الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الشهيد الذي يمشي على الأرض
شاب اسمه رافع بن خديج .. شهيد .. لكنه يعيش بين الناس يأكل معهم ويشرب ويصلّي. ويصوم .. بل ويجاهد في معارك أخرى في هذه الدنيا .. مع أنه من شهداء أحد .. كيف ذلك .. ؟
تقول زوجته رضي الله عنها: (إن رافعًا رمى مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أُحد بسهم، في ثندوته، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله، أنزع السهم؟ قال صلى الله عليه وسلم: يا رافع .. إن شئت نزعت السهم والقطبة جميعًا، وإن شئت نزعت السهم وتركت القطبة، وشهدت لك يوم القيامة أنك شهيد .. فنزع رسول الله صلى الله عليه وسلم السهم وترك القطبة فعاش بها)(1)، حتى مات حاملًا شهادته على ثندوته .. على صدره .. بينما كانت ذقون المؤمنين على صدورهم .. فأمن الصحابة من جديد بعد أن أنزل الله:
النعاس من جديد
يقول الزبير بن العوام رضي الله عنه: (لقد رأيتني مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حين اشتدّ الخوف علينا، أرسل الله علينا النوم، فما منّا من رجل إلَّا ذقنه في صدره، فوالله إني لأسمع قول معتب بن قشير -ما أسمعه إلَّا كالحلم- يقول: لو كان لنا من الأمر شيء ما قتلنا ها هنا .. فحفظتها منه، وفي ذلك
(1) سنده صحيح رواه الطبراني: حدثنا علي بن عبد العزيز، حدثنا حجاج بن المنهال (ح) وحدثنا محمَّد بن محمَّد التمار، حدثنا أبو الوليد ومحمَّد بن كثير .. قالوا:
حدثنا عمرو بن مرزوق الواشحي، حدثنا يحيى بن عبد الحميد بن رافع بن خديج عن جدته وهي امرأة رافع رضي الله عنه .. ويحيى تابعي ثقة (الجرح والتعديل-9/ 168) وتلميذه صدوق (التهذيب- 8/ 101) (التقريب-2/ 78) وتلاميذ عمرو كلهم ثقات انظر:(التقريب- 2/ 203)(1/ 154) وأبو الوليد هو الطيالسي (التقريب- 2/ 319) وشيخ الطبراني وتلميذ الحجاج هو الثقة علي بن عبد العزيز بن المرزبان البغوي (البلغة- 228).
أنزل الله: لو كان لنا من الأمر شيء ما قتلنا ها هنا، لقول معتب) (1) والآيات التي نزلت في هذا المنافق المدعو: معتب بن قشير وبقايا المنافقين الذين أبقاهم الخوف .. وأفصح عن نفاقهم الخوف .. هذه الآيات هي قوله تعالى: {ثُمَّ أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ بَعْدِ الْغَمِّ أَمَنَةً نُعَاسًا يَغْشَى طَائِفَةً مِنْكُمْ وَطَائِفَةٌ قَدْ أَهَمَّتْهُمْ أَنْفُسُهُمْ يَظُنُّونَ بِاللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ ظَنَّ الْجَاهِلِيَّةِ يَقُولُونَ هَلْ لَنَا مِنَ الْأَمْرِ مِنْ شَيْءٍ قُلْ إِنَّ الْأَمْرَ كُلَّهُ لِلَّهِ يُخْفُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ مَا لَا يُبْدُونَ لَكَ يَقُولُونَ لَوْ كَانَ لَنَا مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ مَا قُتِلْنَا هَاهُنَا قُلْ لَوْ كُنْتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ لَبَرَزَ الَّذِينَ كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقَتْلُ إِلَى مَضَاجِعِهِمْ وَلِيَبْتَلِيَ اللَّهُ مَا فِي صُدُورِكُمْ وَلِيُمَحِّصَ مَا فِي قُلُوبِكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ} (2)، أما أولئك الذين لاذوا بالفرار بعد نزول الرماة وحدوث الانتكاسة، فقد تاب الله عليهم وعفى عنهم وأنزل فيهم قوله تعالى:{إِنَّ الَّذِينَ تَوَلَّوْا مِنْكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ إِنَّمَا اسْتَزَلَّهُمُ الشَّيْطَانُ بِبَعْضِ مَا كَسَبُوا وَلَقَدْ عَفَا اللَّهُ عَنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ} (3).
أمّا على أرض المعركة الآن .. فهذا أنس يقول: (ولقد رأيت عائشة بنت أبي بكر وأم سليم وإنهما لمشمِّرتان، أرى خدم سوقهما، تنقزان القرب على متونهما، تفرغانه في أفواه القوم، ثم تجيئان فتفرغانه في أفواه القوم)(4). أمّا عمر بن الخطاب فيحدّثنا عن امرأة عظيمة أخرى هي "أم سليط"، فيقول:(إنها كانت تزفر لنا القرب يوم أحد)(5).
(1) سنده صحيح رواه ابن إسحاق (تفسير ابن كثير-2/ 126): حدثني يحيى بن عباد بن عبد الله بن الزبير عن أبيه عن عبد الله بن الزبير قال: قال الزبير وهذا السند صحيح مر معنا وسوف يمر معنا إن شاء الله
…
ويحيى ووالده تابعيان ثقتان.
(2)
سورة آل عمران: الآية 154.
(3)
سورة آل عمران: الآية 155.
(4)
حديث صحيح رواه البخاري (3811).
(5)
حديث صحيح رواه البخاري (4071).