الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الشاب حتى تحدث صلى الله عليه وسلم عنه .. فظن الناس أنه يتحدث عن نفسه .. شاب ليس له سرير سوى سواعد محمَّد صلى الله عليه وسلم وقلبه
شاب اسمه جليبيب
يتحدث عنه أنس بن مالك فيقول: (كان رجل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يقال له: جليبيب، في وجهه دمامة، فعرض عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم التزويج، فقال: إذا تجدني كاسدًا، فقال: غير أنك عند الله لست بكاسد)(1).
كان جليبيب ظريفًا يهوى المزاح والدعابة .. لكنه لا يملك المال ولا الجاه ولا النسب .. لكن ذلك كله لا يهم ما دام النبي صلى الله عليه وسلم يعتبره جزءًا منه .. ويتحدّث نيابة عنه .. ما دام يملك مساحة في قلب النبي صلى الله عليه وسلم .. تحدّث عنها الصحابي الجليل أبو برزة الأسلمي .. فقال:
(إن جليبيبًا كان امرأً يدخل على النساء يمرّ بهن ويلاعبهن، فقلت لامرأتي:
لا يدخلن عليكم جليبيب، فإنه إن دخل عليكم لأفعلن .. ولأفعلن. وكانت الأنصار إذا كان لأحدهم أيم (2) لم يزوجها حتى يعلم هل للنبي صلى الله عليه وسلم فيها حاجة أم لا.
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لرجل من الأنصار: زوجني ابنتك. فقال:
(1) سنده صحيح رواه أبو يعلى (6/ 89)(حدثنا محمَّد بن أبي بكر المقدمي حدثنا ديلم بن غزوان، حدثنا عن ثابت عن أنس .. وثابت تابعي ثقة سمع من أنس وتلميذه سمع منه وهو صدوق -التقريب (1/ 236) وكذلك شيخ أبي يعلى فهو ثقة من رجال الشيخين- السابق (2/ 148).
(2)
فتاة عزباء.
نعم وكرامة يا رسول الله، ونعم عيني. فقال صلى الله عليه وسلم:
إني لست أريدها لنفسي، قال: فلمن يا رسول الله؟
قال صلى الله عليه وسلم: لجليبيب.
فقال: يا رسول الله أشاور أمّها. فأتى أمّها، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب ابنتك. فقالت: نعم ونعم عيني. فقال: إنه ليس يخطبها لنفسه، إنما يخطبها لجليبيب.
فقالت: أجليبيب ابنه؟ أجليبيب ابنه؟ أجليبيب ابنه؟ لا لعمر الله لا تزوّجه "ما وجد رسول الله صلى الله عليه وسلم إلَّا جليبيبًا وقد منعناها من فلان وفلان - والفتاة في سترها تسمع"، فلما أراد أن يقوم ليأتي رسول الله صلى الله عليه وسلم ليخبره بما قالت أمّها، قالت الجارية: من خطبني إليكم؟
فأخبرتها أمّها، فقالت: أتردّون على رسول الله صلى الله عليه وسلم أمره؟ "إن كان رضيه لكم فأنكحوه"، ادفعوني إليه فإنه لن يضيّعني "فكأنها جلت عن أبويها، وقالا: صدقت. فذهب أبوها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: إن كنت رضيته فقد رضيناه. قال صلى الله عليه وسلم: فإني قد رضيته"، قال: شأنك بها، فزوّجها جليبيبًا) (1)، فزوّجها صلى الله عليه وسلم من ذلك الشاب الفقير .. الذي اختارته هي واختاره لها النبي صلى الله عليه وسلم .. وهي تعلم أنه لن يختار لها إلَّا ما يحبه الله ورسوله صلى الله عليه وسلم .. ولن يختار لها إلَّا ما يسعدها .. واحتجّت تلك الفتاة على شروط أمّها وتحكماتها التي لا تمتّ للإسلام .. واقتنع الجميع رضي الله عنهم بخيار النبي صلى الله عليه وسلم.
وأبحر الشابان في أيام بيضاء سعيدة .. حتى جاء ذلك اليوم الذي فزع فيه أهل المدينة واستعدّوا لمواجهة عدوّ .. عندها انسحب جليبيب من
(1) حديث صحيح انظر: ما بعده فهو باقيه.