الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بمصالحها؛ لحديث فريعة السابق، حيث لم ينكر النبي صلى الله عليه وسلم خروجها لتسأله عن جواز انتقالها.
فلا تخرج لحاجة غيرها، ولا لغير حاجة؛ كعيادة وزيارة ونحوهما.
الثاني: أن يكون ذلك ليلاً: فلا تخرج ولو لحاجة، واختاره شيخ الإسلام وابن عثيمين؛ لما روى مجاهد قال: استشهد رجال يوم أحد عن نسائهم، وكن متجاورات في داره، فجئن النبي صلى الله عليه وسلم فقلن: إنا نستوحش يا رسول الله بالليل، فنبيت عند إحدانا، حتى إذا أصبحنا تبددنا إلى بيوتنا، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:«تَحَدَّثْنَ عِنْدَ إِحْدَاكُنَ مَا بَدَا لَكُنَّ، حَتَّى إِذَا أَرَدْتُنَ النَّوْمَ فَلْتَأْتِ كُلُّ امْرَأَةٍ إِلَى بَيْتِهَا» [عبد الرزاق 12077، وفيه انقطاع]، وصح نحوه عن ابن مسعود موقوفاً [عبدالرزاق 12068]، ولأن الليل مظنة الفساد.
ولها أن تخرج ليلًا لضرورة؛ كانهدام المنزل؛ لأن الضرورات تبيح المحظورات.
فصل في الاستبراء
مأخوذ من البراءة، وهي التمييز والقطع، وشرعًا: تربص يقصد منه العلم ببراءة رحم ملك يمين.
- مسألة: (وَ) يجب الاستبراء في ثلاثة مواضع فقط:
الأول: (مَنْ مَلَكَ) من ذكرٍ - ولو طفلاً- (أَمَةً)، بإرث أو شراء
ونحوهما، (يُوطَأُ مِثْلُهَا)، بكراً كانت أو ثيباً، ولو لم تحض لصغرٍ أو إياس، (مِنْ أَيِّ شَخْصٍ كَانَ)، ولو ملكها من صغير، أو امرأة، أو مجبوب؛ (حَرُمَ عَلَيْهِ وَطْؤُهَا وَمُقَدِّمَاتُهُ)، أي: مقدمات الوطء من نحو قُبلة ونظر لشهوة، (قَبْلَ اسْتِبْرَاءٍ)؛ لحديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في سبي أوطاس: «لَا تُوطَأُ حَامِلٌ حَتَّى تَضَعَ، وَلَا غَيْرُ ذَاتِ حَمْلٍ حَتَّى تَحِيضَ حَيْضَةً» [أحمد 11596، وأبو داود 2175]، ولأن عدمه يُفضي إلى اختلاط الأنساب، ويحرم مقدمات الوطء؛ لأنه استبراء يُحرِّم الوطء، فحرَّم الاستمتاع؛ كالعدة.
وعنه، واختاره ابن القيم: يختص التحريم بالوطء فقط، واحتج بجواز الخلوة والنظر -أي: لغير شهوة-، وقال:(لا أعلم في جواز هذا نزاعًا).
- فرع: لا يجب الاستبراء:
1 -
بملك أنثى من أنثى؛ لأن المرأة لا استبراء عليها بتجدد ملكها.
2 -
بملك من لا يوطأ مثلها؛ لأن سبب الإباحة متحقق، وليس على تحريمها دليل، ولا يراد لبراءة الرحم.
- فرع: يجب استبراء الأمة، سواء ملكها من صغير أو كبير، أو رجل أو امرأة، أو مجبوب، أو كان ملكها من رجل قد استبرأها قبل البيع ثم لم يطأها؛ فليس للمشتري وطؤها حتى يستبرئها؛ لعموم ما سبق، ولأن الحكم
منوط بالمظنة، ولأن الاستبراء يجب للملك المتجدد، وذلك موجود في كل واحد منها.
وعنه، واختاره شيخ الإسلام: إذا كانت بكراً لا تستبرأ؛ لقول ابن عمر رضي الله عنهما: «إِذَا كَانَتِ الْأَمَةُ عَذْرَاءَ لَمْ يَسْتَبْرِئْهَا» [عبدالرزاق 12906]، وكذا لو أخبره البائع الصادق أنه لم يطأها، أو أنه استبرأها؛ جاز وطؤها؛ لظهور براءة رحمها.
وكذا لو كانت عند صبي أو امرأة، قال في الإنصاف:(وهو مقتضى قواعد شيخ الإسلام).
وقال رحمه الله: (واستبراء الصغيرة التي لم تحض، والعجوز، والآيسة، في غاية البُعْد).
- مسألة: الاستبراء لا يخلو من ثلاثة أحوال:
الحالة الأولى: استبراء (حَامِلٍ): فيكون استبراؤها (بِوَضْعِ) كل الحمل؛ لقوله تعالى: (وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن)، ولحديث أبي سعيد الخدري السابق.
(وَ) الحالة الثانية: استبراء (مَنْ تَحِيضُ) ولم تكن حاملاً: فيكون استبراؤها (بِحَيْضَةٍ)؛ لحديث أبي سعيد السابق.
(وَ) الحالة الثالثة: استبراء (آيِسَةٍ وَصَغِيرَةٍ): فيكون استبراؤها (بِشَهْرٍ)؛
لأن الشهر أقيم مقام الحيضة في عدة الحرة أو الأمة.
الموضع الثاني من المواضع التي يجب فيها الاستبراء: إذا وطئ أمته ثم أراد تزويجها أو بيعها: لم يجز له ذلك حتى يستبرئها، أما المنع من تزويجها؛ فلأن الزوج لا يلزمه استبراء، فيفضي إلى اختلاط المياه واشتباه الأنساب، وأما المنع من البيع؛ فلأن عمر رضي الله عنه أنكر على عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه بيع جاريةٍ له كان يطؤها قبل استبرائها [ابن أبي شيبة 17495]، ولأنه يجب على المشتري لحفظ مائه، فكذلك البائع.
والموضع الثالث: إذا أعتق أم ولده، أو أعتق سُرِّيَّته، أي: الأمة التي اتخذها لوطئه، أو مات عن أم الولد أو السُّرية سيدُها؛ لزمها استبراء نفسها؛ لأنها فراشٌ لسيدها، وقد فارقها بالموت أو العتق، فلم يجز أن تنتقل إلى فراش غيره بلا استبراء.
ولا يلزمها استبراءٌ إن استبرأها قبل عتقها؛ لحصول العلم ببراءة الرحم، أو أراد بعد عتقها أن يتزوجها؛ فلا استبراء؛ لأنها لم تنتقل إلى فراش غيره.
واختار شيخ الإسلام: أن الاستبراء لا يقتصر على هذه المواضع الثلاث، بل يكون للمختلعة، والموطوءة بشبهة، والزانية، وتقدم في مواطنه، والمهاجرة من دار كفر، وغيرها.