الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أجورهم شيئًا، ومن سنّ في الإِسلام سنّة سيئة فعليه وزرها ووزر من عمل بها من غير أن ينقص من أوزارهم شيئًا) (1)، أي من أحيى سنة من سنن الإِسلام، ودلّ عليها فله ذلك الأجر .. ومن ابتدع في الإِسلام سنة لم يأت بها النبي صلى الله عليه وسلم فعليه ذلك الوزر المخيف .. ويقول صلى الله عليه وسلم:(من دلّ على خير فله مثل أجره فاعله)(2)، و (من أحدث في أمرنا ما ليس منه فهو رد) (3) .. وكانت تلك الصدقات سنة حسنة تهلّل وجه النبي صلى الله عليه وسلم عندما رآها .. لأن الجوع والعري سوف ينزاح عن أولئك المساكين .. الذين أحسّوا بالحياة تسري في عروقهم من جديد .. لكن الرحمة أحيانًا تستغل .. يستغلها الأوغاد واللئام .. وذلك لا يعني أن يتوقف تدفقها للتوقعات والظنون .. رحمته وكرمه صلى الله عليه وسلم متدفقة دون توقف .. حتى مع الخونة إلى أن يظهروا الخيانة ويمارسوها جهارًا كما في هذه القصة:
قصة أولها رحمة وآخرها جحيم
مجموعة من اللصوص من عكل وعرينة .. مجموعة من الأوغاد سمعوا برحمته صلى الله عليه وسلم .. وبشفقته على أصحابه وعلى الناس جميعًا .. فظنّوا أن بإمكانهم استدرار رحمته واستدراج طيبته ثم الضحك عليه بعد نوال عطائه .. جاء هؤلاء إلى المدينة، أظهروا الإِسلام (وبايعوه صلى الله عليه وسلم) (4) لكن حمى المدينة أصابتهم .. شَمَلهم صلى الله عليه وسلم بقلبه وكرمه قالوا:(يا نبي الله، إنا كنا أهل ضرع ولم نكن أهل ريف، واستوخموا المدينة)(5) (فقال لهم رسول
(1) حديث صحيح رواه مسلم (1017) الزكاة والنسائيُّ (الصحيح-2/ 539).
(2)
حديث صحيح رواه مسلم (1893).
(3)
حديث صحيح رواه البخاري (2697).
(4)
حديث صحيح -رواه مسلم- القسامة.
(5)
حديث صحيح رواه البخاري (4192) ومعنى استوخموا أي لم يوافق مناخها أجسادهم.
الله صلى الله عليه وسلم: إن شئتم أن تخرجوا إلى إبل الصدقة، فتشربوا من ألبانها وأبوالها) (1)(فأمر لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بذودٍ (2)، وراعٍ، أمرهم فيه، فيشربوا من ألبانها وأبوالها) (3)(فانطلقوا، فشربوا من أبوالها وألبانها حتى صحوا وسمنوا)(4)(فلما صحوا قتلوا راعي النبي صلى الله عليه وسلم، واستاقوا النعم)(5) و (سملوا أعين الرعاء)(6) أي فقأوا عينيه بالحديد. (فانطلقوا حتى إذا كانوا ناحية الحرة كفروا بعد إسلامهم)(7)(فجاء الخبر في أوّل النهار، فبعث صلى الله عليه وسلم في آثارهم، فلما ارتفع النهار جيء بهم، فأمر بقطع أيديهم، وأرجلهم، وسمرت أعينهم، وألقوا في الحرّة، يستسقون فلا يسقون)(8)(ثم نبذوا في الشمس حتى ماتوا)(9) .. ما هو ذنب ذلك الراعي المسكين الذي اعتنى بهم وبصحتهم .. سقاهم ومرّضهم وأطعمهم .. فكان جزاؤه أن فقأوا عينيه ثم قتلوه .. إن فقأهم لعيني الراعي قبل قتله دليل على توغّل الإجرام والحقد في نفوس أولئك المجرمين الأنذال .. الذين جمعوا كل صفات الخسّة والدناءة .. كفروا وقتلوا ومثّلوا وخانوا وسرقوا .. فكان عقابهم شَرسًا بحجم جريمتهم .. إن أمثال هؤلاء الرعاع والجهلة وقطاع الطرق يشكلون خطرًا على كل أرض يطأونها بأقدامهم .. ولا يمكن أن يوقف نزيف
(1) حديث صحيح رواه مسلم (1671) القسامة.
(2)
الذود هو القطع من الإبل.
(3)
حديث صحيح رواه البخارى (4192).
(4)
حديث صحيح رواه البخاري (3018).
(5)
حديث صحيح رواه البخاري (233).
(6)
حديث صحيح رواه مسلم -القسامة (1671).
(7)
حديث صحيح رواه البخاري (4192).
(8)
حديث صحيح رواه البخاري (3018).
(9)
حديث صحيح رواه مسلم -القسامة (1671).