الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وعنه، واختاره ابن عثيمين: ليس بمؤل، ولا يثبت له حكمه، لأن تخصيص الإيلاء بحكمه يدل على أنه لا يثبت بدونه، ولأن المولي حلف، فترتب على حلفه التربص الذي ذكره الله عز وجل؛ مراعاة ليمينه.
قال ابن عثيمين: (فالصواب في هذا أن يقال: إن من ترك وطأها إضرارًا بها، وليس له عذر؛ فإنه يطالب بالرجوع فورًا، والمعاشرة بالمعروف، وإلا فيطلق عليه)؛ لما فيه من الضرر عليها، والله تعالى يقول:{ولا تمسكوهن ضرارًا لتعتدوا} [البقرة: 231].
(فَصْلٌ) في الظهار
مُشتق من الظَّهر، وخُصَّ به من بين سائر الأعضاء؛ لأنه موضع الركوب، ولهذا سُمِّي المركوب ظهرًا، والمرأة مركوبة إذا غُشِيت.
والأصل فيه قوله تعالى: {والذين يظاهرون منكم من نسائهم} الآيات [المجادلة: 2]، نزلت في خويلة بنت مالك بن ثعلبة رضي الله عنها، قالت: ظاهر مني زوجي أوس بن الصامت رضي الله عنه، فجئت رسول الله صلى الله عليه وسلم أشكو إليه، ورسول الله صلى الله عليه وسلم يجادلني فيه، ويقول:«اتَّقِي اللهَ فَإِنَّهُ ابْنُ عَمِّكِ» ، فما برحت حتى نزل القرآن:{قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها} [المجادلة: 1]، [أبو داود: 2214].
- مسألة: (وَالظِّهَارُ مُحَرَّمٌ) إجماعًا؛ لقوله تعالى: {وإنهم ليقولون منكرا من القول وزورا} [المجادلة: 2]، وقول المنكر والزور من أكبر الكبائر.
- مسألة: (وَهُوَ) أي: الظهار: (أَنْ يُشَبِّهَ) زوج (زَوْجَتَهُ، أَوْ) يشبه (بَعْضَهَا)؛ كيدها، أو ظهرها، (بِمَنْ) أي: بامرأة (تَحْرُمُ عَلَيْهِ) على التأبيد؛ كأمه وأخته من نسب، أو رضاع، أو بمن تحرم عليه إلى أمد؛ كأخت زوجته وخالتها.
(أَوْ) يشبه زوجته بـ (بَعْضِهَا) أي: ببعض من تحرم عليه على التأبيد أو إلى أمد؛ كظهر أمه أو أخته، (أَوْ) يشبه زوجته أو عضوًا منها (بِرَجُلٍ)؛ كأبيه أو زيد، أو عضو من الرجل؛ كظهره ورأسه، (مُطْلَقاً) أي: سواء كان الرجل ذا قرابة، أو أجنبيًّا.
- فرع: (لَا) يكون ظهارًا لو شبه زوجته (بِشَعْرٍ، وَسِنٍّ، وَظُفُرٍ، وَرِيقٍ) ممن تحرم عليه على التأبيد، أو إلى أمد؛ كأن يقول: أنت علي كشعر أمي، (وَنَحْوِهَا)؛ كدمعها، وعرقها، ودمها؛ لأنها ليست من الأعضاء الثابتة.
- فرع: (وَإِنْ قَالَتْهُ) أي: قالت الزوجة (لِزَوْجِهَا) نظير ما يصير به مظاهرًا؛ كقولها: أنت عليَّ كظهر أبي؛ (فَلَيْسَ بِظِهَارٍ)؛ لقوله تعالى -: {الذين يظاهرون منكم من نسائهم} [المجادلة: 2]، فخصهم بذلك; ولأن الظهار قول يوجب تحريمًا في النكاح، فاختص به الرجل؛ كالطلاق.
- فرع: (وَعَلَيْهَا) أي: على الزوجة التي قالت لزوجها نظير ما يصير به مظاهرًا؛ (كَفَّارَتُهُ) أي: كفارة الظهار؛ لما ورد عن إبراهيم النخعي: «أَنَّ عَائِشَةَ بِنْتَ طَلْحَةَ ظَاهَرَتْ مِنَ مُصْعَبِ بْنِ الزُّبَيْرِ إِنْ تَزَوَّجَتْهُ، فَاسْتَفْتَى لَهَا فُقَهَاءَ كَثِيرَةً، فَأَمَرُوهَا أَنْ تُكَفِّرَ، فَأَعْتَقَتْ غُلَامًا لَهَا ثَمَنُ أَلْفَيْنِ» [عبد الرزاق: 11596]، ولأنها زوج أتى بالمنكر من القول والزور كالآخر، ولأن الظهار يمين مكفرة، فاستوى فيها المرأة والرجل.
ولا تجب عليها الكفارة إلا (بِوَطْئِهَا مُطَاوِعَةً)؛ كالرجل إذا ظاهر منها.
وعنه، واختاره ابن عثيمين: أن عليها كفارة يمين لا كفارة ظهار؛ بمنزلة من حرم على نفسه شيئًا من الحلال؛ لأنه ليس بظهار، ومجرد الإتيان بالمنكر من القول والزور لا يوجب كفارة الظهار، بدليل سائر الكذب، وتحمل عتق الرقبة في قصة عائشة بنت طلحة على كفارة اليمين.
- مسألة: (وَيَصِحُّ) الظهار (مِمَّنْ يَصِحُّ طَلَاقُهُ) من الأزواج، مسلمًا كان
أو كافرًا، حرًّا أو عبدًا، كبيرًا أو مميزًا يعقله، فكل زوج صح طلاقه صح ظهاره؛ لأنه تحريم كالطلاق، فجرى مجراه وصح ممن يصح منه.
واختار الموفق: أنه لا يصح ظهار الصبي ولو مميزًا؛ لأنه يمين مكفرة، فلم ينعقد في حقه كاليمين، ولأن الكفارة وجبت لما فيه من قول المنكر والزور، وذلك مرفوع عن الصبي؛ لأن القلم مرفوع عنه.
- مسألة: (وَيَحْرُمُ عَلَيْهِمَا) أي: على مُظاهِر ومُظاهَر منها:
1 -
(وَطْءٌ)؛ لظاهر الآية: (فتحرير رقبة من قبل أن يتماسا).
2 -
(وَ) يحرم أيضًا (دَوَاعِيهِ) أي: دواعي الوطء؛ كالقُبلة، والاستمتاع بما دون الفرج؛ لأن ما حرَّم الوطء من قول حرَّم دواعيه؛ كالطلاق والإحرام.
وعنه، واختاره ابن عثيمين: تجوز دواعي الوطء؛ لأن المسيس في الآية المراد به الجماع، فيبقى ما عداه على الأصل، إلا إن كان لا يأمن على نفسه من الجماع فيمنع.
- فرع: يحرم على المظاهِر والمظاهَر منها وطء ودواعيه (قَبْلَ كَفَّارَتِهِ) أي: قبل أن يكفِّر لظهاره، ولو كان تكفيره بالإطعام؛ لقولِه عليه السلام:«فَلَا تَقْرَبْهَا حَتَّى تَفْعَلَ مَا أَمَرَكَ اللهُ بِهِ» ، [أبو داود: 2223، والترمذي: 1199، والنسائي: 3457، وابن ماجه: 2065]، [ولأن ما حرم الوطء من القول حرم دواعيه كالطلاق والإحرام.][*]
[*] قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة: ما بين المعكوفتين زيادة من هذه النسخة الإلكترونية المهداة من الناشر للبرنامج، وليست بالمطبوع