الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقيامًا .. حتى لقد باح للنبي صلى الله عليه وسلم بنيّته أن يجري عملية تنقطع بها صلته بالمرأة تمامًا .. لكن النبي صلى الله عليه وسلم نهاه .. وقال له: (إن الرهبانية لم تكتب علينا)(1).
إذًا فلا رهبانية في الإِسلام .. فالرهبانية هناك عند النصارى .. وخلف حصون بني المصطلق وقريظة وغيرهم من يهود .. تعالوا -قبل أن ننتهي من قصة جابر وجمله- نزور حصون اليهود لنرى مدى علاقتهم بالمرأة في تلك الأيام .. تعالوا نزور:
زريبة للنساء
هذا هو أقل وصف أصف به أماكن تواجد المرأة اليهودية .. أمّا المرأة نفسها عند أولئك القوم فهي أقل رتبة من الحيوان .. أقل رتبة من الخنازير القذرة .. يقول أنس بن مالك رضي الله عنه: (إن اليهود كانت إذا حاضت منهم امرأة أخرجوها من البيت، ولم يؤاكلوها، ولم يشاربوها، ولم يجامعوها في البيت، فسئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك فأنزل الله سبحانه: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ}، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: جامعوهن في البيوت، واصنعوا كل شيء غير النكاح، فقالت اليهود: ما يريد هذا الرجل أن يدع شيئًا من أمرنا إلَّا خالفنا فيه)(2)، ها هو صلى الله عليه وسلم مع زوجته أم سلمة رضي الله عنها نائمان فأصابها الدم .. فهل طردها صلى الله عليه وسلم من بيته أو من فراشه .. لن أجيب .. أم سلمة ستجيب .. تقول رضي الله عنها:
(1) مر معنا.
(2)
حديث صحيح رواه مسلم - الحيض وأبو داود (231).
(بينا أنا مع النبى صلى الله عليه وسلم مضطجعة في خميصة إذ حضت، فانسللت، فأخذت ثياب حيضتي، فقال صلى الله عليه وسلم: أنفست؟ قلت: نعم. فدعاني فاضطجعت معه في الخميلة)(1). أما عائشة فتروي لنا أشياء تغيض اليهود حتى الموت .. فتقول رضي الله عنها: (كان النبى صلى الله عليه وسلم يقرأ القرآن ورأسه في حجري، وأنا حائض)(2)، وتقول عائشة:(إنها كانت ترجل رسول الله صلى الله عليه وسلم وهي حائض ورسول الله صلى الله عليه وسلم حينئذٍ مجاور في المسجد، يدني لها رأسه وهي في حجرتها فترجله وهي حائض)(3) أي تسرّح شعره .. وناداها ذات يوم لتعطيه السجادة ليصلّي عليها وهو في المسجد وهي حائض .. تقول رضي الله عنها: (قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: ناوليني الخمرة من المسجد.
فقلت: إني حائض. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ليست حيضتك في يدك) (4).
إذًا فالطمث أذى يتخلّص منه جسم المرأة كما يتخلص جسمها وجسم الرجل من البول وغيره ..
قد يقول قائل إن اليهود كانوا يعتقدون ذلك ومعهم النصارى .. لكنهم اليوم يدعون إلى تحرير المرأة .. وإلى إعطائها حقوقها كاملة .. فأقول:
لننسَ لدقائق كلام أنس بن مالك السابق .. ولننسَ ما كان يفعله اليهود والنصارى في السابق ..
ولنقل إنهم يمثلون أنفسهم فقط ولا يمثلون الدين اليهودي
(1) حديث صحيح رواه البخاري (298). ومعنى أنفست: أي هل حضت.
(2)
حديث صحيح رواه البخاري (7549).
(3)
حديث صحيح رواه البخاري (296).
(4)
حديث صحيح رواه مسلم (الحيض)، والنسائيُّ- (371).
والنصراني .. لننس ذلك ولنتوجه إلى يهود اليوم ونصارى اليوم الذين أزعجونا وأزعجوا نساءنا حول تحرير المرأة .. والمناداة بحقوقها .. ماذا يقول دينهم الآن .. ماذا يقول كتابهم المقدّس اليوم وبعد ألفي عام من المراجعة والتمحيص والدراسة .. ربما نجد سرّ هذا الضجيج .. أمامي الآن كتابهم المقدس وهو يتحدّث عن المرأة .. فيقول:
(وإذا كان بامرأة سيلان دم من جسدها كعادة النساء:
فسبعة أيام تكون في طمثها
وكل من لمسها يكون نجسًا إلى المغيب
وجميع ما ترقد عليه أو تجلس عليه يكون نجسًا
وكل من لمس فراشها يغسل ثيابه ويستحم بالماء ويكون نجسًا إلى المغيب.
ومن لمس شيئًا مما تجلس عليه يغسل ثيابه ويستحم بالماء، ويكون نجسًا إلى المغيب.
إن كان فراشها أو ما هي جالسة عليه شيء: فمن لمسه يكون نجسًا إلى المغيب.
إن ضاجعها رجل فأصابه شيء من دم الحيض - فكم تتوقعون مدة نجاسته؟ إلى المغيب؟ لا. الكتاب المقدس يقول:
يكون نجسًا سبعة أيام.
