على بهيمة حامل، وأسقطت البهيمة، فإن الشاة تقدر حاملًا وحائلًا، فما بين القيمتين فهو قيمة الجنين).

والأصل في ذلك كله: حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: «اقْتَتَلَتِ امْرَأَتَانِ مِنْ هُذَيْلٍ، فَرَمَتْ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى بِحَجَرٍ، فَقَتَلَتْهَا وَمَا فِي بَطْنِهَا، فَاخْتَصَمُوا إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَضَى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّ دِيَةَ جَنِينِهَا غُرَّةٌ عَبْدٌ أَوْ وَلِيدَةٌ، وَقَضَى بِدِيَةِ الْمَرْأَةِ عَلَى عَاقِلَتِهَا، وَوَرَّثَهَا وَلَدَهَا وَمَنْ مَعَهُمْ» [البخاري 6910، ومسلم 1681].

ص: 351

- فرع: (وَ) إن كان الجنين قنًّا، وأُمُّه حرة؛ كما لو أعتق الحامل واستثنى حملها؛ فـ (تُقَدَّرُ) أمه الـ (حُرَّةُ أَمَةً)؛ اعتباراً بحال الجنين، ويؤخذ عُشْر قيمتها يوم جنايةٍ عليها نقدًا؛ كسائر أروش الأموال، ولا يجب مع غُرَّة ضمانُ نقصِ أمٍّ؛ لأنها جناية واحدة، فلا توجب أرشين.

وإن كان الجنين حرًّا وأُمُّه أمَةً؛ كما لو أُعْتِق وحده؛ ففيه غرة قيمتها خَمسٌ من الإبل، فتقدَّر أُمُّه حرة؛ لتكون بصفة الجنين.

- فرع: الجناية على الجنين لا تخلو من ثلاثة أقسام:

1 -

أن يسقط ميتًا لم يتبين فيه خلق إنسان: فلا شيء فيه؛ لأنه ليس بولد.

2 -

أن يسقط ميتًا تبين فيه خلق إنسان، من إصبع أو ظفر ولو كان خفياً: فتجب فيه الغرة؛ لحديث أبي هريرة السابق.

3 -

أن يسقط حيًّا، فلا يخلو:

أ-أن يسقط لوقت يعيش لمثله، بأن تضعه لنصف سنة فصاعدًا إذا كان فيه حياة مستقرة، ثم يموت: ففيه ما فيه مولوداً؛ فإن كان ذكرًا حرًّا مسلمًا ففيه ديته، وهكذا؛ لأنه مات بجنايته، أشبه ما لو باشر قتله.

ب- أن يسقط حيًّا لدون نصف سنة: فحكمه حكم الميت؛ لأن العادة لم تجر بحياته.

ص: 352

- مسألة: (وَإِنْ جَنَى رَقِيقٌ) عبد أو أمة، ولو مدبراً، أو أم ولد (خَطَأً أَوْ عَمْداً) لا قود فيه؛ كالجائفة والمأمومة، أو عمداً فيه القود (وَاخْتِيرَ المَالُ) أي: اختار ولي الجناية المال، (أَوْ أَتْلَفَ) الرقيق (مَالاً)، فلا يخلو من أمرين:

الأول: أن تكون الجناية أو الإتلاف (بِغَيْرِ إِذْنِ سَيِّدِهِ): فإنه يتعلق ذلك الواجب بالجناية أو الإتلاف برقبة الرقيق؛ لأنه لا يمكن تعلقها بذمة الرقيق؛ لأن الرقيق لا ذمة له، فيفضي إلى إلغاء الحق، ولا يمكن تعلقها بذمة السيد؛ لأنه لم يجن، فتعين تعلقها برقبة الرقيق؛ كالقصاص.

وإذا تعلق ذلك برقبة الرقيق: (خُيِّرَ) سيده (بَيْنَ) أحد ثلاثة أمور:

1 -

بين (فِدَائِهِ بِأَرْشِ الجِنَايَةِ)، أو قيمة متلفه؛ إن كان ذلك أقل من قيمته.

2 -

(أَوْ تَسْلِيمِهِ لِوَلِيِّهَا) أي: ولي الجناية؛ فيملكه.

3 -

أو يبيعه، ويدفع ثمنه لولي الجناية ومالك المتلف؛ لأنه إن أدى قيمته فقد أدى عوض المحل الذي تعلقت به الجناية، وإن باعه أو سلَّمه لوليها فقد دفع المحل الذي تعلقت به الجناية.

فإن كان أرش الجناية أكثر من قيمة الرقيق؛ لم يكن على السيد أكثر من قيمته؛ لأن حق المجني عليه لا يتعلق بغير رقبة الجاني، فلم يكن على سيده

ص: 353