الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(قال مالك أبو أنس لامرأته أم سليم -وهي أم أنس-: إن هذا الرجل يعني النبي صلى الله عليه وسلم يحرم الخمر، فانطلق حتى أتى الشام فهلك هناك)(1).
وبقيت أم سليم وابنها في المدينة صابرين مؤمنين .. حتى علم رجل مشرك من أهل المدينة بما حدث فمال قلبه إلى أم سليم ورغب في الزواج منها .. وكان هذا الرجل يدعى "أبو طلحة" .. فهل لديه قدرة على تقديم أغلى مهر تطلبه امرأة؟
أبو طلحة ومهر أم سليم الغالي
يقول أنس رضي الله عنه: (جاء أبو طلحة فخطب أم سليم، فكلمها في ذلك، فقالت: يا أبا طلحة .. ما مثلك يرد، ولكنك امرؤ كافر، وأنا امرأة مسلمة لا يصلح لي أن أتزوجك، فقال: ما ذاك مهرك؟ قالت: وما مهري؟ قال: الصفراء والبيضاء ، قالت: فإني لا أريد صفراء ولا بيضاء .. أريد منك الإِسلام [أتزوجك وأنت تعبد خشبة نجرها عبدي فلان؟]"فإن تسلم فذاك مهري، ولا أسألك غيره". قال: فمن لي بذلك؟ قالت: لك بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم، فانطلق أبو طلحة يريد النبي صلى الله عليه وسلم -ورسول الله صلى الله عليه وسلم جالس في أصحابه- فلمّا رآه قال:
جاءكم أبو طلحة غرة الإِسلام بين عينيه.
فأخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم بما قالت أم سليم، فتزوجها على ذلك (2)،
(1) سنده صحيح رواه أبو داود الطيالسي (2/ 159): حدثنا سليمان بن المغيرة وحماد بن سلمة وجعفر بن سليمان كلهم عن ثابت، عن أنس، وثابت تابعي ثقة سمع مع أنس بن مالك. انظر: التقريب (1/ 115) وللحدبث بقية تأتي فانظر ما بعده. وبعض الحديث عند الشيخين.
(2)
بعد هذه الكلمة قال ثابت البناني -مرت ترجمته في الحديث السابق-: (فما بلغنا أن =
وكانت امرأة مليحة العينن، فيها صغر، فكانت معه حتى ولد له بني، وكان يحبه أبو طلحة حبًا شديدًا، ومرض الصبي "مرضًا شديدًا" وتواضع أبو طلحة لمرضه أو تضعضع له، "فكان أبو طلحة يقوم صلاة الغداة يتوضأ، ويأتي النبي صلى الله عليه وسلم فيصلي معه، ويكون معه إلى قريب من نصف النهار، ويجيء ويقيل ويأكل، فإذا صلى الظهر تهيّأ وذهب، فلم يجيء إلى صلاة العتمة".
فانطلق أبو طلحة عشية إلى النبي صلى الله عليه وسلم، ومات الصبي، فقالت أم سليم: لا ينعينّ إلى أبي طلحة أحد ابنه حتى أكون أنا الذي أنعاه له، فهيأت الصبي "فسجت عليه" ووضعته "في جانب البيت"، وجاء أبو طلحة من عند رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى دخل عليها، "ومعه ناس من أهل المسجد من أصحابه" (1). فقال: كيف ابني؟ فقال: يا أبا طلحة ما كان منذ اشتكى أسكن منه الساعة، "وأرجو أن يكون قد استراح"، فأتته بعشائه "فقربته إليهم فتعشوا، وخرج القوم"، "فقام إلى فراشه فوضع رأسه" ثم قامت فتطيبت "وتصنعت له أحسن ما كانت تصنع قبل ذلك"، "ثم جاءت حتى دخلت معه الفراش، فما هو إلا أن وجد ريح الطيب كان منه ما يكون من الرجل مع أهله"، "فلما كان آخر الليل" قالت: يا أبا طلحة .. أرأيت لو أن قومًا أعاروا قومًا عارية لهم، فسألوهم إيَّاها، أكان لهم أن يمنعوهم؟ فقال: لا. قالت: فإن الله عز وجل كان أعارك ابنك عارية، ثم قبضه إليه، فاحتسب واصبر. فغضب ثم قال:
= مهرًا كان أعظم منه أنها رضيت الإِسلام مهرًا، فتزوجها) وقد فصلت هذه العبارة لأنها من كلامه لا من كلام أنس.
(1)
هم أهل الصفة وهم أهل المسجد .. جاء بهم ليطعمهم.