الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وكم كان محبًا لبني اليهود موسى عليه الصلاة والسلام .. فلقد (قدم صلى الله عليه وسلم المدينة فوجد اليهود صيامًا يوم عاشوراء .. فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم:
"ما هذا اليوم الذي تصومونه؟ " فقالوا: هذا يوم عظيم أنجى الله فيه موسى وقومه، وغرق فرعون وقومه، فصامه موسى شكرًا، فنحن نصومه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
"فنحن أحق وأولى بموسى منكم"، فصامه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأمر بصيامه) (1) لأن الله أمر بصيامه .. لا لأن يهودًا صاموه .. فالمسألة هنا مختلفة .. وليست كالحالة الأولى -حالة فرق الشعر وتسريحه- فالصوم عبادة .. وأي عبادة كانت فهي محرمة في الإِسلام إلا إذا جاء دليل من كلام الله أو كلام رسوله صلى الله عليه وسلم يأمر بها أو يحث عليها .. وهكذا يبقي الإِسلام العبادة جديدةً صافيةً تستقى من النبع لا من ترسبات التاريخ والأهواء والفلسفات .. وهذا ما أغاظ اليهود وجعلهم من ثقوب حصونهم يترقبون .. ويتطلعون إلى أي خطأ قد يحدث منه صلى الله عليه وسلم أو من أحد الصحابة ..
وها هو أحدهم يجد ما يريد:
يهودي ينتقد المسلمين
فقد سمع هذا الرجل بعض الصحابة يقولون: ما شاء الله وشئت وبعضهم يقول إذا حلف: والكعبة.
فرح اليهودي بما سمع فأطلق قدميه ولسانه تجاه رسول الله صلى الله عليه وسلم منتقدًا
(1) حديث صحيح. رواه مسلم (الصوم 134).
هذا النوع من الشرك و (أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إنكم تنددون (1) وإنكم تشركون .. تقولون: ما شاء الله وشئت .. وتقولون: والكعبة) (2).
سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الكلمات من اليهودي .. وتأثر بها .. لكنه لم ينفجر في وجهه .. لم يقل له: من أنت حتى تعلمنا ديننا. لم يقل له: لماذا لا تنصحون أنفسكم أيها اليهود وأنتم تقولون (عزير ابن الله) لم يقل: أنت لست من أهل العلم حتى نستمع إليك .. لم يقل هذا شأن داخلي فيما بيننا ولا نقبل النقد سوى من جماعتنا الذين هم على ديننا .. لم يتفوه صلى الله عليه وسلم بشيء من ذلك .. بل ضرب لأتباعه المثل الأعلى في قبول الحق وأن الحق يقبل من أي شخص كان ..
استمع صلى الله عليه وسلم لهذا النقد اللاذع وقبله ثم توجه نحو أصحابه مصححًا ذلك الانحراف الخطير و (أمرهم النبى صلى الله عليه وسلم إذا أردوا أن يحلفوا أن يقولوا: ورب الكعبة)(3).
وكررها صلى الله عليه وسلم قائلًا لهم: "لا تقولوا ما شاء الله وشاء فلان ولكن قولوا: ما شاء الله ثم شاء فلان"(4) مهما كان فلان هذا .. وقال أيضًا: "لا تحلفوا بآبائكم ولا بالطواغيت"(5) .. "لا تحلفوا بآبائكم ولا بأمهاتكم .. ولا بالأنداد .. ولا تحلفوا إلا بالله .. ولا تحلفوا إلا وأنتم صادقون"(6)
(1) تجعلون لله ندًا ومثيلًا وشبيهًا.
(2)
حديث صحيح. (صحيح النسائى 3533 للإمام الألباني).
(3)
حديث صحيح. (صحيح النسائى 3533 للإمام الألبانى).
(4)
حديث صحيح. (صحيح الجامع الصغير للإمام الألباني).
(5)
حديث صحيح. (صحيح الجامع الصغير).
(6)
حديث صحيح. (المصدر السابق).