الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فقال: أوفيتني أوفى الله بك. قال النبي صلى الله عليه وسلم: إن خياركم أحسنكم قضاءً) (1) .. رضي الرجل وذهب مسرورًا بما حصل عليه .. وتعلّم الصحابة منه صلى الله عليه وسلم حسن الوفاء وحسن الأخلاق .. لكن جابر بن عبد الله لا يملك ما يقضي به كل دينه .. فاتّجه إلى الرحمة المهداة يسأله العون وتفريج هذا الكرب الشديد .. فكان صلى الله عليه وسلم له في المكان المطلوب والزمان المناسب ..
و
على باب رسول الله صلى الله عليه وسلم كان جابر يتعلم أدبًا
يقول جابر رضي الله عنه: (إن أبي قتل يوم أُحُد وترك تسع بنات كنّ لي تسع أخوات)(2)(وترك عليه ثلاثين وسقًا (3) لرجل من اليهود فاستنظره جابر فأبى أن ينظره) (4)، ولم يكن هذا اليهودي هو الوحيد الذي له حق عند جابر .. فوالده (ترك عليه دينًا) (5) غير هذا. يقول جابر:(إن أبي ترك عليه دينًا وليس عندي إلَّا ما يخرج نخلهُ، ولا يبلغ ما يُخرج سنين ما عليه)(6) من دين (فطلبت إلى أصحاب الدين أن يضعوا بعضًا فأبَوْا)(7)، ورفضوا التنازل عن أي شيء (فعرضت على غرمائه أن يأخذوا التمر بما عليه فأبوا، ولم يروا أن فيه وفاءً، فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم)(8) (فدققت الباب، فقال: من ذا؟ فقلت: أنا.
(1) حديث صحيح رواه البخاري (2305).
(2)
حديث صحيح رواه البخاري (4052).
(3)
الوسق يساوي ستين صاعًا.
(4)
حديث صحيح رواه البخاري (2396).
(5)
حديث صحيح رواه البخاري (4053).
(6)
حديث صحيح رواه البخاري (3580).
(7)
حديث صحيح رواه البخاري (2405).
(8)
حديث صحيح رواه البخاري (2709).
فقال صلى الله عليه وسلم: أنا .. أنا -كأنه كرهها-) (1) لأن كلمة: (أنا) ليست إجابة ولا تعريفًا بالطارق .. بل هي استدعاء لمزيد من الاستفسار والتساؤل .. ولو قال جابر: (أنا جابر) لما كره صلى الله عليه وسلم ذلك ولكان أفضل ..
تعلّم جابر أدبًا رفيعًا من نبيه صلى الله عليه وسلم .. ثم بثّ للنبي صلى الله عليه وسلم شكواه وديونه وتعنّت الدائنين .. فوجده رحيمًا معينًا على النوائب والشدائد .. قال جابر للنبي صلى الله عليه وسلم:
(قد علمت أن والدي قد استشهد يوم أُحُد وترك دينًا كثيرًا، وإني أحب أن يراك الغرماء)(2)(فانطلق معي لكي لا يفحش عليّ الغرماء)(3)، يقول جابر رضي الله عنه:(فاستشفعت به عليهم فأبوا)(4) و (استعنت النبي صلى الله عليه وسلم على غرمائه أن يضعوا من دينه، فطلب النبي صلى الله عليه وسلم إليهم فلم يفعلوا)(5) (فاشتد الغرماء في حقوقهم، فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فكلّمته فسألهم أن يقبلوا ثمر حائطي ويحللوا أبي .. فأبوا.
فلم يعطهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولم يكسره لهم، ولكن قال: سأغدو عليك إن شاء الله تعالى، فغدا علينا حين أصبح، فطاف في النخل، فدعا في ثمره بالبركة فجددته) (6).
فقال صلى الله عليه وسلم: (إذا جددته فوضعته في المربد)(7) (فبيدر كل تمر على
(1) حديث صحيح رواه البخاري (6250).
(2)
حديث صحيح رواه البخاري (4053).
(3)
حديث صحيح رواه البخاري (3580).
(4)
حديث صحيح رواه البخاري (2405).
(5)
حديث صحيح رواه البخاري (2127).
(6)
حديث صحيح رواه البخاري (2601).
(7)
حديث صحيح رواه البخاري (2127) والمربد هو مكان يجفف فيه الثمر.