الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يفارق سوادي سواده حتى يموت الأعجل منا، فتعجبت لذلك، فغمزني الآخر فقال لي أيضًا [سرًا من صاحبه] مثلها، [فما سرني أنني بين رجلين مكانهما] فلم أنشب أن نظرت إلى أبي جهل وهو يجول في الناس، فقلت: ألا تريان؟ هذا صاحبكم الذي تسألان عنه) (1) .. سلَّ كل فتىً سيفه ليسبق صاحبه إليه .. لكننا سنسبق الفتيان إلى أبي جهل لنرى ماذا يفعل .. إنه يحرض الناس على القتال .. بل إنه يفعل أمرًا عظيمًا طالما كفر به .. إنه يدعو الله وحده إنه لا يدعو الأصنام .. لماذا
هل أسلم أبو جهل
هل أسلم في اللحظات الآخرة .. يقول أحد الصحابة رضي الله عنهم .. (إن أبا جهل قال حين التقى القوم: اللَّهم [أينا كان] أقطعنا للرحم، وأتانا بما لا نعرفه فاحنه الغداة، فكان المستفتح)(2).
لم يسلم أبو جهل كان يريد استدراج قومه أكثر فأكثر للقتال ..
لا يريد أن تقع كارثة .. فزعامته لقريش مرهونة بهذه المعركة وببقاء رسول الله صلى الله عليه وسلم حيًا ..
كأني بأمية بن خلف يستمع إلى دعائه فيقول: لعنة الله عليك من أفاك .. وقد أنزل الله على نبيه آيات تبشر أبا جهل بما أراد فقال سبحانه: {إِنْ تَسْتَفْتِحُوا فَقَدْ جَاءَكُمُ الْفَتْحُ وَإِنْ تَنْتَهُوا فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَإِنْ تَعُودُوا نَعُدْ وَلَنْ
(1) حديث صحيح. رواه البخاري (سيرة ابن كثير 2/ 442) والزوائد بين المعقوفين عند البخاري أيضًا لكن في رواية أخرى.
(2)
رواه ابن إسحاق بسند صحيح ومن طريقه الإمام أحمد: حدثني الزهريّ عن عبد الله بن ثعلبة بن صعير
…
والزهري ثقة وشيخه صحابي والسند مر معنا من قبل.
تُغْنِيَ عَنْكُمْ فِئَتُكُمْ شَيْئًا وَلَوْ كَثُرَتْ وَأَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ} (1) .. وأبو جهل ليس منهم .. إنه يحاول أن يكرس وهمًا في نفوس أتباعه بأنهم على حق .. لم يكتف أبو جهل بالاستفتاح والاستنصار من الله .. لقد هرع إلى عتبة بن ربيعة ليسخر منه أمام الجميع .. وليجعله أضحوكة وعبرة لمن يفكر بالتراجع عن الحرب مجرد تفكير .. وقف أبو جهل أمام عتبة (فقال: أنت تقول ذلك .. والله لو غيرك يقول لأعضضته، قد ملأت رئتك جوفك رعبًا)(2) .. غضب عتبة من تلك الكلمات الجارحة ونجح أبو جهل في إثارته فأخذته العزة بالإثم .. التفت إلى أبي جهل وقد احتقن من الغضب فقال له شيئًا يمرغ رجولته وزعامته .. قال عتبة لأبي جهل: (إياي تعني يا مصفر أسته، ستعلم اليوم أينا الجبان)(3) (ستعلم من الجبان المفسد لقومه، أما والله إني لأرى قومًا يضربونكم ضربًا ..
أما ترون .. كأن رؤوسهم الأفاعي، وكأن وجوههم السيوف) (4).
تجمد الدم في عروق أمية .. وأدرك أبو جهل أن حمزة في الطريق .. وتهاوت معنويات الوثنيين .. لكن عتبة أصر على الخروج ليغسل عار الجبن الذي سكبه عليه أبو جهل .. ثم صاح بعد أن لف قطعة قماش على رأسه .. : يا شيبة بن ربيعة
…
يا وليد بن عتبة .. لقد (دعا أخاه وابنه فخرج يمشي بينهما)(5) (فقالوا: من يبارز؟ فخرج فتية من الأنصار
(1) سورة الأنفال: الآية 19.
(2)
حديث صحيح مر معنا وهو جزء من حديث الإمام أحمد (سيرة ابن كثير 2/ 422).
(3)
هو جزء من الحديث الصحيح السابق (سيرة ابن كثير 2/ 422).
(4)
حديث صحيح. رواه البزار (زوائد 2/ 313)
…
يزيد بن هارون أنبأنا جرير بن حازم عن عكرمة عن ابن عباس
…
وهذا السند صحيح وجرير بن حازم ضعيف الحديث إذا روى عن قتادة وهو لم يروه عنه بل عن عكرمة ويزيد ثقة (التقريب 2/ 372) وتلميذه شيخ البزار هو الثقة إبراهيم بن سعيد الجوهري (التقريب 1/ 35) وللحديث شواهد.
(5)
جزء من حديث البزار السابق وهو صحيح (زوائد 2/ 313).