الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الأكبر، ويوضع على رأسه تاج الوقار، الياقوتة منه خير من الدنيا وما فيها، ويشفع في سبعين إنسانًا من أهل بيته) (1).
هذا ما سيفرح به الشهداء من المهاجرين والأنصار
…
وما في الجنة أجمل وأبقى .. أما ما سيلقاه قتلى قريش فشيء مخيف ومرعب .. بشرهم به صلى الله عليه وسلم .. خاطبهم وهم أكوام محشورون في تلك البئر المقرفة .. ولكن بعد ثلاثة أيام من انقضاء المعركة ..
وقد كانت سنته صلى الله عليه وسلم إذا انتصر في معركة أن يقيم ثلاثة أيام (2) على أرض المعركة بعد انقضائها ثم يعود إلى المدينة .. ربما كان ذلك لتأكيد الانتصار والمحافظة عليه من آية محاولة -ربما- تقوم بها الفلول الخاسرة لتعويض خسارتها .. وفي تلك الأيام الثلاثة كان النبي صلى الله عليه وسلم مشغولًا بتركة هذا الانتصار .. مشغولًا بقضايا وهموم تحتاج إلى أكثر من التفكير .. ومن هذه القضايا والهموم.
قضية الغنائم
فالغنائم بالنسبة للذين حضروا بدرًا لا تعني رصيدًا ماديًا أبدًا .. إنها أكبر من ذلك .. والصحابة مهاجرون وأنصار أكبر من هذا التفكير فالمهاجرون تركوا أموالهم لله .. والأنصار شاطروا إخوانهم وأموالهم
(1) سنده صحيح. رواه الإمام أحمد (4/ 131) عن شيخيه قالا: حدثنا إسماعيل بن عياش عن بحير بن سعد عن خالد بن معدان عن المقدام رضي الله عنه
…
وهذا السند صحيح لرواية إسماعيل الحمصي عن شيخه بحير وهو حمصي ثقة ثبت .. التقريب (1/ 13) وخالد بن معدان تابعي وثقة عابد من رجال الشيخين (1/ 218 التقريب).
(2)
قال أبو طلحة: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم: (كان إذا ظهر على قوم أقام بالعرصة ثلاث ليال) وهو حديث صحيح رواه البخاري وسيمر معنا.
ودورهم .. لكنها غنائم أول معركة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم .. وأول معركة ضد كفار قريش الذين أخرجوا رسول الله صلى الله عليه وسلم .. وأول معركة في الإِسلام .. والمشاركة فيها والحصول على شيء من غنائمها له في النفوس أثر ينام ويصحو مع الإنسان ويظلله في كل مكان يسير ويخطو عليه .. أثر يتطهر معه أهل بدر من كل ذنوبهم .. لست أبالغ فرسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
(لعل الله اطلع على أهل بدر، فقال: اعملوا ما شئتم فقد وجبت لكم الجنة)(1) ثم إن الصحابة بشر .. يصيبون ويخطئون فيقوم صلى الله عليه وسلم بتصحيح أخطائهم .. لتصحح الأمة أخطاءها وتأخذ أحكامها من هذه الأحداث .. وليس هناك أخصب من المعارك للانفعال والتأثر والخطأ .. فماذا حدث من الصحابة وما رأي بعضهم حول الغنائم؟
يقول أحد الصحابة رضي الله عنه وعنهم: (إن النبي صلى الله عليه وسلم قال من أتى مكان كذا وكذا، فله كذا وكذا، أو فعل كذا وكذا فله كذا وكذا، فتسارع إليه الشبان، وبقي الشيوخ عند الرايات، فلما فتح الله عليهم جاءوا يطلبون ما جعل لهم النبي صلى الله عليه وسلم، فقال لهم الأشياخ: لا تذهبوا به دوننا، فأنزل الله عليه هذه الآية: {فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ} (2) والآية التي نزلت هي قوله سبحانه: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفَالِ قُلِ الْأَنْفَالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنْ كُنْتُمْ
(1) حديث صحيح. رواه البخاري (3983).
(2)
سنده صحيح. رواه ابن جرير (6/ 171 - 172) من طرق عدة عن داود بن أبي هند عن عكرمة عن ابن عباس، وداود تابعي صغير وثقة متقن من رجال مسلم (التقريب 1/ 235) وشيخه عكرمة مولى ابن عباس، وتلميذه تابعي عالم وثقة ثبت من رجال البخاري ومسلمٌ وقد مر معنا (التقريب 1/ 30).
مُؤْمِنِينَ} (1) ولكي تتضح الرؤية جيدًا دعونا نمشي خلف هذا الشاب الذي يحمل بيديه سيفين .. سيفه وسيف رجل من المشركين .. إنه يتوجه نحو رسول الله صلى الله عليه وسلم .. يستأذنه ويرجوه أن يمنحه هذا السيف (فأتى به رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله نفلنيه .. فقال: ضعه .. ثم قام فقال: يا رسول الله: نفلنيه .. فقال صلى الله عليه وسلم: ضعه .. ثم قام فقال: يا رسول الله نفلنيه .. أُجعل كمن لا غَنَاء له؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ضعه من حيث أخذته)(2) هذا الشاب هو سعد بن أبي وقاص حيث يقول: (جئت إلى النبي صلى الله عليه وسلم يوم بدر بسيف فقلت: يا رسول الله .. إن الله قد شفى صدري اليوم من العدو فهب لي هذا السيف .. فقال صلى الله عليه وسلم: إن هذا السيف ليس لي ولا لك، فذهبت وأنا أقول: يعطاه اليوم من لم يبل بلائي، فبينا أنا إذ جاءني الرسول فقال: أجب .. فظننت أنه قد نزل في شيءٍ من كلامي، فجئت، فقال لي النبي صلى الله عليه وسلم: إنك سألتني هذا السيف وليس هو لي ولا لك، وإن الله قد جعله لي، فهو لك ثم قرأ: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفَالِ قُلِ الْأَنْفَالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ})(3) .. إذًا كان السيف ليس لرسول الله صلى الله عليه وسلم ولا لسعد بن أبي وقاص وكذلك الغنائم .. فلمن كانت الغنائم في الحروب التي خاضها الأنبياء من قبل .. ؟ لقد كانت الغنائم تحرق ..
(1) سورة الأنفال: الآية 1.
(2)
سنده قوي. رواه جرير (1/ 173) والبيهقيُّ في السنن (6/ 191) والحاكم (2/ 132) من طرق عن: سماك بن حرب، سمعت مصعب بن سعد بْنِ أبي وقاص عن أبيه
…
وسماك صدوق من رجال مسلم (التقريب 332) وروايته قوية إلا عن عكرمة، وهذه ليست منها، وهو تابعي وسمع من تابعي هو مصعب بن سعد وهو ثقة من رجال الشيخين (التقريب 2/ 251).
(3)
حديث صحيح. رواه مسلم والبيهقيُّ واللفظ له (6/ 291 من السنن).