وكل فراش يستلقي عليه يكون نجسًا) (1)، إن معنى هذا الهراء أن الرجل يحيض أيضًا ..
(1) الكتاب المقدس -اللاويين- شريعة ما يفرزه الجسد- 14.
أين هذا الهراء من قول عائشة رضي الله عنها: (كنت أنا ورسول الله صلى الله عليه وسلم نبيت في الشعار الواحد (1)، وأنا طامث حائض، فإن أصابه مني شيء غسل مكانه، لم يعدُهُ (2)، وصلّى فيه، ثم يعود، فإن أصابه منه فعل مثل ذلك غسل مكانه لم يعدُهُ، وصلّى فيه) (3).
بل إن رسول الله صلى الله عليه وسلم يصرّ على أن تأكل عائشة وتشرب قبله وهي حائض بل يقسم عليها .. ثم يقوم بحركة تتوهج منها الرقة والحب .. حركة تدخل السرور إلى قلبها ونفسها .. لقد جاء رجل فسأل عائشة رضي الله عنها: (هل تأكل المرأة مع زوجها وهي طامث؟ قالت: نعم، كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعوني فآكل معه وأنا عارك، كان يأخذ العَرْقَ (4)، فيقسم علىّ فيه، فأعترق منه (5)، ثم أضعه، فيأخذه، فيتعرق منه، ويضع فمه حيث وضعت فمي من العرق، ويدعو بالشراب، فيقسم عليّ فيه من قبل أن يشرب منه، فآخذه فأشرب منه، ثم أضعه، فيأخذه فيشرب منه، ويضع فمه حيث وضعت فمي من القدح) (6)، أين هذا من دين اليهود والنصارى الذي يعاملون المرأة كمخلوق من الدرجة العاشرة .. مخلوق نجس .. أنجس من النجاسة نفسها .. كل شيء تلمسه يتنجس .. كل شيء يلمسها يتنجس .. كل من لمس شيئًا لمسته ينجس .. أي أن المرأة لا يمكن أن تبقى في المنزل وإلاّ أصبح المنزل نجسًا ملوّثًا تجوبه الآثام والشياطين .. لا بدّ من وضع النساء اليهوديات والنصرانيات في زرائب خاصة نجسة .. حتى ينقطع دم الحيض عنهن ..
(1) أي الثوب الذي يلاصق الجسم مباشرة.
(2)
أي يغسل مكان الدم فقط ولا يغسل ما حوله.
(3)
حديث صحيح - انظر صحيح أبى داود (1/ 51) والنسائيُّ (1/ 125).
(4)
عظم في لحم.
(5)
آكل منه.
(6)
حديث صحيح .. صحيح سنن النسائي (1/ 80) ورواه مسلم مختصرًا.
لا .. حتى لو انقطع الطمث فانقطاعه لا يكفي للخروج من الزريبة .. لأن كتابهم المقدس يقول:
(وإذا طهرت من سيلانها فلتنتظر سبعة أيام ثم تطهر)(1)، هل يكفي هذا أيّها الكتاب المقدس؟ لا .. فالحيض ليس نجاسة فقط، بل هو ذنب ترتكبه المرأة ولا بدّ من تكفيره .. كيف؟ يقول كتابهم المقدس:
(وفي اليوم الثامن تأخذ لها يمامتين أو فرخي حمام، وتجيء بهما إلى الكاهن "العالم المسؤول عن دار العبادة" فيذبح واحدة ويحرق الأخرى ويكفّر عنها الكاهن بعد ذلك أمام الرب سيلان نجاستها)(2)، ترى كم بقي للمرأة من أيام حياتها تعامل فيها كإنسان .. يبدو من كلامهم السابق أن المرأة قذفت من كوكب مليء بالشياطن والنفايات .. دعونا من اليهود والنصارى الآن .. سنعود لهم فيما بعد .. فالأيام حبلى بالمثير والجديد .. سنعود إلى جابر رضي الله عنه: الذي يخرج الآن من بيته قاصدًا النبي صلى الله عليه وسلم ليسلمه جمله الذي باعه عليه .. لكنه يمرّ على خاله ليسلّم عليه ويخبره ببيعه الجمل، يقول جابر:(فقدمت فأخبرت خالي ببيع الجمل .. فلامني، فأخبرته بإعياء الجمل .. وبالذي كان من النبي صلى الله عليه وسلم -ووكزه إياه)(3)، ثم توجه جابر نحو بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو ملاصق للمسجد ..
وصل جابر في وقت (دخل النبي صلى الله عليه وسلم المسجد في طوائف أصحابه، فدخلت عليه، وعلقت الجمل في ناحية البلاط، فقلت له: هذا جملك)(4)(فقال صلى الله عليه وسلم: صلّ ركعتين)(5) وبعد أن صلّى جابر ركعتين
(1) الكتاب المقدس -سفر اللاويين- شريعة ما يفرزه الجسد.
(2)
المصدر السابق.
(3)
حديث صحيح رواه البخاري (2406).
(4)
حديث صحيح رواه البخاري (2861).
(5)
حديث صحيح رواه البخاري (443).