الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أم سلمة تلد بنتًا
كانت رضي الله عنها في فترة حداد وهي حامل .. ولما وضعت ابنتها سمّتها زينب .. لكن سعادتها لم تكن في ولادتها فقط .. بل بشيء يحملها من عالم إلى عالم آخر يضفي عليها جلالة ومهابة وكرامة وألقابًا .. عالم تكون فيه حبيبة رجل هو حلم كل امرأة ..
فقد استجاب الله لها كما استجاب لأم سليم .. فعند وفاة زوجها أبي سلمة دعت بتلك الدعوات:
(اللهمّ اغفر لنا وله، وأعقبني منه عقبى حسنة)(1).
أخبرينا يا أم سلمة ما هي العقبى الحسنة التي وهبك الله وأكرمك بها.
تقول رضي الله عنها:
(لما وضعت زينب، جاءني رسول الله صلى الله عليه وسلم، فخطبني، فقلت: ما مثلي ينكح .. أما أنا فلا ولد فيَّ، وأنا غيور ذات عيال، فقال صلى الله عليه وسلم:
أنا أكبر منك، وأما الغيرة فيذهبها الله عنك، وأمّا العيال فإلى الله جلّ ثناؤه ورسوله.
فتزوّجها صلى الله عليه وسلم فجعل يأتيها، فيقول؛ أين زناب) (2)، أين زينب؟ سؤال يفيض حياءً وأدبًا .. سؤال ينضح بالأحاسيس النبوية المرهفة .. تزوّج صلى الله عليه وسلم من أم سلمة ومع ذلك فهو لا يصل إليها .. لا يطارحها الغرام .. لأنه صاحب أسلوب راقٍ ومهذب في التعامل مع الآخرين .. كان صلى الله عليه وسلم يستحي أن يفرق بين تلك اليتيمة المسكينة وأمّها ولو لدقائق .. كان صلى الله عليه وسلم يحول
(1) حديث صحيح مر معنا انظر: صحيح النسائي (1721) وصحيح ابن ماجه (1447).
(2)
انظر: تخريجه في الحديث التالي فهو هو.
لحظات الكبت المزعومة إلى أجواء فرح ودعابة يضفيها على تلك اليتيمة "زينب" .. وعلى أمّها التي كان يدهشها ويسرّها أن ترى حبًا يتسع لها ولأيتامها .. وهم أحوج الناس إلى مثل هذا الإنسان النبي المحب ..
ومرّت أيام والرسول صلى الله عليه وسلم لم يتذمّر ولم يتغيّر في تعامله مع ربيبته وزوجته .. لكن الخبر وصل إلى عمار بن ياسر رضي الله عنه .. وهو أخٌ لأم سلمة من أمها "سمية" الشهيدة التي قتلها الطاغية الهالك أبو جهل ..
علم عمار بحال النبي صلى الله عليه وسلم، فأطلق قدميه نحو بيت أخته أم سلمة .. فأخذ ابنة أخته ليسترضعها في بيته أو عند أحد النساء .. أخذها عمار و (اختلجها (1)، وقال: هذه تمنع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكانت ترضعها، فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال:
أين زناب؟ فقالت قريبة ابن أبي أمية -ووافقها عندها (2) - أخذها عمار بن ياسر. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إني آتيكم الليلة.
قالت: "فقمت" فوضعت ثفالي (3)، وأخرجت حبات من شعير كانت في جرتي، وأخرجت شحمًا فعصدته له، ثم بات، ثم أصبح، وقال حين أصبح:
إن بك على أهلك كرامة، فإن شئت سبّعت (4) لك، وإن أسبع لك أسبع لنسائي) (5) (وإن شئت ثلثت ثم درت. قالت: ثلِّث) (6)، فأقام صلى الله عليه وسلم
(1) أخذها.
(2)
أي: توافق مجيء النبي صلى الله عليه وسلم مع زيارة تلك المرأة لأم سلمة.
(3)
هو ما يبسط تحت الرحى عند الطحن.
(4)
أي أقمت عندك سبعة أيام.
(5)
حديثٌ حسنٌ رواه ابن سعد (8/ 93) وأحمدُ (3/ 307) من طريق: روح بن عبادة وعبد الرزاق حدثنا ابن جريج، أخبرني حبيب بن أبي ثابت، أن عبد الحميد بن عبد الله والقاسم ابن محمَّد حدثاه: أنهما سمعا أبا بكر بن عبد الرحمن يخبر أن أم سلمة أخبرته .. وأبو بكر ابن عبد الرحمن تابعي ثقة فقيه عابد -التقريب (2/ 398) وعبد الحميد بن عبد الله المخزومي بحتاج إلى توثيق لكنه متابع في هذا السند تابعه القاسم بن محمَّد المخزومي وهو مثله في الدرجة انظر: التقريب (2/ 120) والتهذيب (6/ 118) وحبيب ثقة فقيه جليل، وابن جريج لم يدلس. وللحديث شاهد بسند ضعيف عند كل من ابن سعد (8/ 90) وأحمدُ (6/ 313) والحاكم (4/ 17).
(6)
حديث صحيح رواه مسلم: ما تستحقه البكر والثيب من إقامة الزوج.