الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المدينة وأحاديث أهلها .. وتمرّ الأيام فيولد لأحد الأنصار غلام فيحتار في تسميته .. فتتجه به الحيرة إلى أحب الناس إليه .. إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم .. فيبحر به صلى الله عليه وسلم إلى أبهج الذكريات وأقساها .. يبحر به إلى
أحب الأسماء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم
يقول جابر بن عبد الله: (ولد لرجل منّا غلام، فقالوا: ما نسمّيه؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: سمّوه بأحب الأسماء إليّ، حمزة بن عبد المطلب)(1)، فحمزة ما زال عالقًا في الذاكرة .. متجذرًا في القلب النبوي الكريم .. لكن الله سبحانه ينزل على نبيه صلى الله عليه وسلم فيما بعد أحب الأسماء إليه .. فيقولها صلى الله عليه وسلم لمن حوله:(إن أحب أسمائكم إلى الله: عبد الله وعبد الرحمن)(2).
ولما رزق أحد الأنصار بغلام .. سماه محمدًا فاحتجّ الأنصار على هذا الاسم .. وبخلوا به عليه إكرامًا لرسول الله صلى الله عليه وسلم .. فكان جواب رسول الله صلى الله عليه وسلم على ما حدث .. ما نقله جابر بن عبد الله رضي الله عنه: (ولد لرجل منّا غلام، فسماه محمدًا، فقال له قومه:
لا ندعك باسم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: تسمّوا باسمي
(1) سنده حسن رواه الحاكم (196) حدثنا أبو علي الحسين بن علي الحافظ، أنا عبد الله بن صالح البخاري، حدثنا يعقوب بن حميد بن كاسب، حدثنا سفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار، عن جابر .. أبو علي شيخ الحاكم أحد جهابذة الحديث، واحد عصره في الحفظ والإتقان والورع والمذاكره، والتصنيف (التذكرة- 902) وشيخه ثقة ثبت انظر: المنتظم (6/ 145) وسفيان وعمرو بن دينار ثقتان ثبتان معروفان .. التقريب (1/ 312)(2/ 69) وعمرو بن دينار سمع من جابر .. فيتبقى في السند يعقوب بن حميد ولولاه لكان السند صحيحًا لكنه به حسن .. فهو كما لخص الحافظ أقوال العلماء: صدوق ربما وهم فحديثه حسن ومن هو الذي لم يهم.
(2)
حديث صحيح رواه مسلم- الأدب (2132).
ولا تكتنوا بكنيتي، فإنما أنا قاسم أقسم بينكم) (1) .. إذًا فاسم محمَّد اسم محبّب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ومحبب إلى الله سبحانه .. ولذلك قال صلى الله عليه وسلم لرجل: (من الأنصار ولد له غلام، فأراد أن يسمّيه محمدًا، فأتى به النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: أحسنت الأنصار.
سمّوا باسمي ولا تكتنوا بكنيتي) (2)، فما هي هذه الكنية التي نهاهم صلى الله عليه وسلم عن التكنّي بها ..
جابر بن عبد الله أيضًا .. يحدّثنا عن ذلك .. فيقول:
(ولد لرجل منّا غلام، فسمّاه القاسم. فقلنا: لا نكنيك أبا القاسم، ولا ننعمك عينًا، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فذكر له فقال:
اسم ابنك عبد الرحمن) (3)، وعندما (نادى رجلٌ رجلًا بالبقيع: يا أبا القاسم .. فالتفت إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله إني لم أعنك، إنما دعوت فلانًا. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: تسمّوا باسمي ولا تكنوا بكنيتي) (4).
حدثنا جابر رضي الله عنه عن أشياء كثيرة حدثت بعد غزوة أُحد .. فماذا عن جابر نفسه .. ماذا عنه .. ماذا عن أخواته الصغيرات .. ماذا عن دين والده الذي رحل وتركه أمانةً يثقل كاهله .. والدَّيْن لصاحبه همٌّ بالليل وذلّ في النهار ..
إلى أي شيء تحولت أحوال جابر .. الذي وجد نفسه وحيدًا .. مسؤولًا عن تسع بنات .. مسؤولًا عن دين ضخم لا يستطيع أداءه وهو
(1) حديث صحيح رواه مسلم كتاب الأدب (2133) - 5.
(2)
حديث صحيح رواه مسلم- كتاب الأدب (2133) - 6.
(3)
حديث صحيح رواه مسلم- كتاب الأدب (2133) - 7.
(4)
حديث صحيح رواه مسلم- كتاب الأدب (2131).